منذ اللقاء الذي عقده مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم مع قيادة القوى والفصائل الفلسطينية، على اختلاف مرجعياتها، ومنسوب المراهنة على معالجة امنية جدية للوضع الامني المتأرجح داخل مخيم عين الحلوة، جراء تغلغل مجموعات مسلحة من المطلوبين للقضاء والجيش اللبنانيَين المتورطين في عمليات ارهابية نفذتها التنظيمات الموالية لتنظيم «داعش» الارهابي واخواته.
واذا كانت الايجابية التي خرج بها لقاء ابراهيم والفصائل الفلسطينية، جاءت نتيجة الحرص على تعزيز الثقة بين الجهات الامنية اللبنانية والجانب الفلسطيني الذي راح يُفعِّل دور ووظيفة القوة الامنية المشتركة التي شكلها بمبادرة من كافة الفصائل، تكون وظيفتها حماية استقرار المخيم ومواجهة الاستهدافات الامنية التي يتعرض لها من الداخل، بفعل انتشار المربعات الامنية المقفلة في عدد من احياء المخيم، تأوي عشرات المنضوين الى التنظيمات الارهابية التي تقاتل في سوريا والعراق، والتي القت الاجهزة الامنية اللبنانية عددا من الشبكات الارهابية، اكدت الاعترافات التي ادلى بها «امراء» في هذه الشبكات، العلاقة الوثيقة بينها وبين عددا من اللبنانيين والفلسطينيين يقيمون داخل مخيم عين الحلوة، بضيافة تنظيمات وجماعات اسلامية متشددة في حي الصفصاف وحي الطيرة وحي «الطوارئ» المحاذي لحواجز الجيش اللبناني عند المدخل الشمالي للمخيم.
مخيم عين الحلوة، اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، والاكثر حساسية من الناحية الامنية، يشهد هذه الايام حملة امنية واسعة تستهدف شبكات الترويج للمخدرات، وبالفعل، فقد اوقفت القوة الامنية عددا من المتورطين وسلمتهم الى مخابرات الجيش اللبناني، تمهيدا لاحالته الى القضاء اللبناني، وهي خطوة ستشكل رادعا للذين استسهلوا استخدام المخيم ساحة آمنة لتجارتهم، بعيدا عن اعين الجهات اللبنانية المختصة، وقد نجحت الفصائل الفلسطينية مرة جديدة في ان تُثبت انها قادرة، فيما لو توفر الغطاء الفلسطيني العام، على مواجهة كل الحالات التي تشكل مخاطر امنية واجتماعية على المخيم وسكانه، وما الحديث عن توجهات جدية لمعالجة «الكابوس» الامني المتمثل بالمربعات الامنية التي تسيطر عليها جماعات تأوي ارهابيين مطلوبين، الا في اطار الورشة الامنية الواسعة التي يمكن للقوى الفلسطينية ان تقوم بها، في مناخ من التعاون والتنسيق مع الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية التي برز تعاطيها المرن مع الملف الامني للمخيم، منذ الانجازين الامنيين اللذين حققتهما الفصائل الفلسطينية:
ـ الانجاز الاول: شهده مخيم عين الحلوة من خلال تسليم «عصبة الانصار الاسلامية» وبتنسيق مع حركة «حماس»، الارهابي خالد مسعد رأس شبكة رمضان الارهابية، والتي تم القبض على افرادها.
ـ الثاني: كان في مخيم الرشيدية من خلال تسليم حركة «فتح» احد المتورطين في استهداف دورية فرنسية تعمل في قوات الامم المتحدة في الجنوب «اليونيفيل» بعبوة انفجرت في محلة البرج الشمالي في العام 2013، وادت الى جرح عدد من الجنود الفرنسيين.
بعض الاوساط القيادية الفلسطينية، وبعد الخطوتين الامنيتين، تؤكد على تبلور حالة اجماع داخل المخيم، على المضي في المعالجة الامنية في المخيمات الفلسطينية، وبخاصة في المخيم الاكثر توترا مخيم عين الحلوة، انطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتق هذه الفصائل في حماية شعبها ومخيمها من كل الاستهدافات التي تهدد مصيره، والاخطر ان هذه الاستهدافات تأتي من اجندات الارهاب ومنظماته التي تسعى الى تفجير ساحة المخيمات في لبنان، وترى ان اقصر الطرق وانجحها في معالجة الوضع الامني في المخيم، يكون من خلال محاصرة الجماعت الارهابية ووقف المهزلة التي تجعل من المخيم ملاذا آمنا للشبكات الارهابية الهاربة من قبضة الجيش اللبناني، مصلحة اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية في لبنان، برأي الاوساط، تفوق بكثير المصلحة اللبنانية في الحفاظ على الامن العام في البلاد، لكن يبقى ان التعامل مع هذه الحالات يتطلب مناخا سليما من العلاقات الفلسطينية ـ اللبنانية، وهذا ما وفرته الاتصالات الاخيرة التي جرت مع جهات امنية لبنانية على مستوى عال، ابدت حرصها على التعامل مع ملف المخيم، من خلال اوسع تعاون وتنسيق مع الفصائل الفلسطينية، وهذا الخيار يعبر عن مسؤولية كبرى تجاه ملف امني حساس.
ما هو جديد في مخيم عين الحلوة، الآداء الامني الجدي الذي بدأ يشق طريقه باتجاه بلورة آلية مناسبة ومريحة للاجهزة الامنية وللمخيم، من شأنها الى توصل الملف الامني الى خواتيم سعيدة، بعيدا عن الضغط اللبناني على الفصائل او «التطنيش» الفلسطيني على حالات ارهابية، باتت فوق قدرة المخيم على تحمل تداعياتها الامنية الخطيرة، فالامر اصبح يتعلق بلائحة طويلة من الملفات الامنية الخطيرة داخل المخيم، وخارجه من خلال عمليات استهدفت مقرات ديبلوماسية ودوريات ومراكز للجيش اللبناني، في المعركة التي دارت في عبرا ـ شرق صيدا في حزيران العام 2013، بدأتها المجموعات العسكرية للشيخ احمد الاسير الذي يحاكم من قبل القضاء اللبناني، سيما وان معظم الذين لم يعتقلهم الجيش لجأوا الى دخال المخيم، ويحظون بحمايات امنية من جماعات ارهابية، ومن ابرز هؤلاء شادي المولوي وفضل شاكر...في مجمل الاحوال، فان المقبل من الايام سيكشف ما يدور في الاروقة الامنية اللبنانية والفلسطينية المغلقة.. وسط رهان على فكفكة المزيد من الملفات الامنية التي تتسم بالتعقيد.
ثمة من يرى في اوساط القيادات الفلسطينية، حاجة لمعالجة ملف المطلوبين اللبنانيين المقيمين داخل مخيم عين الحلوة، معظمهم يقيم بـ«ضيافة» المربعات الامنية للجماعات الارهابية، فيما آخرون ابتعدوا عن هذه الجماعات، لتحسين الصورة التي قدموها في السنوات الماضية، على امل «تسوية» لاوضاعهم، يتحمس لها بعض رجال الدين وجهات سياسية، وفضل شاكر واحد من هؤلاء.