![]() |
الثلاثاء 11 شباط 2025 08:03 ص |
معارك الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا... ملاحقة مهرّبين أم تمهيد لنشر "اليونيفل"؟ |
* جنوبيات ما الذي يحدث على الحدود اللبنانية - السورية في أقصى البقاع الشمالي؟ في المعطيات الميدانية العادية، يمكن وصف الأمر بأنه مجرد إجراءات تقوم بها جهات نظامية ضد عصابات تخالف القانون. وهي حجة قوية بسبب طبيعة الأوضاع القائمة على طول الحدود بين لبنان سوريا منذ عقود طويلة، وإن كانت هذه الحدود أكثر عرضة لعدم الاحترام خلال السنوات الـ15 الأخيرة، نتيجة الحرب الداخلية التي شهدتها سوريا. لكن ثمّة مؤشرات تقود إلى طرح أسئلة عن علاقة ما يجري الآن على الحدود في منطقة الهرمل تحديداً، وما يُخطط له بما خصّ الحدود اللبنانية - السورية ربطاً بالصراع مع إسرائيل، والمساعي الأميركية - الأوروبية لتوسيع نطاق عمل القوات الدولية في لبنان إلى الحدود مع سوريا. وفق المعلومات، ليس هناك حتى الآن أي إطار رسمي واضح للتنسيق بين لبنان وسوريا بشأن وضع الحدود، وباستثناء اتصال التهنئة الذي أجراه الرئيس جوزيف عون بالرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع الأسبوع الماضي، يقتصر التواصل على بعض الأمنيين من الطرفين لمنع تمدد الاشتباكات. وأظهرت الاتصالات التي تحصل منذ أيام أن الجانب السوري يتهم حزب الله بلعب دور في الأحداث، رغم تأكيدات الجيش اللبناني بأن لا وجود لعناصر من الحزب على طول الحدود، وأن الأخير لم يشارك في الاشتباكات التي وقعت أساساً ضمن الأراضي السورية حصراً. كذلك نفى مصدر عسكري لبناني أن يكون الجيش قد وجّه أي ضربات عسكرية، مشيراً إلى أنه قصف بعض مرابض المدفعية التي وجّهت نيرانها بعيداً عن مسرح المواجهة داخل الأراضي السورية. ونقلت قناة «العربية» مساء أمس عن قائد ميداني في «هيئة تحرير الشام»، يدعى مؤيد السلامة، أن «حملة تشنها القوات السورية ضد عصابات تخضع لحزب الله، وأن الحزب بات يشكل تهديداً للحدود اللبنانية – السورية من خلال رعايته لمهربي المخدّرات والسلاح». وأضاف أنه تمّ ضبط شحنات كبيرة من الأسلحة كانت في طريقها إلى لبنان عبر الحدود، مشيراً إلى أن «قواتنا لم تقصف الأراضي اللبنانية رغم أن حزب الله استهدف قواتنا العاملة في المنطقة». نفى الجيش اللبناني أي علاقة لحزب الله بالاشتباكات الجارية بينما اتهمت هيئة تحرير الشام الحزب برعاية المهرّبين وبحسب المعلومات، فإن هناك «قلقاً من أن الأمر لا يرتبط بعملية وقف التهريب». وقالت مصادر مطّلعة إن عمليات التهريب «مفتوحة على طول الحدود اللبنانية - السورية من حدود الجولان المحتل حتى العريضة في الشمال. والجيش اللبناني وبقية الأجهزة الأمنية اللبنانية يملكون الكثير من المعلومات حول معابر تهريب يتجاوز عددها العشرات، وليس 26 معبراً فقط كما يُروّج، وبعضها يسمح بمرور شاحنات كبيرة وليس مجرد سيارات أو دراجات نارية». وأضافت أن الخط الحدودي الممتدّ من المصنع جنوباً حتى عكار شمالاً، «يضم عشرات المعابر وطرق التهريب التي لم تُسجل أي محاولة من الحكم الجديد في سوريا لوقف التهريب عبرها، فيما يقتصر الأمر على المناطق المحاذية لتلك التي يسكنها لبنانيون من الطائفة الشيعية». وتحدّثت المصادر عن «خصوصية ثانية» تتعلق بأن المنطقة السورية المقابلة للهرمل تضم بلدات وقرى ومزارع يسكنها نحو 35 ألف لبناني، غالبيتهم تربطهم علاقات قربى بعدد من العشائر الموجودة في قرى قضاء الهرمل. وأقرّت المصادر بأنه يوجد بين هؤلاء من يقوم منذ سنوات طويلة بأعمال التهريب على أنواعه، كما استفادت عصابات من الأوضاع التي كانت سائدة في سوريا بين عامي 2012 و 2024، ووسّعت من نطاق عملها بالاتجاهين، وبعد سقوط النظام السوري، حصل تراجع كبير في نفوذ هذه الجماعات، وسط أكبر معركة على ما وصفته المصادر بـ«الصراع على تركة النظام في مجال التهريب»، مشيرة إلى وجود تنافس جدّي وكبير وذي طابع دموي بين أقطاب من المهربين اللبنانيين والسوريين، وأن التنافس موجود أيضاً على جانبي الحدود، حيث تجري ملاحقة مهربين في سوريا بسبب قربهم من النظام السابق، كما يتغاضى مهربون لبنانيون عما يجري حالياً، كونهم يراهنون على أن تعطيل خطوط التهريب من منطقة الهرمل سيعزّز العمل في المناطق التي يسيطرون عليها.
رواية محلية من الهرمل: إشكال فردي بأبعاد سياسية
مصادر من عشائر المنطقة أوضحت أنه بعد سقوط النظام السوري، في الثامن من كانون الأول الماضي، «حدثت حملة تهجير واسعة للبنانيين من سكان القرى الواقعة ضمن الأراضي السورية، كان وراءها، بشكل أساسي، فصائل ومسلحون ممن يتحدّرون أساساً من هذه المناطق، بدافع انتقامي من تهجيرهم سابقاً من بلداتهم وقراهم المحاذية للحدود اللبنانية بعد عام 2012». وأشارت المصادر إلى أنه رغم ذلك، تعاملت «هيئة تحرير الشام»، الفصيل الأبرز في النظام الجديد، بـ«مرونة ملحوظة مع من تبقّى من اللبنانيين في هذه القرى، وحاولت احتواء أي أعمال انتقامية. ورغم عدم عودة الأهالي الذين هُجّروا، إلا أن الهيئة تمكنت من ضبط الأمور إلى حد كبير». ورغم الاتصال الهاتفي بين رئيس الجمهورية جوزيف عون والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، بدا أن «هيئة تحرير الشام» مصرّة على حسم الأمر داخل هذه المناطق لمصلحتها، فشن مقاتلوها حملة سيطروا خلالها على جرماش التي تُعتبر خطاً ناشطاً للتهريب، وأدرجت الأمر في إطار حملة لـ«إغلاق منافذ تهريب الأسلحة والممنوعات». وتقرّ مصادر العشائر بأن بعض المناطق المحاذية للحدود داخل الأراضي السورية، «تحوّلت سابقاً إلى مرتع لمطلوبين ومهربي مخدرات وعصابات سرقة السيارات ممن كانت تربطهم علاقات وثيقة بضباط من النظام السابق». وقالت المصادر: «إن ضبط هؤلاء كان مثار ارتياح من قبلنا». غير أن الأمر تعقّد بعدما طاول قصف «الهيئة» بالصواريخ والأسلحة الثقيلة قرى القصر وسهلات المي والزكبا على المقلب اللبناني من الحدود، وكاد أولَ أمس يوقع مجازر بعدما استهدف أحد بيوت العزاء. ورغم إقحام «الهيئة» لحزب الله في الأحداث، إلا أن مصادر أمنية وأخرى محلية أكّدت أن الحزب لم يتدخل في الأحداث، لا من قريب أو من بعيد، بل هو يشارك في الاتصالات السياسية لاحتواء الوضع. وقد تولى جانباً من هذه الاتصالات رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تواصل مع الرئيس عون، وتمّ الاتفاق على نشر الجيش اللبناني على طول الحدود، خصوصاً أن مسار الأحداث يكاد يهدد بانفلات الأمور من عقالها، ومن دخول طوابير أخرى على خطها، لتهجير من تبقّى من لبنانيين في بيوتهم داخل الأراضي السورية، ولحصول أبعاد سياسية على ما يحدث. مصادر العشائر أكّدت أيضاً أن البيانات التي نُسبت إلى عشائر وعائلات وُوزعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي «غالبيتها مفبركة ومشبوهة، وتهدف إلى شدّ العصب في الجهة المقابلة، إضافة إلى إثارة النعرات المذهبية بين عشائر البقاع الشمالي وعشائر عكار والشمال، بما يساهم في تأجيج الفتنة». السيد: حصار للحدود مع سوريا لإكمال الحصار الإسرائيلي جنوباً
تساءل النائب جميل السيد في بيان أمس «عما يجري على حدود البقاع مع سوريا، ولا سيما من بلدة القاع إلى الهرمل، وهل هي خطّة مدروسة أو مجرّد حوادث عابرة؟». وقال: «تحت وطأة الاشتباكات هناك، اكتمل إفراغ القرى الواقعة داخل الحدود السورية التي كانت تقطنها عائلات لبنانية منذ ما قبل الاستقلال إلى اليوم، ويبدو أن الحجة الظاهريّة للحرب المفاجئة هناك هي فلتان الحدود وعصابات التهريب، علماً أنّ الحدود الممتدّة من عكار إلى البحر مفتوحة على غاربها من الجهتين وتشهد قوافل تهريب لكل شيء علناً في الليل كما في النهار بما فيها البشر ذهاباً وإياباً». المصدر :الأخبار |