الثلاثاء 3 كانون الأول 2024 21:47 م

"إرهابي بتصنيف أممي وأميركي وأوروبي"... معلومات عن تنظيم "هيئة تحرير الشام"


* جنوبيات

"إرهابي بتصنيف أممي وأميركي وأوروبي".. تنظيم "هيئة تحرير الشام"، التحالف الذي يسيطر عمليا على القرار والأرض في إدلب ومناطق مجاورة خارج سيطرة الحكومة السورية، دخل مدينة حلب، بعد هجوم عنيف على ريفها الغربي، قبل أيام.

ويمثل الهجوم الذي قادته هيئة تحرير الشام أكبر تحد منذ سنوات للجيش السوري، إذ يجدد المواجهات في الحرب التي توقفت إلى حد كبير منذ عام 2020.

وشنت الفصائل المسلحة هجوما مفاجئا عبر قرى وبلدات تسيطر عليها الحكومة قبل أيام ووصلوا إلى حلب بعد نحو 10 سنوات من إخراج القوات الحكومية للفصائل المسلحة من المدينة.

وقال الجيش السوري في بيان إن الأعداد الكبيرة للعناصر، إضافة إلى تعدد جبهات الاشتباك "دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد".

وخسرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) مناطق عدة تدريجيا على وقع عمليات عسكرية للجيش السوري بدعم روسي.

وقبل دخولها حلب، كانت الهيئة تسيطر على نحو نصف مساحة محافظة إدلب وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة، وتؤوي المنطقة 3 ملايين شخص، نصفهم تقريبا من النازحين.

فماذا نعلم عن هيئة تحرير الشام؟ وكيف تحولت من جبهة النصرة إلى الهيئة؟ وهل فعلا فكت ارتباطها عن القاعدة؟ وهل تدعمها تركيا؟

ما هي هيئة تحرير الشام؟

هيئة تحرير الشام تعتبر اليوم "التنظيم الإرهابي المسيطر في إدلب"، آخر معقل رئيسي لفصائل خارج سيطرة الحكومة السورية، قبل دخولها حلب.

بإيجاز، الهيئة هي تحالف لفصائل متشددة زعمت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وتصنفها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وتقول الولايات المتحدة إن التنظيم احتجز عددا من المواطنين الأميركيين كرهائن منذ تشكيله.

وتتواجد في المنطقة أيضا فصائل مقاتلة متحالفة معها، أقل نفوذا، فضلا عن مجموعات أخرى تراجعت قوتها تدريجيا مثل ما يعرف بـ"الحزب الإسلامي التركستاني" الذي يضم مقاتلين من الأويغور.

ومنذ سيطرتها على إدلب، أنشأت هيئة تحرير الشام جهازها الأمني الخاص بالإضافة إلى إدارة مدنية تجمع الرسوم الجمركية على الحدود التركية.

واتهمت منظمات حقوق الإنسان ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا هيئة تحرير الشام بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والعنف الجنسي والاختفاء القسري.

وتضم هيئة تحرير الشام في صفوفها نحو 30 ألف مقاتل، بينهم 10 آلاف أجنبي، وفق إحصاء سابق للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

جبهة النصرة بهيئة "الهيئة"

تعتبر هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية محلية نسبيا، رغم زعمها الانفصال عن جبهة النصرة (القاعدة) في عام 2017، بحسب مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية الأميركي.

تشكّلت جبهة النصرة في سوريا عام 2011 كفرع للقاعدة ضمن الحرب ضد الحكومة السورية. وقام زعيم النصرة، أبو محمد الجولاني، بسرعة بتأسيس منظمة جمعت الإيرادات من الضرائب ومصادرة الأصول في المناطق التي تسيطر عليها، وزادت في تنفيذ الهجمات، وجذبت عددا متزايدا من المقاتلين.

في أواخر تموز 2016، أعلن الجولاني، نتيجة ضغوط جراء ارتباطها بتنظيم القاعدة وتأثير ذلك على الفصائل المتحالفة معها، حل جبهة النصرة وتأسيس مجموعة جديدة اسمها جبهة فتح الشام.
 
وزعمت أنه لم تعد للمجموعة "روابط خارجية" مع القاعدة، إلا أن محللين اعتبروا أن المجموعة ستستمر في الحفاظ على علاقة سرية مع القاعدة وتلقي التوجيهات الاستراتيجية والعملياتية، بحسب المركز.

وفي كانون الثاني 2017، أعادت جبهة فتح الشام تسمية نفسها مرة أخرى عندما اندمجت مع مجموعات عدة أخرى مثل حركة نور الدين الزنكي ولواء الحق وجبهة أنصار الدين لتأسيس هيئة تحرير الشام.

وتعتبر الحكومة الأميركية أن هناك رابطا بين الهيئة والنصرة، بل وتصف هيئة تحرير الشام بأنها "وسيلة دفع (موقف القاعدة) في الحرب السورية ولتحقيق أهدافها الخاصة" في تصنيفها كمنظمة إرهابية.
 
وتشير تقارير أخيرة من الأمم المتحدة إلى أنه بعض التواصل لا يزال قائما "وأن هيئة تحرير الشام ومكوناتها لا تزال تحافظ على الاتصال بقيادة القاعدة"، وفقا لأجهزة استخبارات دولية عدة.

من إدلب إلى عفرين بمباركة تركية

سيطرت هيئة تحرير الشام، على محافظة إدلب في مطلع العام 2019 إثر عامين من اشتباكات متقطعة مع فصائل أخرى، ولطالما سهّلت لها تركيا طرق الإمداد، والتنقّل عبر الحدود.

ويتقاسم نحو 30 فصيلا، ضمن ما يعرف بالجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة التي تقدم له التجهيزات والسلاح والتمويل، السيطرة على منطقة حدودية في شمال محافظة حلب تمتد من جرابلس في الريف الشمالي الشرقي إلى عفرين، التي أيضا سيطرت عليها الهيئة لاحقا، مرورا بمدن رئيسية مثل الباب وأعزاز. وتنتشر في تلك المنطقة قوات تركية أيضا.

وتضم الفصائل الموالية لأنقرة والمنضوية في ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، مقاتلين سابقين في مجموعات، مثل ما يُعرف بـ"جيش الإسلام" الذي كان يعد الفصيل الأبرز قرب دمشق.

ومن بين الفصائل، مجموعات تنشط أساسا في الشمال مثل فصيل السلطان مراد، وأخرى برزت مع العمليات العسكرية التركية وبينها فصيلا الحمزة وسليمان شاه.

في الثامن من تشرين الأول 2022، بدأت اشتباكات بين فصيل الجبهة الشامية وفصيل الحمزة المواليين لأنقرة في مدينة الباب.

ودخلت هيئة تحرير الشام على خط الاقتتال عبر دعم فصائل على حساب أخرى، إلى أن تمكنت من السيطرة على منطقة عفرين كاملة للمرة الأولى.

ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن "هيئة تحرير الشام لم تكن لتدخل المنطقة من دون موافقة تركيا".

وتم التوصل إلى اتفاق ينص على أن تتسلم الهيئة المؤسسات الخدمية والاقتصادية، وتتولى إرساء الأمن في عفرين، وتنشر عناصرها عند المعابر الفاصلة مع مناطق سيطرة الحكومة السورية والأكراد.

لم تقم تركيا بدعم الجماعة المتشددة علنا، لكن يُعتقد أنها تنسق مع قواتها التي تسيطر على معبر باب الهوى الحدودي.

وتقول مصادر من المعارضة على اتصال بالمخابرات التركية إن تركيا أعطت الضوء الأخضر للهجوم الأخير على حلب.

جرائم حرب

في تقرير صدر في آذار 2024، قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا إن لديها "أسبابا معقولة للاعتقاد بأن أفراد هيئة تحرير الشام ظلوا يرتكبون أعمالا قد ترقى إلى جرائم الحرب المتمثلة في التعذيب والمعاملة القاسية والحرمان غير القانوني من الحرية، بما في ذلك بطريقة ترقى إلى الاختفاء القسري".

ويقول تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية في العام 2023 "ارتكبت الجماعات المسلحة الإرهابية مثل هيئة تحرير الشام مجموعة واسعة من الانتهاكات، بما في ذلك القتل، والخطف، والإساءة البدنية، وتجنيد أو استخدام الأطفال الجنود".

ولاحقت هيئة تحرير الشام اتهامات من قبل سكان وعائلات معتقلين وحقوقيين بارتكاب انتهاكات داخل سجونها ترقى إلى "جرائم حرب"، وفق الأمم المتحدة.

وزادت حدة الاتهامات بعد شنّ الهيئة منذ صيف 2023 حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من مدنيين ومقاتلين من فصائل أخرى وقادة وعناصر من صفوفها بتهم الانضواء في "خلايا أمنية" و"العمالة" أو جهات خارجية، عدا عن تمنّعها عن تزويد عائلاتهم بمعلومات عنهم.

وفي شباط، خرجت تظاهرات غير مسبوقة في مدن وبلدات عدة في إدلب إذ ردّد المتظاهرون هتافات مناوئة لقائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني، في مشهد احتجاجي نادر في منطقة يقيم فيها 3 ملايين شخص، نصفهم تقريبا نازحون فروا مع تقدم المعارك في مناطق أخرى.

المصدر :بلينكس - blinx