الثلاثاء 18 تموز 2017 10:16 ص

"السلسلة" على مفترق حساس.. توازن رعب فرمل التفاؤل


* جنوبيات

طريق سلسلة الرتب والرواتب تبدو نظرياً سالكةً في مجلس النواب اليوم، إنّما كلّ الاحتمالات لا تزال واردة حولها، والأمور مرهونة بخواتيمها، وقد يكون "توازن "الرعب" المالي الذي بدا ماثلاً عشية الجلسة التشريعية اليوم وحده ما فرمل نسبياً بعض الاتجاهات التي كانت تطغى عليها نزعات شعبوية أو انتخابية أو ربما بعض الأهداف السياسية الأخرى، بحسب "النهار".

وبحسب مصادر "لبنان 24" إن العقد التي ظهرت بعد موجة التفاؤل تنقسم إلى شقين:

الأول: ناتج عن إعادة النظر في الزيادات الممنوحة للمتقاعدين والتي كانت في الجداول السابقة عبارة عن مقطوعة بحوالي 200 ألف ليرة ، ونتيجة هذا الغبن تمّت إعادة النظر بهذه الزيادات وكذلك بالدرجات الممنوحة لأساتذة التعليم الثانوي بحيث جرى التداول برفعها من ثلاث إلى ست درجات، وبالتالي هذه التعديلات استوجبت القفز فوق سقف الـ 1200 مليار، ما فرض البحث عن مصادر تمويل جديدة.

أمّا الشقّ الثاني فعبارة عن رأي بوجوب أن يتزامن إقرار مشروعي السلسلة والموازنة بالتوازي، ومن أشدّ المتحمسين لهذا الرأي النائب ابراهيم كنعان الذي يناقش مشروع الموازنة على رأس لجنة المال والموازنة، ويقول إنّه تمكّن من تحقيق بعض الوفر المالي في مشروع الموازنة، من شأن ذلك أن يشكّل مصدراً مهماً لتمويل السلسلة، نتيجة إيقاف بعض الإيجارات لمصلحة إدارات الدولة وإيقاف المساعدات الممنوحة لبعض الجمعيات التي لا تتوخى الربح، والتي هناك علامات استفهام حول حقيقة وجودها، وتوفير في المبالغ المطلوبة كتجهيزات وأثاث مكاتب وزارات وإدارات رسمية. من هنا تشكل هذه النقاط مصدر خلاف بين الكتل النيابية.

واتضح لـ"الجمهورية" عشية الجلسة التشريعية اليوم أنّ السلسلة تقف على مفترق حسّاس، ظهرَت فيه كلّ القوى في وضعٍ مربَك تحاول تلمُّسَ مخرجٍ لمأزقِ السلسلة يَحول دون أن يترتّب على إقرارها أو عدمه أيّ تداعيات محتملة، فيما تعالت الدعوات إلى تحرّكات تصعيدية من بعض الأحزاب، كالكتائب الذي ينفّذ وقفةً احتجاجية اليوم، وأيضاً من حركات نقابية، ضدّ المنحى الضريبي الذي يمكن أن يقترن به إقرار السلسلة.

واعتبرت "الجمهورية" أن السلطة لم تقدم ولو دليلاً واحداً على مبادرة صادقة وفاعلة أو رؤيةٍ للمعالجة لإنقاذ المريض، على رغم أنّ عناصر العلاج امامها لا تتطلب سوى المبادرة الى منعِ التهريب المتفاقم و"على عينك يا تاجر"، ووضع حدّ للفساد المستشري في الإدارة، والرشاوى في المؤسسات، وسدّ مسارب هدر المال العام المتجلّية تحديداً في المصروفات غير المجدية وجيش المستشارين والإيجارات الضائعة للدولة، و"الصناديق السوداء" عند بعض النافذين، والمصروفات السرّية غير المرئية، وغيرها كثير لا يُعدُّ ولا يحصى في الدوائر العقارية والضمان ومؤسسات أخرى، وصولاً إلى الإصرار على الصفقات المصلحية ووقفِ العمل غير المبرّر في صفقات تُربح الخزينة، على شاكلة ما كشفَه مرجع سياسي لـ"الجمهورية" حول مناقصة لإنشاء محطة عائمة لتخزين و"تغويز" الغاز الطبيعي، التي وافقت عليها الحكومة قبل سنوات، وما زالت معطّلة رغم أنّها توفّر ما لا يقلّ عن مليار دولار على الرصيد التجاري من استيراد الديزل والمعدّات المتعلقة بالمولدات الخاصة، ناهيك عن الأثر البيئي الإيجابي لها.

بري: ماشي بالسلسلة

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره: "كما سبق وقلت أنا ماشي بالسلسلة باعتبارها حقّاً لأصحابها طال انتظاره، وهي البند الاوّل، وعلى إقرارها يتوقّف كلّ شيء، وإن لم تقَرّ فكلّ شيء سيتوقّف".

أتى كلام بري، بالتوازي مع الاجتماع الذي عقِد في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري وحضور القوى السياسية الممثّلة في الحكومة، والذي بَرز فيه 3 محاور:

• محور يريد الموازنة قبل السلسلة (التيار الوطني الحر).

• محور يريد الالتزام بسقف 1200 مليار دون زيادة (الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل).

• محور يريد السلسلة أوّلاً مع إضافة زيادة المتقاعدين ودرجات المعلمين، وسعى إلى تدوير الزوايا في معالجة هذه النقطة، ولا يمانع بالتجزئة ("أمل" و"حزب الله")، وبحسب مصادر المجتمعين، الاتّجاه الأقوى هو نحو الذهاب إلى التجزئة.

علمت "الجمهورية" أنّ هناك مسعى جدّياً لتقريب وجهتَي النظر من خلال مخرج يتيح العودة الى المادة 20 من السلسلة والتي تجيز لمجلس النواب فتح اعتمادٍ من خلال الموازنة، وبالتالي يسير المجلس بالمراحل الثلاثة معاً: أي السلسلة والموازنة وفتح الاعتماد.

وقالت مصادر المجتمعين لـ"الجمهورية": "ما يختلف عن المرحلة السابقة في مناقشة الموازنة أنّ الكلّ يتعامل معها على أنّها ستقَرّ من دون مناورات، واتّفقت كلّ المكوّنات السياسية المشاركة في التفاوض حولها على خارطة طريق من ثلاث نقاط: حفظ الاستقرار المالي، حفظ الاستقرار السياسي، وإعطاء الحقوق لأصحابها". وكشفَت المصادر أنّه سيُصار الى رفعِ كلفةِ السلسلة التي ستتضمّن حقوقَ المتقاعدين مقسَّطةً على 3 سنوات بحيث تتراوح بين 1200 و1600 مليار.

وأشارت مصادر "الأخبار" إلى "تحقيق خرق تمثل بتأكيد المستقبل والقوات والاشتراكي على مبدأ إنصاف المتقاعدين وإعطائهم حقوقهم".

واختصرت مصادر متقاطعة من مختلف الكتل النيابية أجواء "السلسلة" بالقول لـ"المستقبل": "الأمور مرهونة بخواتيمها وهي لا تزال حتى الساعة (قرابة منتصف الليل) تراوح بين التشاور والتفاؤل والترقب الحذر بانتظار ما ستخلص إليه توافقات ربع الساعة الأخير".

واعتبرت "الديار" أن البرلمان اليوم سيشهد اختبارا جديا لنيات الكتل النيابية، فعند "الامتحان يكرم المرء او يهان"، اليوم ستكشف الحقائق امام اللبنانيين، وسيتبين ما اذا كان تيار المستقبل والقوات اللبنانية قد تخليا حقا عن دورهما في حماية المصارف واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة؟ وكذلك ستنكشف حقيقة تأييد الكتل النيابية الاخرى لاقرار "السلسلة"؟ ولعل العاملين اللذين يدعوان الى التفاؤل في هذا السياق، هما حاجة العهد الى انجاز جديد، وحاجة النواب الى "تسليف" الناخبين "رشوة" انتخابية على مسافة اشهر من الانتخابات النيابية.

في المقابل، وصفت مصادر الهيئات الاقتصادية لـ"اللواء" اللقاء مع الرئيس الحريري "بالممتاز" والصريح، وحذرت بشكل واضح من وضع ضرائب جديدة غير مدروسة لما سيكون له من انعكاسات سلبية على الاقتصاد والأوضاع المالية، مشيرة إلى ان الرئيس الحريري كان متفهماً لما تمّ طرحه، الا انها أكدت على ضرورة إقرار السلسلة لأنها حق طبيعي لمستحقيها، غير انها طالبت ان تكون الأرقام واضحة وضمن السقف، لأن الأمور تغيرت ولم تعد شفافة وواضحة بالنسبة الى التمويل، كما كانت خلال الاجتماعات التي عقدت بين الهيئات والمعنيين في وقت سابق. ونقلت المصادر عن الرئيس الحريري معرفته تماماً بدقة المرحلة ورفضه السير بأي قرار غير مدروس وواضح في هذا الإطار، مشيرة في هذا الصدد إلى التبعات المالية لإقرار السلسلة في حال عدم وضوح الإيرادات وفق زيادة في العجز وتضخم في ظل تراجع اقتصادي ملموس.

المصدر :لبنان 24