الاثنين 28 آب 2017 11:07 ص |
حسين يوسف.. نخجل من دمعتك |
* جنوبيات في أقسى الظروف وأكثرها ألماً ولوعةً تعرّف اللبنانيون إلى حسين يوسف، والد العسكري الشهيد محمد يوسف، الذي أُسر لدى تنظيم داعش مع رفاقه في الثاني من آب عام 2014 عندما كانوا في الجرود يحاربون دفاعاً عن الأرض، وعلى رغم الحزن الكبير الذي عاشه على مدى أكثر من ثلاثة أعوام إلى جانب باقي الأهالي. حافظ هذا الرجل على ألمه الراقي، حمل القضية وأبقاها حية في ضمير كلّ لبناني، وفي خيمة رياض الصلح بقي وحيداً في الآونة الأخيرة ينتظر بارقة أمل قدّ تحمل إليه نبأً ساراً، بقي متماسكاً رغم حزنه، عاش والأهالي أقسى العذابات، عن الخيبة والمرارة تحدث مراراً لاسيما عندما كان يعود من الجرود خائباً دون أن يوفق برؤية ابنه، كلّنا يذكر وجهه حين شاهد الجنود المحررين من قبضة جبهة النصرة، في وجوههم كبر أمله، وعلى رغم الخيبات والنكسات وفشل التفاوض بقي متماسكاً مسلّحاً بالتفاؤل . 1120 يوماً من الإنتظار الثقيل، عاشه والأهالي، ألف سؤال طرحه في سرّه عن حال فلذة كبده عن عذاباته، عن كيفية معاملته، إلى أن حصل ما كان يخشاه، النهاية المأساوية التي رفض تصديقها حتّى اللحظات الأخيرة أصبحت واقعاً مؤكداً. من اليوم لن يحلم حسين يوسف بعودة ابنه، من اليوم وصاعداً لن يتسلح بالأمل، بل سيعتصر الألم قلبه، لن يبلسم جراحه سوى بطولات سطّرها ابنه وسائر الشهداء الذين قاسوا الأمرين بقبضة عدو إرهابي، وكانوا جزءاً من عملية دحره عن هذه الأرض، وهم أوائل من قاتلوه . حسين يوسف نخجل من دمعك ونحن الذين ذكرناكم مرة ونسيناكم مراراً، فكنا نعرّج على الخيمة لأداء واجب إعلامي تمّ نكمل حياتنا وكأن شيئاً لم يحدث، نذرف دمعة تمّ نمضي في طريقنا تاركين آباءً أمهاتٍ وأبناءً وقد جفّت دموعهم وحرقتهم اللوعة وكسرهم الحزن. حسين يوسف ننظر إلى عينيك الحزينتين ووجهك الصامت فندرك أنك أيقونة الألم والصبر، نخجل من صمتك من رقيك من كبرك من صبرك من صمودك ومن حزنك الذي لن يعادله سوى مستوى الشهادة التي سطّرها محمد ورفاقه الذين أُسروا أثناء تأديتهم واجب الذود عن وطنهم، وحتّى آخر نفس ظلّوا متمسّكين بالواجب والقضية. حسين يوسف من الآن وصاعداً لن يبعونك أملاً لعيناً ولا وعوداً كاذبة وهم الذين نزلت عليهم لعنات شعبهم، بعد أن وضعوا أنفسهم في دائرة المقصّرين عن تحرير العسكريين منذ اليوم الأول، وهم الذين حجبوا عن جيشنا الباسل قرار قتال الجماعات الإرهابية منذ أكثر من ثلاث سنوات. وعلى رغم الإنجاز الكبير الذي حققه الجيش اللبناني بدحر آخر إرهابي عن أرضنا ووطننا، بقيت الفرحة ناقصة وعمّ الحزن كلّ لبنان بعد جلاء مصير العسكريين وطيّ ملفهم بصفحة سوداء تشبه قلوب من قتلوهم ومن تخاذلوا في قضية استرجاعهم.لا يختلف اثنان على قدسية الشهادة وأحقيتها، فكلّ لبناني اختار لنفسه الدفاع عن وطنه في كنف مؤسسة الجيش هو مشروع شهيد، وبدم كلّ شهيد يحيا الوطن وتُصان كرامته، والعسكريون الثمانية الذين انضموا إلى قافلة الشهداء افتدوا بدمائهم وأرواحهم وطنهم، وشكلوا جزءاً أساسياً من معركة تحرير الوطن والأرض والشعب من التنظيمات الإرهابية، إلا أنّ الخلاف على تقاعس من هنا وتخاذل من هناك تسببا بإطالة عذابات العسكريين وأهاليهم. إلاّ أنّ التاريخ يا أبا الشهيد سيكتب في صفحاته أنّ لبنان هو البلد الأول الذي دحر الإرهاببين عن أرضه بدماء أبطاله من أبناء المؤسسة العسكرية، وسيكتب أنّ حسين يوسف الذي آمن بالوطن قدّم وباقي أهالي العسكريين أغلى ما يملك فداءً للوطن ومضى يمسح دمعة على فراق أغلى الأحبة. المصدر :لبنان 24 - نوال الاشقر |