السبت 14 كانون الأول 2024 22:57 م |
العدل |
* جنوبيات بعد سلسلة المتغيرات الهائلة التي عصفت بالمنطقة برمتها ولا تزال وما عاناه من أزمات بنيوية مستمرة يقف لبنان على عتبة مرحلة جديدة لم ترتسم ملامحها النهائية بعد، لكن أحد أبرز عناوينها هو تنفيذ القرارات الدولية واتفاق وقف الأعمال العدائية الأخير وقرار مجلس الوزراء الذي أقرّه، وأقرّ بمضامينه. ولأن هذا العنوان يتزامن مع اقتراب انتخاب رئيس الجمهورية وإعادة تكوين السلطات الدستورية، فإنه سيكون مدخلاً لصياغة المرحلة الجديدة وهذه يجب أن تتضمن التصدي للعناوين الأخرى التي لا تقل شأناً، وهي تبدأ بإعادة بناء مؤسسات الدولة ولا تنتهي باستعادة العافية على الصعيد المالي والاقتصادي، وذلك على أسسٍ تنطلق من نتائج العنوان الأول وتكون من ثمار النجاح في تطبيقه. إعادة بناء المؤسسات لا تكون بملء الشواغر في المناصب الدستورية والأمنية والإدارية والمالية وحسب بل تحتاج إلى روح جديدة وذهنية مختلفة. فمما لا شك فيه أن تراكم ممارسات مرحلة ما بعد الحرب وصولاً إلى الانهيارات الأخيرة أوصلت الدولة برمتها وبما تمثله تجاه المواطنين والخارج إلى مزيج من الترهّل والتفكك وانتفاء المبادئ وقواعد السلوك، وهذا يفرض أن يكون الأشخاص الذين سوف يقودون المرحلة القادمة في الرئاسة والحكومة من ذوي الخبرة والقدرة على إعادة البناء المطلوبة. الجيش اليوم هو أكثر المؤسسات حفاظاً على فكرة الدولة وأكثرها استعداداً للقيام بدوره في حماية لبنان وسيادته لأنه يمثل نموذج الانتماء إلى الوطن، الذي لا شِرك فيه، والاستعداد للدفاع عنه حتى الشهادة، ولا يحتاج في هذا المضمار إلى شهادة من أحد. كما أن آليات عمله القائمة على الانضباط والمهنية العالية ذات فاعلية واضحة وثابتة.
أما القضاء فيجب أن يكون أحد أهم عناوين المرحلة القادمة ولا مفرّ من عملية إصلاح كبيرة فيه تعيده إلى دوره ورسالته وتضع حدّاً للتلاعب فيه كما جرى مؤخّراً عبر قانون نسف أسمى المبادئ الدستورية ولا مفرّ من إبطاله من قبل المجلس الدستوري.
من هذا المنطلق ومع انطلاق الديناميات الجدية لانتخاب الرئيس وبروز الترشيحات وتداول المواصفات، لا بد من التذكير بأن أحد أبرز أسباب تراكم الانهيارات وتكاثرها هو غياب دور القضاء أو تغييبه. فلو وُجد قضاء فاعل وقادر على المحاسبة من دون حدود أو قيود لما حلّت بلبنان مصائب كثيرة. وسائل الإصلاح متوفّرة، وعمادُها القضاة الصالحون الكُثُر ومدخلها المحاسبة الداخلية. أما الحاجة إلى تشريعات جديدة فتقتصر على تعديلات بنيويّة ولكن طفيفة، تسمح بإطلاق ورشة العمل بعيداً عن الاقتراحات الفضفاضة والسطحية المستوردة المتداولة، وللحديث صلة. المصدر :النهار |