في ظل الإضرابات والاعتصامات المطالِبة بحقوق الموظّفين في شتى المجالات، برز تحرّك من نوع آخر، تجلّى بتنفيذ أهالي وطلاب «ثانوية حسام الدين الحريري» التابعة لـ«جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية» في صيدا اعتصام، أمس (الأربعاء)، مطالبين باستمرار مديرة الثانوية هنادي الجردلي قطب في مهامها، بعدما تقدّمت باستقالتها كمديرة للثانوية، وللسياسات التربوية في «جمعية المقاصد»، التي وافق عليها المجلس الإداري للجمعية.
وإذا كانت الإضرابات تنفّذ مطالبة بإقصاء مدير، أو رداً على تصرّف أستاذ، كان هذا الإضراب والاعتصام سابقة تُسجّل للمرّة الأولى، مطالبة باستمرار مديرة في مهامها، وعودة المجلس الإداري عن موافقته على الاستقالة، وأيضاً مشاركة الطلاب وذويهم في هذا التحرّك.
يوم أمس كان يوماً مشهوداً في «ثانوية حسام الدين الحريري» التي بناها الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن روح إبنه الراحل، وقدّمها إلى المقاصد قبل 22 عاماً، وتسلّمت إدارتها المديرة هنادي، لتُكمل بناء البشر بعدما بنى الرئيس الشهيد الحجر. وترك أمس الكثير من الآباء والأمهات أعمالهم، أو أخذوا إجازة، وشاركوا في الاعتصام مع فلذات أكبادهم، الذين رفضوا الدخول صباحاً إلى صفوفهم، حيث ظلّوا في الباحات الداخلية للثانوية، مع ذرف الدموع من المقل، وحالة الإحباط التي أُصيبوا بها بعد إنشاد النشيد الوطني اللبناني ونشيد المقاصد.
ورُفِعَتْ صور ضخمة للمديرة ويافطات تدعوها للاستمرار في مهامها وتعبّر عن حب الطلاب لها، وأيضاً ثقة الأهالي بها لحسن إدارتها التربوية وصقل مواهب الطلاب، حيث حقّقت ثانوية الحسام تميّزاً تجاوز جمعية المقاصد وصيدا إلى مستوى متقدّم على صعيد لبنان.
الآباء الذين حرموا أنفسهم من أمور كثيرة لتأمين الأقساط الدراسية لأولادهم، قرّروا استمرار التحرّك على مستويات عدّة وبسبل متعدّدة، تشمل اليوم التوقيع على عريضة تطالب المجلس الإداري بالعودة عن قبول الاستقالة، التي لم تتم مناقشتها مع لجنة الأهل في المدرسة، التي ستعتصم مع الطلاب عند الواحدة والنصف من بعد ظهر السبت المقبل، أمام مقر «جمعية المقاصد» في شارع رياض الصلح – صيدا، وأيضاً التوجّه بعريضة إلى وزارة الداخلية لرفض قرار المجلس الإداري الموافقة على الاستقالة، مع التهديد بالتوقّف عن دفع الأقساط الدراسية، وأيضاً التهديد بنقل أبنائهم من المدرسة في الموسم الدراسي المقبل، إذا لم تتم العودة عن قرار المجلس الإداري للجمعية.
ووجهت المديرة الجردلي قطب رسالة إلى الزميلات والزملاء، جاء فيها: «انطلاقًا من مبادئي التي لم أتخلَّ عنها يومًا وفي مقدّمها الالتزام بالشفافيّة وحرصي على عدم الدخول في سجالاتٍ لا طائلَ منها، ونأيًا بنفسي عن أيّة افتراءات أو ممارسات تتعارض مع قِيَمي وقناعاتي، يهمّني أن أوضحَ لكم ما يلي:
إن تقديمي استقالتي من مهامّي كمديرة لثانوية حسام الدين الحريري وكمديرة للسياسات التربوية في جمعية المقاصد كان لسببٍ واحد، وهو تحفظي على ممارساتٍ وقرارات صدرت مؤخرًا عن المجلس الإداريّ على علاقة مباشرة بعمل المدارس وأنشطتها من دون التشاور مع أي من إدارات المدارس الأربع ودون الالتفات إلى تعارض هذه القرارات مع روزنامات العمل المحددة منذ بداية العام الدراسي، ولم يكن أبدًا منطلقًا من أيةِ دوافع شخصية ولا موجّهًا ضد أي شخصٍ أو تيّار لأن هدفي لم يكن يومًا إلا مصلحة جمعية المقاصد ومدارسها وطلابها وموظفيها، ولأنني حريصةٌ على أن أكون على مسافةٍ واحدة من جميع مكوّنات هذه المدينة بجميع أطيافها التي تشكل نسيج طلاب ومعلمي مدارس المقاصد الأربع.
وإنني إذ أشكر كل الذين عبّروا عن مساندتهم لي بكلماتهم وأفكارهم، أتمنى من الجميع تفهّم موقفي وعدم الانسياق وراء التخمينات والتكهنات والاتّهامات، مع حرصي الشديد على كرامة المؤسسة الأم وكرامة كلّ مكوناتها، وتمنّيّ عليكم وعلى الطلاب التمسّك بإنجازاتنا التربوية وبرقيّنا المعهود في التعبير بحرية ومسؤولية ولا سيّما من خلال وسائل التواصل الاجتماعي».