بانتظار صدور قرار أميركي ببدء عمل اللجنة الدولية للإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، واصل العدو الإسرائيلي خروقاته البرية والجوية، فيما اتفق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون على تعديل خطة انتشار الجيش جنوباً، لكن مع إبقاء الخطة سرية وبعيدة عن أي تداول سياسي أو إعلامي.
وأفادت المعلومات بأن الجيش قرّر تعزيز قواته الموجودة حالياً في الجنوب ليصل العديد إلى ستة آلاف عنصر سينتشرون دفعة واحدة في كل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. كما سيتم تعزيز مكاتب مخابرات الجيش في الأقضية والمناطق الحدودية.
وفي وقت تأخر تحديد موعد بدء عمل اللجنة المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل والقوات الدولية، يصل وزيرا الدفاع والخارجية الفرنسيان إلى بيروت في الساعات المقبلة، في زيارة تهدف إلى تعزيز حضور فرنسا بشكل عام، وتأكيد التزامها الوقوف إلى جانب لبنان في ضمان تطبيق القرار، مع الإشارة إلى أن الجانب الفرنسي واصل اتصالاته مع حزب الله بشكل خاص، وهو يسعى إلى ضمان التزام الحزب بالاتفاق وعدم خرقه.
في هذه الأثناء، تدرس فرنسا والقوات الدولية خيارات عدة حول من سيتولى تمثيلهما في اللجنة، بينما يخطط الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين الذي يقوم باتصالات لتنفيذ إجراءات وقف إطلاق النار، للعودة إلى المنطقة.
الحدود الجنوبية تحت النار بانتظار الجيش
ووفق مقرّبين من قائد الجيش العماد جوزيف عون فإن الأخير، منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار، غير مرتاح لمهلة الستين يوماً التي نصّ عليها الاتفاق، ويخشى من أن سلوك العدو يهدف إلى التخريب على خطة انتشار الجيش. وقالت المصادر إن قيادة الجيش أبلغت الجهات الدولية الضامنة للاتفاق أنها ليست في صدد القيام بأي خطوة من شأنها توتير الأوضاع مع أهالي المناطق الجنوبية. ويبدو أن عون باشر عملية تنسيق مع قيادة حزب الله لتنفيذ متطلبات الاتفاق، وعدم الإفساح أمام أي نوع من التوتر أو ترك ثغرات ينفذ منها العدو. وهو أكّد أن مهمة الجيش هي ضمان الأمن في الجنوب وحماية الحدود من أي اعتداء، وليس حماية حدود إسرائيل.
وبحسب المصادر فإن قيادة الجيش وجدت أن من الأنسب قطع الطريق أمام أي نوع من المناورات الإسرائيلية، من خلال العمل على الانتشار دفعة واحدة في كل المناطق الممتدّة من الناقورة غرباً حتى حدود مزارع شبعا شرقاً. وأوضحت أن العمل على الخطة يجري بسرية، وأن هناك الكثير من الحاجات اللوجستية والأمنية والعسكرية يجري العمل على تأمينها لتوفير كامل متطلبات خطة الانتشار دفعة واحدة.
ونُقل عن قائد الجيش خشيته من أن يلجأ العدو إلى تكريس اعتداءاته جنوباً، ما يجعل الرد عليه من قبل المقاومة أمراً مشروعاً، ولذلك فإنه يلحّ على الأميركيين لإقناع إسرائيل بوقف الخروقات وتسهيل مهمة انتشار الجيش وضمان انسحاب قوات الاحتلال قبل نهاية مهلة الشهرين.
وفيما تقول مصادر عسكرية إن الخطة جاهزة وقيادة الجيش تنتظر قرار الحكومة، تشهد منطقة جنوبي الليطاني تحرك آليات وعديد في أكثر من اتجاه. في البياضة، استكمل اللواء الخامس عودته إلى مركز قيادته في البلدة بعد انسحابه منه قبيل توغل الجيش الإسرائيلي باتجاه شمع قبل نحو أسبوعين. لكنه لم يقترب من مراكزه في شمع أو الناقورة ورأس الناقورة وصعوداً باتجاه النقاط المتقدمة على طول القطاع الغربي من الضهيرة إلى مروحين. وحتى استتباب الوضع الأمني، يستمر الجيش في تشديد حركة العبور نحو الناقورة والبياضة ومحيطها عبر حاجز الحمرا في أطراف المنصوري، لكيلا يُستهدف المواطنون بالاعتداءات.
في غضون ذلك، لم يُسجل أي تحرك إضافي لقوات اليونيفل. وعلمت «الأخبار» أن «اللجنة المشتركة المشرفة على تطبيق وقف إطلاق النار ستجتمع في اليومين المقبلين. وتم اقتراح بأن تعقد اجتماعاتها في مقر قيادة اليونيفل في الناقورة، بدلاً من مركز الوحدة الإيطالية عند معبر رأس الناقورة حيث تُعقد الاجتماعات الثلاثية منذ عام 2006. لكن يُرجّح أن يسقط الاقتراح لكيلا يطأ ممثل العدو الإسرائيلي في اللجنة أرض الناقورة التي لم يتمكن من احتلالها بالقوة. كما طُرح اقتراح آخر قضى بإلغاء منصب «مفوض الحكومة لدى اليونيفل» الذي كان يشغله عرفاً ضابط شيعي. ويستعاض عنه بـ«ممثل لبنان في اللجنة المشتركة»، ما يسمح بالتحرر من أي عرف طائفي أو سياسي لدى اختيار الممثل.
وفي انتظار اجتماعات اللجنة، جدّد العدو غاراته أول أمس على مزرعة تبنا في أطراف البيسارية وعلى وادي تفاحتا في قضاء صيدا على مسافة نحو 40 كيلومتراً عن الحدود الجنوبية. كذلك أغارت مُسيّرة على سيارة في مجدل زون، ما أدى إلى إصابة طفل، واستهدف العدو بالرشقات النارية سرية لقوى الأمن الداخلي حضرت لتعيد افتتاح فصيلة بنت جبيل. وفجّر العدو أمس منازل في الخيام ومارون الرأس.
وفي حادثة لافتة، تم العثور أمس على جثمان الضابط في القوات البحرية في الجيش اللبناني النقيب حسن يونس شهيداً في سيارته في رأس الناقورة. ووفق معلومات «الأخبار»، فُقد الاتصال بيونس قبل أكثر من أسبوع، قبل أن يتبلّغ الجيش اللبناني من اليونيفل قبل يومين بوجود سيارة في داخلها جثة لشخص يرتدي بزة عسكرية. وقام أمس، عناصر من مركز الدفاع المدني اللبناني في صور بسحب الجثمان. وأظهرت المعاينة الأولية أن السيارة تعرّضت لغارة من مُسيّرة معادية قبل نحو أسبوع.