السبت 30 تشرين الثاني 2024 08:55 ص |
الغرب والخليج يعارضان توتيراً داخلياً في لبنان |
* جنوبيات هي هدنة طويلة تلك التي تمخضت عن اتفاق وقف اطلاق النار الذي حمل افخاخا ويشكل غموضه ضبابية حول ماهية المعادلة التي ستقوم مستقبلا، لا سيما خلال مهلة الـ 60 يوما للانسحاب الاسرائيلي في موازاة الانتشار التدريجي للجيش اللبناني في المناطق المحتلة الجنوبية. خارج تقييم الاتفاق ومحاولة استشراف تمظهرات نجاحاته او اخفاقاته في الاسابيع المقبلة، ثمة من يشير فلسطينيا الى ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي نال معظم ما يريده على جبهته الشمالية وخاصة إراحة جيشه المتعب والحد من خساراته البشرية، لن يحيد عن هدفه الكبير الممثل في النظام الايراني. فهو كان وما زال يريد اسقاطه، او على اقل تقدير منعه من نيل مبتغاه النووي، وهو يرى فيه منذ زمن طويل، التهديد الحقيقي لوجود كيانه والحرب معه مستمرة وستتخذ اشكالا مختلفة. أما الهدف الاسمى لنتنياهو ومن معه من متطرفي اكثر الحكومات الاسرائيلية يمينا، فسيبقى ايضا تهجير الفلسطينيين واعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إلى ما قبل الانتفاضة الفلسطينية الاولى العام 1987، وتنصيب من يراه الاحتلال مناسبا لإدارة غزة والضفة الغربية، والخلاص نهائيا من حل الدولتين الذي لم يقتنع به نتنياهو يوما، وتوسيع الاستيطان والتهويد ووضع حد نهائي للقضية الفلسطينية اي تصفيتها فعليا. إلى اي حد يمكن لهذا الرجل المضي في مخططه؟ إنه مخطط شبه مستحيل لكن يراه المتطرفون حقيقيا، ولذلك فإن اولويتهم ليست لبنان، طبعا ايضا لعدم قدرتهم على هزيمة "حزب الله" ودحره، لذا سيحول نتنياهو لبنان إلى ملعب شبيه بالملعب السوري مع عمليات عسكرية وامنية موضعية يتيحها له اتفاق وقف النار، حمّال الأوجه الذي وقع مع لبنان، والذي يعتبر نتنياهو أنه سمح له بضرب الميليشيات الايرانية وليس لبنان نفسه. أما لدى اللبنانيين فسيكون التركيز على اجتراح حل شامل بعد تثبيت وقف النار، ابتداء من انتخاب رئيس الجمهورية، الذي سيشرف على تثبيت الحدود والتفاوض عليها، كما سيتابع عملية اعادة الاعمار التي تعد اكثر تعقيدا من العام 2006، لذا سيكون انتخاب شخصية وسطية، مقبولة غربيا وخليجيا، بالغ الاهمية لجذب الاموال للإعمار اولا، ثم للاستثمار في بلد عليه ان يولي اهمية قصوى للاستقرار لجذب الثقة الخارجية، المفتاح الاساس للانطلاق في العملية السياسية عبر انتظام عمل المؤسسات والتعافي الاقتصادي والمالي. لذا هو حل في اطار رزمة واحدة يضع خارجا المتطرفين على الجانبين، خاصة معارضي "حزب الله" الذين يفتقرون إلى التأييد الخارجي الغربي، اميركيا على وجه الخصوص حيث ترى واشنطن بوجوب حماية استقرار بلد يسير ضمن خارطة طريقها، والخليجي، خاصة السعودي، في مخططهم التصعيدي الذي يفتقر الى توافق لدى كامل المعارضة اساسا. انتظام عمل المؤسسات سيتطلب استشارات نيابية تثمر رئيسا للحكومة، ثم الاتفاق على شكل هذه الحكومة، وقبل ذلك دعم مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش اللبناني الذي ينزف كما باقي المؤسسات ماليا وبشريا والذي يحتاج عديدا اضافيا وتجنيد 6 الاف عنصر وصولا الى عدد الـ 10 آلاف لمواكبة القرار 1701 (المعزز). وحتى توفر هذا العدد الذي سيتطلب اشهرا طويلة، سيسحب الجيش مجموعات له من الداخل وسيحتاج دعما خارجيا كبيرا ومتابعة وتعاونا بالغ الاهمية من "حزب الله" لإنجاح مهمته، هذا اذا صفت نية العدو وهذا الاهم. باختصار فإن المرحلة المقبلة ستشهد تمظهرا لقرار دولي بإعادة بناء الدولة يواكب حوارا داخليا بقيادة الرئيس العتيد، ليس فقط حول سلاح المقاومة، بل يجب ان يكون جوهره اعادة بناء الثقة بين المكونات المختلفة وبحث الصيغة السياسية المثلى لتنفيذ اتفاق الطائف. ثم الالتفات نحو الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والتحضير للانتخابات النيابية العام 2026.. التي يطرح بعض السياسيين إرجاءها! المصدر :اللواء- عمار نعمة |