اعتبر الأمين العام لـ"لتنظيم الشعبي الناصري" أسامة سعد أن معركة جرود عرسال "أكّدت مرة جديدة ان التعاون بين الجيش والمقاومة أساسي لمواجهة الخطر الإرهابي، بعد أن تبين ذلك أيضا في العام 2006 أهميته في مواجهة العدوان الصهيوني"، مشددا على كون "التصدي لخطر الإرهاب، فضلاً عن التصدي للاعتداءات الصهيونية، إنما يحظيان بتأييد واسع في مختلف الأوساط اللبنانية، كما يحظى رجال المقاومة وجنود الجيش بكل التقدير والاحترام لدورهم في حماية الشعب اللبناني والأرض اللبنانية".
وأشار سعد في حديث لـ"النشرة" الى أن "لبنان ليس البلد الوحيد في العالم الذي تشارك فيه قوة شعبية مسلحة، إلى جانب القوى المسلحة النظامية، في الدفاع عن الوطن"، مذكرا بـ"التقصير التاريخي والمستمر للنظام اللبناني في بناء الجيش وتزويده بالسلاح النوعي الذي يتيح له مجابهة أعداء لبنان، وفي مقدمتهم العدو الصهيوني والجماعات الإرهابية".
جهود الجيش والمقاومة
ورأى سعد أن "الأصوات التي اعترضت على عملية عرسال، أو على مشاركة المقاومة فيها، هي الأصوات ذاتها التي كانت قد وفرت في السابق الرعاية والاحتضان لجماعة النصرة والجماعات المشابهة تحت عنوان: "دعم الثورة السورية"، كما حاولت الاستفادة من هذه الجماعات سواء في البقاع، أم في طرابلس وصيدا وسواها، لكسر التوازن السياسي الداخلي لمصلحتها".
واذ دعا الى "رسم استراتيجية دفاعية تتكامل فيها جهود الجيش والمقاومة والهيئات الشعبية، وتؤمن للبنان القوة والمناعة في مواجهة التهديد الصهيوني والخطر الإرهابي"، اعتبر ان "العملية التي يخوضها حزب الله لتطهير جرود عرسال من الجماعات الإرهابية تستهدف تحرير أرض لبنانية منها، كما تستهدف حماية الداخل اللبناني من عمليات التفجير والعمليات الانتحارية التي سبق وأن استهدفت عدة مناطق لبنانية، وأوقعت ضحايا وألحقت الضرر البالغ بالأمن والاستقرار"، لافتا الى انّها "تتم بالتعاون والتكامل مع الجيش اللبناني الذي يتولى بدوره حماية بلدة عرسال من إرهابيي النصرة، ويصد بالمدفعية محاولاتهم للتوجه نحو البلدة للإفلات من الطوق الذي أحكمته المقاومة حولهم".
وضع عين الحلوة!
وتطرق سعد للوضع الأمني في مخيم عين الحلوة لافتا الى انّه "هادئ حالياً، ونتمنى أن يستمر كذلك، غير أننا لسنا مطمئنين إلى ثبات الاستقرار في المخيم، ذلك لأن العوامل التي أدت في السابق إلى التوتر والاشتباكات لا تزال قائمة، وإن تكن غير ظاهرة بشكل بارز"، لافتا الى ان "المعالجات التي حصلت لأوضاع المخيم كانت سطحية وموقتة، ولم تتصدّ لجذور المشاكل التي يعاني منها سكان المخيم، علما بأن العوامل المشار إليها متعددة ومتشابكة وذات أبعاد مختلفة سياسية واجتماعية وأمنية".
وقال: "على الصعيد السياسي والأمني نذكر وجود الجماعات المتطرفة وما اكتسبته من نفوذ وسيطرة في المخيم في ظل انكفاء القوى الوطنية الفلسطينية وتراجع دورها. كما نذكر التهميش الذي لحق بموقع المخيم ودوره على صعيد النضال الوطني الفلسطيني، ولا سيما النضال من أجل حق العودة". وأضاف: "في المقابل، ساهم التعامل الرسمي مع المخيم في مضاعفة الخلل المشار إليه. فالنظرة الرسمية إلى "عين الحلوة" وسكانه كانت ولا تزال نظرة أمنية ضيقة تقوم على اعتباره بؤرة أمنية لا غير. وجاء التعامل الرسمي مع سكانه مبنياً على هذه النظرة الضيقة والقاصرة، واتبع أساليب التضييق عليهم في العديد من المجالات وعدم إعطائهم الحد الأدنى من حقوقهم، يُضاف إلى ذلك الأوضاع المعيشية والخدماتية المزرية التي يعاني منها سكانه، وأيضاً حرمان الفلسطينيين عموماً من الكثير من الحقوق المدنية والإنسانية".
وشدد سعد على ان "أي معالجة جدية لأوضاع المخيم لا بد لها أن تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المشار إليها كلها، وأن تكون متكاملة سياسيا واجتماعيا وأمنيا" داعيا الى "إعادة درس الإجراءات الأمنية المطبقة بحيث لا تؤدي إلى النقيض مما تستهدفه، أو إلى مفاقمة معاناة سكان المخيم. وهي المعاناة التي تستفيد منها الجماعات الإرهابية المتطرفة، وتوظفها في خطابها التحريضي لكسب النفوذ والتأييد، وبخاصة وسط الشبان المحبطين والعاطلين عن العمل الذين يجدون كل الآفاق مقفلة في وجوههم".
وأضاف سعد: "كما أنّه لا يُخفى أن الكثير من الأحداث والتوترات التي شهدها المخيم لم تكن من دون صلة بالمساعي المتكررة التي بذلتها أطراف لبنانية وقوى إقليمية لتوظيف المخيم لمصلحتها، في إطار الصراع الذي تخوضه ضد المقاومة في لبنان من خلال محاولات زجه في آتون الفتنة المذهبية. ومما لا شك فيه أن تضافر جهود القوى الوطنية اللبنانية، في مدينة صيدا خصوصا، مع الفصائل الوطنية الفلسطينية ومع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية كان له الدور الأكبر في إفشال تلك المساعي والمحاولات الفتنوية الخبيثة". واعتبر ان "النجاحات التي حققتها المقاومة وأجهزة الدولة اللبنانية في التصدي للجماعات الإرهابية ومخططات الفتنة لا تعني انتهاء خطرها"، مشددا على ضرورة الحفاظ على "درجة عالية من اليقظة، وأن نبقى على أهبة الاستعداد لمواجهة أي احتمال لتجدد محاولات التخريب والفتنة".
الضرائب وذوي الدخل المحدود
وتناول سعد موضوع سلسلة الرتب والرواتب، مؤكدا أنّها "حق لأصحابها، وقد حرموا منه لمدة عقدين من الزمن حيث بقيت الرواتب مجمّدة في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف المعيشة بما لا يقل عن 150 بالمئة. زيادة على ذلك جاءت السلسلة مشوهة وغير منصفة لعدة قطاعات". وفيما استغرب ربط السلسلة بالضرائب، وأشار الى أنها "يفترض أن تكون جزءا من الموازنة، وكذلك الضرائب التي سيجري استخدامها لتمويل الموازنة ككل"، شدد على "رفض الضرائب التي تطال ذوي الدخل المحدود، مثل الزيادة على القيمة المضافة ورسوم المعاملات وسواها". وأضاف: "لا شك أن من الضروري وضع ضرائب تصاعدية تطال القادرين على دفعها، ولا سيما على الريوع المصرفية والمضاربات العقارية. تضاف إلى ذلك استعادة الموارد الضائعة للدولة، ولا سيما من الأملاك العامة البحرية والنهرية وسواها، فضلا عن وقف مزاريب الهدر والفساد. علماً بأن العديد من الخبراء الاقتصاديين يجزمون بأن الأموال الضائعة بسبب الهدر والفساد قادرة لوحدها على تمويل السلسلة، بل على إعادة التوازن أيضاً إلى موازنة الدولة".
ونبّه سعد من امكانية أن تلجأ "الاحتكارات المهيمنة على قطاعات اقتصادية أساسية عديدة إلى زيادة الأسعار بذريعة السلسلة، وهو من شأنه مفاقمة الأوضاع المعيشية الصعبة لغالبية اللبنانيين الذين يعانون من البطالة، والتراجع المتواصل لمستويات المعيشة وانهيار الخدمات العامة وأزمات الماء والكهرباء وسواها". وأضاف: "لذلك فإننا في التنظيم الشعبي الناصري، وفي سائر القوى الوطنية والتقدمية، نواصل التحرك ضد الضرائب الظالمة، كما نواصل التحرك دفاعاً عن حق اللبنانيين في حياة كريمة".
مستعدون لخوض الانتخابات
وعن الانتخابات النيابية والقانون الجديد قال سعد: "لقد طالبنا، كتنظيم شعبي ناصري وكقوى وطنية وتقدمية، بقانون انتخاب خارج القيد الطائفي قائم على النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة، فمثل هذا القانون من شأنه أن يحد من الانقسامات الطائفية والمناطقية، وأن يساعد على تحصين لبنان في مواجهة عواصف التقسيم المندلعة في المنطقة، فضلاً عن أن النسبية تفسح في المجال أمام وصول ممثلي مختلف الاتجاهات السياسية والانتماءات الاجتماعية"، معتبرا ان "القانون الذي نطالب به يساعد على فتح باب التغيير وإنقاذ لبنان من هيمنة الطبقة السياسية الفاسدة المسيطرة". وأضاف: "في المقابل يبدو واضحا أن القانون الذي تم إقراره لا يساعد على تحقيق الأهداف المذكورة، بل هو يعاكسها على الرغم من إدخاله مبدأ النسبية، إلا أنه جاء بشكل مشوه. فالإبقاء على القيد الطائفي، إضافة إلى تقسيم الدوائر على قاعدة الصفاء الطائفي في معظم الأحيان، من شأنهما أن يعززا الخطاب الطائفي، وأن يعمقا الانقسامات الطائفية، مما يؤدي إلى إضعاف مناعة لبنان في مواجهة عاصفة التقسيم. يضاف إلى ذلك أن القيد الطائفي، والتقسيم الطائفي للدوائر، يفقدان مفهوم النسبية مضمونه الديمقراطي التمثيلي".
واعتبر سعد أنّه "لا يخفى على أحد أن القانون الجديد قد جرى تفصيله على مقاسات القوى الطائفية السلطوية وبالتفاهم في ما بينها. وذلك بهدف تثبيت هيمنتها على السلطة وتجديد شرعيتها الشعبية التي أصيبت بالاهتزاز نتيجة عجزها وفشلها وفسادها". وأضاف: "أما من جهتنا، فالانتخابات بالنسبة لنا هي معركة سياسية نخوضها، كما نخوض يوميا المعارك السياسية والمطلبية والشعبية الأخرى، وذلك دفاعاًعن حقوق الناس ومصالحهم، ومن أجل الوصول إلى العدالة الاجتماعية والدولة المدنية".
وأكّد سعد خوض الانتخابات "بالتعاون مع القوى والشخصيات التي نلتقي وإياها على هذه المبادئ والتوجهات. وفي الوقت ذاته سنواصل التحرك والنضال بمختلف الأشكال للوصول إلى القانون الانتخابي الذي يشكل المدخل إلى التغيير الذي يطمح إليه الشعب اللبناني".