"التمديد الثالث لمجلس النواب أمر واقع لا محالة" هذا هو لسان حال الوزير السابق فيصل كرامي الذي يضيف في اتصال مع "النهار" اليوم: "للأسف الشديد لقد وقع المحظور وبات ما حذرنا منه يقيناً لا ريب فيه ولم يعد علينا الا أن نقول: "مبروك لهذا المجلس الكريم التمديد الذي بات قاب قوسين أو أدنى".
ولا يسع كرامي إلا التقليل لا بل الاستخفاف بأهمية الشعار الذي ستشهره الطبقة السياسية الحاكمة لتبرير فعل "الهرطقة القانونية" الذي ستقدم وهو شعار "التمديد التقني ليس إلا". فالعالمون بمندرجات التطبيق الدستوري بإمكانهم الاستنتاج بأن الدستور يخلو تماماً من شيء اسمه التمديد التقني، فالتمديد تمديد مهما حاولنا تجميله كما هو العجز عن استيلاد قانون انتخاب جديد وتقصير عن أداء ما هو منوط بهم مهما حاولت الطبقة إياها أن تزين وتنمق وتجمل واستطراداً تخفي.
ويضيف كرامي: "لتسمح لنا هذه الطبقة السياسية الحاكمة أن نصارحها. لقد تصرفت منذ البداية حيال استيلاد قانون الانتخاب الذي تعهدت العمل لاجله بطريقة ملتوية لا بل عجائبية فيها الكثير من الاستخفاف بعقول الناس، لذا فهي ضاعت عن قصد أو غير قصد بين لاءات ثلاث وضعتها لنفسها عندما قالت لا لتأجيل الانتخابات مهما كانت الظروف ولا عودة لقانون الستين مهما اشتدت الضغوط. وعندما أعلن قسم منها رفضه المضمر للذهاب الى قانون يعتمد النسبية، فكانت النتيجة انها قصرت عن انتاج ما يفضي الى مجلس نواب جديد يفتح الابواب امام تجديد الحياة السياسية. ولم تستطع في الوقت عينه ان تقنعنا بالتبريرات التي تسلحت بها لتبرير هذا الفعل، وبالتالي كان طبيعياً ان تقف موقف المربك والعاجز عن تقديم اجابات منطقية مقنعة لهذا الجمهور العريض الذي يسألها ويلحف في السؤال عن ماذا بعد؟ واستطراداً ما الذي أدته وتؤديه في إطار تداول السلطة والمحاسبة؟".
ورداً عما أشيع في الآونة الأخيرة من أن القوى السياسية على اختلافها توشك ان تتفاهم على "التمديد التقني" لمجلس النواب لفترة محدودة (خمسة أشهر) بغية منح مزيد من الوقت للاتفاق على قانون انتخاب جديد يؤمن أوسع تمثيل، أجاب كرامي بأن هذا الكلام ينطبق عليه المثل المعروف: "عذر أقبح من ذنب"؛ فمكونات الطبقة الحاكمة عجزت منذ عام 2009 أي بعيد انتخابات ذلك العام وحتى اليوم عن التفاهم على إنتاج قانون انتخاب جديد رغم الاجتماعات التي لا تحصى للجان النيابية المختصة واجتماعات القوى الجانبية. فما هو العنصر الذي يمكن أن يستجد أو يطرأ في الاشهر الخمسة المقبلة التي من شأنها ان تفضي الى اتفاق الافرقاء على انتاج القانون الجديد. إنها إذن لعبة بارعة لتضييع الوقت وحرف الأنظار وتغطية العجز والقصور".
ويستطرد كرامي: "على فرض أنهم يعدوننا بإنتاج القانون الجديد، فنحن لا نعتقد أنهم سيسمحون بانتاج قانون جديد من شأنه ان يفتح الابواب والطرق الموصدة أمام التغيير الذي تنشده منذ زمن شرائح وفئات واسعة من المجتمع اللبناني. وبتنا نخشى اكثر من تتمخض جهودهم المنتظرة والموعودة قانون انتخاب على شاكلة هذه الطبقة السياسية الحاكمة يخدم مصالحها في العمق، ومن ثم يؤمن لها التجديد في دست الحكم أو بمعنى اوضح يحاكي طموحاتها في البقاء في رأس هرم السلطة والحكم وفي تبديد فرصة التغيير والاصلاح".
ويضيف كرامي "اعتقد أن اقطاب هذه الطبقة يضعون نصب أعينهم الوصول في خاتمة المطاف الى ذلك الشيء الهجين والعجيب الغريب الذي اسمه "القانون المختلط". وانا سألت وأكرر ليدلني احد ما على بلد واحد في هذا العالم الواسع يجري الانتخابات النيابية على أساس القانون المختلط. إنها بدعة وهرطقة دستورية يسعون الى تكريسها عندنا، ونحن نسأل كيف سينتخب الناس على أساس هذا المختلط ومن ثم كيف ستُفرز الأوراق وكيف ستُحتسب الأصوات؟ وأيضاً كيف سيكون موقف النواب في داخل المجلس عندما يكون بعضهم قد وصل الى المجلس على اساس النظام الاكثري، وبعضهم الآخر عبر النظام النسبي. سبق وأطلقنا على القانون المختلط قانون "سمك لبن وتمر هندي" أي الخليط العجيب غير المستساغ وغير الصحي، والآن نصرّ على هذا التشخيص مهما برروا ومهما زينوا".
ويختم كرامي: "يتذرعون بأن مسألة الاتفاق على قانون جديد مسألة معقدة وشاقة، وانا اعتقد العكس. فالمسألة بسيطة إذا ما صفت النيات وسارعوا الى الالتزام بمضامين دستور الطائف كما هو. ونحن في هذا المجال نتذكر التعبير الشهير للرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي كان دائماً يقول عندما تختلط الامور وتلتبس "طبقوا ما في الكتاب" أي الدستور. ونقول معه اليوم: "طبقوا ما ورد في كتاب الطائف، فتجدون الحل فيه ولا حاجة إلى غيره".