الثلاثاء 15 آذار 2016 11:06 ص |
لماذا طلب المدير العام لـ"الأونروا" في لبنان إعفاءه من منصبه؟ |
لم تكن زيارة المفوض العام لوكالة لـ"الأونروا" بيير كرينبول إلى لبنان في التاسع والعاشر من شهر شباط/فبراير 2016م بهدف متابعة تصاعد احتجاجات اللاجئين الفلسطينيين بسبب تقليص خدمات لـ"الأونروا"، وإنما جاءت لإعطاء مدير مكتب لبنان في لـ"الأونروا" الدكتور ماتياس شمالي دعماً معنوياً، ولإقناعه بالعدول عن طلب إعفائه من منصبه بسبب الضغط الواقع عليه نتيجة المواقف الموحدة للاجئين السياسية والشعبية، وعدم مقدرته على مواجهة الاحتجاجات السلمية التي تطالب بتوفير حقوق إنسانية من صحة وتعليم وإغاثة، وهو (أي شمالي) الذي عمل في عدد من المنظمات غير الحكومية إذ عمل في مؤسستي الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليتين عشرات السنين، وعمل في مجال العمل التنموي في أثيوبيا وتنزانيا والسودان وكينيا وزيمبابوي، حتى إنه في عام 1993م ألّف كتابًا بعنوان: "دور الجمعيات المحلية في التنمية، تنزانيا وزيمبابوي وأثيوبيا"، وشهادة (الدكتوراة) التي يحملها من جامعة برلين تتعلق بالاقتصاد والتنمية، فهو يعلم جيدًا المعاناة الإنسانية للاجئين، لاسيما على المستوى الصحي، لكنه يقف مكتوف اليدين عاجزًا عن حل المشكلة، أو إقناع المفوض العام أو اللجنة الاستشارية لـلـ"الأونروا" بالعودة عن التقليصات، وبذلك بات منزوع الصلاحيات وينفذ سياسة رسمتها له إدارة لـ"الأونروا" بتوجيهات من الأمم المتحدة، وهذا ما بدا واضحًا خلال اللقاء الأخير الذي جمع القيادة السياسية الفلسطينية والسفير الفلسطيني أشرف دبور في مقر الأمم ببيروت في حضور ممثلة الأمين العام سيغريد كاغ، برعاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، يوم الجمعة 11/3/2016م، ولا يريد الرجل أن ينهي سجل عمله التاريخي الإنساني بعمل لا إنساني يتنكر لأهم متطلبات العيش الكريم للاجئين. معلومات طلب شمالي إعفاءه من منصبه التي سربتها مصادر مقربة من دوائر صنع القرار في لـ"الأونروا" أفادت بأن عدم لقاء المفوض العام خلال زيارته إلى لبنان القيادة السياسية واللجان الشعبية كان مقصودًا كي لا يسبب المزيد من الإحراج لشمالي والتأثير عليه، وإن اختيار شمالي لهذا المنصب كان بالتوافق بين المفوض العام لـ"الأونروا" والأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، وتسلم مهامه في منتصف شهر نيسان (إبريل) 2015م بعد شغور المنصب نحو ستة أشهر، قبل موعد إطلاق المفوض العام مؤتمره الصحفي بشهر واحد في 14/5/2015م، الذي أعلن فيه التقليصات الحادة التي ستشهدها الوكالة نتيجة النقص في الميزانية، ذلك أن إدارة لـ"الأونروا" ظنت أن خلفية العمل الإنساني للدكتور شمالي ستساهم في المزيد من تعاطف اللاجئين مع قرارات لـ"الأونروا"، وستكرس مفهوم أن لا خلفيات سياسية للتقليصات، بخلاف المدير العام السابق لــ"الأونروا" السيدة آن ديسمور التي جاءت من خلفية سياسية، إذ عملت سفيرة لبلدها السويد في لبنان سنة 1999م، لكن الحسابات اختلفت مع توحيد رؤية وأهداف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على مستوى القيادة السياسية، واللجان الشعبية والأهلية، والمجتمع المحلي، والحراك الشبابي في المطالبة بتراجع لـ"الأونروا" عن تقليصاتها، بما يحفظ منشآت وموظفي الوكالة، وزاد الطين بلة حجم التضامن الدولي مع مطالب اللاجئين، بأنشطة مختلفة بدأت في ألمانيا ثم مختلف الدول الأوروبية، لاسيما النمسا وبريطانيا، ما وضع مصداقية لـ"الأونروا" على المحك، فضلًا عن التعاطف الرسمي والأهلي اللبناني، وتعاطف بعض الدول المانحة، وهذا ما عبرت عنه مؤسسات أهلية فلسطينية زارت سفارات الدول المانحة في لبنان، مثل: النرويج وتركيا والاتحاد الأوروبي وأمريكا، التي كانت تستمع إلى رواية لـ"الأونروا" غير المكتملة فقط، ما زاد من حجم الضغوط على الدكتور شمالي لطلب الإعفاء. ولإعطاء شمالي دفعة معنوية إضافية، ولحثه على الاستمرار في منصبه؛ جاء على لسان المفوض العام لـ"الأونروا" خلال مؤتمره الصحفي الذي عقد في الحادي عشر من شباط (فبراير) 2016م، عندما سُئِل عن مطالبة اللاجئين الفلسطينيين بترحيل مدير لـ"الأونروا" في لبنان: "أي شخص في أي منصب عالٍ أو منصب قيادي يجب أن يواجه الصعوبات، ولا ينبغي أن يهرب منها، وعليه أن يعمل على البحث عن حلول". بعد مرور أكثر من شهر على زيارة المفوض العام لـ"الأونروا"، وإعطاء شمالي فرصة إضافية؛ لا يلوح في الأفق المنظور تراجع من قبل الوكالة، وفي المقابل لا تراجع من قبل اللاجئين، ونتيجة يبدو أن قرار الدكتور شمالي طلب الإعفاء سيتكرر هذه المرة ربما بصورة أقوى. المصدر :علي هويدي |