مديرة ثانوية حسام الدين الحريري هنادي الجردلي كشفت المستور، وأوضحت إلى أسرة ثانوية حسام الدين الحريري تلامذةً وخريجين وأهاليَ ومعلمين وإداريين، تفاصيل استقالتها في رسالة جاء فيها:
أعزائي أسرة ثانوية حسام الدين الحريري تلامذةً وخريجين وأهاليَ ومعلمين وإداريين،
أودّ أن أصارحكم بأنني كنت طوال الأسابيع الثلاثة الماضية أتحمّل المناورات، الواحدة تلو الأخرى، التي مارسها المجلس الإداري ورئيسه بحجة البحث في موضوع استقالتي من مهامي، وها أنا أشارككم بكل صدق وشفافية كل ما جرى لأنكم كنتم وستظلون دائمًا شركائي في كل ما حققته حتى الآن وكلّ ما كنت أطمح إلى تحقيقه.
لقد اجتمعت مع رئيس المجلس الإداري بناءً لطلبه أربع مرات، بحضور إما نائبه أو أحد أعضاء المجلس ومرة بحضور رؤساء الجمعية السابقين وأعضاء مكتب المجلس، وبعد الاتفاق معي على إعادة الأمور كما كانت، أفاجأ لاحقًا بتصريحات إعلامية للمجلس الإداري أو رئيسه تنكث بما تم الاتفاق عليه كما أنها كانت تضعني في موقع الذي ينتظر عفو المجلس الإداري وتكرمه لقبول استمراري في عملي، وهو ما لا يمكن أن أقبله ولا يعبر عن حقيقة المواقف والكلام المعسول الذي كنت أسمعه من رئيس المجلس ونائبه وتمنياتهم عليّ بأن لا أغادر المقاصد وتعهداتهم بعدم اتخاذ الرئيس منفردًا أو المجلس الإداري مجتمعًا قرارات خاصة بالمدارس إلا بعد عرضها في المجلس التربوي ونيل موافقة مدراء المدارس. لكن مع الأسف فإن كلام الليل كان يمحوه إعلام النهار.
ومن أجل إزالة أي سوء فهم للأسباب التي دفعتني إلى تقديم كتاب استقالتي وعدم تسخيفها وربطها بحدث معين وكأنه السبب الوحيد أو المباشر، فإنني أوضح ما يلي:
حين تسلم المجلس الإداري الحالي مهامه في جمعية المقاصد قبل حوالي السنتين ونصف استبشرتُ خيرًا ورحت أعرض عليه الخطط الإستراتيجية وسبل وآليات الإصلاحات الإدارية والتربوية في مدارس عائشة والدوحة وثانوية المقاصد، وعكفت طوال المدة الماضية على تعبئة وتدريب الكوادر البشرية وابتعاث القيادات التربوية الى مؤتمرات تربوية خارج لبنان من أجل تمكينها وتعزيز قدراتها بهدف تفعيل ورش تحديث المناهج وطرائق التدريس وتعزيز الخدمات المدرسية ورسم السياسات التربوية والإدارية وإعادة ثقة أهالي المدينة بمدارس المقاصد وفق رؤية تربوية مشتركة وطموحة، كما وتحملت خلال العام الدراسي الماضي مسؤولية إدارة ثانوية المقاصد الإسلامية بدون أي مقابل مادي بالتعاون مع فريق عمل من أساتذتها المخلصين من أجل النهوض بها وتطوير مرافقها وخدماتها التعليمية والتربوية بعدما كان مصيرها قيد التداول.
وكنت طوال هذه الفترة أحاول الوقوف في وجه ممارسات غير مقبولة يقوم بها بعض أعضاء المجلس من تدخلات أو محاولات تدخل في الشؤون التربوية والإدارية في بعض مدارسنا وفرض قبول طلاب فيها لمجرد زيادة العدد متحملة مواقفهم الاستفزازية المستعلية وتعليقاتهم المقلّلة من شأن المعلمين والموظفين، وتفاجأت بقرار توظيف ابنة أحد أعضاء المجلس الإداري متجاوزين أصول وإجراءات التوظيف المعتمدة ، علمًا بأنه لم يكن هناك حاجة لتوظيفها. كما وقمت بالتحفظ عن سوء إدارة وتنفيذ أعمال الصيانة والترميم والتجهيز في ثانوية المقاصد وطلبت التدقيق وتشديد الرقابة على الجهة المتعهّدة، وما يثير الريبة والتساؤل هو الإصرار على الدفاع عن هذه الجهة من قبل أحد أعضاء المجلس الذي كان أيضا يشارك عبر شركته الخاصة في مناقصات شراء بعض التجهيزات الإلكترونية للمدارس ويربحها، والذي أخذ يتباهى بمشاريع للجمعية وكأنها إنجازاته عبر حساب الفيسبوك الخاص به دون أي حسيب أو رقيب ضاربًا بعرض الحائط الأصول المهنية وأنظمة العمل التطوعي المؤسساتي وكأن المؤسسة ملكٌ له، واعدًا نفسه بولاية ثانية في المجلس بحسب ما أعلنه أمام لجنة الأهل، فلفتّ نظر رئيس المجلس التربوي الى ان هذا الأمر يتعارض مع مبدأ عدم تضارب المصالح ويسيء الى سمعة المؤسسة وفوجئت برده بأن هذه الأمور لا يمكن أن تكون قد حصلت.
وعلى الرغم من كل ذلك، كنت أصر على متابعة عملي وعلى جمع العائلة المقاصدية، وبعد تأكدي من لُحمة مدارس المقاصد مع بعضها البعض بعد عقود من التشرذم والانشقاق، اقترحت قبل عام ونيف على المجلس الإداري فكرة إحياء يوم المؤسسين في ١٨ نيسان ليكون مناسبة سنوية لتجديد ولائنا للمؤسسة الأم ولتأكيد مكانة المقاصد في المجتمع الصيداوي، وكان من ضمن نشاطات هذه المناسبة سباق "مقاصدي يركض" الذي تم تحديده لهذا العام في ١٦ نيسان وكان المجلس الإداري قد وافق على هذا التاريخ بموجب قرار تم تعميمه على المدارس الأربع.
وعلى هذا الأساس قمت وبصفتي مديرة للسياسات التربوية بتكليف فريق العمل من أساتذة وإداريين من المدارس الأربع لإعادة تولي مهام التخطيط والتحضير والتنفيذ، وقد انطلق يعمل بحماسة لافتة وقطع شوطًا كبيرًا في تحضيراته مرتكزًا على النجاح الكبير الذي حققه في العام الماضي.
إلا أنني فوجئت لاحقًا بقرار المجلس الاداري القاضي بإلغاء السباق خلال شهر نيسان وإقامته في ١٤ أيار دون تقديم أية مبررات (رغم أني أشك في صدور قرار من المجلس الإداري إذ عودنا هذا المجلس أن يتخذ قرارًا بحضور بعض الأعضاء ثم ينسبه زورًا إلى المجلس الإداري وهو ما حصل في موضوع قبول استقالتي وفي واقعةٍ أخرى). لقد شكل هذا القرار خيبة أمل لفريق العمل الذي حاصرني بتساؤلاته وفرضياته حول الدوافع التي أدت الى هذا القرار، تواصلت حينها مع رئيس المجلس التربوي الذي أكد لي أنه لم يكن على علم بهذا القرار ولا بأسبابه وطلب مني التواصل مباشرة مع رئيس المجلس ففعلت، الا أن الرئيس لم يوضح سوى أنه قد طُلب منه تغيير الموعد الى ما بعد موعد ماراثون صيدا الدولي، فأكدت له ان نشاطنا هو سباق قصير ومحدود ولا يتعارض مع الماراثون ولن يؤثر سلبًا أبدًا في مشاركتنا فيه، وأرسلت لاحقًا خطابًا الى المجلس الإداري أعلن فيه تحفظي عن قبول هذا القرار مبينة تبعاته التي تحبط معنويات فريق العمل وتؤثر سلبًا على مشاركة الطلاب والأسرة المقاصدية في أي نشاط اَخر وتشكل انتكاسة لمكانة المقاصد في المجتمع الصيداوي، فكان ردهم أن هذه مبالغات لا صحة لها.
على الرغم من عدم قبولي بهذا الرد الا أنني امتثلت للقرار ودعوت فريق العمل واقترحت فكرة استبدال نشاط "مقاصدي يركض" بنشاط "مقاصدي يبدع". فشحذنا الهمم وبدأنا بالتحضيرات.
وإذ بنا نُفاجأ بعدها نحن مديرات المدارس الأربع بإعلان يُوزّع على مدراء مدارس الشبكة المدرسية ينص على مشاركة ١٠٠٠ تلميذ ومعلم من مدارس المقاصد. اتصلت فورًا برئيس المجلس التربوي للاستفسار عن الموضوع فأبدى استغرابه وعدم علمه بالأمر وأن لا قرار بذلك.
بناءً عليه، طلبت اجتماعًا عاجلاً للمجلس التربوي من أجل مناقشة الأمر والاعتراض عليه لدى المجلس الإداري فرفض رئيس المجلس التربوي وأبلغني بأن قرارا من المجلس الإداري سيعمّم بهذا الخصوص. اعترضت لأنه وفق الأصول يجب البحث والتشاور في هذا الأمر في المجلس التربوي ومن ثم رفع توصية، في حال الموافقة، إلى المجلس الإداري وأنني من جهتي سأمتنع عن تنفيذ هذا القرار. فكان رده قاسيًا وغير لائق بأنه لا يحق لي عدم التنفيذ، فأجبته حينها بأن مشواري مع المقاصد قد انتهى. وبعد يومين، وتحديدا في ٨ اذار، وحين لم ألمس أيّة مبادرةٍ من المجلس لتصحيح ما جرى، أرسلت كتاب استقالتي من مهامي كافة الى المجلس الإداري. وعندما لم أتلق من المجلس او رئيسه أي رد طوال خمسة أيام، وبعد بلبلة وتساؤلات أثارها المعلمون في المدرسة بعد تغيبي عن حضور حفل عيد المعلم الذي لم أتغيب عنه ولا مرة في الإحدى وعشرين سنة الماضية، أرسلت إليهم بريدا الكترونيًّا لأعلمهم فيه بقرار استقالتي من العمل شارحة الأسباب التي دفعتني الى ذلك، بعد أن استنفدتُ خلال العامين والنصف السابقين كل محاولات تصحيح المسارات والممارسات الخاطئة غير المسبوقة إلى أن وصلت إلى حائطٍ مسدود. فكان ما حصل بعد ذلك.
زملائي الأحباء في ثانوية حسام الدين الحريري،
لا أريدكم أن تتأثروا بما تسمعونه او بما يصلكم عبر الإعلام غير المسؤول من رسائل تهديد بمعاقبتكم لما عبرتم عنه في الأسابيع الماضية لأن هذا من حقكم وانتم كُنتُم وستبقون أصحاب فكر حر وامكانيات وكفاءات مهنية عالية و متميزة لا مثيل لها في المدينة. إلا إني أوصيكم بمتابعة نضالنا التربوي ولا سيما في حماية حق التعلم لتلاميذنا من ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم الأحب إلى قلبي وقضيتي التي أأتمنكم عليها.
سأكون بإذن الله الى جانبكم خلال الأشهر الثلاثة القادمة لاستكمال العام الدراسي دون أي تقصير وسأزوركم في الصفوف وسأتابع تقدمكم وسأشارك في حضور الاجتماعات التحضيرية للعام الدراسي المقبل وفي جميع الأنشطة المدرسية الداخلية ، الا أنني خلال هذه الفترة سأوكل مهام التواصل مع المجلس الإداري والمشاركة في حضور اجتماعات المجلس التربوي والمناسبات الخارجية الى زميلتي وصديقتي ورفيقة دربي في العمل لسنوات طويلة السيدة لطفية مظلوم التي عينها المجلس الإداري نائبًا لمدير المدرسة .
وأخيرا، فإنني أتعهد أمامكم بأنني، إن أمد الله في عمري ورزقني بالصحة، سأنضم الى صفوف المخلصين للمقاصد في الهيئة العامة وسأواصل دفاعي عنها ما حييت.
والله ولي التوفيق.
مع حبي وتقديري
هنادي الجردلي