تنطبق القاعدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات" على الكثير من القضايا، خاصة مع اقتراب الموعد المحدّد لإجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل.
فقد كشفت مصادر مطلعة لـ"اللـواء" عن أنّ رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل يبذل كل جهوده للفوز بأحد المقعدين المارونيين في قضاء البترون بدائرة البترون - بشري - الكورة - زغرتا، التي تتمثّل بـ10 نوّاب (7 موارنة و3 أرثوذكس).
ويُتوقّع أنْ تكون المعركة فيها "حامية الوطيس"، نظراً إلى تواجد قوى مؤثِّرة، وفي طليعتها "تيار المردة"، الذي يترأسه النائب سليمان فرنجية، حيث تبدو المعركة المستشرية على الإنتخابات الرئاسية بين باسيل وفرنجية وكذلك رئيس حزب "القوّات اللبنانية" سمير جعجع (إبن بشري).
وهناك من القوى الرئيسية في هذه الدائرة نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، والنائب بطرس حرب، "تيار المستقبل" و"الحزب السوري القومي الإجتماعي، وتيار "حركة الإستقلال" الذي يترأسه ميشال معوّض والنائب السابق جبران طوق.
دائرة غريبة عجيبة
وفي هذه الدائرة الواقعة بين مطرقة المصلحة الإنتخابية وسندان الثوابت، لعب القانون الإنتخابي لعبته بتركيب أقضية في دائرة غريبة عجيبة، ينتظر الجميع بعضهم على المفترق، حيث يسعى كل من الأطراف للفوز بأكبر نسبة من المقاعد النيابية الـ10 (2 موارنة في البترون، 2 موارنة في بشري، 3 موارنة في زغرتا و3 روم أرثوذكس في الكورة)، ويبلغ عدد الناخبين في الدائرة (246664) يتوزّعون وفق الآتي: (167966 مارونياً) - أي ما نسبته 62%، (50951 أرثوذكسياً) - أي ما نسبته 21%، (22061 سنيّاً) - أي ما نسبته 9%، (2304 شيعة) - أي ما نسبته 1%، ويشكّل الروم الكاثوليك والطوائف المسيحية الأخرى 1%.
وفي ظل التعقيدات لا يٌستبعد أنْ تكون هناك 3 لوائح متنافسة.
ويُتوقّع أنْ تكون نسبة الإقتراع في هذه الدائرة ما بين (125000-140000) - أي إنّ الحاصل الإنتخابي سيكون بين (11790-14100 صوت).
المأزق الذي يواجهه باسيل في هذه الدائرة، دفعه إلى عقد صفقة مع رئيس "كتلة الحزب السوري القومي الإجتماعي" النائب أسعد حردان (المرشّح عن المقعد الأرثوذكسي في قضاء مرجعيون)، ضمن دائرة الجنوب الثالثة، التي تضم أقضية: النبطية، بنت جبيل: مرجعيون وحاصبيا. وتتمثّل بـ11 نائباً (3 شيعة في النبطية، 3 شيعة في بنت جبيل، 2 شيعة في مرجعيون وواحد لكل من السُنّة والدروز والروم الأرثوذكس).
ويبلغ عدد الناخبين (450694) يتوزّعون: (361003 شيعة)، (28604 سُنّة)، (16457 درزياً)، (11035 أرثوذكسياً)، (23739 مارونياً) و(8111 كاثوليكياً)، حيث يُتوقّع أنْ يكون الحاصل الإنتخابي بين 19790-23600.
وفي هذه الدائرة يطغى الصوت الترجيحي للثنائي الشيعي حركة "أمل" و"حزب الله"، مع حضور لـ"تيار المستقبل" و"الجماعة الإسلامية" بشأن الصوت السنّي في منطقة حاصبيا، الذي يبلغ (28604) وأيضاً الدرزي الذي يبلغ (16457).
وفي ضوء المعطيات، فإنّ نسبة الإقتراع من الصوت الأرثوذكسي قد لا تتجاوز الـ(5000 صوت) من أصل (9836)، حيث يُخشى على النائب حردان، خاصة تأثير الصوت المسيحي في هذه الدائرة والبالغ حوالى (44630) بينهم (31850) موارنة وكاثوليك لا يتمثّلون بنائب.
باسيل ومقايضة "القومي"
وفي ضوء استحالة التحالف بين "الحزب القومي" و"القوّات اللبنانية" فإن المصلحة تكمن في تحالف "القومي" و"الوطني الحر"، ليس في هذه المنطقة، بل في دائرة البترون - بشري - الكورة – زغرتا، على الرغم من العلاقة الجيدة بين "القومي" و"المردة"، لكن لا يُفيد ذلك "القومي" في قضاء مرجعيون، نظراً إلى عدم تأثير "المردة"، وأيضاً هناك خلافات بين "القومي" و"القوّات اللبنانية" على خلفية اغتيال الرئيس بشير الجميّل (14 أيلول 1982) والمتهم فيها أحد كوادر "القومي" حبيب الشرتوني.
وعلمت "اللـواء" بأنّ التوافق تمَّ بألا يدعم "الوطني الحر" المرشّح الذي يتم التداول بإسمه عن المقعد الأرثوذكسي، الرئيس السابق للصندوق المركزي للمهجرين المهندس شادي مسعد (إبن برج الملوك في قضاء مرجعيون)، والمقرّب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خاصة أنّ تحالف "تيار المستقبل" و"الوطني الحر" في منطقة مرجعيون - حاصبيا، يمكن أنْ يهدّد النائب حردان.
في مقابل ذلك يدعم "القومي" الوزير باسيل في الكورة من خلال الأصوات التي تقترع وفق توجهاته، لضمان مقعد نيابي له في دائرته البترون، علّه يضعه للمرّة الأولى كمرشّح قوي للرئاسة الأولى خلفاً للرئيس ميشال عون، بعد انتهاء ولايته.
هذا كان قبل العاصفة التي شهدها لبنان، في ظل الكلام الذي أطلقه الوزير باسيل في لقاء بتروني، حيث لا يستبعد أنْ يدرس "القومي" خياراته، حتى لا يخسر حليفة الاستراتيجي رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري
النائب سليمان فرنجية