للمرّة الأولى تجتمع دول العالم على إدانة وشجب القرار الأميركي التعسّفي، وتجاهر بمواقفها - حتى الدول الحليفة تاريخياً لواشنطن - ولم يقتصر الأمر على طرح رفض إعلان الرئيس ترامب في مجلس الأمن، الذي أجهض بفعل "الفيتو" الأميركي، في المقابل إجماع 14 دولة على رفضه، بل نُقِلَتْ المواجهة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انتصرت للقدس وفلسطين في 3 جلسات متتالية، وبغالبية أكثر من ثلثي أعضائها الـ193.
بعد انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وهو ما أحدث زلزالاً عالمياً، وتسلّمه مهامه في البيت الأبيض، أظهر أنّ في سلم أولوياته، حل قضية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وسجّل مفاجأة بالمبادرة إلى الإتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (10 آذار 2017).
وعلّق الرئيس عباس على ذلك لـ"اللـواء" قائلاً: "لم أكن أتوقّع أي اتصال من الإدارة الأميركية قبل 6 أشهر، فإذ به يتم من خلال ترامب شخصياً، وليس من قِبل مستشاريه، وأصرَّ خلال الإتصال، 3 مرّات، على دعوتي لزيارة البيت الأبيض، كاسراً الأعراف، قبل إيفاد مبعوثه إلى المنطقة جيبسون غرينبلات للقاء في رام الله".
وأوضح الرئيس عباس ما جرى خلال أوّل لقاء له في البيت الأبيض (3 أيار 2017) قائلاً: "إنّ الرئيس ترامب أبدى استغرابه كيف أنّ أسلافه لم يستطيعوا حل الصراع العربي - الإسرائيلي، وأنّ بإمكانه تحقيق اتفاق خلال 9 أشهر إلى سنة، ونحن لا دراية لنا بتفاصيل الصراع، ونريد الإستماع منكم إلى مواقفكم من كل القضايا المطروحة للنقاش، وما هي خطوطكم الحمراء، وما تقبلون به، وما لا يمكن أنْ تقبلوا به على الإطلاق، وسنُطلِق صفقة - أسماها "صفقة القرن" - ولن نفرض شروطاً، ومن حق الفلسطينيين والإسرائيليين تحديد موقفهم منها"... فأبلغته: "هذا ما نريد".
ونفى الرئيس عباس عبر "اللـواء" ما روج له البعض عن طروحات سعودية على حساب القضية الفلسطينية، مشيداً بمواقف "خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي قال لي: "لا حل إقليمياً من دون حل القضية الفلسطينية"، وهو ما أكده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والدعم السعودي للقضية الفلسطينية دائم، والسعوديون يقولون لنا ماذا تريدون نحن معكم، ولن نتدخل في شؤونكم، علماً بأن بعض الدول تدخلت في شؤوننا، أما السعودية بالذات فلم تتدخل في شؤوننا، وهي لم تتأخر في دعمنا".
كانت الادارة الأميركية تريد الإستماع إلى مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا ما حصل فعلاً في عدد من الجلسات، التي عُقِدَتْ بين الرئيس ترامب والرئيس عباس ورئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - كل على حدة - في واشنطن وبيت لحم ونيويورك، وأيضاً عبر إيفاده مستشاره جاريد كوشنر، ومبعوثه إلى المنطقة غرينبلات، بزيارات مكوكية، كما عقدا جلسات أخرى عديدة في رام الله وواشنطن وعمان وتل أبيب. كانت أولى القواعد التي وضعها الفريق الأميركي، سرية المحادثات، وهو ما التزم به الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى حد كبير.
الأفكار والخطة
وركّز الجانب الفلسطيني على:
- حلّ الدولتين، وأنّ هناك دولة "إسرائيل"، وهي قائمة، ونريد أنْ تقوم الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
- التمسّك بمبادرة السلام العربية.
- رفض الاستيطان واعتباره غير شرعي.
بينما كان نتنياهو يُصرُّ على:
- رفض العودة إلى حدود العام 1967، والتمسّك بالقدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لـ"إسرائيل".
- ضرورة اعتراف الفلسطينيين بـ"إسرائيل" كدولة يهودية في أي اتفاق.
- عدم التنازل عن المسؤوليات الأمنية على كل الأراضي الفلسطينية.
- لا عودة لأي لاجئ فلسطيني، خلافاً للقرار 194.
ولم تطرح إدارة البيت الأبيض أي خطة على الفلسطينيين، لكن عناوين الخطة التي كان سيُعلن عنها الرئيس الأميركي هي تبنّي وجهة النظر الإسرائيلية، وتتضمّن:
- إنشاء كيان فلسطيني في قطاع غزّة والمناطق المصنّفة (أ) و(ب) وبعض المناطق المصنّفة (ج) في الضفة الغربية، مع سيطرة أمنية إسرائيلية.
- بقاء المستوطنات على حالها.
- تقديم مساعدات مالية كبيرة لتحسين الوضع الإقتصادي الفلسطيني.
فيما تمَّ تأجيل مناقشة قضايا الحل النهائي، وهي: القدس، الحدود، المستوطنات، اللاجئون، الأمن والمياه.
وهذا يعني رفض القيادة الفلسطينية لهذه الخطة.
وتكشف مصادر مطلعة لـ"اللـواء" عن أنّ هناك أطرافاً إقليمية كانت توافق الرئيس ترامب على طروحاته، وتسعى إلى نسج علاقات مع الكيان الإسرائيلي متجاوزة الجانب الفلسطيني، وتريد التخلّص من عبء القضية التي أرهقت البعض على مدى 69 عاماً منذ نكبة فلسطين.
وبدأت سياسة الترغيب والترهيب الأميركية، فوقّع الرئيس ترامب على قرار تأجيل نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس لمدّة 6 أشهر (1 حزيران 2017).
وارتفعت وتيرة التهديدات والضغوطات والإبتزاز الأميركية، وبرزت إثر إعلان "اليونسكو" "البلدة القديمة في الخليل منطقة محمية بصفتها موقعاً يتمتع بقيمة عالمية استثنائية، وإدراجها على لائحة التراث العالمي"، خلال اجتماعها في مدينة كراكوف البولندية، ما أدّى إلى تهديد الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي بالإنسحاب من ثاني أكبر منظّمة دولية (7 تموز 2017).
وجاء ذلك بعد التقرير الذي أعلنته الأمينة التنفيذية لمنظّمة الـ"إسكوا" الدكتورة ريما خلف (15 آذار 2017)، والذي وثّق إرتكاب الكيان الإسرائيلي جريمة الفصل العنصري و"الأبرتهايد" ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، قبل أنْ تقدّم إستقالتها من المنظّمة الدولية بعد رفضها سحب التقرير (17 منه).
- دخول فلسطين إلى منظّمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"، خلال انعقاد الجمعية العامة الـ86 في العاصمة الصينية، بكين (27 أيلول 2017).
- تقديم فلسطين شكاوى إلى "المحكمة الجنائية الدولية" ضد الممارسات والإعتداءات الإسرائيلية، ما أغضب الإسرائيليين والأميركيين.
لكن القشّة التي قصمت ظهر البعير، كانت إعطاء دفع الحياة في شرايين المصالحة الفلسطينية برعاية مصرية، ومتابعة ميدانية من ضبّاط المخابرات العامة، والتي تُوِّجَتْ بإعلان حلّ اللجنة الإدارية التي كانت قد شكّلتها "حماس" في قطاع غزّة (17 أيلول 2017)، ومن ثم تسلّم السلطة مهامها في القطاع (3 تشرين الأول)، قبل عقد لقاء بين "فتح" و"حماس" في القاهرة وإعلان تفاهمات لآلية تنفيذ بنود المصالحة (12 منه)، وتبعها لقاء موسّع للفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية (21 تشرين الثاني).
وكان قد سبق ذلك الإنتصار الذي حقّقه الفلسطينيون في قضية "البوابات الإلكترونية" التي وضعها الإحتلال (14 تموز 2017)، إثر عملية محمد الجبارين الثلاثة (أبناء العمومة)، وهم من منطقة أم الفحم، ويحملون الهوية والجنسية الإسرائيلية، حيث أقدمت سلطات الإحتلال على تنفيذ سابقة خطيرة تمثّلت بإغلاق المسجد الأقصى، ومنع الأذان فيه للمرّة الأولى منذ إحراقه (21 آب 1969)، قبل أنْ يُجبِر الفلسطينيون الذين صلّوا في الشوارع، الإحتلال على إعادة إزالة البوابات وفتح المسجد عصر الجمعة (28 تموز).
- إنتصار الأسرى الفلسطينيين في "معركة الحرية والكرامة" بعد 41 يوماً من "معركة الأمعاء الخاوية" وعلى مدى 960 ساعة بين (17 نيسان و27 أيار 2017).
العقاب الأميركي
وصعّدت الإدارة الأميركية من وسائل الضغط على القيادة الفلسطينية من خلال:
- عدم تجديد الترخيص لمكتب "منظّمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن (18 تشرين الثاني 2017).
- قطع العلاقة مع السلطة الفلسطينية بعدم دعوة المسؤولين إلى البيت الأبيض والخارجية ووزارة المالية وعدم استقبالهم في مجلس الأمن القومي الأميركي، وقطع العلاقة اليومية والتنسيق اللذين كانت تقوم بهما القنصلية الأميركية مع السلطة.
- وقف دعم الولايات المتحدة لوكالة "الأونروا"، عادت وقررت دفع (60 مليون دولار أميركي)، من أصل مبلغ (125 مليون دولار) من مساهمتها لميزانية "الأونروا" البالغة (364 مليون دولار) من أصل الموازنة العامة البالغة (874 مليون دولار).
- الضغط على دول من أجل تخفيض حجم المساعدات التي تقدّمها إلى السلطة.
- تقليص الولايات المتحدة مساعداتها إلى المنظّمة الأممية للعام المالي 2018-2019 والبالغة (285 مليون دولار أميركي)، علماً بأنّ الولايات المتحدة كانت تدفع (3.3 مليارات دولار أميركي) سنوياً - أي ما نسبته 22% من ميزانية الأمم المتحدة.
- وقف مساعدات عدد من الدول التي صوّتت لصالح القضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما اتخذ الكونغرس الأميركي قراراً بوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية بذريعة أنّها تدفع الأموال لعائلات فلسطينيين حكم عليهم الكيان الإسرائيلي أو اعتقلهم، إثر تنفيذ عمليات - والمقصود بذلك - عائلات الشهداء والأسرى (3 كانون الأول 2017)، فيما كان يمنح مساعدات للكيان الإسرائيلي بملايين الدولارات.
كان العالم يترقّب أنْ يعلن الرئيس ترامب صفقته بداية العام 2018، مع الحديث عن تجزئة المجزّأ من اتفاق "سايكس - بيكو"، ومرور 100 عام على "وعد بلفور"، واحتفال الكيان الإسرائيلي بمرور 50 عاماً على احتلال أوّل عاصمة عربية، القدس.
لكن عناوين الصفقة، التي فوتِح بها الرئيس عباس من قِبل عدد من المسؤولين، لا يمكن الموافقة عليها فلسطينياً ولا تتطابق و"مبادرة السلام العربية" التي أُعلِنَ عنها في "القمة العربية" في بيروت (28 آذار 2002).
وعشيّة اعتراف الرئيس الأميركي، أجرى مساء الثلاثاء (5 كانون الأول 2017) اتصالات شملت عدداً من المسؤولين العرب وزعماء العالم، لإبلاغهم بقراره الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى إليها، وبرّر ذلك بأنّ ما يقوم به هو لتنفيذ وعد كان قد قطعه خلال حملته الإنتخابية، وليس جديداً.
وقد سمع كلاماً تمحور حول: مَنْ أيّد، واعتبر أنَّ اللحظة مناسبة. ومَنْ رأى أنّ التوقيت غير مناسب، وأنّه يمكن تأجيل ذلك إلى ظروف أخرى.
والتحذير من استغلال المجموعات الإرهابية أو مَنْ يتّخذ من القدس عنواناً للتحرّك، ما يهدّد المصالح الأميركية.
لكن هناك مَنْ دعاه إلى الإسراع بإعلان قراره، وأنّ ردّة الفعل على ذلك ستكون "فورة" وتهمد مع الأيام، كما جرى بشأن قرارات اتُّخِذَتْ سابقاً، خاصة في ظل انشغال العديد من الدول بملفات داخلية متعدّدة، وفي طليعتها العربية.
وكانت التقديرات الأميركية والإسرائيلية أنّ ردود الفعل قد تستمر أياماً عدّة، قبل أنْ يتم تنفيس حالة الغليان.
لكن، كانت المفاجأة أنّ الإحتجاجات تجاوزت القدس وفلسطين والعالم العربي والإسلامي، إلى العالم بأجمعه، بالإلتفاف حول القدس، وبدلاً من تغذية نعرات الفتنة السنية - الشيعية، إذ بالجميع مسلمين ومسيحيين يتوحّدون حول أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) ومهد السيد المسيح (عليه السلام).
إنطلق الرئيس ترامب من مصلحة شخصية لبقائه في البيت الأبيض، ولضمان ولاية جديدة له في رئاسة الولايات المتحدة، وهذا يحتاج إلى دعم "اللوبي اليهودي"، وهو المحاط أساساً بفريق عمل يهودي، يتألّف من: نائبه مايك بنس، وصهره وكبير مستشاريه كوشنر، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون ومبعوثه إلى المنطقة غرينبلات وسفيره لدى الكيان الإسرائيلي ديفيد فريدمان، ويؤمن بأنّ القدس هي العاصمة الأبدية والموحّدة للشعب اليهودي، ويسعى إلى دولة يهودية وليست إسرائيلية.
وأعقب إعلان الرئيس ترامب احتفال في البيت الأبيض (13 منه) بعيد "مانوكا" اليهودي، أو "الأنوار" الذي يحتفل به أتباع الديانة اليهودية، ويرمز إلى تدشين هيكل سليمان بعد ترميمه.
ووجّهت الجمعية العامة للأمم المتحدة صفعة للإدارة الأميركية عندما صوّتت على 3 قرارات على مدى 3 أيام (19 و20 و21 كانون الأول 2017).
ولعل الأبرز كان تصويت (128 دولة) على قرار يرفض تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس مقابل (9) ضد وامتناع (35) وتغيّب (21) من أصل (193 عضواً) في الأمم المتحدة (21 منه).
وجاء ذلك بعد 24 ساعة على استخدام الولايات المتحدة الأميركية حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي (18 منه)، حيث صوّتت (14 دولة) في المجلس على اعتبار أن "إعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي غير قانوني وغير شرعي ومنافٍ للقانون الدولي والشرعية الدولية ويعرقل السلام والإستقرار في المنطقة"، وهو المشروع الذي تقدّمت به مصر إلى المجلس.
الرد الفلسطيني
يدرك العالم أنّ الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية لا يمكنهما التنازل عن أنّ القدس هي عاصمة للدولة الفلسطينية بموجب القرار رقم 19/67 بتصويت (138 دولة)، اعترفت بها ــ بصفة عضو مراقب ــ في الأمم المتحدة (29 تشرين الثاني 2012).
وأيضاً أنّه لا يمكن الموافقة على فكرة يهودية الدولة، بأنْ تكون عاصمة دولة فلسطين، أبو ديس. ويُعتبر ملف القدس جزءاً أساسياً من قضايا الحل النهائي، التي أخّرت المفاوضات.
لقد جاء الرد الفلسطيني على إعلان الرئيس ترامب بجرأة وعدم خنوع، ما أعطى دول العالم دفعاً للوقوف ضد التفرّد الأميركي، من خلال:
- توقيع الرئيس عباس على 22 إتفاقية ومعاهدة دولية للإنضمام إلى منظّمات دولية جديدة، ما يعزّز من الشخصية الإعتبارية لدولة فلسطين على المستوى العالمي، وهو ما أتاحه الدخول إلى الأمم المتحدة، بعدما كان قد وقع في (1 نيسان 2014) إتفاقيات ومعاهدات دولية بينها "المحكمة الجنائية الدولية" التي فتحت تحقيقاً بإرتكاب العدو جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- وضع إستراتيجية وطنية فلسطينية شاملة، وتنسيق المواقف في جامعة الدول العربية و"منظّمة التعاون الإسلامي" والإتحاد الأوروبي، والأصدقاء في العالم، لخوض معركة مفتوحة من أجل انتزاع الحقوق المشروعة.
- كسر الاستفراد الأميركي وحشر الولايات المتحدة في الزاوية، بأنّها طرف في النزاع ومنحازة إلى الكيان الإسرائيلي، وليست راعية للعملية السلمية.
- إضطرار الولايات المتحدة لاستخدام "الفيتو" للمرّة الـ43 في مجلس الأمن لصالح الكيان الإسرائيلي.
- إرباك بعض الدول التي كانت تسعى إلى القيام بخطوات تطبيعية تتجاوز القضية الفلسطينية.
- النيّة بالتوجّه مجدّداً إلى مجلس الأمن للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين، علماً بأنّ طلب العضوية يحمل الرقم 194 وهو الرقم ذاته لحق العودة الذي يُسعى إلى إسقاطه، وإذا ما استخدمت الولايات المتحدة حق "الفيتو" يمكن التوجّه مجدّداً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحت عنوان: "متحدون من أجل السلام"، مراراً وتكراراً من أجل الإعتراف بالعضوية الكاملة، وهو حق كفله الدستور، واستخدمته اليابان مرّات عدّة إلى أن نالت العضوية.
- عقد إجتماع للمجلس المركزي لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" يومي (14و15 كانون الثاني 2018) في رام الله، والذي اتخذ قرارات أذاعها رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، وتوزعت على 9 عناوين، تناولت: إدانة ورفض قرار الرئيس ترامب، باعتبار القدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، والعمل على إسقاطه، والعلاقة مع إسرائيل (سلطة الإحتلال)، والصعيد الفلسطيني الداخلي، ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة والمحكمة الجنائية الدولية، والصعيدين العربي والإسلامي، ووضع الآليات لتنفيذ قرارات المجلس المركزي السابقة، وتوجيه تحية إلى جماهير الشعب الفلسطيني والمتضامنين ونضال وصمود الأسرى، والهبّة الجماهيرية العارمة.
- اعتبار أنّ الفترة الانتقالية التي نصّت عليها الاتفاقيات الموقّعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة.
- دعوة المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، من أجل إنهاء الإحتلال، وتمكين دولة فلسطين من إنجاز استقلالها، وممارسة سيادتها الكاملة على أراضيها بما فيها العاصمة القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967.
- تكليف اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير" بتعليق الإعتراف بـ"إسرائيل" إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود العام 1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
- تجديد قرار المجلس بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية، التي كرّسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية للمنظّمة ومؤسّسات الدولة البدء في تنفيذ ذلك.
- رفض الإعتراف بـ"إسرائيل" كـ"دولة يهودية".
- إدانة نظام الإحتلال و"الأبارتهايد" العنصري، الذي تحاول "إسرائيل" تكريسه كبديل لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
- تفعيل المقاومة الشعبية بكل أشكالها، والتركيز على أهمية المقاطعة الإقتصادية.
- دعم صمود أبناء المدينة المقدّسة لإفشال مخطّطات الإحتلال.
- الإسراع باستكمال خطوات المصالحة الفلسطينية.
الموقف الإسرائيلي
احتفل الكيان الإسرائيلي بهدية الرئيس الأميركي، التي لم يسبقه إليها أحد من الرؤساء العشرة منذ احتلال القدس، بسلسلة من الخطوات:
- الإحتفال بإطلاق إسم الرئيس ترامب على محطة القطار الأرضي والهوائي، التي ستُقام بالقدس القديمة وتخوم ساحة البراق، ضمن المخطّط الشامل للمشروع الإستيطاني في المدينة المقدسة.
- تصويت اللجنة المركزية لحزب "الليكود" (الحزب الحاكم) بالإجماع (31 كانون الأول 2017) على مشروع قرار يلزم الحزب بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزّة وغور الأردن.
- مصادقة "الكنيست"، بالقراءة التمهيدية الأولى، على قانون "فرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين منفّذي العمليات التي تؤدي لمصرع إسرائيليين، سواء أكانوا جنوداً أو مستوطنين" (3 كانون الثاني 2018).
- إصدار القوانين والتشريعات بما يعزّز بناء المزيد من المستوطنات، وفي طليعتها تشريع 300 ألف وحدة استيطانية داخل القدس.
- إقرار "قانون القدس الموحّدة"، والذي يقتضي موافقة (80 عضو كنيست) على أي قرار للإنسحاب من الشطر الشرقي للقدس المحتلة بدلاً من أغلبية النصف زائداً واحداً من أصل (120 نائباً) التي كان معمولاً بها.
- إفتتاح كنيس جديد في رواق مقابل قبّة الصخرة.
- بناء مراكز شرطة جديدة داخل مدينة القدس.
- إصدار قرارات لمصادرة مساكن وممتلكات وأراضي فلسطينيين بذرائع متعدّدة.
- ممارسة ضغوطات على المقدسيين بهدف "ترانسفير" لهم من المدينة المقدّسة، يؤدي إلى التغيير الديمغرافي لصالح اليهود.
- بذل جهود استثنائية لإقناع دول بنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس اقتداءً بقرار الرئيس ترامب، والتي كان أوّل بوادرها مع قرار غواتيمالا نقل سفارتها.
- مفاوضة 10 دول للإعتراف في الأمم المتحدة بالحق الإسرائيلي بالقدس عاصمة لكيانها.
- إنشاء صندوق مساعدات دولية مقابل التصويت لصالح الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة ضمن موازنة العام 2019، بعدما أعطت الرشاوى التي قدّمها نتائجها، حيث صوّتت جزيرة ناورو في المحيط الهادئ لصالحه في الأمم المتحدة بعدما كانت قد نالت قبل أسبوعين من تصويتها رشاوى بقيمة 71.9 ألف دولار أميركي، مخصّصة لمعالجة مياه الصرف الصحي في مدرسة الجزيرة التي تبلغ مساحتها 21 كلم2 وعدد سكانها 11.359 نسمة.
- إعلان الكيان الإسرائيلي الإنسحاب من منظّمة "اليونسكو".
ويبقى الأمل بنضال الشعب الفلسطيني الذي عمّد بالدماء بتقديم قوافل الشهداء والجرحى والأسرى في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل، بتناغم بين القيادة السياسية وفي الميدان، وبتنسيق مع دول عربية وصديقة.
شعب تصدّر فيه الأطفال والفتية النضال من محمد الدرة وفارس عودة ومحمد أبو خضير وإبراهيم أبو ثريا، الذي فقد رجليه في العدوان الصهيوني على غزّة، وسقط عنه الجهاد، وفوزي الجنيدي، الذي لم يلنْ فكان جنرالاً بين 23 جندياً اعتقلوه مدجّجين بالأسلحة، ومع عهد باسل التميمي "أيقونة النضال الفلسطيني" التي ردّت على "صفعة ترامب" للعالم بصفعها ضابطاً وجندياً إسرائيليين، لتدحض ادّعاء ديفيد بن غوريون "غداً الكبار يموتون والصغار ينسون".
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلاً الرئيس محمود عباس.. تنسيق متواصل للمواقف