لم تعد منطقة جزين بمنأى عن مشكلة النفايات المتفاقمة في العاصمة وضواحيها منذ أكثر من ثمانية أشهر، بل بدأت تأثيراتها السلبية تهدّد بيئة هذه المنطقة الفريدة بطبيعتها الخلابة لتطال أيضاً صحة المواطنين وسلامتهم.
وتشهد منطقة جزين منذ فترة عمليةَ غضّ نظر أو تراخٍ في ملاحقة موضوع النفايات المتسرّبة اليها من قبل المعنيين، وقد يكون ذلك نتيجة جهل أو عدم علم بحجم المشكلة، أو لاعتبارات أخرى غير مفهومة أو معلومة من قبل المواطنين.
وبناء على معلومات توفرت لـ"النهار" قصدنا أحد المواقع المحتملة، التي يتحدث عنها الأهالي وقد تحوّلت الى مطمر للنفايات، تنقل إليها عبر شاحنات كبيرة تعبر الطرقات الرئيسية والداخلية في منطقة جزين لتصل الى المكان المنشود، الذي يقع في خراج بلدة الغباطية في قضاء جزين.
وللتأكد من المعلومات قصدنا المكان وبعد أن قطعنا بلدة الميدان وعلى بُعد حوالي 50 متراً من لافتة لبلدية الميدان تشكر "زيارتكم" من الجهة الشرقية، تخرج عن الطريق الرئيسية التي تربط بلدة الميدان ببلدة جل ناشي لتدخل في طريق ترابيّ فرعيّ لا يمكن للسيارات العاديّة عبوره بسبب وعورته وكثرة النتوءات فاضطررنا الى استعمال جيب رباعي الدفع، قادنا عبر طريق ضيّق وصعب وسط أحراج من الصنوبر الجويّ وطبيعة خلابة تمجّد الخالق بروعتها.
وبعد مسيرة في المنحدر المذكور وعلى مسافة حوالي كيلومترين انعطفنا غرباً لنصبح فوق أراضي نهر بسري لتنكشف أمامنا بلدات الشوف المقابلة، وإذا بالسائق يطلب منّا إقفال شبابيكنا بسبب الرائحة الكريهة التي ستطالعنا مع اقترابنا من المكان المنشود.
وفجأة ينكشف أمامنا المشهد المؤسف كميّات كبيرة من النفايات التي تنبعث منها الرائحة الكريهة وتتجمّع حولها الحشرات وأسراب الذباب، ومع اقترابنا من المكان يتكشّف حجم الجريمة المرتكبة في المكان حيث حُفر خندق بعمق يصل الى 10 أمتار يُستخدم لطمر النفايات عندما تتجاوز كمياتها المستوى المعقول !
وفي اتصال مع مختار بلدة الغباطية الياس الحلو أكد الأخير أنّ هذه المشكلة "تعود الى عدّة أشهر، وقد حاولنا التصدّي لهذا الموضوع، لكن من دون جدوى، خاصةً أن قطعة الأرض المذكورة، صحيح أنّها في خراج البلدة، لكنها ملك لبلدية عماطور الشوفيّة".
وعبثًا حاولنا الاتصال ببلديّة عمّاطور للتأكد من المعلومات والاستفسار حول معرفتها بما يجري لكننا لم نفلح!
إزاء هذا الواقع نسأل من المسؤول عن تلويث هذه المنطقة البيئية بامتياز؟ ومن أين تأتي هذه النفايات وكيف تعبر كلّ هذه الطرقات لتصل الى هذا المكان المقفر دون أن يتنبّه لها أحد؟ ومن هي الجهة التي سمحت بدخول النفايات الى منطقتنا وما هي مصلحتها؟
أسئلة نضعها برسم المسؤولين والمعنيين في قضاء جزين، وبرسم الوزارات المعنيّة، للتحرّك لوقف التدمير البيئي الذي تتعرض له منطقة جزين، خاصة أنّ معلومات بدأت ترد عن مكبات عشوائية أخرى استحدثت في خراج بلدتي بسري وكفرفالوس في قضاء جزين!