الجمعة 27 كانون الأول 2024 08:15 ص |
رئيس جمهورية بمواصفات مسيحيّة ودوليّة |
* المحامي د. أحمد مكداش مع كل تصريح أو موقف يُعبّر عنه أحد الفرقاء الوازنين في شأن الانتخابات الرئاسية، تبدأ التحليلات في إعادة ترتيب الأوراق والحسابات ولعبة الأسماء المرشحة لتولّي سدّة رئاسة الجمهورية التي أدمنت الشغور والفراغ المؤسساتي على المستويات كافةً، من تغييب الموقع الماروني الأول عن ممارسة دوره الوطني وصلاحياته الدستورية على رأس الدولة اللبنانية، إلى تكريس سطوة المجلس النيابي على تفسير الدستور لتمرير رئيس هنا، أو للتسلل من خلفه في وجه مرشح رئاسي هناك، إلى لعبة خنق مؤسسات الدولة التي أجادها العهد السابق الذي ساهم بنقل وتعميم الفراغ المؤسساتي من موقع رئاسة الجمهورية إلى موقع رئاسة الحكومة عبر تعطيل تشكيل الحكومات، وتعمّد إفشال مهمات الرئيس المكلّف قبل التأليف وبعده في خرقٍ فاضحٍ للدستور، وسطوٍ ممنهج على صلاحيات رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء. رئيس تيار المردة ومرشّح الثنائي الشيعي «سليمان فرنجيّة» كان صاحب التصريحات والمواقف الأكثر أهميّة في كلمته التي أعلن فيها أنه لا يزال مرشّحاً رئاسياً، وأن البحث في مرشحٍ آخر يتطلب جملة أمور، أهمها أن يكون الرئيس العتيد قادراً على الحكم وإدارة المؤسسات، وأن يكون رئيساً يملأ موقع رئاسة الجمهورية، لا رئيساً يملأ الكرسي فحسب، والأهم في هذه المرحلة أن يكون رئيساً بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري على رأس الطائفة المارونية. «رفيق الحريري» الذي انتقل معه لبنان من الحرب الأهلية التي دامت خمسة عشر عاماً إلى مرحلة البناء وإعادة الإعمار بدعم عربي ودولي كبير، فكانت الإنجازات العمرانية حاضرة في المطار والمرفأ والأسواق التجارية، وفي الجسور والطرقات والمستشفيات الحكومية والصروح الجامعية والرياضية. و«رفيق الحريري» الذي كان رجل البناء والسلام والوحدة بين اللبنانيين دون تمييز طائفي، وكان رجل الدفاع عن أرض لبنان وجنوبه وشعبه، وهو الحريص على استقلال وسيادة لبنان ومستقبل أبنائه ومواطنيه المقيمين والمغتربين. يقول فرنجيّة أنه لا يوجد ترف الخلاف مع الأصدقاء، وأنه لا يريد الاختلاف مع حلفائه ولو لم يكن هناك توافق على اسم رئيس الجمهورية. فالمهم بالنسبة للزعيم الماروني بناء البلد ونقله من مكان إلى آخر لأن مستقبل لبنان على المحك، ولأن الأوضاع الإقليمية والدولية انقلبت رأساً على عقب. وعملية القياس التي قام بها «سليمان فرنجية» كناخب رئاسي هذه المرّة وضعت شروطاً قاسية يمكن أن تستبعد جميع الأسماء المتداولة للرئاسة كونها لا تتمتع في حيثيتها المسيحية بنفس الحجم والحيثية التي كانت لدى «رفيق الحريري» في أوساط الطائفة السنية، والذي شكّل زعامة وطنية وتاريخية على مستوى كل لبنان، بالإضافة إلى الحجم والثقل الدولي الهائل الذي طبع شخصية الرئيس الشهيد «رفيق الحريري». هكذا يرفض سليمان فرنجية أن تؤول رئاسة الجمهورية إلى أحد القادة الموارنة ما لم يستجمع قبولاً لدى غالبية المسيحيين، ودعماً استثنائياً من قبل المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الشأن اللبناني لإعادة بناء الدولة والاقتصاد، وهو ما يفتح الباب أمام ترشيح قائد الجيش العماد «جوزاف عون» الذي يحظى بتقدير كبير محلي ودولي، بالإضافة إلى إعلان الزعيم الدرزي «وليد جنبلاط» دعم ترشيحه رسمياً لرئاسة الجمهورية. مع العلم بأنه سبق لفرنجية ان أعلن استعداده لسحب ترشيحه لصالح قائد الجيش في حال تم التوافق عليه بين الكتل النيابية، وبما يتجاوز العقبات الدستورية التي لا تزال قائمة حتى جلسة التاسع من كانون الثاني ٢٠٢٥. فهل يضع حزب الله حُجّته في سلّة فرنجيّة الرئاسية؟ المصدر :جريدة اللواء |