بعد 23 يوماً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقله سفارة بلاده من تل أبيب إليها، لم تخبُ المسيرات والتظاهرات والتحركات الاحتجاجية ضد القرار التعسفي.
وخلافاً لما كانت إدارة البيت الأبيض وسلطات الإحتلال الإسرائيلي تتوقعان بأن يتم "تنفيس" ردّات الفعل على هذا القرار خلال أيام، فإذا بكرة الثلج تكبر، وتتفاعل التحركات التي لم تقتصر على الشارع الفلسطيني، بل تعدت ذلك إلى المجالين السياسي والدبلوماسي، بما في ذلك عربياً ودولياً، حيث شكل تكتلاً داعماً للقضية والحق الفلسطيني في مواجهة التحالف الأميركي - الإسرائيلي، بل حشره في زاوية ضيقة.
وأمس سجل في "جمعة الغضب" الرابعة، مسيرات احتجاجية عمت كامل إرجاء فلسطين، تصدت لها قوات الإحتلال بقمع المتظاهرين بإطلاق الرصاص الحي والمغلف بالمطاط وقنابل الغاز والمسيل للدموع مع مواصلة الاعتقالات التي لا يستثنى منها الأطفال كما الشيوخ والنساء.
وقد سجل إصابة أكثر من 300 مواطن بين جروح في أنحاء متعددة من الجسم والاختناق بالغاز.
وبذلك تكون حصيلة الجرحى منذ اندلاع المواجهات في أعقاب إعلان ترامب الاعتراف بالقدس (6 كانون الأوّل الجاري) آلاف الجرحى و15 شهيداًً.
وأفشل الفلسطينيون محاولة الإحتلال اختطاف شاب من المتظاهرين خلال مواجهات في بيت لحم.
واعتقل الإحتلال عدداً من الشبان في تظاهرة بيت لحم، وعلى دوار المنارة في مدينة الخليل، وسيدة مقدسية بعد ضربها في منطقة باب العامود في القدس.
إلى ذلك، ما زال الهلع يسيطر على المستوطنين الصهاينة، حيث أصيبوا في مستوطنة ناح العوز في غلاف قطاع غزة، بالخوف لحظة انطلاق الصواريخ من القطاع، خلال احتفالية كانوا يقيمونها في ذكرى ميلاد الجندي الإسرائيلي المحتجز لدى المقاومة في غزة شاؤول أرون، حيث أطلقت صفارات الإنذار.
وتضرر أحد المباني في "شاعر جنيجف" بالنقب، فيما سقط صاروخ آخر في منطقة مفتوحة قرب المجالس الإقليمية في النقب، بينما أعلن جيش الإحتلال أن منظومة القبة الحديدية تصدت لعدد من الصواريخ.
وقصفت قوات الإحتلال مدفعياً وجوياً مواقع تابعة لحركة "حماس" شمال قطاع غزة.
هذا، فيما كانت "كتائب القسام" - الجناح العسكري لحركة "حماس" ترفع صورة كبيرة للجندي الإسرائيلي أرون، المأسور لديها منذ العام 2014، على موقعها وفي ميدان السرايا وسط مدينة غزة، تزامناً مع احتفال عائلته بعيد ميلاده.
وتزامناً أقام أهالي أسرى غزة اعتصاماً بالقرب من المكان الذي أسر منه الجندي الإسرائيلي في حيّ التفاح بمدينة غزة مطالبين بإطلاق سراح أبنائهم.
إلى ذلك، ما زالت قضية الفتاة عهد التميمي تتفاعل على أكثر من صعيد، فقد أقدم موقع "تويتر" على إغلاق حساب عهد.
وذكرت مصادر إعلامية أن إغلاق الحساب، يأتي من ضمن سياسة موقع "تويتر" المزعومة لإغلاق الحسابات التي تحتوي على منشورات ذات طابع عنيف أو تحريضي.
وأطلق متضامنون مع عهد، حساباً بديلاً على موقع "تويتر" للتضامن معها ونشر أخبارها للعالم.
سياسياً، اشتكت فلسطين غواتيمالا على نقل سفارتها إلى القدس بعد إعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، وهو ما يُشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وقد بعث المندوب المراقب لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور بـ3 رسائل متطابقة إلى رئيس مجلس الأمن (اليابان) ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة وأمينها العام.
ودعا جميع الدول إلى مواجهة هذه المسألة بشكل عاجل، ورفض هذا الاستفزاز، والعمل على التمسك بنزاهة وسلطة قرارات الأمم المتحدة.
وما زال ترسيخ مكانة فلسطين في المحافل الدولية، يُشكّل مأزقاً للكيان الإسرائيلي، الذي أقدم على الانسحاب رسمياً من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
وعلى الرغم من إجازة رأس السنة الجديدة وأعياد الميلاد المجيدة، إلا أن نتنياهو أوعز إلى وزارة الخارجية بالانسحاب من "اليونسكو"، حيث تقدّم مندوب الكيان الإسرائيلي لدى المنظمة كرمل شامة هوكهين بطلب رسمي للانسحاب منها.
ووصلت حالة التخبط إلى توجهه وتسليم طلب الانسحاب بعلبة شوكولا إلى حراس الأمن، الذين رفضوا استلام الطلب كونه لا يعتبر جزءاً من "مهامهم"، كما أن "اليونسكو" - وفقاً لبروتوكولات عملها - لا تقبل أية رسائل خلال العطل.
لكن ولأن تعليمات المسؤولين الإسرائيليين المربكين، ضرورة الإسراع بالانسحاب وعدم الانتظار لانتهاء إجازة الأعياد، فقد قام المندوب الإسرائيلي بإرسال الرسالة عبر البريد الالكتروني إلى مديرة "اليونسكو" أودري أوزولاي التي وافقت على قبولها، ما يعني انسحاب الكيان الإسرائيلي رسمياً من ثاني أكبر منظمة دولية.
ولم تتوقف الصدمة الصهيونية على آلة القتل التي تواجه بصمود الفلسطينيين، ولا على الهزيمة المتتالية في المحافل الدولية، بل انسحبت على المجال الرياضي، وجاء ذلك من قلب البيت الأبيض خلافاً للموقف الرسمي لإدارة البيت الأبيض، التي أعلنت القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.
فقد أدرج موقع الرابطة الوطنية لكرة السلة الأميركية "NBA" الأراضي الفلسطينية على أنها محتلة، وذلك عند اختيار المنطقة في التصويت الجماهيري من أجل اختيار لاعبين لخوض مباراة كل النجوم أوّل ستارز، وهو ما اعتبر خطوة أربكت وزارة الخارجية الإسرائيلية، وأحدثت غضباً لدى حكومة الاحتلال التي اعتبر أن "إدراج فلسطين على أنها أرض محتلة في قائمة البلدان التي تظهر على الموقع الرسمي، يضفي شرعية على تقسيم أرض دولتها وتدخل صارخ وسافر خلافاً للموقف الرسمي للإدارة الأميركية".
في غضون ذلك، أفرجت قوات الإحتلال عن أصغر أسيرة فلسطينية وهي ملاك الغليط (14 عاماً) من مخيم الجلزون، بعد اعتقال دام 7 أشهر، حيث إدعت سلطات الإحتلال أنها كانت تحاول تنفيذ عملية طعن جندي على حاجز قلنديا - شمال القدس (20 أيّار 2017).