الأحد 26 آذار 2017 11:46 ص

الشبكة المدرسية لصيدا والجوار كرمت القاضي بعاصيري تقديراً لمسيرته الطويلة في خدمة العدالة


* جنوبيات

برعاية وزير العدل سليم جريصاتي ومشاركة الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري والأسرتين القضائية في لبنان والتربوية في صيدا ومنطقتها ، كرمت الشبكة المدرسية لصيدا والجوار رئيس هيئة التفتيش القضائي السابق القاضي أكرم بعاصيري تقديرا لمسيرته الطويلة في خدمة العدالة ، وذلك في احتفال اقيم في قاعة ثانوية رفيق الحريري في صيدا ، وتقدم حضوره :ممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان ، وزير العدل السابق  شكيب قرطباوي ، مدير عام وزارة العدل القاضية ميسم النويري ، رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، ممثل المطران ايلي حداد الأب جهاد فرنسيس ، ممثل المطران مارون العمار الأب تامر مدلج ، رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو ابو كسم، نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية الدكتور بسام حمود ، منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود وعدد من اعضاء مكتب المنسقية ، ممثل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي عضو المجلس البلدي كامل كزبر،الرئيسة الأولى لمحكمة استئناف لبنان الجنوبي القاضية رولا جدايل ،  النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان ،النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي نبيل وهبي ، وحشد من القضاة والحقوقيين من صيدا والجنوب ، ممثل رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد الركن خضر حمود المقدم محمد زين، ورئيس مكتب مخابرات صيدا العميد ممدوح صعب، ممثل قائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الامن الداخلي العميد سمير شحادة امر سرية درك صيدا المقدم عصام عبد الصمد،  المدير الاقليمي للأمن العام في الجنوب الرائد علي قطيش ، امين سر محافظة الجنوب نقولا بوضاهر، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف،  ممثلة رئيس منطقة الجنوب التربوية باسم عباس رئيسة دائرة التربية في الجنوب سمية حنينة ،رئيس رابطة مخاتير صيدا ابراهيم عنتر ورئيس رابطة ال بعاصيري طارق بعاصيري،السفير عبد المولى الصلح والسيد احمد بك الصلح ، ورؤساء بلديات وممثلو مؤسسات مجتمع مدني من صيدا وجوارها ومدراء مدارس الشبكة المدرسيةوعائلة واصدقاء المحتفى به .  
بواب
بعد النشيد الوطني اللبناني وعرض فيلم توثيقي عن مسيرة القاضي بعاصيري تضمن شهادات من شخصيات واكبته وعايشته ألقى كلمة الشبكة المدرسية منسقها العام نبيل بواب فقال: ربما هي النية الصافية والقيم السامية والفرحة الجامعة لكل اللبنانيين بأن يصادف اليوم عيد البشارة لأمنا مريم سيدة نساء العالمين .حيث تصير المساءات ناسجة أحلامنا المريميّة وحيث نمضي في حدائق السماء النبض نبض العدل والروح روح الحق. سيدي القاضي حضرات المستشارين..هذا الوفاء يبتسم في المرافعة، فأمد نحو العدل كفيّ وأرفع العينين احتراماَ لقوس عدالتكم ، وأصافح في حضرتكم القانون ، سيدي القاضي المكرّم ، حين ينطق العدل حكم الأسماء فأنتم أعلم وأكرم ، وحين ينسج الحرير التقدير بحروف بهيّة وصيدا أهل لها ، الوفاء يليق بالعدل وربما أكثر فهماً له . لقد أعلنت معالي النائب بهية الحريري صيدا مدينة العلم ، واليوم اسمحي لنا حضرة الرئيسة أن نعلن في احتفالية التكريم هذه كرمى لعيون القاضي أكرم بعاصيري ابن صيدا البار صيدا مدينة  العدل ..كل المبادئ والأحكام تقول مرحبا وهذا أنت ، كل المناصب والمراكز توزّع التحايا وهذا أنت كل صنوف الحب وقمر المسايا وهذا أنتم .أأنت أنت وأبجدية الحق في صيدانا قصر عدل ابصرته ليراه كل العالم وليصدر حكماً باسم الشعب .أأنت أنت وعلى محيّاك القسيم قسم، وراحة الضمير ترسم فوق جبينك قيم تبوح بالقاء السلام واكتمال الذمم، هنا النداء وهنا المنادى ولابد للوفاء من ضياء الشمس له موعد وزمان ..ما الذي أعلنه والسر في الجذور وفي الجذور قيم وعائلة ، هنا العدل ماء وزهر ، هنا المدينة مولد وطهر ميثاق وعهد ، ما الذي أعلنه ومرافعتي للتكريم مفتوحة السلام على كفتين ، رئيس هيئة التفتيش القضائي شرفاً القاضي أكرم بعاصيري اسم على منصات  قوس العدالة، ناطق على ملفات الحياة ، النّجاح تصنعه الأسماء الأسماء تصنع راحة الضمير.منذ زمن وشبكتي المدرسية تدرّس ابجدية النظام ، اليوم في حضرتكم للقانون اسماء تحميه، اليوم ندرس في كتابكم الصفات والسمات على رؤوس الأشهاد..ايّها المكرّم اهديتنا عدلاً باسم الشعب اللبناني ونهديك تكريماً باسم الضمير المتفاني ..
جدايل
ثم تحدثت القاضية جدايل فاستعرضت بدورها لمسيرة ومناقبية القاضي بعاصيري وقالت : تبينت عن كثب ان متابعته الدقيقة لملفات محكمة الجنايات وللجلسات التي ترأس فيها لم تثنه يوما عن مواكبة النشاط المتواصل في سائر محاكم الجنوب سواء كان ذلك في قصر العدل في مدينته صيدا ام في صور وجويا وجزين .. وعلمت علم اليقين ان عمله القضائي الصرف لم يحل دون متابعته الدؤوبة لشؤون تلك المحاكم وشؤون مرتاديها من قضاة وموظفين ومحامين واصحاب شأن مراجعين، وادهشني ان الأثر الذي تركه القاضي بعاصيري في جميع ارجاء الجنوب لم يكن الا عطرا فواحا كأريج زهر الليمون الذي يتراقص مع نسمات الربيع عند مدخل مدينته صيدا بوابة الجنوب .. ورحت اغرف من الزاد الذي خلفه المكرم على مدى سنوات عمله القضائي فقرأت في مدرسته كيف يعادل القاضي بميزان الذهب بين صلافة النص القانوني ورهافة الحس الإنساني فيكون عادلا في احتسابه للعقوبة متجردا عن التحيّز والتميز والمراعاة والمسايرة مترفعًا عن المغريات مهما قست عليه الصعاب ومهما اشتدت الضغوط ، همه في كل هذا ان يصدر حكمه باسم الشعب اللبناني بما يرضي الله ويرضي الضمير ..
واضافت : وقد نقل القاضي بعاصيري مدرسته هذه الى هيئة التفتيش القضائي فبات من خلالها المتابع للقضاة وعملهم وشؤونهم وسجونهم وإنتاجيتهم يراقب ويوجه وينبه ويؤنب ويربت على الكتف بمحبة في كثير من الأحيان ويسعى كما الأب الصالح للعقاب عند الضرورة حتى يحفظ للجسم القضائي ما فيه من نقاء ومنعة وصلابة وحتى يدفع عنه في كل حين ما يترصده من مخاطر تلقائية كانت ام مدبرة .. واليوم اذ نحتفل بتكريم ابن صيدا البار الرئيس القاضي أكرم بعاصيري فإننا نحتفل بتكريم كبير من بلادي اختار محراب العدالة ملاذا له في حياته يعطيه عدلا ويرتشف منه راحة بال وضمير .فإليك يا ريس أكرم كل التقدير والاحترام باسمي الشخصي وباسم جميع زملائي القضاة العاملين في محافظة الجنوب وباسم جميع المساعدين القضائيين في محاكم الجنوب الذين ما زالوا حتى الْيَوْمَ يكنون لك كل محبة واخلاص ووفاء ويرون فيك مثالا للأب القائد المعلم ...
الحريري
   وتحدثت النائب الحريري فرأت "أنّ تقدّم المجتمعات واستقرارها لا يقوم إلاّ على أساس العدالة والحرية وأن العدالة هي توأم الحرية وقرينتها مما يجعل حدود الحرية عند احترام حرية الآخرين". وقالت"إنّ التوازن بين الحريات والخصوصيات لا يستقيم إلاّ بالعدالة تلك العدالة الضامنة للحقّ في الحرية والحقّ في التّفكير والحقّ في الإعتقاد والحقّ في العيش بسلام وحقّ احترام ملكية الأفراد وحقّ المجتمع  بالسّلامة والإستقرار..وان تحقيق تلك العدالة يحتاج دائماً إلى روّاد قادرين على الفصل بين الخاص والعام والقدرة على التّمييز بين الحقّ والباطل والظالم والمظلوم والمعتدي والمعتدى عليه والإنتصار للحقيقة مهما  كانت التّضحيات أو التحديات. وإنّ صيدا تعتزّ بإبنها البار القاضي المكرّم والكريم أكرم بعاصيري الذي كرّس حياته لأنبل المهن ونجح في أصعب المهمّات وتجرّد عن كلّ تأثير شخصي أو إجتماعي أو سياسي، وحكم دائماً بما يمليه عليه علمه وضميره وأخلاقه ، ولم نكن بحاجة مع القاضي الفاضل أكرم بعاصيري لأن نسأل عن هذه القضية أو تلك لأنّنا كنّا على ثقة بأنّ القاضي أكرم بعاصيري حريص على تحقيق العدالة في كلّ المحاكم والمواقع الرفيعة التي تولاها ..وإنّنا نعتبره قدوة لكل أبناء صيدا من القاضيات والقضاة وكلّ العاملين في حفظ حقوق المواطنين والذين يشعرون اليوم وكلّ يوم بضرورة  إستقلالية القضاء ورفعته لكي يشعروا بشيء من الطمأنينة  لأنّ في حماية القضاء واستقلاليته تحصيناً للتّجربة الوطنية اللبنانية .. وحماية لمجتمع الحرّيات الذي يتمسّك بقيمه كلّ اللبنانيين بدون إستثناء ..
وتوجهت الحريري بالشّكر والتّقدير لوزير العدل سليم جريصاتي على حضوره ورعايته للتكريم، والى الشّبكة المدرسية لصيدا والجوار على مبادرتها وحسن تنظيمها لهذا الحفل ، والى القاضي بعاصيري وعائلته ،عقيلته وأولاده بخالص التّقدير والإحترام لما قدّمه للعدالة في لبنان ..
السنيورة
ثم تحدث الرئيس السنيورة فقال: نجتمع هنا اليوم لتكريم رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي أكرم بعاصيري لمناسبة بلوغه السن القانونية وإحالته على التقاعد. إنه الرجل الذي عُرِفَتْ صفاته وخصاله لدى العامة والخاصة، ليس فقط في مدينة صيدا أو في سلك القضاء فقط، بل في كل مكان حل به وعمل فيه. وهو النزيه والقدير والملتزم والدقيق، الذي تبوأ مناصبه القضائية عن جدارة واستحقاق فكان الأمين على شرف مهنته وعنوان الالتزام بواجباتها. وهو طوال مسيرته في سلك القضاء قد امتاز بالهدوء والاعتدال وحسن الاصغاء ومناصرة الحق والعدل، وكذلك بالشجاعة في قول الحق، والحفاظ على كرامة القضاء والحرص على إبقائه مصوناً وموقراً وموثوقاً، مدفوعاً إلى ذلك بسلوكه الرصين، والملتزم.بطبيعة الحال، فإنّا نحن في مدينة صيدا نعتز بهذا الرجل وبتجربته الغنية والرصينة وكذلك بالقيم التي جسدها طوال تاريخ عمله المهني في سلك القضاء. وأود أن اغتنم هذه المناسبة للحديث عن أهمية الموقع الذي شغله القاضي أكرم بعاصيري وهي هيئة التفتيش القضائي، وبالتالي الحديث عن قضية ممارسة الرقابة والمحاسبة على أساس الأداء في مجال إدارة الشأن العام. هذا الدور الهام وتلك المهمة الجليلة للرقابة ينبغي القيام بها بشكل دقيق وصحيح ومسؤول لكي يتوفر على أرض الواقع جانب هام من متطلبات وجود الإدارة الرشيدة، أكان ذلك في القضاء أم خارج السلك القضائي وفي شتى مجالات الإدارة العامة. هذا يأخذنا بالطبع إلى الإقرارِ بحقيقةٍ ساطعةٍ وهي أنّ الاعتماد على الرقابة وحدها لا يكفي. فالقاعدة الذهبية في علم وفنّ الإدارة أن الرقابة ليست بديلاً عن حسن الإدارة. وفي الحقيقة، إنّ العمل الرقابي وحسن أدائه يأتي ليكون مكملاً لحسن الإدارة من أجل التحقق من حسن الأداء. إنّ موروثَنا الثقافيَّ في هذا الشأن والذي سمحت لنفسي بتعديله جزئياً يقول: "أعطِ خبزك للخبّاز وراقبْهُ حتّى لا يأكلَ نصفَه".ففي البداية، يأتي وفي الأولوية اختيار الإدارة ذات الكفاءة. فإذا لم تتوفر الادارة الكفؤة والماهرة والجديرة والحيادية التي ولاؤها للدولة وللصالح العام وغير المستتبعة من قبل الأحزاب والميليشيات والطوائف والمذاهب، فإنه لا يمكن أن يستقيم حال الإدارة. وبالتالي لا تستطيع تلك الإدارة أن تقوم بعملها بشكل كفؤ وفعال. وفي المحصلة لا يحصل المواطنون على ما يسمى بالإدارة الرشيدة.
وأضاف: وعلى ذلك، فإنّ الأمر يجب ان يبدأ بالاختيار الصحيح والتنافسي للأشخاص المناسبين على اساس الجدارة والكفاية والمؤهلات والاستحقاق لشغل المناصب العامة. يأتي بعدها تحديد البرامج والأساليب التنفيذية وقواعد الإنجاز. بعد ذلك تكون المحاسبة على أساس الاداء وهي العملية التي يجب أن تكون مرتبطة باعتماد المعايير والمؤشرات الصحيحة والوسائل الحديثة لإجراء الرقابة على أساس قياس مستويات الاداء، وذلك بناء لمعايير كمية ونوعية محددة. إنه مع التمسك باعتماد هذه الأساليب والالتزام بهذه القواعد والمعايير نكون عندها قد بدأنا حقيقة في تصويب بوصلة الادارة ووضعنا قضية إدارة الشأن العام على المسارات الصحيحة بما يسمح بالتقدم باتجاه أن تكون لدينا الادارة الرشيدة والمسؤولة للدولة بإداراتها ومؤسساتها العامة، والحريصة على أن تكون رشيقة وفعّالة منتجة غير مترهلة وغير مكلفة.من هنا، فإننا نؤمن بأهمية المحاسبة على أساس الإداء بقوة وعدل لجميع الذين يقومون بمهام إدارة العمل العام وعلى مختلف المستويات. كما نؤمن بأهمية المتابعة والمثابرة في عملية المحاسبة وذلك لتحفيز جميع المعنيين من أجل الوصول الى أفضل المستويات في الأداء الوظيفي العام. ذلك بما يجعل من الممكن تقدير ومكافأة الإسهامات الإيجابية التي يحققها العاملون في إدارات ومؤسسات الدولة، بحيث يتم عندها مكافأة المنتج والمجلّي ومعاقبة المقصر والمهمل.وهنا أحب أن أعود إلى وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمالك الأشتر، حين عيّنه والياً على مصر فقد كتب له قائلاً: "ولا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ والْمُسِيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لأَهْلِ الإحْسَانِ فِي الإحْسَانِ، وتَجْرِيئاً لأَهْلِ الإسَاءَةِ عَلَى الإسَاءَةِ".
وتابع : في العودة الى واقعنا اللبناني وأنتم أيها الإخوة والأخوات تعيشون وتتابعون التطورات التي تحدث وتحظى باهتماماتِكم واهتماماتِ الرأي العام في هذه الفترة، ولاسيما في قضية درجنا على ان نسميها سلسلة الرتب والرواتب وتطوير وتحسين الأوضاع المعيشية والمالية للعاملين في الدولة في شتى الاسلاك. وهذا أمر كما أعتقدُ وأؤْمنُ بات ضرورةً ملحةً لا يجوزُ التراجُعُ عنه. لكنْ في الوقت عينه علينا ان نتصارح ، في الوقت عينه يجب أن يترافق ذلك مع اعتماد إجراءات مالية تصحح جزءً من الخلل المالي والعجز المتفاقم في الموازنة والخزينة من أجل ضمان الاستقرار الضروري لتحقيق النمو والتنمية المناطقية المستدامة. ليس ذلك فقط، بل وأيضاً مع اعتماد برنامج إصلاحي جدي يتضمن إجراءات شجاعة على أكثر من صعيد وطني وسياسي واقتصادي ومالي وإداري وبما يشجع على الانتاجية. بما في ذلك العودة الانتظام في المالية العامة والانضباط في جباية حقوق الدولة ووارداتها من جميع مرافقها وضبط التفلت في الإنفاق العام ووقف الانفاق الإرضائي، بما يلجم العجز في الموازنة والخزينة. ذلك بما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي والتنمية المناطقية وعلى حركة الاستثمار وعلى فرص العمالة الجديدة للشباب وعلى الوضعين المالي والنقدي. وكذلك أيضاً على كفاءة وحسن تأدية وتخفيض كلفة الخدمات التي يدفع ثمنها اللبنانيون ولكنهم يتوقعون بالمقابل من الدولة اللبنانية ومن العاملين والقائمين على إدارة جميع مرافقها ومؤسساتها اداءً متميزا ومتحسنا باستمرار.
وقال: نحن في لبنان، لم يعد بإمكاننا التقدم من دون التزام ينعكس باعتماد برامج جدية وحقيقية في مجال الإصلاح والتطوير والتلاؤم مع التحولات والمتغيرات الجارية عندنا ومن حولنا وفي العالم. وهذا امرٌ كان يجب أن ننجزه سابقاً وقبل سنوات طويلة. والحقيقة المؤلمة أنّ تلك التوجهات والبرامج الإصلاحية التي وضع أكثرها وقُدِّمَ مرات ومرات في السابق حالت دون تنفيذه وتحديداً على مدى العقدين الماضيين قوى واعتبارات مختلفة. ذلك مما ضيّع على اللبنانيين فرصاً ذهبية نادرة كان ممكناً لهم خلالها مباشرة الإصلاح والتلاؤم الصحيح في الوقت والاندفاع المناسبين، والذي كان يمكن لو حصل ان يتيح للبنان واللبنانيين تحقيق نقلة نوعية في معالجة شؤونهم الوطنية والعامة. حال التقاعس والتردد وعدم المبادرة الذي ساد أدى عملياً إلى حال الارتباك والتخبط التي نعاني منها اليوم في عملية مواجهة هذا الكمّ الكبير من التحديات التي أصبحت تدق أبوابنا وبحدة في هذه الأيام.لم يعد من الممكن ان نستمر في التصرف اللامسؤول وبدون أي روادع في إدارة شأننا الاقتصادي والمالي والإداري. لم يعد ممكناً ان نستمر هكذا دون العمل على رفع مستوى وكفاءة وفعالية إدارتنا للشأن العام، ودون التحسب للنتائج، ودون التنبه للمخاطر القائمة والكامنة.
واضاف:إنّ قواعد القيام بالإصلاح تقضي بأن تبادر إليه الحكومات عندما تكون بحاجة إليه ويكونُ بإمكانها عند ذلك القيامُ به. وبالتالي لا تؤجِّلُهُ إلى الوقت الذي تُصبحُ فيه مجبرةً على القيام به بفعل التحولات والتطورات المتسارعة. لأنه عندها يكون القيام بالإصلاح أمراً أكثر كلفة وأكثر إيلاماً. والحقيقة المؤسفة أن هذا ما أصبحنا عليه. وهذا ما آلت إليه أمورنا الآن في لبنان..الآن وإنْ كنا قد تأخَّرْنا أو تقاعسنا فذلك لا يعفينا من مواجهة إلحاح الحاضر لضرورة المبادرة إلى العودة إلى سلوك درب الإصلاح المطلوب من دون أي تأخير أو تردد أو تلكؤ بسبب دقة وخطورة الأوضاع التي نعيشها في هذه الفترة الحرجة. وقناعتي أنّ ذلك ليس مستحيلاً، فقط المطلوب توفر الإرادة والالتزام والشجاعة والمبادرة والمثابرة. هذه المسيرة المظفرة يجب ان تتساوق مع جهد حقيقي من أجل التقدم على مسارات اعادة الاعتبار والاحترام للدولة اللبنانية ولسلطتها الكاملة غير المنقوصة والعادلة على جميع الأراضي اللبنانية.
وخلص الرئيس السنيورة للقول:نتمنى لقاضينا المكرَّم كل الخير في مرحلة نشاطه الجديد والمتجدد. فلبنان بحاجة إلى خبرته وعطائه في مجالات يمكن له ان يكون فيها مميزاً ومفيداً. ونحن لا يسعنا الآن إلاّ أن نعبّر له وبعد هذه المسيرة المشرِّفة في القضاء عن أملنا أن يستفاد من تجربته الراقية والناجحة لتكون قُدوةً لغيره من القُضاة ولأهل القانون الآن وفي المستقبل.شكرا لمعالي الوزير على وجوده وشكرا للشبكة المدرسية لمبادرتها تكريم هذا القاضي النزيه . انا على ثقة باننا ستشهد كمن اكرم في المرحلة القادمة كثيرا من المبادرات ونحن سنكون الى جانبه
جريصاتي
وتحدث الوزير جريصاتي فقال : يحضرني وانا في صيدا الْيَوْمَ امران الاول كأنسان والثاني كمسؤول ، كأنسان اولا دعوني أقول بلا تزلف اني عندما ارى رئيس الحكومة التي لي شرف ان أكون عضوا فيها ينحني لتقبيل يد السيدة البهية الفاضلة اعرف أني الْيَوْمَ في ضيافة الأصالة ، اما المسؤول فيقول انه يحضرني الْيَوْمَ ان شهداء أربعة للقضاء سقطوا في قصر العدل في صيدا وأنهم انتقلوا من ضفة عدالة البشر المنقوصة الى العدالة الإلهية التي لا تسموها عدالة ...
واضاف:أن يكرم أحدنا قاضيًا أنهى خدمته في سلك الرسالة القضائية هو أمرٌ يدعو بذاته الى تشريف المكرِّم قبل أن يكون تشريفًا للمكرَّم، ذلك أن رسل العدالة هؤلاء، على أمثال الرئيس أكرم بعاصيري، أعطوا القضاء جلّ حياتهم، في شبابهم وشيبهم، وما يخلوا يومًا عن العطاء المجرد، وما حسبوا حسبةً سلطويةً أو مصلحيةً أو منفعيةً، تقيهم غدر الزمن.إن الرئيس أكرم بعاصيري غنيٌ عن التعريف وحرّي بالتكريم، ذلك أنه من طينة الرجال الذين خبروا القضاء من أقواس المحاكمة وقاعات المساءلة، فلم يغب عنه يومًا الهم القضائي، على أقله من زاويتين : ضمانة المتقاضي وضمانة القاضي، وهما ضمانتان دستوريتان بإمتياز، على ما تنص عليه المادة 20 من الدستور.إن اللافت في مسيرة هذا الرجل دماثة خلقه وصفاء ذهنه وحزم إرادته في آنٍ، حتى تكاد مخملية أخلاقه تخفي صلابة شكيمته.يؤسفني أن يكون هذا الرجل قد خرج من القضاء بالتزامن مع دخولي الى وزارة العدل، بالرغم من أني عرفته عن كثب من قبل، وعهدت فيه هذه الميزات، وأنا أقف على المقلب الآخر من العدالة، محاميًا منتسبًا الى نقابة المحامين في بيروت.لن أتعهد بما لا أملك، ولكني أعد نفسي بأن أكون الى جانب هذا الرجل في حال قدّر له يومًا، وهو في منصب الشرف، أن يكون مدعوًا الى العودة من جديد الى رسالة العدالة من باب آخر.
وخلص جريصاتي للقول: إن العطاء لا ينضب، بل يزد زخمًا وغنًى مع تراكم الخبرات والتجارب، فكيف لو إجتمعت كل هذه العناصر في مسيرة واحدة ورجلٍ واحد.اعرف ايها الرئيس ان النجوم ثوابت لا يقضي لهن افول . فباسمي اشكر الشبكة المدرسية والسيدة الفاضلة بهية وحضوركم الكريم .
بعاصيري
وفي الختام تحدث المحتفى به القاضي بعاصيري فقال:هاأنذا في مدينتي الحبيبة صيدا رفيقة البحر والتاريخ العريق قلعة البطولة والعنفوان رمز الوفاء والانفتاح والمروءات ، وأم الشهداء الذين سقطوا قافلة بعد قافلة دفاعا عن الوطن والعروبة والقيم العليا . ومن قوافلهم تلك الكوكبة من الرفاق القضاة الذين في الثامن من حزيران عام 1999 طيبوا بدمائهم الزكية تربة هذه الأرض وتربة العدالة يوم هووا على قوس المحكمة ورؤوسهم مرفوعة واقلامهم مغمسة بحبر الحق . وهاأنذا اشعر بأنني مكرم بما انتم عليه من كرامة واصالة يا ابناء مدينتي وجوارها العزيز ، ويا اهلي وبني قومي . قبل ان ادخل في المعترك العملي زدتموني بالشيم والشمم وبالطموح والتطلع الى العلى . وكنت كلما صادفتني عثرة في الطريق اتذكر انني من قوم لا تثنيهم الصعاب عن متابعة الدرب وتحقيق الرسالة .
واضاف: وبعد، فان بيني وبين القضاء عقودا وعهودا. اما العقود فخمسة ، ستة واربعون عاما ونيف افنيتها في خضم المسؤوليات القضائية .. من مستشار لدى محكمة استنئاف لبنان الجنوبي الى رئيس لمحكمة استئناف النبطية فرئيس لمحكمة اسئتناف الجنوب ومنها الى رئاسة محكمة جنايات جبل لبنان وبعدها رئيسا اول لمحكمة استئناف لبنان الجنوبي حتى تبوأت في نهاية المطاف رئاسة هيئة التفتيش القضائي .. وأما العهود التي قطعتها على نفسي من بدء ممارسة مهماتي القضائية فهي ألا اميز ولا انحاز ولا اتخاذل ولا اخشى سلطاناً بغياً .. وان اقدم الصالح العام على المنافع الخاصة وألا امل العطاء حتى وان كان المقابل شحيحا . وان تبقى الكف ناصعة كما علمنيه اهلي وان ارعى حرمات القضاء ومهاباته واحفظ الواح وصاياه وان اضم جهدي الى جهود العاملين في سبيل استقلاله فعلا لا قولا . وكم انا مطمئن الى ما فعلته لا لأنني قمت بواجبي تجاه القضاء وتجاه الناس فحسب بل لأنني اقدمه هدية لأولادي يفخرون بها .. اجل .. ان تكون قاضياً بكل ابعاد الكلمة واعماقها فهذا يعني انك تقدم لمن تحب ولمن رسمت لهم الدرب هدية اين منها المال وكل اغراءات الدنيا.
وتابع: دار في خلدي وراودني وانا اتهيأ لمغادرة قصر العدل حلم حلمناه على امتداد العمر القضائي وهو استقلال القضاء . يتحدثون عنه ولا يحققونه ، يتغنون به ويطعنونه ، يرفعونه شعارا ثم يعملون على اسقاطه !.وتقولون لماذا لا يكون القاضي مستقلا حتى ولو لم يتحقق استقلال القضاء كمؤسسة ؟. ما هو صحيح ولازم ، استقلال المؤسسة واستقلال القاضي معا ، وان اي خلل في احدهما يرتد سلبا على عمل القضاء . انني في هذه المناسبة احيي معالي وزير العدل البرفسور سليم جريصاتي واطلب منه بالحاح الصديق والرفيق في معركة الاستقلال القضائي ألا يوفر جهدا ، بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى وسائر المسؤولين في سبيل اصدار التشريعات وسد كل الثغرات التي لا تزال تمنع تحقيق الاستقلال المنشود.
وقال: فور احالتي الى التقاعد ، سألني صديق عزيز ، عليم بأحوال القضاء ، كيف اقوم وضع قضائنا من خلال تجربتي كرئيس لهيئة التفتيش القضائي مدة تجاوزت السنوات الست . عن هذا السؤال اجيب صديقي وابوح امامكم بكل موضوعية وشفافية ان القضاء اللبناني لا يزال بخير رغم شوائب تعتريه ورغم حالات خاصة غير مطمئنة تشكل الشواذ لا القاعدة . اجل ، لا يزال القضاء يحتاج الى عمل كثير ودؤوب وطويل النفس حتى يصبح بأفضل الأحوال. لقد قمنا بالواجب في حينه وتصدينا لحالات فساد نادرة جداً ، واتخذنا الموقف المناسب. وعندما تبين لنا ان من اسباب التأخر في اصدار الأحكام تضاؤل نشاط البعض وتراخيهم عن القيام بوالواجب تصدينا للمشكلة واحلنا عددا وفيرا من الزملاء الى المجلس التأديبي الذي اصدر بحقهم العقوبات الملائمة واثر ذلك تحسنت وتيرة العمل القضائي . . ان المسؤولين العدليين وانتم في طليعتهم يا معالي الوزير ، وان مجلس القضاء الأعلى الذي كان لي شرف المشاركة في مهامه الجلى ، وان هيئة التفتيش القضائي .. انكم جميعا مدعوون الى متابعة السهر بل متابعة اليقظة حتى تضمحل الشوائب وينتظم العمل القضائي بما يرضي الضمير ويحظى بثقة الناس .
وختم بعاصيري بتوجيه الشكر للوزير جريصاتي على رعايته والنائب الحريري والشبكة المدرسية على مبادرتهم والحضور وتوجه الى عائلته بالقول : وعائلتي زوجة واولادا اعزاء ، انا اعرف كم ان الملفات والمسؤوليات سرقت اوقاتا كان ينبغي ان تكون مخصصة لهم .. ولكنني عوضت بمحبتي الكبيرة وهم يعرفون ذلك .
التكريم
بعد ذلك جرى تكريم المحتفى به بعاصيريفقدم له الوزير جريصاتي درعا تكريمية بإسم وزارة العدل وقدمت له النائب الحريري درع التربية والتعليم والشبكة المدرسية فيما قدم له المختاران محمد بعاصيري وإبراهيم عنتر درعا تكريمية باسم أهالي صيدا .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر : جنوبيات