"أبو الروس" تَبخر. لم يعرف أحد كيف توارى صاحب العقل المدبّر لـ"هجمات رمضان" التي أُحبطت خططها من قبل المديريّة العامّة للأمن العامّ وفرع المعلومات عن الأنظار، ولا كيف لا درايّة للقِوى الإسلاميّة بوجود اسمٍ نشأ في كنف مناطقها. أسئلة بالجُملة تُرتسمُ عن أسباب التستّر عن مُنسِّق خليّةٍ أمنيّةٍ أعدّت لسلسةِ تفجيرات، وعن مُحاولات الإيحاء بأنّه اختفى وعدم إيفاء المعنيين بواجباتهم تجاه الدولة.
خالد مسعد، الهويّة الحقيقيّة لما يُعرف بـ"خالد السيّد" الرأس المُدبر لأكثر هجومٍ دمويٍّ كان يُخطّط لأن يُجرَى تنفيذه في لبنان، أمّا الاسم الذي صعد نجمهُ بشكلٍ مُريب، فأبصر النور استناداً على اعترافات موقوفين في "خليّة الربيع الإرهابيّة" التي فُكِّكَت مطلع شهر رمضان. الأجهزة الأمنية التي اطّلعت على دور "السيّد" تُريد "رأسه" وتبحث عن سبل تسليمه لها فـ"يد القانون طويلة" كما أسلف اللّواء عباس إبراهيم.
بدا واضحاً أنّ كلّ ما حُكِي من استخفافٍ ونفي لوجود "خالد السيّد" يُقابله معلومات لدى الأجهزة الأمنيّة تؤكّد أنّ "بائع الحلوى" الذي يملُك "كشكاً" في عين الحلوة، هو إرهابيّ من الطراز الرفيع، تنقل في الفترة الماضية بين أحياء عدّة، خاصّةً بعد انفضاح أمر "تجارته الإرهابيّة" إعلاميّاً، فكيف لكلّ هذه المعلومات أن تجهلها الفصائل المُمسكة بالمخيّم؟. الأكيد أنّ إحدى الفصائل الفلسطينيّة الأساسيّة تؤمّن التغطية والمظلّة الأمنيّة لتحرّكاته على الرغم من نفيها لذلك، وفاقاً لما تقرأ المصادر.
مصادر معنيّة بالملفّ الفلسطينيّ وتشعُباته الأمنيّة، توقّفت عند سِلسلةٍ من الوقائع والمُعطيات في قِراءةٍ مُقتضبةٍ للوضع داخل المُخيّم، إذْ أشارت إلى أن القِوى الإسلاميّة بدلاً من كونها فعلاً لا قولاً مدخلاً للحلّ لتفكيك البؤر الأمنيّة ذات التوجّهات المُتشدّدة في عين الحلوة أصبحت سبب المُشكلة لعدم إيفائها لما التزمت به تجاه الدولة وإصرارها على أن لا درايةً لها بوجود هذا الاسم الذي شَغِلَ الأجهزة الأمنيّة نتيجة الدعم والتغطية التي يحظى بها الأخير من إحدى الفصائل الفلسطينيّة الأساسيّة لاعتباراتٍ داخليّة، ما يُفسر التلكؤ القائم في هذا الملف.
وبنتيجة ذلك، علم "ليبانون ديبايت" أنّ اللّواء عباس إبراهيم انتدب ضابطاً من الأمن العام للاجتماع مع ممثلي القِوى الإسلاميّة وبحث السبل الآيلة إلى تسليم "خالد السيّد" إلى القضاء، وكيف يمكن التعاون مع القِوى الإسلاميّة بهذا الملف. وتشير معلومات موقعنا إلى أنّ الأخير قدّم مُعطيات ومعلومات تؤكّد وتُثبت وجود السيّد أو مسعد داخل أزقّة وزواريب المُخيّم.
وتلفت المعلومات إلى طلبٍ تقدّم به المندوب مرتين من الفصائل، للتعاون في ملفّ السيّد دون أن يلمس نتائج. لكن الأجهزة الأمنيّة، كما يقول مطلعون، لن تنتظر طويلاً هذا الملف كي لا يدخل غياهب النيسان كما جرى لغيره من ملفّات المطلوبين، وهذا يمكن رصده من خلال طلب اللّواء إبراهيم من مدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد فوزي حمادي بضرورة "العمل على تسليم السيّد للدولة اللّبنانيّة".
إذاً، يبدو أنّ إصرار الأجهزة الأمنيّة اللّبنانيّة على حسم ملف السيّد وطيِّه نهائيّاً يأتي حِرصاً منها على عدم تعريض المخيّم لأي انتكاسات أمنيّة قد تؤثّر عليه وتُغرقه في الفوضى مُجدداً.