الاثنين 23 كانون الأول 2024 08:55 ص

العماد جوزاف عون رئيساً.. أو الفوضى!


* جنوبيات

تدخل البلاد في عطلة الأعياد هذا الأسبوع، دون تحقيق أي تقدم ملموس على صعيد الإتصالات الناشطة بين الكتل النيابية، بحثاً عن الرئيس التوافقي، رغم إقتراب موعد الجلسة الرئاسية في التاسع من الشهر المقبل.  
التشرذم الحاصل في الوسط النيابي، هو نتيجة طبيعية لحالة الإنقسام المستفحلة بين الأطراف السياسية، رغم خطورة المرحلة التي يجتازها البلد، والتي تتطلب تضافر كل القوى لمواجهة التحديات المصيرية التي تبدأ بالإنهيارات المتفاقمة، ولا تنتهي بعربدة العدو الإسرائيلي: غارات وتعديات على القرى، وتدمير منازل وبنية تحتية في الجنوب. 
بعض الكتل ما زال يراهن على تأجيل الجلسة، مثل نواب التيار الوطني الحر، إستناداً إلى كلام مسعد بولس المستشار للرئيس الأميركي المنتخب، الذي أعاد النظر بتحفظه على «التسرع بإجراء الإنتخابات الرئاسية في لبنان، وإمكانية الإنتظار إسبوعين أو شهرين، طالما مرت سنتان على الشغور الرئاسي». ولكن المراهنين على التأجيل يتجاهلون تراجع بولس، ويتصرفون وكأن واشنطن تعارض إجراء الإنتخابات الرئاسية في مطلع الأسبوع الثاني من السنة الجديدة. 
وكتل أخرى تعمل وكأن الإنتخابات حاصلة في ٩ كانون الثاني المقبل، وأن الجلسة مستمرة في جولات إنتخابية متتابعة، حتى خروج الدخان الأبيض من المجلس النيابي، وإعلان إسم الرئيس المنتخب، وفي مقدمة أصحاب هذا النهج كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري، وكتلة نواب اللقاء الديموقراطي الجنبلاطية، التي ذهبت بعيداً في الإستعداد الجدّي لجلسة الإنتخاب عبر ترشيح العماد جوزاف عون علناً لمنصب الرئاسة الأولى. 
وثمة كتل ثالثة على وشك إتخاذ قرارها النهائي بتأييد قائد الجيش في الإنتخابات الرئاسية، مثل كتلة الإعتدال الوطني العكارية، وكتلة التشاور النيابي برئاسة نائب طرابلس فيصل كرامي، وهو أحد المرشحين إيضاً لرئاسة الحكومة الأولى للعهد الجديد. 
ويمكن القول، بناءً على المعطيات السابقة، أن إحتمال تأجيل الجلسة الإنتخابية بات مستبعداً، وأن الأيام القليلة المقبلة ستشهد حركة إتصالات داخلية وخارجية مكثفة، بإتجاه إنجاز الإنتخابات الرئاسية في موعدها، والإنتقال بالبلد إلى مرحلة جديدة. 
وبإنتظار جرس التاسع من كانون تبقى ثمة حالة رصد وترقب لمواقف  الثنائي الشيعي، والتيار الوطني الحر، المعروفين بمعارضتهم المبدئية لوصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا، لأسباب مختلفة ومتباعدة بينهم، على إعتبار أن الصوت الشيعي يبقى ضرورة لا بد منها لإضفاء الشرعية الميثاقية على العملية الإنتخابية، في حين أن إنضمام نواب القوات اللبنانية إلى مؤيدي العماد عون، من شأنه أن يوفر التغطية المسيحية المطلوبة، لإستكمال النسيج الوطني المناصر لقائد الجيش في السباق الرئاسي، ويُحجم أهمية أصوات نواب التيار الوطني المعارضين لوصول عون إلى بعبدا. 
رُبَّ قائل أن القوات لم تحسم موقفها بعد، على خلفية البحث الدائر حالياً حول إحتمال ترشيح الدكتور جعجع في المعركة الرئاسية. ولكن رئيس القوات يدرك أكثر من غيره أن حظوظه في الرئاسة لا تشجعه على خوض تجربة غير مضمونة النتائج، بل لعل نتيجتها السلبية أكثر توقعاً، لأسباب لها علاقة بالفيتو الشيعي، وتكتل الأحزاب المسيحية ضده، إلا إذا عقد صفقة مع خصمه السياسي اللدود رئيس التيار الوطني جبران باسيل، شبيهة بإتفاق مبايعة معراب للعماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية عام ٢٠١٦، وهي الخطوة المفاجئة التي ساهمت في فتح أبواب القصر الرئاسي أمام الخصم الدموي للقوات. 
أما على صعيد الثنائي الشيعي، فالمسألة مازالت موضع بحث معمّق بين عين التينة وقيادة حزب لله، على خلفية معارضة الأخير لقائد الجيش في المعركة الرئاسية، نتيجة العلاقات غير المستقرة بين الطرفين منذ تولى عون قيادة الجيش، إضافة لأجواء الحذر المتزايد نتيجة تكليف الجيش مهمة تطبيق بنود القرار الأممي ١٧٠١ وملحقاته الجديدة، والإشكالية حول إذا كانت صلاحية القرار تقتصر على جنوب الليطاني فقط، أم تشمل المناطق شمال الليطاني. 
ولعله من المبكر التكهن بقرار الرئيس بري النهائي، وفيما إذا كان من المحتمل أن يمضي بتأييد العماد عون، نتيجة توافقات أميركية عربية على ترشيحه للرئاسة، وذلك بمعزل عن موقف نواب الحزب، على عكس ما حصل في إنتخاب العماد ميشال عون، حيث إمتنع بري وكتلته عن الإقتراع لمصلحة عون، فيما نواب الحزب صوّتوا إلى جانبه. 
أما النواب المترددون فيبدو أنهم، وغيرهم من الكتل، ينتظرون وصول كلمة السر من «الروح القدس» من الخارج، كما كان يردد الرئيس إلياس الهراوي، ليحسموا خياراتهم، بعد أن يسمعوا من أهل الحل والربط: العماد جوزاف عون رئيساً .. أو الفوضى! 

المصدر :اللواء