الأحد 2 آذار 2025 07:19 ص

"نبض الحياة" زيلينسكي كسر الجرة مع ترامب!


* جنوبيات

سابقة خطيرة في العلاقات الديبلوماسية العالمية شهدها البيت الأبيض الأميركي أول أمس الجمعة 28 شباط/ فبراير الماضي، في المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيس دونالد ترمب وضيفه الاوكراني، فولوديمير زيلينسكي، حيث احتد النقاش على الهواء أمام وسائل الاعلام بين الرجلين، بعد رفض الأخير التوقيع على وقف إطلاق النار مع روسيا الاتحادية دون الحصول على ضمانات أمنية، مما دعا الأول الى القول "عليك التوصل الى اتفاق والا سننسحب". وأضاف الرئيس الأميركي بحدة "تصريحاتك تفتقر بشدة الى الاحترام." مما فاجأ الرئيس الاوكراني من الطريقة الفجة، التي خاطبه فيها مضيفه سيد البيت الأبيض، وتابع "وأنت لست في موقع لفرض إملاءات علينا، جنودك يتناقصون، وأنت تخبرنا أنك لا تريد وقف إطلاق النار."

وأردف قائلا: ما تقوم به يظهر قلة احترام للولايات المتحدة، بلادك في ورطة، وأنت لا تنتصر في الحرب." وحينها دخل نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس على خط المشادة الكلامية العاصفة، وقال "من قلة الاحترام أن يأتي زيلينسكي الى البيت الأبيض ويجادل أمام وسائل الاعلام الأميركية.  

ولم يقف زيلينسكي صامتا أمام الرجلين، اللذين حاولا فرض الاملاءات عليه، وأكد امامهما أنه ينبغي توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا، ولا يمكن الحديث عن وقف إطلاق النار فقط، وأضاف "أجرينا محادثات مع بوتين، ووقعنا اتفاقا لوقف إطلاق النار، لكنه انتهك هذا الاتفاق."

وعلى إثر ذلك غادر زيلينسكي البيت الأبيض، الا أن قناة "فوكس نيوز" نقلت عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، أن ترمب قام بطرده، ولم يغادر لأنه أراد ذلك.
وبغض النظر عن كيفية مغادرة الرئيس الاوكراني، إن كان غادر بإرادته، أم طرده الرئيس ال 47، الا أنه رفض الانصياع للقرار الأميركي، في تحدٍ واضح له، وكسر الجرة معه، وخرج منتصرا لقراره، ولأوروبا كلها، التي كان زعمائها ضد الرؤية الأميركية في طريقة حل الصراع الروسي الأوكراني، لأن لهم رأي آخر متناقض مع التصور الترمبي.

وفي اعقاب المشادة حامية الوطيس في البيت الأبيض، علقت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس على ذلك، في تدوينة حادة وقوية على حسابها على منصة "إكس" ، في حاجة "العالم الحر" الى زعيم جديد، في إدارة ظهر واضحة لزعامة الرئيس دونالد ترمب، وأضافت أمس السبت "أوكرانيا هي أوروبا! نحن نقف الى جانب أوكرانيا.

وتابعت: سنكثف دعمنا لأوكرانيا حتى تتمكن من الاستمرار في محاربة المعتدي." حسب وصفها، وأكدت كالاس أن "الأمر بيننا نحن الأوروبيين لخوض هذا التحدي.
ولم يقتصر الموقف الأوروبي على موقف كالاس، انما صرح قادة أوروبا جميعهم دعما للرئيس الاوكراني على موقفه الصلب أمام ترمب وفانس، الذي رفض الاعتذار عن موقفه في لقاء مع "فوكس نيوز" يوم الجمعة في اعقاب مغادرته البيت الأبيض، وقال "لست مدينا بالاعتذار للرئيس الأميركي.

ودعما لزيلينسكي قرر قادة أوروبا عقد قمة مصغرة اليوم الاحد 2 اذار/ مارس الحالي في لندن، التي توجه لها مباشرة الرئيس الاوكراني، حسب شبكة "سي ان ان" الأميركية، وشكر حلفائه الأوروبيين على دعمهم له.
كما ان 14 حاكما ديمقراطيا في الولايات المتحدة أعربوا في بيان مشترك عن التضامن مع أوكرانيا أمس السبت. وجاء في بيانهم، إن الرئيس دونالد ترامب، ونائبه جيه دي فانس استخدما البيت البيضاوي لتوبيخ الرئيس الاوكراني بسبب "قلة ثقته في كلمة الرئيس فلاديمير بوتين.

وأضافوا: يجب أن يحمي الاميركيون قيمنا الديمقراطية على الساحة العالمية بدل تقويض عمل الرئيس زيلينسكي للقتال من أجل وطنه وحرية شعبه، بعد تعرض بلاده للغزو من جانب روسيا.

بعيدا عن الموقف الشخصي من الحرب في أوكرانيا، تملي الضرورة الاعتراف بأن هذا الرجل الذي جاء للرئاسة من عالم الفن المسرحي، بدعم وتزوير للانتخابات من قبل الولايات المتحدة عام 2019 خلفا للرئيس بترو بوروشنكو، حليف روسيا الاتحادية، ورغم ذلك، لم يرضخ لإملاءات الإدارة الأميركية، وتحدى ترامب في عقر مقره الرئاسي في واشنطن. مما عزز موقف دول الاتحاد الأوروبي الرافضة للتوجه الأميركي الجديد، المتناقض مع توجهات إدارة بايدن السابقة، وأيضا فتح الأفق امام زعماء العالم ليرفعوا الصوت في وجه ترمب، الذي يفترض في نفسه، انه "الرب" الذي لا يرفض له موقف. كما ان ما حصل يؤكد للقاصي والداني، أن كون زيلينسكي من اتباع الديانة اليهودية، لم تغفر له زلته الخطيرة، وهنا تبرز المفارقة بين إسرائيل الدولة اللقيطة والخارجة على القانون، والمغتصبة للديانة اليهودية، أن دعمها لم يأت كون غالبية سكانها من اتباع الديانة اليهودية، انما لأنها تمثل الخندق المتقدم للأمبريالية الأميركية، وحامية مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط، وكونها أداة وظيفية في خدمة تلك المصالح، مع إدغام ذلك بالأساطير اللاهوتية الافنجليكانية.
ومما لا شك فيه، أن موقف الرئيس الاوكراني سيساهم في تعميق المواقف العربية الرسمية، التي رفضت خطة ترمب الداعية للتهجير القسري لأبناء الشعب العربي الفلسطيني من أرض وطنهم الأم فلسطين، وخاصة مواقف كل من مصر والأردن والسعودية وغيرها من الدول الشقيقة في القمة العربية الطارئة المرتقبة يوم بعد غد الثلاثاء 4 اذار / مارس الحالي.

ومن المؤكد، أن الرئيس الاوكراني استفاد من المواقف العربية، التي رفضت الاملاءات الأميركية.
كما سيكون لهذه المواقف ارتدادات عالمية أخرى، وستؤثر على مكانة ترمب، الذي لا يتورع عن الخروج عن المألوف في العلاقات الديبلوماسية مع زعماء ودول العالم، ومبدئيا أؤكد، ان العالم الغربي لن يكون كما كان قبل وصول ترمب.
http://oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

المصدر :جنوبيات