أعادت الصور الأولى، في أول جلسة للحكومة عُقدت في قصر بعبدا، تصويب العلاقة بين مجلس الوزراء والوزراء، ومسألة الولاء والانتماء والانتاج، بعدما اعترى المشهد نفوراً، اشارت اليه «اللواء» امس، عبر التوقف عند الاجتماع الوزاري الفئوي في معراب، بدعوة من رئيس حزب القوات اللبنانية.
وبعيدا عن صورة الجلسة البروتوكولية الأولى لمجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة الجديدة، كانت مواقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بمثابة البوصلة للوزراء الجدد الذين زودهم بتوجيهات متعددة واضعا على طاولة المجلس أولويات المرحلة المقبلة القائمة على الإصلاح وعودة الثقة.
وامام أعضاء الحكومة الجدد، اعلن الرئيس عون خارطة الطريق لهذه المرحلة والتي صار الوزراء على بيِّنة منها لأنها قائمة اساسا على مضمون خطاب القسم، مضيفا إليها خطوات تنفيذية سريعة لهم ومنها رفع التحصينات والقواطع كل ضمن حدود وزارته.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن رئيس الجمهورية أراد منذ أول الطريق توجيه العمل الحكومي،ولذلك أكد أهمية الإنتماء للدولة وعدم التعطيل وقال إن الوزراء وجدوا لخدمة الناس، مشيرة إلى أن هناك ملفات عاجلة تتم مناقشتها وهو ما قصده الرئيس عون في تعداده البعض منها التعيينات والموازنة والانتخابات النيابية والبلدية في حين انه كرر التأكيد على موعد الانسحاب الاسرائيلي في الثامن عشر من الشهر الجاري.
ورأت المصادر أن في ما خص الملف الإصلاحي فهناك ورشة يعمل عليها انطلاقا من الدعوة الرئاسية لذلك وإنجاز هذا الملف يؤدي مباشرة إلى الدعم الدولي.
اما ديبلوماسيا فبرز طلب رئيس الجمهورية بعدم اتخاذ لبنان منصة لإنتقادات الدول الشقيقة والصديقة على أن يعبر الوزراء عن رأيهم عبر الآليات والقنوات الرسمية.
ولفتت إلى أن موقف رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام حول الشفافية جاء منسجما مع مواقف سابقة له مضيفا إليها دعوته الوزراء إلى فصل عمل الوزراء العام والخاص.
إلى ذلك اعتبرت مصادر وزارية عبر «اللواء» أن الكلام الذي يرافق إنجاز البيان الوزاري حول إمكانية وجود شرذمة أو انقسام حيال المواضيع التي تطرح غير صحيح على الإطلاق وهناك توافق على إخراج بيان يحاكي المرحلة بكل تفاصيلها وموضوع حصرية السلاح بيد الدولة سيتم ترتيبه وفق صيغة متفق عليها، ترتكز على ما خطاب القسم وبيان تكليف الرئيس سلام والذي أشار فيه إلى بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها كافة بقواها الذاتية».
اذاً، بعد تأليف الحكومة انطلق عمل المؤسسات الدستورية بسرعة بعد تشكيل الحكومة،التي عقدت امس اول جلسة لها في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون وبحضور رئيس الحكزمة نواف سلام والوزراء. وشكّل مجلس الوزراء لجنة وزارية لصياغة البيان الوزاري وضمّت اللجنة: الرئيس سلام ونائب رئيس الحكومة طارق متري، والوزراء ياسين جابر وجو عيسى الخوري وغسان سلامة وفايز رسامني. وستعقد اللجنة اول اجتماع لها عند الرابعة من عصر اليوم في السرائيا الحكومية، بعدما بدأ الرئيس سلام إثر انتهاء الجلسة ممارسة مهامه رسميا وعقد اجتماعا مع كبار موظفي السرايا لوضع خطة العمل.
وفي المعلومات: أن البيان الوزاري سينجز بشكل سريع وقوامه حصرية السلاح بيد الدولة وحق مقاومة الاحتلال وفق القوانين والشرائع الدولية، وازالة الاحتلال وتطبيق القرار 1701وانجاز الاصلاحات والتعيينات والانتخابات والنيابية والبلدية.وان الوزيرين متري وسلامة سيقومان بصياغة المسودة وعرضها على الوزراء لمناقشتها.
في بداية الجلسة طلب الرئيس عون الوقوف دقيقة صمت عن ارواح الشهداء. وبعد الجلسة تلا وزير الاعلام بول مرقص المقررات وقال: ان الرئيس عون أوعز الى الوزراء الجدد بأن الانتماء والولاء فقط للدولة وليس لأي جهة ثانية، وسيتم العمل على إصلاح الوزارات وتطويرها في ظل الدعم الدولي وأن على لبنان ان ينهض عبر القيام بالاصلاحات، وتوجّه إلى الوزراء قائلاً أنتم خدّام الشعب وليس العكس ولا تعطيل إنّما بحث مستمّر ونقاش للخروج بحلول.وهذا هو اساس الديمقراطية.
اضاف الرئيس: ما سنعكف عليه هو اصلاح وتطوير الوزارات في ظل وجود الدعم الدولي الكبير الذي تم التعبير عنه امامي، فالفرص كبيرة لاقتناص هذا الدعم متى انجزت هذه الاصلاحات المرجوة.
وتابع: المهم ليس فقط تشكيل الحكومة، بل اثبات الثقة بدءًا بمكافحة الفساد واجراء التعيينات الادارية والقضائية والامنية، اضافة الى التصدي للامور الطارئة راهناً وهي: الموازنة العامة، الانتخابات البلدية والاختيارية، كيفية تطبيق القرار 1701 والتأكيد على الانسحاب الاسرائيلي في 18 شباط الحالي برغم التحديات.
واكد الرئيس عون ضرورة عدم توجيه أي انتقاد للدول الشقيقة والصديقة وأي رسالة لهم تكون عبر القنوات الرسمية وفق الأصول طالباً من الوزراء رفع كل التحصينات والعوائق التي تحيط بوزاراتهم.
وقال مرقص: كما تحدث رئيس الحكومة فطلب من الوزراء الشفافية التامة في عملهم والتفرّغ الكامل لوزاراتهم، ولجنة تشكيل البيان الوزاري ستبدأ عملها خلال أيام والبيان سيكون مقتضباً ومباشراً.
وأكدت على أهميّة الفصل التام بين العمل العام والخاص، ومنعاً لأي التباس، طلب من كافة الوزراء الكرام التفرغ الكامل لعملهم الوزاري والاستقالة من رئاسة او عضوية اية مجالس إدارة لشركات تجارية او مصارف. واوضح ان ذلك لا يشمل بالطبع عضوية الهيئات التربوية او الاجتماعية التى تعمل لصالح المجتمع ككل.
وبعد الظهر أمس، ترأس الرئيس سلام في السراي الحكومية، الاجتماع الأول للجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري، في حضور نائب رئيس الحكومة طارق متري، ووزراء المال ياسين جابر، الثقافة غسان سلامة، وزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني، وزير الصناعة جو عيسى الخوري، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
وجرى البحث في مسودة البيان الوزاري، واتفق على اجتماعات لاحقة بوتيرة سريعة، على ان تعقد اللجنة اجتماعها الثاني عند الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم غد في السراي الكبير.
وفي اطلالة لإلقاء الضوء على تصوره للعمل الحكومي، قال الرئيس سلام في برنامج تلفزيوني: الرسالة واضحة، نحن نريد استعادة ثقة المواطنين الذين عانوا كثيراً من الازمات المتتالية، ما تبيّن لنا أنّ الحكومات كانت شللًا وطنيًّا ما من جهة تحاسبها لذلك عملنا على تعزيز مبدأ فصل السلطات وحيادية الحكومة.
واشار الى انه: لمن لم يشارك في الحكومة حاول فرض معاييرهم عليّ و«التيار الوطنيّ الحر» معياره هو حجم كتلته وكيفية تمثيلها وهذا ما صعّب علي التعامل معهم.
وكشف: كنت أسعى لتشكيل وزارة من غير الحزبيين والاحزاب من اساس الحياة الديمقراطية إنما خوفي كان أن تكون الحكومة ساحة صراعات في حين هناك العديد من المهام أمامنا اليوم.
وقال: إن تأخر تطبيق اللامركزية الادارية ادى الى مطالبة البعض بالفيدرالية، ودعا الى اعادة هيكلية قطاع المصارف لجذب الاستثمارات والاصلاحات المالية لوحدها ليس كافية، داعياً الى وجوب شطب فكرة «شطب الودائع».
ودعا الى استكمال تطبيق الطائف، فهناك مجموعة من الاصلاحات ينص عليها الطائف لم تطبق.
ورداً على سؤال قال: في ما يتعلق بجنوب الليطاني وشماله، وعلى امتداد مساحة لبنان من النهر الكبير الى الناقورة ما يجب ان يطبق هو ما في وثيقة الوفاق الوطني، اي بسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل اراضيها.
وفي الشأن الخارجي، دعا سلام الى حوار مع سوريا حول الملفات، واعتبر ان العلاقات مع الخليج تحتاج الى ترميم.
وقال: هناك مجموعة قضايا بين لبنان وسوريا، منها تثبيت الحدود ولبنان سيكون جازماً في العمل على تثبيت الحدود، ولاول مرة، بعد تغيير النظام في سوريا هناك أفق حقيقي بامكانية عودة اللاجئين السوريين الى سوريا.
وحول مشروع تهجير الفلسطينيين، اكد هذا المشروع لا يواجه الا بالتضامن العربي، ولا حل الا بحل الدولتين والعرب طرحوا ذلك في المبادرة العربية للسلام في بيروت عام 2002.
وتوقع وزير المال ياسين جابر خروج البيان الوزاري خلال ايام، ولكن يكون فضفاضاً، وقال: مبدأ شطب الودائع ليس وارداً، مؤكداً ان الكل يريد ان ينتشر الجيش في الجنوب، وعلينا القيام بكل ما نستطيع لدعم وتقوية الجيش.
في المواقف، اعلن النائب جبران باسيل: نحن معارضون لهذه التشكيلة الحكومية المجحفة، اذ اننا اصبحنا حكماً نشكل المعارضة لهذه الحكومة، ونؤكد انها ستكون معارضة ايجابية بناءة وهادئة، وسنحكم على البيان الوزاري في جلسة الثقة.
تسلم وتسليم في الوزارات
وجرت عمليات التسلم والتسليم بين الوزراء الجدد والقدامى في الخارجية بين الوزير عبد الله بن حبيب وجو رجي، والوزير محم بسام مرتضى وغسان سلامة وبسام المولوي وفادي مكي واحمد الحجار.
ويتسلم وزير التنمية الادارية اليوم مهامه رسمياً من السفيرة نجلا رياشي قبل ظهر اليوم في مبنى الوزارة في ستاركو.
واستمرت ردود الفعل اللبنانية الشاجبة لدعوة بنيامين نتنياهو انشاء دولة فلسطينية في السعودية.
واعتبر الرئيس نبيه بري ان دعوة نتنياهو اقامة دولة فلسطينية على اراضي المملكة العربية السعودية هي بمثابة عدوان مبيَّت وصريح، يستهدف سيادة المملكة العربية السعودية، وتشكف حقيقة السياسة العدوانية الاسرائيلية.
وقال الرئيس فؤاد السنيورة: «إنَّ ما صدر من مواقف وطروحات عن الرئيس الأميركي وعن نتنياهو أمران مُدانان ومرفوضان. فالدولة الفلسطينية لن تكون إلاَّ في أرض الفلسطينيين، وفي وطنهم الوحيد، ولا سبيل آخر لقيام هذه الدولة الفلسطينية في أي مكان آخر، فهي أرضهم وأرض أجدادهم وأرض أجيالهم القادمة».
الجنوب ومشروع الحل؟
جنوباً، تعود نائبة المبعوث الخاص الى الشرق الاوسط مورغان اورتاغوس الى لبنان خلال الايام المقبلة، لمتابعة ملف الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في 18 شباط الجاري، بعد رفض لبنان اي تأجيل بقاء الاحتلال في التلال الاستراتيجية الخمس وهي جبل بلاط وتلال اللبونة والعزية والعويضة والحمامص.
وعاد الحديث مجدداً عن اتصالات تجري لبحث امكانية انسحاب اسرائيل بالكامل من الاراضي اللبنانية يوم 18 شباط، مقابل تمركز بعض قوات من اليونيفل ومن الفريق الاميركي في لجنة مراقبة تنفيذ الهدنة في التلال المشار اليها، مشيرة الى ان البحث ما زال جارياً في هذا السياق.
ونقلت تايمز أوف اسرائيل عن مسؤول أميركي:واشنطن طالبت اسرائيل بالتقيد بالموعد النهائي للإنسحاب من لبنان في 8 شباط.
ميدانياً، تسارعت اعمال التفجير والتجريف والاعتداءات التي يقوم بها جيش الاحتلال الاسرائيلي في قرى الجنوب قبيل انسحابه المقرر يوم الثلاثاء المقبل، وأطلقت قوات الاحتلال المتمركزة في أطراف بلدة العديسة النار باتجاه الأهالي في البلدة.
وسجل إنفجار جسم طائر غريب لم يحدد نوعيته في أجواء جنوب الناقورة، وتردد انه انفجار طائرة درون إسرائيلية فوق مبنى بلدية الناقورة من دون تسجيل إصابات.
ولاحقاً نفذ العدو تفجيرات في الأحراج في أطراف عيتا الشعب، ثم توغلت قوة مؤللة بين موقع الراهب وتلة الحدب في اطراف البلدة وقام الاحتلال بحرق للمنازل في مركبا واطراف طلوسة. وأعمال تجريف وحفر ورفع سواتر عند تلة الحمامص قبالة مستعمرة المطلة.
وبعد ظهر أمس اقدم العدو على هدم بعض المنازل في بلدة مارون الراس. وتفجير في بلدة بليدا.
وسجّل تحليق مسيّرات إسرائيلية في أجواء البقاع الغربي وصولا إلى البقاع الأوسط بشكل متواصل.
ومن جهة ثانية، عثر مواطنون جنوبيون على كاميرات وأجهزة تنصت زرعها العدو في بلدة رب ثلاثين.
الحريري وصل إلى بيروت
وصل الرئيس سعد الحريري الى بيروت، للمشاركة في الذكرى العشرين لإحياء ذكرى استشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد غد الجمعة.
ويزور الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، ويعقد لقاءات سياسية في بيت الوسط.