تعتبر دائرة صيدا – جزين، واحدة من أكثر الدوائر الانتخابية التي يتوقع أن تشهد معارك انتخابية "حامية الوطيس" نظراً إلى تداخل القوى المؤثرة فيها، وقلما يكون شبيهاً لها.
فالدائرة تتمثل بـ5 نواب، ونص القانون ضرورة تشكيل لوائح بنسب 40% من عدد النواب – أي نائبين من أصل 5، لكن خصص 3 نواب، ما يُشكّل 60% من نسبة التمثيل النيابي.
في هذه الدائرة تتوزع القوى بنسب متفاوتة: "تيار المستقبل"، "التيار الوطني الحر"، "التنظيم الشعبي الناصري"، حركة "أمل"، "حزب الله"، "الجماعة الإسلامية"، "القوات اللبنانية"، "تيار البزري"، "تيار عازار"، مناصرو الشيخ الموقوف أحمد الأسير الحسيني، ومستقلون وفي طليعتهم مؤيدو الوزير والنائب السابق إدمون رزق، قائد الدرك السابق العميد المتقاعد صلاح جبران، آل سرحال وكنعان والأسمر وحلو وآخرون.
*****
النواب الخمسة في هذه الدائرة حالياً، هم:
- الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري (العضوان في "كتلة المستقبل النيابية").
- قضاء جزّين 3 نواب: مارونيان، هما: زياد الأسود وأمل أبو زيد (الذي فاز بالانتخابات الفرعية 22 أيّار 2016، بعد شغور المقعد بوفاة النائب ميشال الحلو 27 حزيران 2014)، وكاثوليكي هو عصام صوايا (والنواب الثلاثة أعضاء في "تكتل التغيير والإصلاح النيابي").
يبلغ عدد الناخبين في الدائرة: (120898):
- المسلمون: (72054): سنة (52343)، شيعة (19058) ودروز (616).
- المسيحيون: (48329): الموارنة (34766)، الكاثوليك (10105) والأرثوذكس (1740).
- صيدا: (61676): سُنّة (50900)، شيعة (6672)، كاثوليك (1578)، موارنة (1323) وأرثوذكس (303).
- جزين: (59222): موارنة (33443)، شيعة (12413)، كاثوليك (8527)، سُنّة (1443) ودروز (578).
ويتوقع أن تكون نسبة الاقتراع في صيدا حوالى 60% - أي (37 ألفاً) وفي جزين حوالى 50% - أي (29 ألفاً).
وهذا يشير إلى أن عدد المقترعين سيصل إلى (66 ألفاً) ما يعني أن الحاصل الانتخابي للنائب من أصل النواب الخمسة يجب أن يكون (13200 صوت)، مع احتمال أن ينخفض في ظل طرح مجموع الأصوات التي تجمعها بعض اللوائح ولا تتمكن من جمع الحاصل الانتخابي المطلوب.
وفي ضوء التقديرات والإحصاءات يتوقع أن لا تكون هناك أقل من 4 لوائح انتخابية:
1- لائحة تحالف "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر".
2- لائحة سيشكلها الرئيس برّي وتضم تحالف "التنظيم الشعبي الناصري" وإبراهيم عازار.
3- لائحة ستشكلها "القوات اللبنانية".
4- لائحة سيشكلها الدكتور عبد الرحمن البزري والعميد المتقاعد صلاح جبران.
وتكاد تكون صورة التحالفات كما هي في لبنان، لكن إحدى أهم المعارك هي على المقعد الماروني الثاني في جزّين في "كباش" بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي العماد ميشال عون ونبيه برّي.
تحالف "المستقبل" و"الوطني الحر"
فقد بدأت التحضيرات للمعركة بشكل مبكر، فـ"تيار المستقبل" حسم إعادة ترشيح النائب الحريري للانتخابات المقبلة، فيما الرئيس السنيورة لم يتخذ قراره النهائي بشأن هذا الاستحقاق.
وبات واضحاً أن تحالف "المستقبل" سيكون مع "الوطني الحر"، على الرغم من توافر مروحة واسعة له من التحالفات مع غالبية القوى في هذه الدائرة.
ويمكن للصوت التفضيلي أن يعطي أرقاماً مرتفعة للنائب الحريري، إذا ما استمرت مرشحة منفردة لـ"المستقبل" في صيدا، ما يرفع أصوات اللائحة لتفوق الأصوات التي من المتوقع أن تحصل عليها لائحة "الوطني الحر" في جزّين، فضلاً عن الصوت السني في جزّين والبالغ (1443)، والذي غالبية من يقترع منه سيكون وفق توجيهات "التيار الأزرق".
أما "التيار الوطني الحر" الذي ينافس بلائحة مقفلة على 3 مقاعد في جزّين، فإن التنافس حتى الآن بين الحزبيين على أشده، ويبرز إعادة ترشيح النائبين المارونيين الحاليين أبو زيد وأسود، دون اغفال إمكانية حظوظ ترشيح المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية الزميل جان عزيز.
وتبدو المعركة على أشدها بين النائبين على اللائحة ذاتها - أبو زيد وأسود - حيث ظهر "صراع الديوك" واضحاً، وهو ما سيتكرس في الصوت التفضيلي، والتركيز على كيفية توزيع أصوات "التيار البرتقالي" بين المرشحين المارونيين، وأيضاً مرشّح "التيار" للمقعد الكاثوليكي جاد صوايا.
لائحة سعد - عازار
أما اللائحة التي سيشكلها الرئيس برّي، فسيكون الصوت التفضيلي الشيعي في مدينة صيدا من أصوات الناخبين، الذي يصل إلى (6672)، فيلتزم في غالبيته بتوجيهات حركة "أمل" و"حزب الله"، سيكون بغالبيته لصالح سعد.
أما في جزّين، فإن الرئيس برّي سيركز جهده على دعم مرشحه عازار، بإقتراع الناخب الشيعي بصوته التفضلي هناك له.
بينما "حزب الله" فقد أبلغ من يعنيهم الأمر أنه سيقترع في جزين لصالح اللائحة التي ستضم سعد، دون منح التفضيلي للمرشح الماروني عازار، فالهدف هو إيصال سعد دون فتح معركة مع "الوطني الحر"، وهذا يعني أن الصوت الشيعي في البلدات الشيعية في قضاء جزّين والبالغ (12413) ويقترع عادة بحوالى 60% - أي (7500 صوت) سيكون لصالح هذه اللائحة.
"القوات اللبنانية"
وتشكل "القوات اللبنانية" لائحة تنطلق من المرشح الكاثوليكي المهندس عجاج جرجي حداد، الذي أعلن رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع ترشيحه، ومن قوة تجييرية لأصوات "القوات" لمرشح وحيد، فهي تهدف إلى إظهار قوتها الانتخابية في المنطقة!
لكن تصطدم بعقبة رئيسية، بصعوبة التحالفات مع "الوطني الحر" و"المستقبل" وغير الممكنة مع "الشعبي الناصري" وحركة "أمل" و"حزب الله"، لتبحث عن حليف مسيحي "وازن" قد يكون ممكناً، لكن ليس بالأمر اليسير لأنه يعتبر أنه سيكون رافعة للمرشح الكاثوليكي، وهذا الأمر ينسحب على مدينة صيدا، حيث صعوبة التحالف مع مرشّح "القوات".
وذُكر أن هناك من يسعى إلى تأمين ترشيح سني صيداوي، لأن مقتضيات اللائحة تتطلب ذلك، ولا يستبعد أن يكون من "مناصري الأسير" ومشاركة شخصية من خارج مدينة صيدا، تعمل على هذا الخط.
البزري - جبران
فيما ينشط الدكتور البزري لبحث صيغ الترشح، حيث لم يترشح في انتخابات العام 2009، حين كان يتولى رئاسة بلدية صيدا، حين حال القانون دون ترشح رؤساء البلديات الكبرى.
ويتوقع أن يكون تحالفه مع العميد المتقاعد جبران، وأن مرشح المقعد الكاثوليكي، رئيس "حلقة التنمية والحوار" - الصالحية الدكتور إميل اسكندر.
"الجماعة الإسلامية"
ويبقى في مدينة صيدا "الجماعة الإسلامية"، حيث يبرز اسم نائب رئيس مكتبها السياسي في لبنان الدكتور بسّام حمود، لبحث إمكانيات التحالف والترشح، والذي ينسحب على تحالفات الجماعة في لبنان، بما فيها بيروت، وإذا ما كان سيتم مع الرئيس الحريري بترشيح النائب عماد الحوت، وأيضاً في مناطق أخرى.
وكذلك رئيس "المنظمة اللبنانية للعدالة" الدكتور علي الشيخ عمار، الذي ترشح للانتخابات البلدية، مترئساً لائحة "أحرار صيدا" مدعومة من مناصري الشيخ الموقوف أحمد الأسير.
دراسة الترشيح في جزين
وفي جزّين يبرز تحرك الوزير والنائب السابق إدمون رزق، الذي سيرشح نجله المحامي أمين
وكذلك المرشح عن المقعد الكاثوليكي الدكتور سليم خوري، الذي سيكون مضطراً إلتزام قرار "التيار الوطني الحر" المنتمي إليه.
وكانت زيارة رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمّد رعد إلى خوري في المحاربية منذ فترة، قد حملت سلسلة من التأويلات، قبل أن يتضح أنها لتهنئته بزفافه من كريمة مدير عام "معهد البحوث الصناعية" الدكتور بسّام الفرن، فابيان.
ويبقى ماذا سيقرر فوزي الأسمر، آل سرحال وكنعان وحلو، وإذا ما سيكون لديهم مرشحون، أو من سيدعمون، خاصة أن تداعيات الانتخابات البلدية ما زالت ماثلة أمام أعين الجميع، في زمن الشد العصبي المذهبي، وشراء الأصوات، حيث تتراجع حظوظ المستقلين.
حظوظ الفوز
وفي ضوء احتمالات الاقتراع المتوقعة، فإنه باستثناء اللائحتين الأولى والثانية، تواجه اللوائح الأخرى صعوبة تأمين أصوات تصل إلى الحاصل الانتخابي، ما يُهدّد بفقدانها الأصوات التي يتم استبعادها واعادة احتساب الحاصل الانتخابي من جديد، وفقاً للوائح التي يبقى التنافس بينها.
ويتوقع أن تنال لائحة تحالف "المستقبل" و"التيار الوطني" مقعدين سني وماروني، ومقعداً ثالثاً بفضل كسر الأصوات، فلمن سيذهب الماروني الثاني أو الكاثوليكي؟
واللائحة التي سيشكلها الرئيس بري، مقعدان سني وماروني أو كاثوليكي.
في ضوء الوقائع والاستطلاعات تبدو أن المعركة "حامية الوطيس" ليس فقط بين اللوائح، بل بين مرشحي اللائحة ذاتها عن المقاعد المسيحية الثلاثة ما يُهدّد بتشتيت الأصوات.
النائب السابق د. أسامة سعد
د. عبد الرحمن البزري
د. بسّام حمود