الخميس 16 كانون الثاني 2025 14:27 م |
المجلس الدستوري ابطل الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون المهل الدستورية |
* جنوبيات قرر المجلس الدستوري في جلسة عقدها صباح اليوم في مقره في الحدت، بحضور كامل الأعضاء وغياب القاضي عمر حمزة لوجوده في المستشفى، إبطال الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون المهل الدستورية التي كان قد تقدم بطعن فيه نواب "التيار الوطني الحر" والتي تنص على "تعليق حكما بين تاريخ 31- 3-2022 وتاريخ 30 حزيران 2024 ضمنا، سريان جميع المهل القضائية أمام المحاكم اللبنانية على اختلاف انواعها ودرجاتها والممنوحة لأشخاص الحق العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على انواعها سواء كانت هذه المهل شكلية أو جزائية أو امتد اثرها إلى اساس الحق ،وابطال المادة الخامسة من القانون. كما رد سبب الابطال المسند إلى مخالفة مبدأ فقه القانون ووضوح فيما خص الخلط بين المهل الدستورية والأهل القضائية وتحسين القانون لهذه الناحية بالتحفظ التفسيري واعتبار ان مهل الإجراءات القضائية مشغولة بتعليق المهل القانونية. كما رد سائر اسباب الطعن. وجاء فيه:
"موضوع المراجعة: القانون رقم 328/2024، الصادر في 4/12/2024 (تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية) المنشور في ملحق العدد 49 من الجريدة الرسمية تاريخ 5/12/2024.
1-في السبب المتعلق بآلية التصويت: وحيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي في السياق ذاته أنّ الغاية من نصّ المادة 36 المذكورة هي التصويت على القوانين بشفافية تامة ليكون الشعب مطّلعاً على ما يقوم به نوابه، وهذه المادة تتضمّن قاعدة جوهرية لورود تعبير دائماً في النص الدستوري وقد اعتمدها النظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 78 و85 منه، وحيث إنّ الجهة الطاعنة تدلي أيضاً بأنّه لم يتبيّن من محضر الجلسة التي أقرّ فيها القانون، أنّ الأصول الدستورية المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور قد روعيت في التصويت، فتكون الطريقة التي اعتمدت في إقراره مخالفة للدستور ويقتضي بالتالي إبطاله، وحيث إنّ رقابة المجلس الدستوري، على أي نص تشريعي يطعن به لديه، لا تقتصر على النظر في مدى إنطباق مضمون ذلك النص على الدستور انما تتعداه الى النظر في عيوب عدم الدستورية التي قد تشوب أصول التشريع المنصوص عليها في الدستور أو في القواعد العامة الواردة في مقدمته أو في متنه وهو ما يعرف بالرقابة الخارجية على القوانين، وحيث يتبيّن من مراجعة محضر الجلسة، المرسل إلى هذا المجلس من قبل مجلس النواب، أنّه جرى نقل إقتراح القانون حرفياً مع أسبابه الموجبة في مطلع المحضر، كما جرت تلاوة مواده مادة مادة، ومناقشتها من قبل النواب، والموافقة عليها تباعاً كلّ مادة على حدة برفع الأيدي فنالت كل منها الاكثرية، ثم جرت عملية التصويت على القانون بالمناداة بالأسماء وفق ما يلي:
"القانون المطروح على التصديق بالأسماء- نودي السادة النواب بأسمائهم. أكثرية. الرئيس: صدّق القانون بالأكثرية،
2- في السبب المتعلّق بمخالفة أحكام المادة 18 من الدستور: وحيث إنّ الجهة الطاعنة اكتفت بنقل نصّ المادة 18 من الدستور والفقرة "د" من مقدّمته بدون الإشارة إلى النص الذي تمّ التصويت عليه من قبل النواب أو بيان وجه الإختلاف بينه وبين نصّ القانون رقم 328/2024 بالصيغة التي جرى نشره فيها لإمكان القول بحصول تحريف أو تزوير، وبدون المقارنة ما بين النصين المعوّل عليهما أعلاه وبين وقائع جلسة مناقشة القانون والتصويت عليه في مجلس النواب، لإمكان الأخذ بما وصفته بتزوير الإرادة الشعبية وخرق السيادة، وحيث لم يتبين للمجلس من الاطلاع على محضر مناقشة القانون المطعون فيه في الهيئة العامة، وجود أية مخالفة للمادة 18 من الدستور، ما يوجب رد هذا السبب أيضاً.
3- في السبب المتعلق بتعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة القضائية بعدم استطلاع رأيها.
وحيث إّن المادة /20/ من الدستور تنصّ على ما يلي:" السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاء والمتقاضين الضمانات اللازمة. وحيث إنّ الفقرة "ز" من المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي رقم 150/83 تنص على أنّه من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى "ابداء الرأي في مشاريع القوانين والأنظمة المتعلقة بالقضاء العدلي، واقتراح المشاريع والنصوص التي يراها مناسبة بهذا الشأن على وزير العدل".
وحيث إنّه يستفاد من نص المادة /20/، أن ثمة ضمانات يجب حفظها للقضاة والمتقاضين، من أجل تأمين الإستقلال للقضاة وحفظ حقوق المتقاضين، وإنّ التشريع الذي يمس بهذه الضمانات يكون مخالفاً للدستور،
4-في السبب المتعلق بمخالفة مبدأ فقه القانون ووضوحه وبالتالي مبدأ المساواة: وحيث إنّ الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المطعون فيه تعلّق حكماً بين تاريخ 8 تشرين الأول 2023 و31 أذار 2025 ضمناً، سريان جميع المهل القانونية والعقدية الممنوحة لأشخاص الحق العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها، سواء أكانت هذه المهل شكلية أو إجرائية او جمركية أو امتد أثرها إلى أساس الحق،
وحيث إنّ المادة الثانية من القانون نصّت على الاستثناءات من أحكام التعليق وحدّدت في بندها الأول المهل القضائية التي يترك القانون للقاضي أن يقدرها، وحيث إنّ المهل هي على نوعين: قانونية وقضائية فالمهل القانونية هي تلك التي يحُددها القانون بنصوص خاصة، فلا يجوز للقاضي تعديلها زيادة أو إنقاصاً الا إذا خوّله القانون ذلك، اما المهل القضائية فهي تلك التي يقرر القاضي منحها بحسب تقديره، ويكون له ان يمددها عند الاقتضاء،
وحيث إنّ المهل القانونية المذكورة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون تشمل مهل الإجراءات القضائية، وهي المهل التي يحددها القانون والتي تتناول الإجراءات أمام المحاكم في النزاعات القضائية،
وحيث إن النصوص القانونية تفسر بطريقة تكمل بعضها بعضاً وتؤدي الى إعمالها جميعاً، وحيث إنّه بعد أن استثنى البند "1" من المادة /2/ بشكل واضح وصريح المهل القضائية التي يترك القانون للقاضي أن يقدرها، تكون مهل الإجراءات القضائية مشمولة بالتعليق في المادة الأولى من ضمن المهل القانونية بحيث لا يبقى من مجال للقول بوجود التناقض ويكون السبب موضوع البحث مردوداً.
5- في السبب المتعلق بالمفعول الرجعي للقانون المطعون فيه: وحيث إنّ الاجتهاد الدستوري استقر على اعتبار أنه اذا كان يعود للمشترع أن يعطي مفعولاً رجعياً للنصوص القانونية، الا أنّ مبدأ عدم رجعية النصوص، وان كان يدخل ضمن المبادئ القانونية العامة، فهو لا يرتقي الى مصاف المبادئ الدستورية إلا في ما خص القوانين الجزائية والضريبية في بعض الحالات، وحيث إنّ حق المشترع في وضع هكذا نصوص ليس مطلقاً فهو خاضع لضوابط أهمها عدم جواز التعرض، بمفعول رجعي، لوضع قانوني مستقر يؤمن حقوقاً مكتسبة وضمانات كرّسها الدستور، الا في حال قيام مبرر كاف لاتخاذ هكذا اجراء يكون بدوره مرتبطاً بالمصلحة العامة، وبمعنى آخر، فان الرجعية لا تكون متاحة الا إذا كان دافعها الحقيقي المصلحة العامة، وحيث إنّه من الواضح أنّ القانون المطعون فيه " علق حكماً بين تاريخ 31 أذار 2022 وتاريخ 30 حزيران 2024 ضمناً، سريان جميع المهل القضائية ..."(الفقرة الثانية من المادة الأولى)، وحيث إنّ تعليق المهل على هذا النحو لم يبرر بأية ظروف، ولا توجد على كل حال ظروف استثنائية او مصلحة عامة تبرره، بدليل ان الأسباب الموجبة للقانون المطعون فيه اقتصرت على الإشارة الى الاحداث الاستثنائية التي شهدها لبنان من الثامن من تشرين الأول 2023 والتي حالت بفعل القوة القاهرة المتأتية عنها دون ممارسة الدولة والمواطنين لحقوقهم في خلال المهل القانونية والقضائية والعقدية..."، وحيث إنّه، ومهما كانت الأسباب وطبيعتها التي أملت على المشترع إقرار القانون المطعون فيه، سواء الواردة في الأسباب الموجبة له او تلك التي كانت محل نقاش النواب في الجلسة التي اقر فيها هذا القانون، فإنها لا تبرر تعليق المهل على النحو الوارد فيه وللمدة غير المعقولة التي شملها، ما يحمل على القول بوجود عدم تناسب واضح بين هذا التعليق ومقتضياته من جهة، وصون حقوق المواطنين وحمايتها من جهة ثانية، ويجعل هذا القانون مخالفا للدستور وللمبادئ الدستورية لهذه الجهة، ما يستوجب إبطال الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المطعون فيه.
6- في المادة الخامسة من القانون المطعون فيه:
وحيث إنّه يتبيّن من مراجعة القانون المطعون فيه، أنّ المادة الخامسة منه تنص على ما يلي: وحيث إنّ هذا النص ينطوي على مفعول رجعي يؤدي الى الزام المحاكم بقبول طلبات إعادة المحاكمة بشأن الاحكام المبرمة التي صدرت بتاريخ سابق لتاريخ نفاذ هذا القانون، ما يشكل تدخلاً في أعمال المحاكم، وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات، والذي ينبثق عنه مبدأ استقلال القضاء، المكرّس أيضاً في المادة 20 من الدستور، لا يجيز للمشترع ان يجري رقابته على أحكام القضاء، او ان يوجه اليه الأوامر او التعليمات او ان يحل محله في الحكم في النزاعات التي تدخل في اختصاصه، وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلالية القضاء اللذين يتمتعان بالقيمة الدستورية يمنعان على أي قانون أو عمل اداري، ان يتدخل في عمل القضاء سواء برفع يده عن قضية عالقة امامه أو إلزامه بإعادة النظر في قضية سبق ونظرها، أو إقرار صلاحياته حيالها، أو إلغاء أحكام قضائية مبرمة، ويجعل القاضي بالتالي بمنأى عن تدخلات السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية، وحيث إنّ المادة الخامسة من القانون المطعون فيه تكون بالاستناد الى ما تقدم، مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية ومبدأ استقلالية القضاء ذي القيمة الدستورية ومستوجبة الإبطال. لهــــــــــذه الأســــــــباب يقرّر بالإجماع، أولاً: في الشـــــكل: قبول المراجعة شكلاً.
ثانياً: في الأساس: المصدر :جنوبيات |