لم تجرِ الرياح الأميركية كما تشتهي سفن رئيس وزراء حكومة الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يمنّي النفس بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، كما وعد دونالد ترامب في حملته الإنتخابية.
فقد وقّع الرئيس ترامب أمس (الخميس) على قرار تمَّ بموجبه تأجيل نقل السفارة إلى 6 أشهر أخرى، وهو المبدأ الذي سار عليه الرؤساء الأميركيون السابقون منذ اتخاذ الكونغرس قراراً بنقل السفارة في العام 1995.
وهذا يُؤكّد أنّ المصلحة الأميركية هي الأولوية، خاصة مع الحديث عن نيّة الرئيس ترامب إطلاق عملية سلمية لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي في ضوء لقائه قادة عرباً ومسؤولين إسرائيليين وجولته إلى المنطقة، وعقد "القمة السعودية – الأميركية" مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي وجّه دعوات إلى قادة الدول العربية والإسلامية، حيث عُقِدَتْ "قمّة إسلامية عربية – أميركية"، وهي أضخم القمم التي تُعقد منذ فترة طويلة.
وكذلك إبقاء الرئيس الأميركي لمبعوثه إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات ولقائه المسؤولين العرب والإسرائيليين قبل وبعد زيارة الرئيس ترامب، ومناقشته أفكاراً لإطلاق العملية السلمية واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع مناقشة السُبُل التي يفضّلونها من أجل استئناف محادثات السلام وكيفية إدارتها.
ويرى المراقبون أنّ إدارة الرئيس الأميركي جديّة في طرح ورقة مبادئ لحل النزاع، وهو ما يؤيّده الجانب الفلسطيني الذي يُؤكّد على حل الدولتين، وعلى الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس وفق قرارات الشرعية الدولية مع التمسّك بمبادرة السلام العربية أساساً لحل الصراع العربي - الإسرائيلي.
فيما كان نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرّفة يراهنان على أنّ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، يعني تحقيق الحلم لإقامة دولة يهودية، وأنّ الطرف الفلسطيني سيكون في مأزق ولن يجد مَنْ يسمعه، وسيحقّق مع الرئيس ترامب ما لم يحقّقه الرؤساء الأميركيون السابقون، لكن المفاجأة كانت بأنّ الرئيس ترامب استقبل في البيت الأبيض الرئيس محمود عباس قبل أنْ يلتقيه خلال زيارته بيت لحم.
واستطاع الرئيس الفلسطيني أنْ يشرح للنظيره الأميركي حقيقة ادّعاءات نتنياهو بأنّه يحرّض ضد المسؤولين الإسرائيليين.
وفي تعقيبه على قرار الرئيس الأميركي، قال نتنياهو: "يتوجّب أنْ تكون السفارة الأميركية في مدينة القدس"، زاعماً أنّ "وجود السفارات الأجنبية خارج القدس يُبعِد السلام أكثر عن المنطقة".
وأضاف: "رغم خيبة الأمل من عدم نقل السفارة في هذه المرحلة؛ إلا أنّنا نثمّن التصريحات الودية التي أدلى بها الرئيس ترامب والتزامه بنقل السفارة في المستقبل".
من جهته، أكد الناطق بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أنّ "قرار الرئيس الأميركي بعدم نقل السفارة الأميركية، خطوة إيجابية مهمة ستعزّز فرص تحقيق السلام، وتؤكد جدية الإدارة الأميركية في مساعيها نحو السلام، وبناء جسور الثقة، خاصة بعد قمة الرياض الناجحة ولقاءات الرئيس محمود عباس مع الرئيس ترامب".
وشدّد على "إنّنا على استعداد لمواصلة العمل مع الرئيس ترامب وإدارته للوصول إلى السلام العادل والدائم".