بصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي، نترأس كازاخستان المجلس خلال كانون الثاني الجاري للمرّة الأولى في تاريخها، وبهذه الصفة ستفتتح كازاخستان وتُدير اجتماعات مجلس الأمن، وتُصدِر أيضا البيانات الرسمية بإسم المجلس.
وتشكّل أفغانستان ومشاكل آسيا الوسطى الأولوية الرئيسية لرئاسة كازاخستان في مجلس الأمن، فهي البلد الأول، وحتى الآن الوحيد من هذه المنطقة التي تولّت مقعداً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وإدراكاً منها لهذه المسؤولية ستعزّز كازاخستان مبادرات الأمم المتحدة، التي تهم في المقام الأول مصالح منطقتها.
وتعتزم الرئاسة الكازاخية عقد مناقشة على المستوى الوزاري بشأن آسيا الوسطى وأفغانستان، وتولي كازاخستان اهتماماً خاصاً للجانب الإنساني في حل المشكلة الأفغانية.
ولا بد من التذكير بأنّ الحرب الأهلية في أفغانستان مستمرة منذ ما يقارب الـ 40 عاماً، خلال هذا الوقت، نشأ جيل كامل لا يعرف حياة طبيعية أخرى، ولم يعرف أنْ يمسك بيده شيئاً آخر سوى السلاح.
ولذلك، من أجل وقف الحرب في أفغانستان وإرساء حياة طبيعية، لا بد أولاً من خلق جيل جديد قادر على العيش في عالم من دون حروب وتحقيقاً لهذه الغاية، أطلقت كازاخستان برنامجاً لتدريب الطلاب الأفغان مجاناً قبل سبع سنوات في جامعاتها، وبعضهم تخرّج وعاد إلى وطنه، ويعملون الآن كمهندسين ودبلوماسيين وأطباء.
وانطلاقاً من هذه التجربة الإيجابية التي تستحق بالتأكيد إيلاءها اهتمام المجتمع الدولي وبصفتها كعضو في مجلس الأمن، تُتاح لكازاخستان فرصة لفت انتباه أعضاء الأمم المتحدة الآخرين إلى الجانب الإنساني لتسوية الأزمة الأفغانية.
وبطبيعة الحال، فإنّ قائمة المسائل العاجلة في آسيا الوسطى الكبرى لا تقتصر على أفغانستان وحدها.
وفي ما يلي مجموعة متشابكة من المشاكل طويلة الأمد: جوانب الأمن الغذائي والطاقة، وقضايا استخدام المياه، وتلك التي لم يتم تعريفها ووضع حد لها.
ولكل هذه النقاط، لدى كازاخستان حلول ووصفات خاصة بها، في الوقت نفسه، فإن مشاكل الشرق الأوسط هي أيضاً ذات أولوية لرئاسة كازاخستان، التي تعتزم بصفتها رئيسة لمجلس الامن الدولي، إجراء مناقشة ربع سنوية (فصلية) حول الشرق الاوسط.
مع هذا، فمن المعروف جيداً الدور الهام لكازاخستان في استقرار الوضع في سوريا، والذي تجسّد في توفير المكان وتنظيم الاجتماعات الدولية.
أما بالنسبة للمبادرات العالمية، فإنها بنظر كازاخستان تبدو الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، وفي الظروف التي وجد فيها الإرهاب الدولي أبعادا كارثية تمكّن عبرها من تجاوز جميع الحدود، وأصبح بإمكانه تنفيذ هجوم إرهابي في أي مكان في العالم، ولا بد من الاستجابة لهذا التحدي بجبهة موحدة، أو بالأحرى تحالف عالمي لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الأمم المتحدة.
وفي العام 2015، أطلق رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف مبادرة تستند إلى عدم بناء القدرات العسكرية ضد بعضنا البعض، بل الاتحاد في مواجهة تهديد مشترك واستغلال الإمكانيات العسكرية للتركيز على الأهداف الإبداعية، والمبادرة هي اقتراح كازاخستان على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لنقل 1% من ميزانية الدفاع في صندوق خاص لتمويل مكافحة الفقر والجوع وتغيّر المناخ.
وبالمناسبة، حول التغيّر المناخي، جزر ضخمة من الحطام والنفايات في المحيطات، ومدن غارقة في أبخرة العادم السامة، والتسونامي والزلازل التي صارت تحدث أكثر من أي وقت مضى - اليوم.
هذا ليس مشهداً أو لقطات من فيلم لسيناريو مروّع من الخيال العلمي، بل هو حقيقة واقعة ولوقف التدهور البيئي على كوكب الأرض، نحن بأمس الحاجة إلى إدخال كتلة "التكنولوجيا الخضراء".
وتفهّماً لهذا الوضع، اختارت كازاخستان موضوع "طاقة المستقبل" للمعرض الدولي إكسبو في أستانا. وبعد ذلك سعت الى إنشاء مركز الأمم المتحدة لتطوير التكنولوجيات الخضراء والمشاريع الاستثمارية، حتى تتمكن البلدان من تبادل خبراتها ومعرفتها ودعمها المالي.
بشكل عام، كازاخستان لديها ما تقدّمه للمجتمع الدولي كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي لمعالجة المشاكل الملحة حقا وتحسين الوضع والحالة ليس فقط في منطقة منفصلة في وسط آسيا، بل في جميع أنحاء العالم. مع الامل والتمني أن يتم الاستماع لهذه المبادرات.