![]() |
السبت 21 حزيران 2025 13:04 م |
أشهر قليلة قبل الاستحقاق الكبير.. نحو عام دراسي بلا معلمين؟ |
* جنوبيات لم يعد التعليم الرسمي في لبنان مجرد قطاع متعثّر، بل بات مرشحًا للانفجار الكامل. ففي ظل الانهيار الاقتصادي الذي دمّر قدرة الدولة على الوفاء بأبسط التزاماتها، يتحضّر العام الدراسي المقبل لأن يكون الأخطر منذ الاستقلال، ليس بفعل نقص الكتب أو غياب التدفئة، بل لأن المعلم نفسه – العمود الفقري للعملية التربوية – قد لا يعود إلى صفّه. هجرة المعلمين لم تعد افتراضية. العروض الخارجية تزداد، والمدارس الخاصة تخطف الكفاءات، فيما يقف القطاع الرسمي مجرّدًا من أبسط مقومات الصمود. من لم يغادر بعد، يفكّر بالرحيل. ومن بقي، يعيش على حافة اليأس، في مهنة لم تعد توفر الحد الأدنى من الأمان أو الاحترام.
هجرة معاكسة في قلب المشهد التربوي ما يشهده قطاع التعليم اليوم هو أشبه بـ"نزيف صامت" في الجسم التربوي الرسمي. فالمعلم اللبناني الذي لطالما شكّل ركيزة أساسية في أنظمة التعليم العربية، من الخليج إلى شمال أفريقيا، يجد نفسه اليوم أمام خيار واضح: إما البقاء في مهنة لم تعد تضمن الحد الأدنى من الكرامة المعيشية، أو الرحيل نحو مؤسسات تعليمية خارجية تعترف بكفاءته وتؤمّن له حياة لائقة. الطلب على المعلمين اللبنانيين ارتفع بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، مع بدء دول الخليج، إعادة زخم العلاقات مع لبنان. وهذا الطلب يترافق مع عروض مادية تفوق بأضعاف ما يتقاضاه المعلم الرسمي في لبنان، الذي يعيش اليوم تحت خط الفقر، حيث لم تعد رواتبه تتجاوز حفنة دولارات تآكلت بفعل الانهيار النقدي والجمود الإصلاحي. تشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 2500 معلّم رسمي غادروا لبنان بين 2020 و2024 للعمل في الخارج، في موجة تُعدّ الأكبر منذ الحرب الأهلية. ومع بداية كل عام دراسي، تصبح عملية تأمين الكادر التربوي الكامل أقرب إلى التحدي اللوجستي، خصوصًا في المواد العلمية واللغات الأجنبية، ما يهدد جودة التعليم واستمراريته.
ليست أزمة التعليم في لبنان أزمة معلمين فحسب، بل أزمة هيكلية متراكمة. فبحسب تقديرات المنظمات الأممية، أكثر من 40% من المدارس الرسمية تحتاج إلى ترميمات عاجلة لضمان الحد الأدنى من بيئة تعليمية صالحة. في المقابل، تعجز العديد من المؤسسات عن توفير كتب مدرسية حديثة، ما يدفع المعلمين لاستخدام مواد قديمة، وهو ما يشكّل ضربة قاسية لمستوى التعليم وجودته.
الإقليم يتحرك... ولبنان يتراجع
إعادة فتح خطوط التوظيف أمام المعلمين اللبنانيين في الخليج ليست مجرد ظاهرة عرضية، بل تعبير عن تحوّل في وظيفة التعليم الرسمي نفسه. فمن وظيفة وطنية لإنتاج رأس المال البشري المحلي، باتت المدرسة الرسمية في لبنان مسرحًا لنزف الكفاءات نحو الخارج، بلا أي استراتيجية لتعويضها أو الحفاظ عليها.
نحو عام دراسي بلا معلمين؟ المصدر :لبنان 24 |