يعاني الجميع من آثار الصوم خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، حين يتخلى الجسم عن مجموعة من العادات الغذائية (مثل شرب القهوة أثناء النهار ووجبة الغداء)، وهذا ما قد يسبب للكثيرين مشاكل في الأيام الأولى، كالجوع المفرط، والصداع، والصداع النصفي وآلام المعدة.
وعشية استقبال الشهر الفضيل، يمكننا تجنب الكثير منها، من خلال تحضير الجسم بشكل صحيح عبر إجراء تغييرات صغيرة للتعود على الصيام.
الباحثة يارا حسين، تحمل شهادة دكتوراه في تكنولوجيا الغذاء والصناعات الغذائية تقول: "في الأسبوع الذي يسبق بداية شهر رمضان، يُنصح بزيادة كمية الماء المتناولة لضمان بقاء الجسم في حالة ترطيب مثالية، فمن الضروري شرب مقدار لترين ماءً يومياً، ما يساعد على خفض حدة الجفاف الذي سيواجهه الجسم أثناء الصيام، خاصة في الفصل الحار".
أما بالنسبة لاستهلاك الطعام فيُنصح بعدم الإفراط في الطعام، والبدء بتقليل الكميات المتناولة لجعل الجسم يعتاد على تناول طعام أقل وسعرات حرارية أقل.
كما يُنصح بالتعود على عدم تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات (سناك)، وتناول 3 وجبات رئيسية فقط (الإفطار والغداء والعشاء)، وهذا يعتبر خطوة انتقالية يعقبها إلغاء وجبة واحدة فقط، لتعويد الجسم على تناول وجبتين كما في رمضان، ويقلل من الشهية ويجعل الصيام أكثر سهولة.
وبما يخص وجبة الإفطار، يُنصح بالتعود على تناولها مبكراً بعد الفجر، والذي من شأنه أن يساعد في تعديل وقت النوم والتعود على الاستيقاظ مبكراً، بما يتماشى مع الاستيقاظ مبكراً، وتناول وجبة السحور خلال شهر رمضان.
ويُنصح أيضاً بدءاً من الأيام التي تسبق بداية شهر رمضان الاهتمام بنوعية الطعام المتناول وليس فقط الكمية المستهلكة.
فيُنصح بتعويد الجسم على تناول الأطعمة الصحية كالأسماك، والخضروات، والفواكه، والمكسّرات، والأطعمة التي تحتوي على كربوهيدرات معقدة (خبز الحبوب الكاملة)، والتي تملأ المعدة دون أن تثقلها.
كما أن هذه الأطعمة تمد الجسم بالطاقة لفترة أطول، وتقي من الهبوط المفاجئ لمعدلات السكر خلال النهار، وتجنب الأطعمة غير الصحية كالأطعمة الدسمة والمقلية والحلويات، التي تتطلب مجهوداً إضافياً لهضمها، وتزيد الشعور بالجوع بعد فترة قصيرة من تناولها لذلك يُنصح بالحد منها.
كذلك يُنصح بعدم الإكثار من الملح، عند تجهيز الوجبات الصحية، حتى يعتاد الجسم على استساغة الطعام بكمية ملح أقل قبل شهر رمضان، لأن الملح الزائد في رمضان يزيد من الشعور بالعطش والحاجة لشرب المزيد من الماء.
خلال الأيام الأولى من رمضان، يعاني محبو القهوة والمشروبات الأخرى، التي تحتوي على الكافيين (الشاي بأنواعه، المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة)، من أعراض انسحاب الكافيين وما يرافقه من صداع شديد.
ويحدث هذا لأن الكافيين يتسبب في تضيق الأوعية الدموية في الدماغ، وعند عدم تناوله تتسع هذه الأوعية بشكل مفاجئ مما يؤدي لتدفق كميات أكبر من الدم إلى الدماغ، مسببة الإصابة بالصداع وغيره من أعراض الانسحاب.
من أجل تفادي ذلك يجب البدء قبل رمضان بالتقليل تدريجياً من الاستهلاك اليومي للكافيين.
وعلى سبيل المثال، تخفيض عدد فناجين القهوة المتناولة من 3 يومياً إلى فنجانين ثم فنجان.
وفي مرحلة لاحقة يمكن استبدال القهوة الغنية بالكافيين، بقهوة منزوعة الكافيين، حتى يتم التوقف عن تناولها تماماً.
كما يُعاني المدخنون من الأعراض الانسحابية للنيكوتين مثل: التهيج والغضب والأرق ونفاد الصبر، وصعوبة التركيز أثناء ساعات الصيام، لأن النيكوتين يزيد من إفراز مواد كيميائية في الدماغ تسمى الناقلات العصبية (الدوبامين) والتي تساعد في تحسين المزاج والسلوك.
من أجل تجنب ذلك لا بد من تقليص عدد السجائر المستهلكة تدريجياً أثناء النهار، لتقليل ما سيحدث عند الصوم وقد تكون فرصة للإقلاع عنها نهائياً.
وتعتبر أيام الصيام التطوعي - أي البدء بالصيام قبل رمضان - أفضل طريقة للاستعداد لممارسة الصيام في رمضان.
فصيام بعض الأيام بشكل متقطع في شهر شعبان، يساعد الجسم على التخلص من بعض السموم، خاصة إن ترافق ذلك مع ممارسة النصائح المذكورة آنفا، مما يُهيئ الجسم ويجعل الصيام في شهر رمضان أسهل.