كلمة الدردور وفق معاجم اللغة العربيّة تعني:
"دوّامة البحر التي يُخشى فيها الغرق".
ويُقال:
"لجّجوا فوقعوا في الدردور".
وفي وطننا الحزين، وعلى وقع أنين الصّمت لشعب ابتُلي "بشلّة من بعض المسؤولين اللصوص"، فإنّ المواطن المسكين يعيش في دردور دائم أغرقه في الإفلاس وقطع الأنفاس بدون شفقة أو رقّة إحساس.
هؤلاء المسؤولون الذين ضُرب فيهم المثل القائل:
"يسرقون الكحل من العين".
فما هي قصّة هذا المثل؟
"يسرق الكحل من العين" من الأمثال الشعبيّة الشّائعة، ويُضرب بالشّخص الماهر في السّرقة، وهو مثل قديم وكانت العامّة في الأندلس تعرفه بلفظ: "يسرق الكحول من العين".
وقال الصّفديّ:
يسرق كحل العين من جفنها بجرأة من مقلة النّائم.
وفي العراق يقولون:
"يبوق الكحل من العين".
وفي مصر:
"زي نشّال الكحل من العين".
أمّا في لبنان فهناك اختصاص يُدرَّس في جامعة اللصوص في كيفيّة سرقة الكحل من داخل جفن العين!
هذا المثل يُضرب في سوء الخلق؛ فسارق الكحل من العيون هو شخص سيّئ الخلق لا يمكن أن يؤتمن على أي شيء لأنّ من طبعه الخيانة. فما أن يُكلَّف بحراسة شيء أو حمايته تجده يختلق شتّى السبل والوسائل من أجل الظفر ببعض ممّا أُوكل إليه حمايته، إن لم يكن كلّه!
وحين يُسأل عن فقدان تلك الحاجات يقدّم كمًّا كبيرًا من الأعذار يعجز عنها إبليس، ويُقسم بأغلظ الايمان ليبرّر لغيره أنّه بريء من سرقة أيّة مادة.
فسرقة الكحل من العيون دلالة واضحة لا لبس فيها على إتقان عمليّة السرقة، والمعرفة العميقة بكلّ السبل والأساليب الملتوية للحصول على الغرض المنشود.
سارق الكحل هو سارق سريع التصرّف، ذو خبرة عالية، ولديه القابليّة أن يسرق الكحل الذي تضعه النساء على جفون عيونها. وهي صيغة مبالغة لبيان مدى سرعة تصرّفه وخفّة عمل يده.
إضافةً إلى أنّه لا يترفّع عن سرقة أي شيء يحسّ فيه المنفعة له وإن كانت قليلة وليست ذات قيمة عالية. فكيف إن كانت عالية وغالية؟!
إنّها صفة لصيقة بمعظم المسؤولين والعاملين في قطاع الدولة، الفاسدين على كلّ الصعد والمستويات، وبغالبيّة أصحاب المؤسّسات الخاصّة، والتجّار المحتكرين، وأصحاب المهن الملتويين. عليهم من الله ما يستحقّون.
وصدق الشاعر حين قال:
"جبال الكحل تفنيها المراود".