يأمل نادي برشلونة الإسباني في التتويج بألقاب الدوري والكأس وبطولة دوري أبطال أوروبا، ولكنه يتطلع في الوقت نفسه إلى تحويل مقره ومدينته الرياضية إلى "سيلكون فالي" رياضي، على غرار المنطقة الأمريكية الشهيرة، التي تضم أكبر الشركات المتخصصة في التقنيات التكنولوجية، وذلك من خلال مشروع طموح يحمل اسم "مركز ابتكار برشلونة".
وهكذا اعتمد برشلونة خطته التكنولوجية والمعرفية، التي من خلالها يهدف إلى أن يصبح مثالاً ونمطاً فريداً في عالم الرياضة، بعيداً عمّا يقوم به النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ورفقاؤه على أرضية الملعب.
وقال ألبرتو سولير، مدير القسم الرياضي والمعرفي في برشلونة: "الناحية الرياضية قد تعطيك أفضلية وميزة أكبر عن باريس سان جيرمان أو مانشستر يونايتد، ولكن لكي نكون مرجعاً عالمياً نحتاج إلى شيء مختلف وهذا هو ما يسعى إليه مركز ابتكار برشلونة، وهو شيء لا يقوم به أحد آخر في هذه اللحظة ولكنه سيكون ضرورياً في المستقبل من أجل أن نكون قادرين على المنافسة".
وبما أنّ التفوق الرياضي بات يعتمد مع مرور الوقت على التفاصيل الصغيرة، بدأ برشلونة يهتم بهذه التفاصيل على طريقة الشركات التكنولوجية الكبيرة في العالم.
وتعتبر الأبحاث والابتكارات التكنولوجية في عالم الرياضة جزءاً رئيسياً في البنية المؤسسية لبرشلونة.
من جانبه، قال خوردي مونيس، رئيس القسم الطبي في برشلونة: "هذه ليست نزوة، ولكنها ضرورة، الفوارق البسيطة هي التي تجعلك قادراً على الفوز وإذا أردنا المحافظة على القمة علينا أن نغذّي الجانب المعرفي وأن نبحث عنه عندما نفتقده".
ولذلك، يقوم برشلونة منذ سنوات برصد تدريباته عن طريق تقنية "جي بي إس" أو التتبع، بالإضافة إلى الاعتماد على المعايير العلمية في تغذية رياضييه والتعامل مع إصابتهم بالتقنيات الطبية الأكثر فاعلية والأقل ضرراً على مستوى العالم.
وأضاف سولير: "ولكي يفهم الجمهور هذا الأمر، يمكننا أن نقول أنّ عمليات التناوب، التي تقوم بها فرق كرة القدم على سبيل المثال تخضع للنظريات العلمية أكثر منها للمبادرات الشخصية، لأنّ تقنية جي بي إس تمنحك كل المعلومات عن الحالة البدنية للاعب وتعطيك تصوّراً عمّا إذا كان هذا اللاعب يحتاج إلى الراحة أم لا".
وتابع: "والآن عندما نبحث عن مدرب، ندرك أنه ليس أي مدرب يمكنه أن يكون مناسباً بالنسبة لبرشلونة، مهما كانت معرفته بكرة القدم، حيث يتعين عليه أن يجيد التعامل مع هذه الأدوات ومع هذه المعرفة، وذلك لأنّ طريقة لعب برشلونة تشترط إجراء تنظيم للأداء، كل شيء يعتمد على طريقة اللعب".
وبالفعل كان جوسيب غوارديولا، المدير الفني الأسبق لبرشلونة، يتبع هذا النهج، كما يتبعه أيضاً في الوقت الحالي لويس إنريكه وسيتبعه في المستقبل المدرب الجديد، الذي سيتولى المنصب بدءاً من حزيران/يونيو القادم.
وكما تعدّ "لا ماسيا" أو قطاع الناشئين في برشلونة مثالاً يحتذى به على المستوى العالم في إعداد اللاعبين الصغار، يرغب النادي الكتالوني في الوقت الراهن في أن يصبح مشروعه الاستراتيجي لإثراء المعرفة الرياضية مرجعاً في المستقبل القريب بالنسبة لباقي الأندية.
وعلى ضوء هذا، يعمل العشرات من الخبراء في إقليم كتالونيا منذ عدة سنوات على هيكلة المعرفة والخبرات، التي اكتسبها النادي طوال تاريخه، الذي يمتد لأكثر من 100 عام، ورصد المناطق والأقسام، التي تفتقد إلى التغطية، والبحث عن حلول للمشكلات في أي مكان ممكن، سواء في الجامعات أو الشركات التكنولوجية أو مراكز الأبحاث.
من خلال ميزانية تصل إلى مليون يورو سنوياً، يسعى العاملون في قسم المعرفة والمعلومات، وهو القسم، الذي يهتم بعدة مجالات سواء رياضية أو تتعلق بالأداء الفني أو الخدمات الطبية والتكنولوجيا والعلوم الاجتماعية، إلى البحث عن طرق للإبتكار في مجال عملهم.
ويعمل نادي برشلونة دائماً على خلق نوع من العلاقات مع مختلف المؤسسات والشركات من أجل خدمة أهدافه ومشروعاته، كما هو الحال في مشروعه الأخير الخاص بقطاع الناشئين والمسمى بـ "لا ماسيا 360".
وقال نادي برشلونة في بيان سابق له: "لدينا في الوقت الحالي 70 مشروعاً يتم تنفيذهم، بعضها يتعلق بإصابات الفخذ والأوتار".
وترتبط مشروعات أخرى داخل العملاق الكتالوني بالارتقاء بالأداء الرياضي أو العمل على انتشار العلامة التجارية للنادي بشكل أكبر، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعدّ سوقاً ذو أولوية كبيرة بالنسبة لبرشلونة.
وأكمل سولير قائلاً: "برشلونة كان أول فريق يحمل الفيفا واليويفا على اقتراح استخدام تقنية جي بي إس وتركيبها في قمصان اللاعبين أو المطالبة بتطبيق التقنيات الجديدة في مجال التحكيم".
وكشف سولير أنّ رابطة الدوري الأمريكي لكرة السلة "إن بي إيه"، أشهر دوريات كرة السلة في العالم، تتعاون مع برشلونة، بالإضافة إلى نادي بنفيكا البرتغالي، الذي قرّر تطبيق جزء من منهج النادي الكتالوني.