أكد مُحافظ بيروت سابقاً القاضي زياد شبيب على أن "الاحتلال الإسرائيلي يسعى لإحداث تغيير جوهري على أرض الواقع في فلسطين، لمنع حل الدولتين، وعدم تمكين السيادة الفلسطينية"، مُشيراً إلى أن "ما قام به رئيس دولة فلسطين محمود عباس من جهود، حققت إنجازات تاريخية لفلسطين"، مُثنياً على "دور المملكة العربية السعودية بالتمسك بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني".
وقال القاضي شبيب في حوار مع الإعلامي هيثم زعيتر، في حلقة برنامج "من بيروت"، على شاشة تلفزيون فلسطين، ضمن تغطية العدوان الإسرائيلي المُتواصل على قطاع غزّة، حول "وقف إطلاق النار في لبنان.. هل يصمد؟": "إن ما جرى في لبنان، هو وقفٌ للأعمال العدائية، وليس وقفٌ دائم لإطلاق النار، بل مرحلة أولى، نأمل أن تليها مرحلة نهائية لوقف إطلاق النار، لكن مُدة الـ60 يوماً، كافية لتحمل معها الكثير من المُخاطر".
وأوضح أن "الاتفاق أعطى أيضاً حق الدفاع عن النفس للطرفين، لكن، قوات الاحتلال الإسرائيلي، تُفسر وقف إطلاق النار في لبنان وفق رؤيتها، وتُريد تجسيد حرية الحركة لها، لذلك تُواصل خروقاتها اليومية، ضد ما يُسميه الجانب اللبناني، خروقات، وأنها حصلت على ضمانات قدمت لها من الولايات المُتحدة الأميركية، وعلى الرغم من أن الاتفاق بين أميركا وقوات الاحتلال ولا يُلزم دولة ثالثة هي لبنان، لكن قوات الاحتلال تُفسره وفق رغبتها، وبدأت بالتمدد في مساحات إضافية في القرى المُتواجد فيها، حيث تسعى من خلال ذلك، إلى جر المُقاومة إلى الرد، وعودة التصعيد".
وأشار القاضي شبيب إلى أن "قوات الاحتلال أرادت التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار لصالحها، بعدما وصلت إلى حائط مسدود، وسقف لما يُمكن أن تُحققه على الأرض، بعد 66 يوماً من الاعتداءات على لبنان، وهي ترغب بأن ترى صداماً داخلياً في لبنان، والدفع لأن يكون الجيش اللبناني صدامياً في الداخل مع الجهات المعنية الأخرى، وتحديداً "حزب الله"، لكن الجيش هو لكل اللبنانيين، ويُنفذ قرار السلطة السياسية بحكمة، وهذا لا ينتقص من أن التنفيذ سيكون كما يجب وكما ينص الاتفاق".
وشدد على أن "ما بعد الـ60 يوماً، فإن الأمور رهن بما يجري على الأرض من انسحاب لقوات الاحتلال الإسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني، وتنفيذ بنود الاتفاق، ومضامين القرار 1701 - أي التفكيك الفعلي والحقيقي للوجود العسكري جنوب الليطاني - والقرار أورد كلمة بدءاً من هذه المنطقة، وذلك يعني أنه سيشمل بقية المناطق، كما أن الاتفاق تحدث عن نزع السلاح غير الشرعي، وحدد أسماء الجهات الرسمية، التي يُمكنها حمل السلاح في لبنان، فضلاً عن أنه تضمن التأكيد على تنفيذ القرارات الدولية السابقة، ذات الصلة، والتي تتحدث عن نزع السلاح، وضبط الحدود مع سوريا".
ورأى أن "رئيس مجلس النواب نبيه بري، أدار عملية التفاوض ببراعة وحكمة، كونه على رأس السلطة التشريعية، وأيضاً رئيساً لحركة "أمل"، وموضوع ثقة من "حزب الله"، الذي فوضه للتفاوض، كما أن الفراغ السياسي أتاح ذلك، لأن التفاوض هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن تنفيذ الاتفاق يكون من قبل المُؤسسات الشرعية، لذلك احتاج إلى مُوافقة مجلس الوزراء، كي يتمكن الجيش اللبناني من تنفيذ الاتفاق على الأرض".
وشدد على أن "منع قوات الاحتلال من خرق بنود الاتفاق، يأتي من خلال ضمانتين:
- الأولى: نزع لبنان، أي ذريعة لقوات الاحتلال، من خلال تنفيذه التزاماته المُدرجة في هذا الاتفاق، والقرارات الدولية ذات الصلة بنزع السلاح، وبالتالي لن يكون للاحتلال أي ذرائع للاعتداء على سيادة لبنان.
- الثانية: آلية التنفيذ، وهي اللجنة التي نص عليها الاتفاق، برئاسة ضابط أميركي، فضلاً عن الضابط الفرنسي والجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية "اليونيفل"، ويبدو أن اللجنة ستكون على درجة عالية من الجدية، لأن الجانب الأميركي، هو الذي عمل على إنجاز هذا الاتفاق، وسيكون هو الضامن والوسيط، ويملك الضغط على المُعتدي - أي الجانب الإسرائيلي".
وأشار إلى أن "عمل اللجنة الخماسية، لا يُعطل اللجوء إلى مجلس الأمن، لتقديم الشكاوى بشأن الخروقات الإسرائيلية، ولم تظهر بعد آلية عمل هذه اللجنة، وقد اعتدت قوات الاحتلال على قوات الطوارئ الدولية، لأنها رفضت إخلاء مواقعها، واليوم نحن في مرحلة جديدة، والمطلوب أن تقوم وحدات "اليونيفل" بتنفيذ مهامها بشكل أمين، وليس على غرار الفترة الماضية، التي تعايشت فيها مع ظروف المرحلة السابقة"، مُوضحاً أن "عملية الإعمار، لن تكون شاملة، لأن لبنان عاجز عن ذلك، على الرغم من أن إيران أرسلت رسائل بعزمها على الإعمار، لكن لن يكون ذلك للبنى التحتية، التي هي من مُهمة الدولة، التي عليها الاستعانة بالأشقاء العرب، ولا خلاص للبلد، إلا أن يكون لبنان في مكانه الصحيح، حيث ينتمي إلى مُجتمعه العربي، وهذا هو المدخل لإعادة الروح للجسد اللبناني المُعذب، وتأمين ما يُمكن تأمينه لإعادة الإعمار والتعويض".
ورأى القاضي شبيب أن "المُستجدات حملت الرئيس بري، للدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وربما يتم تأجيلها، وقد لا تفضي إلى انتخابٍ للرئيس، لكنها ستكون جدية، وللأسف وضع الدستور جانباً خلال المرحلة الماضية، لأن جلسات انتخاب الرئيس، لا يُمكن ختمها إلا بانتهاء العملية الانتخابية، ونُلاحظ أن تعين مسعد بولس مُستشاراً للمنطقة من قبل الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب، جاء بناءً على دوره الفاعل مع الجاليات اللبنانية والعربية في الولايات المُتحدة الأميركية، ووجود ترامب في سدة البيت الأبيض جيد للبنان، كونه لا يُؤمن بالحروب، وقادر على فرض الحلول".
وشدد على أن "حكومة الاحتلال، لا ترضى بحلول إنهاء الحرب في غزة، لأن الهدف الحقيقي، هو إحداث تغيير جوهري على أرض الواقع، لمنع حل الدولتين، وعدم تمكين السيادة الفلسطينية، لاستحالة ذلك فعلياً، فضلاً عما هي مُقدمة عليه في الضفة الغربية، وما تقوم به من إجراءات وقوانين، ولكن على الرغم من المأساة المُستمرة، إلا أن اللحظة مُناسبة عالمياً للوصول إلى العضوية الكاملة لفلسطين في الأُمم المُتحدة، وما قام به رئيس دولة فلسطين محمود عباس من جهود، حقق بها إنجازات تاريخية لفلسطين، ونتمنى أن تتحقق العضوية الكاملة لفلسطين، لأن الرأي العام العالمي لديه رغبة في لذلك"، مُشيراً إلى أن "المملكة العربية السعودية تقوم بمُقاربة حديثة، بربط التقدم فيما تُريده الولايات المُتحدة الأميركية مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ورأينا ترجمة ذلك في مُقررات القمة العربية الإٍسلامية التي عُقدت في الرياض، خصوصاً التلميح بالطعن بعضوية الاحتلال بالأُمم المُتحدة".
وختم القاضي شبيب بالقول: "على الرغم من أن قادة الاحتلال الإسرائيلي يتصرفون على أنهم فوق القانون الدولي، لكن عندما يتحولون إلى خارجين عن القانون، يُصابون بالرعب والانهيار، كونهم يخشون الشرعية الدولية، لذلك يجب الاستمرار بهذا الأمر، والذي تقدمت به الحكومة الفلسطينية، لمُحاكمة قادة الاحتلال في "المحكمة الجنائية الدولية"، وللأسف فإن لبنان لم يسلك هذا المسار، على الرغم من كل المآسي التي يتعرض لها".
https://youtu.be/NWlkrIo9DsY