عكست استقالة الرئيس سعد الحريري من مهامه مدى إستعداد السعودية لمواجهة إيران واذرعها في المنطقة، وخصوصا ذراع إيران في لبنان أي حزب الله، فهذه الإستعدادات ليست سعودية فقط بل أميركية ومنها ما هو اوروبي ومنها الآخر ما هو لبناني داخلي لاقى الحريري سياسيا فور استقالته، والوضع في المنطقة تجاه حزب الله سيتغير وما قبل الاستقالة لن يكون كما بعدها، لأن عزل حزب الله سياسيا إنطلق.
المرحلة الداخلية اللبنانية تعكس مدى الخوف على الوضع اللبناني السياسي والاقتصادي، وبالرغم من كل التطمينات المالية فإن الجميع خائف ويعرب عن خشيته في مجالسه، لأن القرار السعودي في إنهاء حالة حزب الله صدر بهدف فك الحصار الإيراني عن لبنان وشعبه كما تقول السعودية.
الحريري سيعود الى لبنان طبعا، ولكن كيف؟ هل يعود هاربا من السعودية ويقول للشعب اللبناني انه ليس مستقيلا وانه يتراجع ويتملص من كل ما حصل في السعودية ويمزق هويته السعودية؟ أم انه سيعود الى لبنان بحزام سعودي ناري يقوم عبره بمواجهة حزب الله سياسيا، ويترك الأمور الأخرى لأميركا وحلفائها في المنطقة؟
الجميع تلقف الصدمة السعودية - الحريرية، وخصوصا حزب الله الذي تعامل معها بواقعية واعتبر ان الاستقالة باتت بحكم الحاصلة، ولكنه يريد معرفة الأسباب لأنه قبل يوم واحد كانت الحكومة أولوية بالنسبة الى الحريري، فما الذي تغير وأي شروط فرضت على الحريري في السعودية، ولماذا تزامن اسقاط الحكومة اللبنانية مع التوقيفات في الداخل السعودي في ظل معلومات عن امكانية حصول انقلاب ما في الداخل السعودي من قبل امراء ورجال اعمال ووزراء وأمنيين.
الحريري كان جزءا من الخطة السعودية، وإقالته او استقالته باتت واقعة لأن رئيس الحكومة ليس من الضرورة ان يقدم ورقة لرئيس الجمهورية بل يمكن ان يبلغه عبر اي وسيلة حتى لو كانت اعلامية. المرحلة المقبلة ستكون مرحلة انتظار عودة الحريري الى لبنان لمواجهة حزب الله وإيران بكل الوسائل السياسية المتاحة، لانه مضطر للسير بالمواجهة، ومنها حصد اكثرية نيابية في المجلس النيابي في الانتخابات المقبلة، ومن المرجح ان تصرف حكومة الحريري الأعمال حتى حصول الانتخابات، لان السعودية ستمنع وصول اي رئيس حكومة الى الحكم في لبنان.
مصير النفوذ الإيراني في لبنان موضع بحث وكل الاحداث الحالية تجري على اساسه، لأن السعودية تركت لبنان لمدة طويلة واخلت الساحة لإيران ومن خلالها حزب الله.
الحريري "راجع" الى لبنان قريباً بعد اتمام كل مفاصل الصفقة السياسة المقبلة، وبعد رسم معالم السياسة سعوديا في لبنان، وهذه المعالم بدأت ترتسم من خلال لقاءات الحريري في السعودية. الحريري سيعود كما غادر على انغام "هلا بالخميس"، ولكن حتى جلاء الصورة وخروجه من السعودية يبقى القلق اللبناني عليه من الخصوم قبل الحلفاء وأهل البيت، ف "فهلا بالحريري" لبنان ناطرك.