تحت رعاية رئيس "مجلس الجنوب" الدكتور قبلان قبلان، وقّع الإعلامي هيثم سليم زعيتر كتابه الجديد "الجنوب وتحديات التنمية"، في "مجمّع الرئيس نبيه بري الثقافي" –
الرادار – المصيلح.
شارك في الاحتفال حشد لبناني وفلسطيني تقدّمه: ممثل رئيس مجلس النوّاب نبيه بري الدكتور قبلان قبلان، رئيس "لجنة حقوق الإنسان النيابية" النائب الدكتور ميشال موسى، سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، فضلاً عن ممثّلي قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية وفاعليات روحية إسلامية ومسيحية ورسمية وقضائية ومدراء عامون ورجال أعمال ومسؤولي أحزاب وفصائل وقوى لبنانية وفلسطينية، ورؤساء اتحادات بلديات وبلديات وروابط مخاتير وأعضاء مجالس بلدية ومخاتير، ورؤساء وممثّلي جمعيات وهيئات اجتماعية واقتصادية ونقابية ونسائية وشعبية ووجوه اجتماعية وإعلامية.
* بعد النشيد الوطني اللبناني، قدّم للاحتفال الإعلامي علي دياب، مؤكداً عمق العلاقات اللبنانية – الفلسطينية المتجذّرة على مر السنين، ومنوّهاً بدور الإعلامي زعيتر، وما يقدّمه في كتبه بمواجهة العدو الصهيوني.
زعيتر
* ثم تحدّث مؤلِّف الكتاب الإعلامي هيثم زعيتر فقال: "من دواعي سروري أنْ نلتقي هنا في توقيع هذا الكتاب "الجنوب وتحديات التنمية"، ربما يتساءل البعض عن أنّ هذا الكتاب يختلف عن الكتب الأربعة السابقة "لحظات من عمري في فلسطين"، "الأوائل على درب فلسطين"، "فلسطين... دولة"، و"زلزال الموساد .. العملاء في قبضة العدالة"، ولكن من أجل تبيان الحقيقة، فإنّ هذا الكتاب "الجنوب وتحديات التنمية" يصبُّ أيضاً في سلسلة المؤلّفات التي بدأت بها، وتتحدّث عن الصراع العربي مع العدو الصهيوني".
وأضاف: "نحن في أجواء عاشوراء، فداء وتضحية الإمام الحسين (عليه السلام)، نستعيد النضالات في وجه الظلم، الذي يمثّله في هذا الزمان، العدو الصهيوني وأدواته على اختلاف مسمياتها وعناوينها. نستذكر الزيت المغلي ضد الاحتلال الإسرائيلي في عاشوراء النبطية عام 1983، في هذا اليوم بالذات نلتقي مع ذكرى فتى حطّم أسطورة الـ "ميركافا" الإسرائيلية، إنّه الفتى فارس عودة، الذي عندما قدّمتُ كتاب "الأوائل على درب فلسطين" للرئيس نبيه بري تأمّل به كثيراً، وقال: هل لي بكتاب عن محمد الدرّة وفارس عودة، الآن نقول بأنّ هذا الكتاب قد أُنجِز عن محمد الدرّة وفارس عودة ومحمد أبو خضير، الفتى الذي أسقاه الاحتلال البنزين قبل أنْ يُشعِل النار به".
وتابع: "إنّنا هنا في مركز ثقافي يحمل اسم الرئيس الأستاذ نبيه بري، ويشكّل منارة ثقافية، وما أحوجنا إلى الثقافة والحوار، وكان الرئيس في طليعة الدُعاة إلى الحوار والتلاقي من أجل الخروج من النفق المُظلِم. ونحن هنا في نقطة تلاقٍ وسطي بين مختلف المناطق الجنوبية، في هذا المركز الثقافي على مقربة من "مسجد الإسراء والمعراج"، وعلى بُعد مئات الأمتار من "سيدة المنطرة" في مغدوشة، فإنّ ذلك يؤكد نموذج العيش الوطني الطبيعي، الذي يمتاز به الجنوب، وهذا ما يجسّد حقيقة أنّ مآذن المساجد وقرع أجراس الكنائس توأمان في مواجهة عدو وحيد، هو العدو الصهيوني، الذي يستهدف المساجد والكنائس، وها هو في عدوانه الأخير على قطاع غزّة قد دمّر 271 مسجداً وكنيسة و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية، ويتزامن ذلك مع تدمير ممنهج للمساجد والمقامات الدينية في العراق وسوريا بأيدي إرهابيين لا يمتّون إلى الإسلام بصلة، يقتلون بإسم الدين وهو منهم براء، وذلك ليس مصادفة، لأنّ مخطّط العدو الصهيوني هو أنْ نتعوّد على سماع أنباء تدمير المساجد والكنائس والمقامات، لتكون له ذريعة للتقسيم الزماني للمسجد الأقصى، بعدما استخدم ذلك في الحرم الإبراهيمي في الخليل، ثم كرّس التقسيم المكاني، وهو ما يُخشى أنْ نواجهه في الأقصى الجريح، ويصبح الاعتداء على المسجد الأقصى وتدميره، مجرّد رقم يُضاف إلى أرقام المساجد المُعتدى عليها، تمهيداً لإقامة "هيكل سليمان" المزعوم، ويتزامن ذلك مع "سايس – بيكو" الجديد، حيث نجد تقسيماً للمُقسَّم من عالمنا العربي، بإقامة دويلات عرقية ومذهبية تُعطي مُبرِّراً لإعلان "دولة إسرائيل اليهودية"، والرد على ذلك يكون من خلال حوار حقيقي جدي، لتفكيك الألغام والصواعق من العقول المفخّخة، التي تصب في مصلحة العدو الصهيوني، ومن حظّنا أنّنا هنا في أكناف بيت المقدس، وهو اختيار رباني بأنْ يكون لنا شرف مواجهة هذا العدو الغاصب".
وأردف: "لا بد إلا أنْ نُحيّي المقدسيين المُرابطين في الأقصى وبيت المقدس، الذين يقاومون كلٌّ بطريقته وما استطاع إليه سبيلا، على الرغم من التخاذل بالدعم المطلوب، وأضعف الإيمان الوفاء بالالتزامات التي أُقِرَّت في القمم العربية من أجل نصرة الأقصى والقدس".
وواصل القول: "هذا الكتاب يتحدّث عن مقاومة الاحتلال ومقاومة الحرمان، فالاحتلال والحرمان صنوان ومقاومتهما واجب، ولقد نجحت المقاومة بتحقيق الانتصار ودحر الاحتلال عن الجزء الأكبر من الأراضي وبقيت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا".
وشدّد على أنّه "من حسن حظي أنْ يتحدّث في حفل التوقيع هذا، العزيز الأستاذ محمد السعودي، رئيس بلدية صيدا، بوابة الجنوب، وعاصمة المقاومة والتحرير، وعاصمة الشتات الفلسطيني، الذي أعطى نموذجاً رائداً في التنمية. وأيضاً رئيس "مجلس الجنوب" العزيز الدكتور قبلان قبلان، إبن ميس الجبل، توأم الروح مع فلسطين المحتلة، وما حقّقه المجلس تحت رعاية دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، بمتابعة دؤوبة من رئيسه الأخ العزيز الدكتور قبلان، الذي يصبُّ في مواجهة الحرمان والظلم، ويُشكّل إنجازاً هاماً، فبدلاً من السجن أضحت هناك مدرسة، وبدل الحرمان من المياه حفر في الصخر، فتفجّرت ينابيع تغذّي بلدات الجنوب، وحوّل المجلس الحرمان إلى إبداع باستعادة الحق السليب، وفي مقدّمها مياه الوزاني، أو بتحويل العديد من الأنهر والينابيع التي تذهب هدراً في البحر إلى مشاريع مائية، وفي كل مكان باتت هناك بصمة لـ "مجلس الجنوب" بحيث شكّل المجلس نموذجاً رائداً، وأصبح هناك مَنْ يتمنّى أنْ يكون لمنطقته مجلساً، وها نحن نشاهد ذلك من خلال طلب أنْ يكون هناك مجلس لمنطقة عكار والشمال".
وقال: "نلتقي في توقيع الكتاب الخامس "الجنوب وتحديات التنمية"، ولنا جملة من التأكيدات بحضور "الموزاييك السياسي" اللبناني - الفلسطيني، فأنا أؤكد أمامكم أنّ الفلسطينيين في لبنان يجمعهم إطار مشترك واحد، تحت مظلّة سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، حيث يلتقون على اختلاف مشاربهم، ولن تؤثر الخلافات السياسية مركزياً على الواقع الفلسطيني في لبنان، فهم إلى جانب الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وكما دانوا الاعتداء على الجيش في نهر البارد عام 2007، وأيضاً خلال الاعتداء على الجيش في أكثر من مكان، ورفضوا زجَّ أنفسهم في تجاذبات الصراع الداخلي اللبناني، هم يقفون اليوم إلى جانب الدولة اللبنانية والجيش الوطني بقيادة العماد جان قهوجي. الجيش الذي قدّم الشهداء والجرحى في مواجهة العدو الصهيوني والخلايا الإرهابية، وتعرّض لقصف من بعض السياسيين، وهو اليوم لم يعد بحاجة إلى تغطية سياسية، بل إنّ معمودية الدم التي قدّمها هي التي تُعطي صك الشهادة بالوطنية".
واستدرك: "كم هو جميل أنْ تكون هذه الأيام شاهدةٌ على مثلها في العام 2006 عندما تجرّأ ضابط في الجيش اللبناني، أعني به اللواء عباس ابراهيم على دخول مخيّم عين الحلوة، وفتح صفحة جديدة من التعاطي مع الملف الفلسطيني، وقد جنّبت هذه الخطوة الجريئة البلاد الكثير من المآسي والويلات التي لا تحمد عقباها لبنانياً وفلسطينياً. والقوى الفلسطينية على مختلف مشاربها تلتقي الآن في إطار واحد موحّد هو إطار الفصائل والقوى الفلسطينية تحت رعاية سفارة دولة فلسطين والأخ الصديق السفير أشرف دبور، ولأوّل مرّة 19 فصيلاً فلسطينياً يلتقون بوفد واحد ليؤكدوا أنّه مهما اختلفت القيادات مركزياً فهم في لبنان موحّدون هدفهم واحد، العودة إلى فلسطين وتحقيق هذا الحلم الذي يراودنا منذ الصغر".
وتمنّى زعيتر "على الرئيس الأستاذ نبيه بري:
- أنْ تكون هناك خطوة جريئة من مجلس الوزراء ومجلس النوّاب بإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية وحق التملّك وتثبيت حق العمل للفلسطينيين، لأنّ ذلك يحصّن العيش بكرامة، ويُفشِل مشاريع التوطين، ويعزّز التمسّك بحق العودة إلى فلسطين.
- أنْ يُنتخب في عهد المجالس البلدية الحالية، رئيس ونائب رئيس لـ "اتحاد بلديات صيدا الزهراني"، حيث ما زال الاتحاد الوحيد في لبنان الذي لم يكتمل انتخاب رئاسته، على الرغم من أنّه أول اتحاد في الجنوب.
- أنْ يتم العمل على دفع وزارة المالية عائدات البلديات المتراكمة من الخليوي، لأنّ للبلديات دوراً كبيراً في التنمية، وفي هذه المرحلة أُضيف إلى مهامها الاستثمار في الأمن في مواجهة الإرهابيين، حيث تساهم هذه الواردات في تحريك عجلة الاقتصاد المناطقي".
وختم زعيتر: "الجنوب وتحديات التنمية.. كتاب جديد، يوثّق لدور البلديات في محافظة لبنان الجنوبي، أشكر جميع من كان لهم دور في المراحل كافة ليُبصر هذا الكتاب النور، وأشكركم على حسن مشاركتكم، ونتمنّى أنْ نلتقي في توقيع كتاب آخر في القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، ونحن على أبواب ذكرى الرئيس ياسر عرفات، الذي قال: "عَ القدس رايحين شهداء بالملايين".
السعودي
* وتحدّث رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي فقال: "نجتمع مجدّداَ مع الصديق هيثم زعيتر، في مناسبة موقعها وموضوعها الجنوب. قلم هيثم زعيتر كما عهدناه دائماً، محوره الجنوب والمقاومة وفلسطين، ولعل هذا ما يجعلنا نتطلّع شوقاً يوماً بعد يوم إلى كل إصدار جديد يطالعنا به، ولا بد لنا في كل مناسبة جنوبية من أنْ نذكر صيدا، لهذا السبب، ليس غريباً على كتاب عنوانه "الجنوب وتحديات التنمية" أنْ تحتل قلعة صيدا صورة الغلاف فيه، فما بين صيدا والجنوب ليس علاقة بين منطقتين مختلفتين، بل ما بين صيدا والجنوب وحدة حال".
وأضاف: "على مستوى التنمية، لن أُطيل الكلام حول كل المشاريع التي حصلت في مدينة صيدا، لكن يهمني أنْ أسلّط الضوء على تلك التي تهم صيدا والجنوب، حيث تمكّنّا في بلدية صيدا من إنجاز العمل في الكثير من المشاريع التي سيكون لها انعكاس ايجابي ليس فقط على المدينة، بل على الجنوب ككل، لما لصيدا من مكانة سواء على المستوى الاقتصادي في الجنوب أو على مستوى المحبّة والإلفة التي لطالما حرصت مدينة صيدا على بنائها في قلوب الجنوبيين جميعاً، ولما تُدين صيدا به للجنوب، نتيجة وجود القرى الجنوبية في مواجهة الاحتلال، لذا كان لا بد من أنْ تكون صيدا في الخطوط الخلفية، سنداً لكل القرى والبلدات الجنوبية".
وتابع: "لقد كان من المعيب أنْ تكون بوابة الجنوب تستقبل كل مَنْ يقصد الجنوب بجبل من النفايات، واليوم بحمد الله انتهينا من هذا الهم البيئي، وبقيت بعض الخواتيم. كما قمنا بتوسعة الحاجز البحري والمرفأ في المدينة، كي يواكب مستقبلاً حاجات الجنوب المتنامية إلى الاستيراد، وتوسعة مرفأ صيدا مما لا شك بأنّه يخفّض الكلفة في النقل من مرفأ بيروت، ويؤمِّن فرص عمل للصيداويين والجنوبيين على حد سواء، أما على مستوى الاستحقاق الانتخابي الذي يتناوله الكتاب، فنحن في ما خص المدينة، نترك تقييم عهدنا البلدي الذي شارف على النهاية، لأهلنا في صيدا والجنوب".
وختم السعودي: "لا بد من توجيه التحية إلى عنصر أساسي من عناصر التنمية في الجنوب، إلى كل مقاوم ومرابط على الخطوط الأمامية في مواجهة العدو الإسرائيلي. كما أتوجّه بالتحية إلى الحضور جميعاً، وأتمنّى للصديق هيثم زعيتر مزيداً من التقدّم والنجاح والعطاء الفكري والأدبي لخدمة قضايا المقاومة والجنوب".
قبلان
* وتحدّث راعي الاحتفال رئيس "مجلس الجنوب" الدكتور قبلان قبلان فقال: "مع هيثم زعيتر مرّة جديدة في كتابه الخامس، مع تحدٍّ من تحديات يضعنا أمامها جميعاً، هو تحدّي التنمية في الجنوب، التنمية عنوان من عناوين المرحلة الماضية والمرحلة الحاضرة، هذه التنمية التي كانت وما زالت صلب المقاومة، كانت وما زالت صلب الاستقرار، التنمية التي كانت من أكبر تحديات الدولة اللبنانية في ما مضى، هذه التنمية لو كانت في موقعها الصحيح لكان لبنان اليوم في موضع آخر، عنيتُ بأنّه لو كانت التنمية في الجنوب في الماضي لما كان هناك احتلال، ولو كانت التنمية اليوم في عكّار لما كان في عكّار ما هو فيها اليوم، ولو كانت في البقاع لكان البقاع أفضل حالاً، وعندما تكون مناطق لبنان وأطرافه أفضل حالاً، يكون لبنان في أحسن حال".
وأضاف: "قيل قديماً "إذا ذهب الفقر أو الجوع إلى مكان، قال الكفر: خذني معك"، الكفر يصاحب الجوع، ويصاحب الفقر، وهو قادر على تخطّي الجوع والفقر والوقوف في الواجهة، وعندما يكون الصراع مع الكفر، تكون الخسائر أكثر وأعمق".
وتابع: "كُتُب الأستاذ هيثم زعيتر الخمسة كلّها فيها تحديات، وهو يجمعنا دائماً أمام عناوين نحبّها ونتعلّق بها، عندما يتكلّم عن فلسطين، ونحن يجب أنْ تكون نقطة ضعفنا وحناننا ومحبّتنا فلسطين، هذه فلسطين المنسية اليوم، التي آخر دموع سُكِبَتْ فيها يوم استشهد محمد الدرّة، ومن بعدها نشفت وجفّت مقل هذه الأمة، وجمدت قلوبها ولم تعد ترى ولا تسمع ما يجري في فلسطين، وها هي اليوم تصرخ، تطلب أنْ يقف أحد معها أو إلى جانبها، تطلب أنْ يلتفت إليها زعيم عربي، تطلب أنْ تكون خبراً أوّلاً أو ثانياً في وسيلة إعلامية عربية، تطلب أنْ تكون حديثاً بين اثنين أو ثلاثة التقيا للحديث في السياسة أو غيرها".
وشدّد على أنّ "هذه هي فلسطين اليوم المنكوبة المستضعفة، فلسطين التي دفع العرب في الموصل ما يمكن أنْ يحرّر عشرات الدول كفلسطين، وبذلوا في دير الزور وحلب وحمص من الدماء التي يمكن أنْ تحرّر نصف العالم، وفعلوا في كل بلد عربي ما لو أعطوا جزءاً يسيراً منه لشعب فلسطين، لكانت اليوم فلسطين حرّة عربية، ولكان هذا اللقاء على مقربة من المسجد الأقصى".
وأردف: "يضعنا أمام تحديات كبيرة عندما يتحدّث عن الجيش اللبناني، هذا الجيش المستهدف اليوم، هذا الجيش الذي على حدوده مستهدف، وفي شماله وفي بقاعه مستهدف، وفي كل مكان مستهدف لأنّه درع الوطن الحامي، لأنّه آخر الحصون التي نلتجئ جميعاً ونقف خلفها، هذا الجيش الذي فيه أبناؤنا وإخوتنا، الذي يبذل الدماء الزكية في كل يوم، يدفع الشهداء والجرحى من أجل أن يبقى هذا الوطن".
وأكمل: "تحدياتنا كثيرة وكثيرة على مستوى البلد والأمة، تحدياتنا في الأمة أنّها اليوم أصبح ينطبق عليها القول المعروف والمأثور "إذا غضب الله على أمة أورثها كثرة الجدل وقلة العمل".. نعم نحن أمة قد غضب الله عليها وأورثنا اليوم كثرة الجدل، نحن اليوم أمة تحمل بعضها على بعضها الآخر، أمة تنكّل بعضها بعضاً، أمة تشوّه دينها، فتحوّله من دين الرحمة والتسامح والمحبة، إلى دين القتل والذبح والتفجير، تحوّله إلى دين مشوّه لا يمتُّ إلى دين الرحمة بصلة، أمة انقطع تواصل الرحمة والمحبة من أبنائها، أمة يُشوَّه دينها وهي تتفرّج، أمة انتهكوا مسجدها الأقصى وقتلوا الأبرياء في فلسطين، ولم تحرِّك ساكناً".
وأسهب بالقول: "اخترعوا لهذه الأمة أصدقاءً للشعب السوري، وأصدقاءً للشعب العراقي، وأصدقاءً للشعب اليمني، ومؤتمرات أصدقاء هذا الشعب أو أولئك، ولم تجد حتى اليوم أصدقاء للقرآن الكريم، أو أصدقاءً للمسجد الأقصى، أو أصدقاءً للشعب الفلسطيني، أو أصدقاءً لمقدّساتنا كل مقدّساتنا، نخترع الأصدقاء لما يضرّنا، حيث الكراهية وحيث الخلاف، نخترع الأصدقاء والمؤتمرات والاجتماعات، أما للمقدّسات فنُدير ظهورنا جميعاً، ولا نلتفت لا إلى مسجد تُمنّع فيه الصلاة، ولا إلى شعب يُقهَر. يُحرَق أطفال فلسطين أحياء. يُحرَق الأطفال ويُسكب عليهم الوقود ويحرقون، ولا حاكم أو مسؤول يلتفت أو يسأل أو ترفُّ له دمعة. إنّها قمة تحجّر القلوب، لقد تحجّرت قلوب هذه الأمة واسودّت، فغضب الله عليها، لأنّها تأكل بعضها بعضاً. لأنّها لا تلتفت إلى شعبها وإلى أهلها".
وأكد "إنّنا بحاجة اليوم إلى وقفة جريئة، وإلى وقفة صريحة مع أنفسنا، إلى أين نحن ذاهبون، ما دخل ما يجري في أوطاننا العربية، كم أصبحت كلفة إعمار ما تهدّم حتى اليوم، أليست بآلاف المليارات من الدولارات، هذه الآلاف من المليارات ماذا نصنع بها لو كانت قد وُفِّرَتْ من الدمار، ومما يجري؟! تحدياتنا كثيرة وكثيرة، ولو كان هناك من عقلاء لأنْ يلتفتوا إلى مصير هذه الشعوب، قبل أنْ يبحثوا كما قال الإمام السيد موسى الصدر: "يبحثون عن أوطانهم في مقابر التاريخ"، إذا لم يقف العرب عند ما يجري، ويُعيدوا الأمور إلى مكانها الطبيعي، ويعيدوا البوصلة إلى فلسطين".
وأضاف: "اليوم نضع عناوين جديدة للخلاف، خلاف بين السُنّة والشيعة، وبين المسلم والمسيحي، وفي كل بلد عربي هناك عنوان للخلاف، هذا دليل على أنّه لا يوجد خلاف، بل إنّه يُخترع خلاف حتى نتلهّى جميعاً في هذا الأمر. يُخترع الخلاف للأمة العربية، وعلينا أنْ نُعيد الأمور إلى نصابها، ولا يوجد أمر جامع لهذه الأمة إلا فلسطين، عندما كانت فلسطين قبلة العرب، بالصحيح والرياء، لأنّ بعضهم كانت قبلته صحيحة، وبعضهم كان يراهن على غير فلسطين، في الصحيح والرياء كانت فلسطين قبلة، وكنّا جميعاً بوضعٍ أفضل بكثير مما نحن فيه، وعندما تحوّلنا عن هذه القبلة، وصارت لكل مجموعة قبلتها ولكل جماعة هدفها، أصبحت التفرقة هي التي تحول بيننا جميعاً".
وختم قبلان: "نشكرك يا هيثم على أنّك تجمعنا، تجمع هذه النخبة من كل الطوائف والمذاهب والأحزاب، ومن أكثر من دولة، تجمع اللبناني والفلسطيني، المسلم والمسيحي، الشيعي والسني، اليميني واليساري، تجمع الجميع، نحن نحتاج إلى أنْ نلتقي على التواصل والحوار والتلاقي، في لبنان نحتاج إلى التلاقي والحوار، فكلفة التلاقي أقل بكثير من زمن الاختلاف، عندما نختلف على أمر ندفع كثيراً ثمن هذا الاختلاف، وعندما نلتقي فإنّنا نوفّر على نفسنا وعلى شعوبنا وعلى أهلنا، فلنتقِ الله في أوطاننا، ولنتقِ الله في مبادئنا وقيمنا ورسالتنا وقرآننا، ولنعد جميعاً إلى الجيوش وبين كل هذا وذاك، نحن لنا قبلة واحدة في هذا الجنوب. الجنوب قبلتنا المؤدية إلى فلسطين، المقاومة مسارنا المؤدي إلى التحرير، المقاومة التي هي عزُ وفخر هذه الأمة التي فيها الشهداء الكبار هم أطفال كنزيه قبرصلي، وفتيان كبلال فحص، وشباب كحسن قصير وزهير شحادي، وكل الشهداء، هم فتية وأطفال لكنّهم عمالقة صنعوا نصراً للجنوب، نصراً للبنان، ونصراً لهذه الأمة، هذا هو الشيء الذي نستطيع أنْ نرفع به رؤوسنا وأنْ نشمخ عالياً بأنّنا قادرون على هزيمة هذا العدو، هذا العدو إذا أردنا أنْ نهزمه، فإنّنا نستطيع أنْ نهزمه، بوحدتنا، بتكاتفنا، بإيماننا، بسيرنا بالمسار الصحيح نحو فلسطين، بأنْ تكون القبلة فلسطين، وأنْ نخرج من الخلافات التي تُصنع لنا والتي نسير فيها كالأغنام. التنمية تحدٍّ كبير، والمقاومة تحدٍّ، والوحدة تحدٍّ، وتحدينا الأكبر فلسطين، والتحدي الكبير هو ما يجري هذه الأيام على مستوى ساحة الأمة العربية والإسلامية. نسأل الله أنْ يُعيد الرشد والرشاد إلى عقول حكّام هذه الأمة، فتعود اللُحمة وتعود الوحدة، فيعود المسلمون إلى وحدتهم، ويعود المسلمون والمسيحيون إلى تعايشهم الصحيح الصادق، بعيداً عن الشعارات وبعيداً عن التكابر، ونعود جميعاً إلى القبلة الأساس، إلى فلسطين. شكراً لك أخ هيثم على أنّك جمعتنا وذكّرتنا وتذكّرنا دائماً بأوجاعنا، نسأل الله أنْ نلتقي في فلسطين، في المسجد الأقصى كي نشعر بعزّتنا وإنسانيتنا ووحدتنا وقوّتنا".
* بعد ذلك وقّع الإعلامي زعيتر للمشاركين كتابه، الذي يقع في 468 صفحة من الحجم الوسط؛ وأعقب ذلك حفل كوكتيل.