![]() |
الأحد 30 آذار 2025 13:11 م |
شيخ العقل أمّ صلاة الفطر في عبيه: لن نتخلّى عن هويّتنا |
* جنوبيات أكد شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى ثقته بأنَّ "السلطةَ المتماسكةَ قادرةٌ على اتّخاذ مواقفَ وطنيةٍ جريئة تميِّزُها عن الحِقْبةِ الماضية، وتساهمُ في تثبيت سيادة لبنانَ، مشدّداً على التماسُكِ الداخلي والوطني، وعلى الإصلاح والانفتاح، وعلى تحقيق العدالة القضائية، وعلى التفاهم والاقتناع بحصر السلطة والسلاح بيد الدولة، ورأى ان المطلوبُ استكمالَ تطبيقِ اتفاق الطائف وإلغاءَ الطائفيةِ السياسية بعد اكتمال الحالة الوطنية في البلاد وإنشاءِ مجلس الشيوخ". كلام شيخ العقل جاء في الخطبة التي ألقاها صبيحة عيد الفطر في مقام الامير السيد عبد الله التنوخي (ق) في عبيه، بعدما كان أمّ صلاة العيد، بحضور الشيخ القاضي نعيم حسن، وشارك في الصلاة عدد من الشخصيات الروحية والاجتماعية والقضائية والاهلية وأعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين وجمع من المشايخ، ومن مديريتي مشيخة العقل والمجلس المذهبي. وممّا جاء في خطبة الشيخ أبي المنى: "إخواني الموحِّدين، أيُّها المسلمونَ المؤمنونَ المُفطِرون بعد طولِ صيامٍ وقيام، والمُصَلُّونَ صلاةَ الفطرِ والتوحيد، والمُدرِكونَ سعادةَ العيد فرحاً بالتزام الطاعات، وبعملِ الخير والزكاة. نتقدَّمُ منكم بالتهنئة والتبريك بحلول عيد الفطر السعيد، راجين أن يُجزِلَ اللهُ عليكم من الأجر والثوابِ والبركات ما تستحقُّون، فلقد أعدَّ الله سبحانه وتعالى لـ"الصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ"، كما لـ"الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ"، "أعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"، وهل من أجرٍ أعظمُ من أجر الطاعة والقَبول وسلوكِ سبيل التقوى؟ وفريضةُ الصوم أُنزلت لتكونَ سبيلاً لتقوى الله، فمن التزم بها بصدقٍ وإخلاص سلكَ ذلك السبيل، مُجتنِباً ومكتسِباً، ونجح في اختبار الطاعة والقَبول، فالصيامُ اختبارٌ لقدرة الإنسان على ضبط النفس والتغلّب على الشهوة، كي لا يكونَ عبداً لأهوائه وشهواته، وتلك هي الفائدةُ الأهمُّ من الصوم، بالإضافة إلى فوائدِه الصحيّةِ والنفسيّة والتربوية والاجتماعية، بما في ذلك من تقوية الإرادة والعزيمة لكبح جَماح النفس، ولترويضها وتربيتها على الشعورِ معَ الفقراء والمساكين واحترامِ الناس أجمعين. وإذا كان أحدُنا يعتقدُ أنَّ الصَّومَ بمعناهُ ومغزاه هو الامتناعُ عن الأكل والشرب والشَّهوةِ فحسب، وفي أوقاتٍ معلومةٍ ومحدَّدة، فهذا هو الحدُّ الأدنى المطلوبُ من المسلم المؤمن الموحِّد، امتثالاً لأمره تعالى لعموم المؤمنين". أضاف: "جاء في الحديث الشريف قولُه (ص): "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ"، لكن ما هو أفضلُ من ذلك فكفُّ النظرِ واللسان واليد والرِّجل والسَّمْعِ وسائر الجوارح عن الآثام، إذ في هذا الكفِّ معنى الصيامِ الأنفع، أمَّا ما هو أرقى من هذا وذاك فصومُ القلب عن الهمَمِ الدنيئة والأفكار المسيئة وعمّا سوى الله تعالى بالكُلية، أي الصومُ عن كلِّ نيَّةٍ خبيثةٍ ومعتقدٍ فاسدٍ وكلامٍ باطلٍ وفعلٍ ذميم".
وتابع:"إنَّ أهمَّ واجبات المسلم المؤمن الموحِّد هو أن يحترمَ الفريضةَ، كلَّ فريضةٍ دينية، كمدخلٍ إلى ما هو أسمى، وأن يسعى من خلال تكليفِها الشرعيّ إلى الصعودِ على درجات الترقّي لتحقيق الغاية منها، وهذا هو مطلبُ الإحسان والتوحيد، فإذا كان الصومُ عبادة، فالعبادةُ فعلُ توبةٍ وسعيٌ ومجاهدةٌ دائمة لا تتوقَّفُ عند أداءِ فريضةٍ أو إحياءِ مناسبةٍ، لأنها توقٌ متصاعدٌ لبلوغ الغايةِ والهدف الأسمى، وذلك لا يُمكن أن يتحقّقَ إلّا بالمجاهدة التي لا تنقطع، وبالمسافرة الدائمة في معارج الطاعة والعبادة والمعرفة والحكمة". أضاف: "لقد طال الانتظارُ وجاء موعدُ الانتصار؛ انتصارِ التعقُّل على التهوّر، والحكمةِ على الجهل، والواقعيةِ على الوهم، والنظامِ على الفوضى، والتعافي على التجافي، والتشاركِ على التفرُّد؛ وقد أدرك معظمُ اللبنانيين أن واقعَ التنوُّعِ الذي نعيشُه هو مِيزةٌ ونعمة، وليس مُشكِلةً ونِقمة، وعلى اللبنانيينَ أن يتعاملوا معَ هذا الواقع بحكمةٍ وإيجابيّة، وبتعاونٍ وتضامن، فالشراكة تعني التكاملَ في أداء المهمات، والتكاملُ يعني استثمارَ علاقات كلٍّ من المكوِّنات الوطنيةِ لبناء الدولة وحماية الوطن، لا استقواءَ أيٍّ جهةٍ على سواها بدافع علاقاتها الخارجية وارتباطاتها المحوريّة، فالخارجُ له مصالحُه التي تدفعُ لإنتاج أحلامٍ فئوية أو تقسيمية أو تصادميّة، فنكونُ إذّاك قد قايضنا مصلحةَ الوطن بالمصالح الخارجية، وحكَمْنا على لبنانَ بالدونيّةِ والتفكُّك، وعلى اللبنانيين بالتبعية وضَياع الهوية، وهو ما نأباه وما يرفضُه الوطنيُّون الشرفاء".
وتابع: "لقد تكرَّرت نداءاتُنا في رحاب شهر رمضانَ المبارَك للانخراط في مسيرة العهد الجديد الذي استبشرنا خيراً بانطلاقته، ودعَونا الجميعَ إلى إعطائه الفرصةَ وإلى مساندته لتحقيق ما وَعد به فخامةُ الرئيس جوزيف عون في خطاب القسم، وما رسمه دولةُ الرئيس نوّاف سلام في توجُّهاتِه الإصلاحيةِ، وما أقرَّته الحكومةُ في بيانها الوزاري، ونحن على ثقةٍ بأنَّ السلطةَ المتماسكةَ قادرةٌ على اتّخاذ مواقفَ وطنيةٍ جريئة تميِّزُها عن الحِقْبةِ الماضية، وتساهمُ في تثبيت سيادة لبنانَ واستقلاله ووحدةِ شعبه وأرضه، وتُعيدُ بناءَ الثقةِ بمؤسساته ودوره، بالرغم من العراقيل والعقبات، وقد قلنا لفخامته في إفطار دار طائفة الموحدين الدروز منذ أيام: "إنّ التحدّياتِ ستظلُّ قائمةً والعقباتِ الطبيعيةَ والمُصطنعةَ والمستورَدة ستظلُّ تُواجهُكم وتَضعُكم أمام خياراتٍ صعبة، لكنكم، وأركان الدولة، مُصمِّمون على التحدّي وعليكم تُعقَدُ الآمال، ونحن معكم وإلى جانبكم، كرؤساءَ روحيّين، بصلواتنا ومواكبتِنا، لنكونَ كلُّنا مجتمعين ومتَّحدين في شراكةٍ روحيةٍ وطنية متكاملة، فننتصرُ بانتصار الوطن". وقال: "إنّنا حريصون قبلَ سوانا على طيّ صفحة الحروب وفتحِ صفحةِ السلام، ولكننا قبل ذلك نحرِصُ على تحقيق السلام الاجتماعي والسياسي في أوطاننا، وعلى التماسُكِ الداخلي والوطني، وعلى الإصلاح والانفتاح، وعلى تحقيق العدالة القضائية، وعلى التفاهم والاقتناع بحصر السلطة والسلاح بيد الدولة وبإشاعة أجواء الثقة والأمان في البلاد، وعلى تمتين أواصر العلاقة معَ أبنائنا المغتربين وإشراكِهم في مهمة النهوض والصمود والاستثمار في الوطن الأمّ، إلى جانب استعادة ثقة الأشقّاءِ العربِ والأصدقاءِ الكُثُر بنا، ففي ذلك أرقى أنواعِ المقاومة والمواجهة المطلوبة اليومَ، دبلوماسياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً، لإعادة لبنانَ إلى خارطة العالَم المتقدِّم والمتميِّز". وختم: "فلتكن سعادةُ المُفطِرين مقرونةً بالسعي لاستعادة سعادةِ الوطن وسعادةِ جميعِ المواطنين، والتي لا تتحقَّقُ إلَّا باطمئنانهم إلى مسيرة الإصلاح وتعافي المؤسسات، وبتطمينِهم على سلامة ودائعِهم وحقوقِهم وكرامتهم، وبالشراكة الروحية والوطنية المؤمَّلة، والتي سنظلُّ نُنادي بها لنتفيَّأ بظلالِها، متفائلينَ وفرحين، معَ كلِّ فطرٍ سعيد ومعَ كلِّ فصحٍ مجيد. حفِظكم الله، وكلُّ عامٍ وأنتُم بخير، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه".
زيارات المصدر :جنوبيات |