في جوّ من الوضوح والشّفافية دار الحوار الآتي بين رجل يتباهى بذكوريّته، وامرأة تتماهى مع أنوثتها:
قال لها: ألا تلاحظين أنّ الكون ذكرٌ؟ فقالت له: بلى لاحظت أنّ الكينونة أنثى!
قال لها: ألم تدركي بأنّ النور ذكرٌ؟ فقالت له: بل أدركت أنّ الشمس أنثى !
قال لها: أليس الكرم ذكرًا؟ فقالت له: نعم، ولكن الكرامة أنثى! قال لها: ألا يعجبك أنّ الشِعر ذكرٌ؟ فقالت له: وأعجبني أكثر أنّ المشاعر أنثى! قال لها: أتعرفين أنّ العلم ذكرٌ؟ فقالت له: إنّني أعلم أنّ المعرفة أنثى!
فأخذ نفسًا عميقًا وهو مغمض عينيه ثمّ عاد ونظر إليها بصمت للحظات، وبعد ذلك قال لها: سمعت أحدهم يقول إنّ الخيانة أنثى! فقالت له: ورأيت أحدهم يكتب أنّ الغدر ذكرٌ! قال لها: ولكنّهم يقولون إنّ الخديعة أنثى. فقالت له: بل هنّ يقلن أنّ الكذب ذكرٌ! قال لها: هناك من أكّد لي أنّ الحماقة أنثى. فقالت له: وهناك من أثبت لي أيضًا أنّ الغباء ذكرٌ. قال لها: أنا أظنّ أنّ الجريمة أنثى. فقالت له: وأنا أجزم بأنّ الإثم ذكرٌ. قال لها: أنا تعلّمت أنّ البشاعة أنثى. فقالت له: وأنا أدركت أنّ القبح ذكرٌ.
تنحنح ثمّ أخذ كأسًا من الماء فشربه كلّه دفعةً واحدةً. أمّا هي فخافت عند إمساكه الكأس ولكنّها ابتسمت وتنهّدت ما إن رأته يشرب. وعندما رآها تبتسم له
قال لها: يبدو أنّك محقّة، فالطبيعة أنثى! فقالت له: وأنتَ أصبت فالجمال ذكرٌ. قال لها: لا بل السعادة أنثى. فقالت له: ربّما، ولكنّ الحبّ ذكرٌ. قال لها: وأنا أعترف بأنّ التضحية أنثى. فقالت له: وأنا أقرّ بأنّ الصفح ذكرٌ. قال لها: ولكنّني على ثقة بأنّ المحبة أنثى. فقالت له: وأنا على يقين بأنّ القلب ذكرٌ.
هذا، وسيبقى الحوار قائمًا ما دام السؤال ذكرًا والإجابة أنثى.