الاثنين 9 تشرين الأول 2017 09:32 ص

«شيعة مونرو»... «علمانيّون» ومتديّنون بـ«ثوب مذهبي»


* محمود زيات

«علمانيٌ» اقتضت «الضرورات التي تبيح المحظورات» ان يكون شيعيا... يخطب في الصالة بحماسة... «لإنقاذ الطائفة الشيعية من فئة مسلحة وفئة سياسية تستأثر فيها»... و«يساري» سابق يعلن النفير... «الثنائي الشيعي الممتد إلى إيران قد يأخذ الشيعة إلى حروب جديدة»، مع ومضة عاطفية يطلقها آخر... فرضتها ظروف «التكتيك»... «نتعاطف مع الضحايا الشيعة الذين يسقطون في سوريا!»، بالرغم من مآخذه على المشاركة العسكرية لـ «حزب الله» في سوريا، فيما يدور نقاش واخذ ورد،  حول اضافة عبارة «تعميم محاربة الفساد المستشري عند كل الاطياف، لا عند الشيعة فقط»..تُشطب من المحضر!، فيما يحضر جمع من شخصيات غير شيعية متوافقة مع المشاركين، بصفة «مراقب»، لان اللقاء شيعي... والوجهة التي رُسمت ..نحو الساحة الشيعية.
مع ظهور «الحالة الاسيرية» في عاصمة الجنوب صيدا، وتنامي عمليات التأجيج المذهبي ضد سلاح المقاومة، جاء من يقول من فريق «تيار المستقبل» في مجلس خاص، وبابتسامة لا تخلو من الشماتة... «خلِّيه «حزب الله» يخلِّص اذا فيه»، اما في حالة «لقاء المواطنة» الشيعي الذي قدم نفسه على انه متخصص بـ «نفض» الساحة الشيعية دون غيرها، تحت عنوان اساسه «الدق» بسلاح المقاومة كـ «طريق لبناء دولة المواطنة»... وبصوت شيعي... فان احدا لن يتوقع سماع قول مماثل لحالة الاسير، انطلاقا من ان معايير الاوزان وحجم التأثير على الشارع الشيعي، بالنسبة لـ«اللقاء»، تختلف عند احمد الاسير... فالمسألة بين الوزن واللا وزن.

 لبنانيون اولاً... وشيعة ثانيا ً

الاعلان عن «نداء الدولة والمواطنة» الذي ضم 60 من «اللبنانيين اولا، والشيعة ثانيا»، وفق ما جاء في الوثيقة التي اعلنت من صالة «مونرو» في بيروت قبل ايام، ترى فيه اوساط متابعة انه لم يحمل ما يميزه عن سائر البيانات الصادرة عن احزاب السلطة، لكن اللافت انه توجه الى الجمهور الشيعي على اختلاف توزعه الجغرافي في لبنان، دون غيرهم من اللبنانيين،  وهذه سابقة تُسجل «براءتها» لمهندسي «اللقاء» الذين نجحوا في اضافة «ابداع» جديد في عالم السياسة اللبنانية.
فور الاعلان عن الهوية الشخصية للمشاركين في «اللقاء»، تلفت الاوساط الى ان التصنيف السياسي لـ «اللقاء الشيعي» جاء سريعا، بالاستناد الى الاهواء السياسية التي جاء منها ناشطو «اللقاء» وتجاربهم في المنتديات التي كانت جزء من مكونات قوى الرابع عشر من آذار،  فهناك من سخر من «اللقاء» وتركيبته، فيما انخرط «يساريون» سابقون مقربون من «تيار المستقبل»، في حملات تسويقية لابراز «اهمية الخطوة» والمبالغة في اعتماد السقف العالي للموقف من «حزب الله» وسلاح المقاومة، وعلى ان «اللقاء» لن يكون مجرد اسم جديد يُطرح في السوق السياسية، بل خطوة نحو «التحول داخل الطائفة الشيعية»، لتأتي المقاربة التي قد تبدو هجينة لدى البعض، والقائمة على «ان التغيير في لبنان، يبدأ من الطائفة الشيعية»!.

 امل وحزب الله : ليلعبوا قدر ما يشاؤون

لكن المؤكد، ووفق اوساط متابعة، ان فريقا سياسيا نافذا، بارك قيام «اللقاء الشيعي» في مراهنة منه على الاستفادة من حالة شيعية من خارج اصطفاف «الثنائي الشيعي»، قد تُزعج «حزب الله» من خلال اثارة سلاح المقاومة، حتى ولو جاءت بالتزامن مع حملة عربية دولية متصاعدة ضد «حزب الله»، مع توفر امكانية طرحها ساعة تقتضي الحاجة،  للمساومة عليها في سوق الاستثمار السياسي، وقوى الرابع عشر من آذار لها باع طويل في هذا المجال، وتلفت الى ان محاذير عدة دفعت العديد من الشخصيات المستقلة متموضعة في معسكر الخصومة مع حركة «امل» و«حزب الله»، بالاِحجام عن «التورط» في لقاء سياسي تحت لافتة مذهبية، فالتبريرات التي اُعطيت حول الضرورات التي فرضت تشيُّع «اللقاء» واهية لا تشفع لها رؤية سياسية،  والقول ان الغاية ببناء الدولة المدنية تبرر اضفاء «الشيعية» على اللقاء استجابة لوسائل التكتيك، للتوجه الى اوسع جمهور شيعي، اوقع «اللقاء» في التباسات جوهرية لا يمكن تجاوزها لان «نداء» اللقاء دعا الى اقامة دولة مدنية، فيما برز رؤوس طامحة في موسم انتخابي تراه «واعدا».
وتتوقف الاوساط عند الاشارات الانتخابية التي اتسم بها «اللقاء الشيعي»، وهي جاءت لتُفسر ماهية المهمة الاساسية للقاء... الالتحاق في جبهة اخصام «حزب الله»، سعيا لاحداث تشويش في الساحة الانتخابية في المناطق ذات الاغلبية الشيعية، واندرج في السياق حضور ممثلين عن بعض رموز العائلات السياسية التقليدية التي شكلت اقطاعا سياسيا في الجنوب على مدى اكثر من سبعين عاما، آل الخليل في صور تمثلوا بنجل النائب الراحل كاظم الخليل، وآل الاسعد في مرجعيون وتمثلوا بنجل الرئيس الراحل كامل الاسعد، فضلا عن حضور ممثل عن الامين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، ليبدو اللقاء اشبه بماكينة انتخابية في دوائر متعددة، استحضرت على عجل لتكون جاهزة للالتحاق باي معركة انتخابية تخوضها احزاب منافسة  لـ«حزب الله»، في المناطق ذات الاغلبية الشيعية.
كل ذلك، يرسم خطا بيانيا لوظيفة «اللقاء»، يقوم على التصويب على المقاومة، كمبدأ اساسي من مبادىء اخصام «حزب الله»، بالتزامن مع تصاعد الحملة عليه من جهات عربية ودولية... وهو جوهر المشهد الملتبس الذي خرج به «لقاء المواطنة» الشيعي... من فندق «مونرو»، فيما «حزب الله» ما زال منشغلا مع حلفائه الاقليميين والدوليين، في المعارك التي ستعيد رسم خارطة المنطقة، ولم يكترث ابداً لهذا اللقاء لا هو ولا حركة امل حيث تقول مصادرهما: ليلعبوا قدر ما يشاؤون...

المصدر :الديار