رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري غروب اليوم حفل الإفطار الرمضاني الذي أقامه تيار المستقبل في دارة مجدليون، في حضور فاعليات رسمية وسياسية وروحية وأمنية وعسكرية وقضائية واقتصادية وهيئات أهلية وشعبية من صيدا ومختلف مناطق محافظتي الجنوب والنبطية، الذين كانت في استقبالهم النائب بهية الحريري ومنسق تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود ومنسق التيار في منطقة مرجعيون-حاصبيا عبد الله عبد الله وأعضاء المنسقيتين.
وتقدم الحضور: الرئيس فؤاد السنيورة، النواب: ميشال موسى، أنور الخليل، عقاب صقر، مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار الحبال، مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي، ممثل المطران مارون العمار المونسينيور مارون كيوان، ممثل المطران الياس كفوري الأب نقولا باسيل، السيد شفيق الحريري، نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية الدكتور بسام حمود، أمين سر قيادة الساحة اللبنانية في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات، ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، المدعي العام العسكري القاضي هاني الحجار، النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، محافظ الجنوب وجبل لبنان منصور ضو، قائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الامن الداخلي العميد سمير شحادة، رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادة وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين، رئيس مجلس إدارة السوق الحرة محمد زيدان، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، المستشار الإعلامي للرئيس الحريري هاني حمود وفاعليات اقتصادية واجتماعية وأهلية.
وخلال الحفل، ألقى الرئيس الحريري الكلمة الآتية:
رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير. وختامها... مسك!
صيدا، مسك الختام، في إفطارات المناطق لهذا الشهر الفضيل، المبارك بأهلي الطيبين الأوفياء المجتمعين هنا، من صيدا وجزين وشبعا والعرقوب. صيدا مسك الختام، لأن فيها، سر البداية، بداية المسيرة التي بوجودكم ومحبتكم وبوقوفكم معي، سنكملها سويا بإذن الله، مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
يا أهلي، من صيدا والعرقوب وجزين وحاصبيا، نعم، أنتم أهل هذه المسيرة، أنتم ملحها وأنتم محركها. أنتم ألفها وياؤها. لأنكم أنتم أهل العيش المشترك، أهل العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، هذه الكلمة التي تأخذ كل معناها، هنا في هذا المكان على مرمى حجر من كفرفالوس، المجمع العلمي والتربوي، الذي كان من أول أعمال رفيق الحريري، والذي كان أول ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، بصفته مركز العيش الواحد والوصلة الجغرافية والرمزية والوطنية، بين صيدا وجزين.
وأنتم أهل هوية لبنان العربية، وأهل التضامن مع القضية الفلسطينية ومع أهلنا اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان، وهنا في مخيم عين الحلوة، حيث الغالبية الساحقة من سكانه ملتزمون قرار القيادة الفلسطينية، عدم التدخل بأي شأن داخلي لبناني، ومتعاونون مع الدولة اللبنانية لمنع أي خارجين عن القانون من المكوث فيه.
وأنتم أهل الاعتدال، والتمسك بالقيم الحقيقية للدين الحنيف، الذين حميتم صيدا وصورتها من أن تُشوَّه أو يتم التلاعب بها. وهنا مناسبة لأقول أنني أعلم أن هناك عددا ضئيلا من الشباب الذين غُرر بهم، وظلموا أهلهم وأنفسهم، وبإذن الله نحن نعمل على قانون عفو يعطي كل صاحب حق حقه.
أهلي وأحبابي،
في الفترة الأخيرة، كثر الحديث عن تناقض موهوم وصراع مزعوم بين المجتمع المدني ومشروعنا السياسي. هذا الكلام ينسى أو يتناسى أن مشروع رفيق الحريري انطلق من هذه المدينة العظيمة بصفته مشروع مجتمع مدني. ماذا كان رفيق الحريري في بدايته معكم إلا مبادرا من صميم المجتمع المدني لوقف الحرب وإعادة الإعمار. ونائبكم، بهية الحريري، ماذا كانت بالأساس إلا ناشطة من المجتمع المدني بمجالات التربية والتنمية والحوار؟ على كل حال ليس لدي شك أن عمتي بهية ما زالت تتصرف وتعمل و"تشتغل فينا" بالحكومة بصفتها ممثلة للمجتمع المدني في صيدا والجنوب قبل أن تكون عمتي، أو نائب أو مسؤول!
أيها الأحبة،
صيدا، بجهود نوابها، بهية والرئيس السنيورة، الذي أوجه له التحية، وبجهود بلديتها والرئيس محمد السعودي، الذي أحييه أيضا، صارت مدينة نموذجية في مجال معالجة النفايات، في وقت كل المدن اللبنانية ما زالت تبحث عن حل لهذه المشكلة. هذا إنجاز واجبنا جميعاً أن نحافظ عليه وأن نحسنه عبر إيجاد حل لمعالجة العوادم، وهذا الحل في طريقه إن شاء الله.
وصيدا القديمة، التي كانت دائما مركز استقطاب للسياحة، يتم وضع خطة لاستنهاضها وإعادة النشاط إليها. وهنا أود أن أحيي المبادرات الأهلية، التي نظمت المهرجانات والأنشطة وأعادت الفرح والزوار للمدينة. هذه مبادرات يجب أن تستمر ويجب أن ندعمها جميعا.
ومن المشاريع التي سنطلقها قريباً بإذن الله، بحر العيد على الواجهة البحرية لصيدا القديمة، الذي يشكل جزءا من ذاكرة طفولتي، وذاكرة كل أهل المدينة، وسيتم تأهيله وتنميته ليكون مركز لقاء لكل الصيداويين، ومركز الحفاظ على التراث الثقافي للمدينة ومركز الوصل في العلاقة التاريخية بين المدينة والبحر.
المشاريع في صيدا كثيرة، ودعوني أتحدث باختصار عن بعضها. فكما تعلمون، بعد اكثر من 50 سنة انتظار، أُقر القانون المتعلق بإصدار سندات الملكية لسكان تعمير عين الحلوة، وبدأ العمل على الخرائط لإنجاز المعاملات الرسمية، لإصدار هذه السندات. ومشروع تطوير وإعادة ترتيب أراضي منطقة شرق الوسطاني، تجري الدراسات والتخمينات لتنفيذه، وهذا مشروع أساسي في النهوض الاقتصادي والإنمائي والاجتماعي.
وبالحديث عن المشاريع الكبرى، لا نستطيع أن ننسى المشروع الاستراتيجي الأكبر، أي بور صيدا، الذي تُنفذت مرحلته الأولى والحمد لله، ويتم تكليف مجلس الإنماء والإعمار بالإجراءات اللازمة لتنفيذ المرحلة الثانية منه، وهو على جدول أعمال مجلس الوزراء الأسبوع المقبل إن شاء الله. والمستشفى التركي التخصصي لمعالجة الصدمات والحروق جار تنفيذه، والعمل جار أيضا لتأمين التمويل لصيانته وتشغيله عن قريب بإذن الله.
أهلي وأحبائي،
من يوم الذي انطلق فيه مشروع الرئيس الشهيد في هذه المدينة، كان هدفه الأساسي الشباب، وهو حتى اليوم لم يتغير. وكان من أجمل لقاءاتي في هذه الحكومة، لقائي مع شباب وشابات نموذج محاكاة مجلس الوزراء من صيدا الذي يدرب الشباب والشابات على كيفية صناعة القرار وكيفية عمل الوزارات. هؤلاء الشباب والشابات يكبّرون القلب فعلاً، باندفاعهم وكفاءاتهم وروحهم الوطنية، إلى درجة إني طلبت منهم أن يحضروا مشروعين لكي أعرضهما على مجلس الوزراء، وأنا بالانتظار. هذه تجربة رائدة، أتمنى أن تُعمَّم على كل لبنان لفتح المجال أمام الشباب والشابات ليواكبوا المشاريع التنموية في مناطقهم ولوضعهم في وقت مبكر في موقع إنتاج القيادات الشبابية والمستقبلية.
وهنا كلمة حق، للإشادة بأكاديمية التواصل والقيادة "مركز علا" بمدرسة عائشة أم المؤمنين في صيدا القديمة، الذي يمثل مركز إشعاع وتنوير يبني قدرات الشباب ويواجه الأخطار المحيطة بالعلم والمعرفة، أي بسلاح رفيق الحريري!
أهلي وأحبابي،
صيدا، بوابة الجنوب، وعاصمة المحافظة، ومنها أريد أن أقول أن المشاريع للجنوب كثيرة، وأهمها تطوير مرفأ صور ضمن الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدن الساحلية، ومشاريع شبكات الصرف الصحي والطرقات لربط قرى الجنوب ببعضها البعض، وتنمية قدرات شباب الجنوب لتفعيل دورهم في التنمية المستدامة بالمدن والقرى الجنوبية.
أود أن أتحدث باختصار أيضاً عن المشاريع في شرق صيدا وجزين، من تعبيد وتزفيت الطرقات الرئيسية في بلدات شرق صيدا، إلى بناء بيت بلدي ومنشأة بيئية ورياضية في منطقة عين الدلب، إلى الإنارة في منطقة البرامية والقريّة، ودعم استخدام الطاقة البديلة بالقريّة ومشاريع المياه والصرف الصحي في منطقة القريّة ومغدوشة وغيرها. ومحمية بكاسين، إحدى أهم المحميات الطبيعية في لبنان، والأكبر في الجنوب، وأكبر حرش صنوبر بكل الشرق الأوسط، سيتم الحفاظ عليها وتنميتها وإنشاء حديقة عامة فيها.
وفي كل منطقة جزين، سيتم تنشيط السياحة البيئية من خلال دروب ومسارات السير السياحية. وعندما نقول جزين، نقول: تفاح جزين، وهذه زراعة نريد أن ندعمها وننشئ برادا ومركزا للتصنيع الزراعي ومشتقات التفاح. والصناعة الجزينية، المشهورة عبر العالم، والتي أختار منها هدايا لرؤساء الدول في رحلاتي الخارجية، حان الوقت لكي يصبح لها معهد لتعليم حرفة الصناعات الجزينية. وطبعاً، نحن نتابع تنفيذ تمديدات شبكات الصرف الصحي في بلدات المنطقة.
صيدا اليوم قلبها كبير لأنها تلتقي مع جزين في دائرة انتخابية واحدة. ونحن تربينا على هذا الأمر من صغرنا، وخط صيدا - جزين كان دائماً خط العيش المشترك .
من هنا، من هذا المكان الذي بناه رفيق الحريري ليكون عنوانا للحياة المشتركة أوجه تحية لأهلنا في كل قرى وبلدات جزين، وأقول لهم أن قضاياهم ومطالبهم وهمومهم وأفراحهم هي في قلب صيدا وكل أهل صيدا.
أخيراً وليس آخراً، أهلنا في العرقوب، الذين احتضنوا آلاف النازحين السوريين، فإننا نحمِّل المجتمع الدولي مسؤوليته للمساهمة في تخفيف العبء عنهم وعن كل لبنان، عبر مشاريع البنى التحتية والخدمات العامة.
في منطقة العرقوب، نعمل على فتح فرع للجامعة اللبنانية بكليات تطبيقية، وعلى بناء مدرسة مهنية، وعلى تفعيل عمل مستشفى الشيخ خليفة بن زايد. وفي مجال البنى التحتية، سيتم تحسين طريق شبعا – راشيا الوادي، الذي يربط العرقوب بالبقاع الغربي. وقد صدر مرسوم لطريق شبعا وكفرشوبا، ووافق الصندوق الكويتي على تمويل مشروع الصرف الصحي للعرقوب.
ويبقى الهدف من كل هذه المشاريع في صيدا وجزين وشبعا والعرقوب وحاصبيا ومرجعيون هو النهوض الاقتصادي، وتوفير فرص العمل وللشباب بشكل خاص، وهذا كان وسيبقى المعنى النبيل لمشروع رفيق الحريري.
فيا أهلي وأحبائي، منطقتكم بأياد أمينة... بأيادي بهية، وبوجودكم وموقفكم وإرادتكم، التي ستعبرون عنها في الانتخابات في أيار المقبل بإذن الله، مشروع الدولة والعيش الواحد والاعتدال والحياة الكريمة بأيد أمينة، ولبنان بأيديكم، دائما بأيادي أمينة، بإذن الله.
أنا دائما أعتز أن آتي إلى هنا، لأنه من هنا انطلق رفيق الحريري. وبهية الحريري ستكمل المشوار، ولكننا سنبقى نتعرض لكل أنواع الاتهامات. هذا الأمر شهدناه أيام رفيق الحريري، وكلكم تذكرون الغرف السوداء وغيرها من الاتهامات. ولكن رفيق الحريري كان صادقا مع الناس، وأنا صادق مع الناس، حين أخطئ أعترف وحين أصيب أقول، وحين أقوم بأمور لمصلحة البلد فإن الناس يعرفون أني لن أعطي الأولوية لمصالحي الخاصة تجاه مصلحة البلد. لكن المشكلة في هذا البلد أن هناك العديد من الناس الذين يضعون مصلحتهم في المقدمة، ولذلك نحن سنكمل هذا المشوار الذي لن يكون سهلا، ولكننا لا نخاف إلا من الله سبحانه وتعالى، وإن شاء الله سنكمل مع هؤلاء الأناس الطيبين من صيدا والجنوب.
ورمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير.