دا واضحا ان الولايات المتحدة تريد الحفاظ على لبنان دولة وحكومة وشعباً وبخاصة تريد الحفاظ على الجيش اللبناني. لكن وزير خارجية اميركا تيلرسون قام بالتفرقة بين نظرة اميركا الى لبنان كحكومة ورئاسة جمهورية ومجلس نواب ومؤسسات، وبخاصة تبني اميركا للجيش اللبناني بدعمه بالاسلحة وتدريب ضباطه. لكنه قام في بيروت بمهاجمة حزب الله واعتبره ارهابياً ضمن النفوذ الايراني، وقام بالتفرقة بين موقف اميركا من الدولة اللبنانية وجيش لبنان ومؤسسات لبنان، وبخاصة موقف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، وبالتحديد رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري الذي، وفق الصحافيين الذين رافقوا وزير الخارجية تيلرسون، اعتبر ان افضل موقف تفهم موقف الولايات المتحدة هو الرئيس سعد الحريري. لكنه قال للصحافيين ان الرئيس الحريري متفق مع الرئيس العماد عون والرئيس بري على التركيز على سيادة لبنان على الارض المختلف عليها على الحدود، كذلك متفق معهما على ان المربع 9 هو من حصة لبنان. وهنا يجب ان نعود الى القول ان تيلرسون قال للصحافيين الاميركيين المرافقين انه ارسل ساترفلد الى اسرائيل وابلغه ان اسرائيل ترفض، وان الجواب الاسرائيلي اما ان تأخد 40 بالمئة من المربع 9 او ستمنع التنقيب في المربع رقم 9 .
ثم قال وزير الخارجية الاميركي ان الولايات المتحدة بعد قيامها بزيارة لبنان ستدعم المؤتمر الدولي في ايطاليا لدعم الجيش اللبناني وتطلب من الدول المشاركة، وهي 22 دولة في ايطاليا، دعم الجيش اللبناني بالاسلحة وتقديم ما يمكنها تقديمه للجيش اللبناني كي يكون جيشا قويا. ولدى الاستفهام عن امتلاك لبنان سلاحاً للدفاع الجوي، اي صواريخ ارض - جو ضد الطائرات، قال ان دعم الجيش اللبناني لا يشمل هذه الناحية وعندما تصل الحدود الى امتلاك لبنان سلاح ارض - جو، فان الولايات المتحدة لا تستطيع دعم ذلك بل هي تدعم لبنان على امتلاك دعم قواته من سلاح البحر والمدرعات والمدفعية وكل انواع الاسلحة، كذلك الطائرات وبخاصة الطوافات الحربية. لكنها لن تدخل في تأمين صواريخ ارض - جو لان ذلك يقلب المقاييس، وعندئذ سيقوم حزب الله التي تقول عنه انه ارهابي واذا قام الحزب بضرب الصواريخ على اسرائيل فيستفيد من الصواريخ التي يملكها الجيش اللبناني والتي سيطلقها على الطائرات الاسرائيلية والذي سيطلق صواريخه ارض - جو ضد الطائرات الاسرائيلية، وهذا ما لا تريد الولايات المتحدة حصوله كيلا قلب الموازين، وتريد ان تبقى الطائرات الاسرائيلية قادرة على ضرب مراكز حزب الله، مع ان تيلرسون ابلغ عبر معاونه ساترفلد القيادة الاسرائيلية في حال حصول اي تصعيد، وانه يستبعد حصول تصعيد بين لبنان واسرائيل، لكن في حال حصول التصعيد الا تقوم الطائرات بقصف اي موقع للجيش اللبناني، وبخاصة مطار بيروت ومرفأ بيروت، وان تركز على مواقع حزب الله الذي قام بتسميته بالحزب الايراني الارهابي.
ثم تحدث وزير خارجية اميركا عن مؤتمر باريس 4 في شهر ايار المقبل في باريس والذي دعت اليه فرنسا لدعم اقتصاد لبنان ونهضة اقتصاده، لان الولايات المتحدة وفرنسا اتفقتا على ان تأمين اقتصاد قوي للبنان سيمنع اعادة الفوضى وسيمنع زعزعة الاستقرار في لبنان ويؤدي الى قيام الشباب اللبناني بإيجاد فرص عمل ويحصل ازدهار في لبنان، وهذا ما يؤدي الى تقوية الدولة اللبنانية التي تريد فرنسا واميركا والمجتمع الدولي تعزيز دور الدولة من خلال قوة اقتصادية لبنانية قوية.
وقال وزير خارجية اميركا ان المشكلة بين الدول الاربع هي امتلاك دول الخليج، وبخاصة السعودية والامارات اللتان تشكلان الداعم الاول لتقديم منح وقروض الى لبنان لدعم اقتصاده، لكن ليس لدى السعودية اي نية بمساعدة لبنان، بخاصة بعد ان استدعت رئيس الحكومة سعد الحريري وحصلت استقالته، ومنذ ذلك الوقت لا تقيم السعودية اي علاقة مع الحريري، وبالتالي ستسعى واشنطن الى اقناع السعودية باستقبال الرئيس الحريري قبل المؤتمر الدولي في ايار لدعم الاقتصاد اللبناني، لكن المشكلة موجودة والسعودية ترفض دعم لبنان طالما انه يوجد وزراء في الحكومة اللبنانية وهي لا تريد ان يشكل الحريري وزارة فيها وزراء من الحزب الارهابي. وقال انا قلت لرئيس الجمهورية عليك ابعاد حزب الله وان لا يشترك في القرار اللبناني لان الولايات المتحدة تعتبره حزباً ارهابياً. لكن رئيس الجمهورية رفض هذا الطلب وقال ان لبنان بلد ذو نظام برلماني ديموقراطي وكل كتلة نيابية لها الحق في ان تتمثل بوزراء في الحكومة، ومن غير المنطق منع جمهور شعبي كبير يؤيد حزباً لبنانياً من ان يكون له ممثلون في الحكومة، بخاصة انه قد انتخب 14 او 15 نائباً له داخل المجلس النيابي.
اما تيلرسون فبدا مرتاحا لمفاوضاته في لبنان رغم ان الجواب الاسرائيلي جاء سلبيا على رفض اقتراح اميركا ابقاء المربع رقم 9 ضمن المياه والسيادة اللبنانية، وفق تقرير الخبير الاميركي كارلوس هوف الذي ارسلته الولايات المتحدة في 2012 الى لبنان، وقام بوضع تقرير ان المربع رقم 9 والمساحة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان هي 850 كلم وليس لاسرائيل اي حقوق في المربع 9. لكن الولايات المتحدة التي ارسلت تقرير كارلوس هوف الى اسرائيل وطلبت منها القبول بهذا التقرير، لم تستطع اقناع حليفتها الرئيسية في الشرق الاوسط اسرائيل بالقبول بتقرير كارلوس هوف الخبير الاميركي الذي نظم خريطة المربع 9 وحدود المياه الاقليمية بين لبنان واسرائيل اي فلسطين المحتلة.
انما اكد تيلرسون ان الاشهر المقبلة لن يحصل فيها اي تصعيد عسكري وفق ما استنتجه من زيارته للبنان وارسال مساعدة ساترفلد الى اسرائيل، كذلك المفاوضات التي اجراها في المنطقة وشملت 5 دول باستثناء اسرائيل. ثم اضاف تيلرسون كلامه بشأن المؤتمر الاقتصادي الدولي لدعم لبنان اقتصاديا وماليا في ايار المقبل، وقال حتى الان لم نستطع اقناع السعودية بدعم لبنان ماليا واقتصاديا ونحن نتابع جهودنا مع السعودية والامارات، بخاصة ان امارة ابو ظبي لديها القدرة الكبيرة على المساعدة. اما مملكة البحرين فلم نتصل بها، انما اتصلنا بدولة الكويت التي اعلنت مشاركتها في المؤتمر الدولي لدعم لبنان اقتصاديا وماليا وابلغتنا الكويت انها ستقدم قروضاً ومنحاً وستضع صندوق التنمية الكويتي بتصرف لبنان للبناء والاعمار في كل المجالات على الصعيد البنية التحتية والطرقات والمدارس وكل المجالات التي يقوم بها الصندوق الكويتي بشق طرقات وتأمين الجسور وتأمين الاتصال بين منطقة واخرى عبر طرقات عريضة. وقد قام صندوق التنمية الكويتي بمشاريع كثيرة في لبنان في هذا المجال واننا تلقينا من امير الكويت شخصيا جوابا بدعم لبنان ومشاركة الكويت في مؤتمر باريس. كذلك اتصلنا بدولة قطر حيث ابدى امير قطر كامل دعمه لمؤتمر باريس، وانه ابلغ الرئيس الفرنسي ماكرون ان قطر ستدعم اقتصاد لبنان ماليا واقتصاديا وتقدم قروضاً وهبات وتريد ان يكون لبنان في وضع اقتصادي ممتاز. اما سلطنة عمان فليس لها القدرة على المساعدة، انما القدرة هي بالسعودية والكويت وقطر، واذا نجحنا مع الكويت فاننا نعتقد انه من الان وقبل شهر من مؤتمر باريس سوف نستطيع اقناع السعودية والامارات بالمشاركة ودعم لبنان ماليا واقتصاديا وتقديم قروض ومنح ومجالات استثمار تقوم بها شركات سعودية واماراتية، وبخاصة من ابو ظبي في لبنان لكننا نريد ونشارك رأي المملكة العربية السعودية بعدم تدخل ايران في لبنان ونتهمها بذرع الارهاب في كل المنطقة من اليمن الى السعودية الى دول الخليج الى العراق وسوريا ولبنان. لكن هنالك امر واقع حاليا ولا نريد ادخال لبنان في مشاكل وحروب داخلية بشأن سلاح حزب الله ودوره، بل انه من الان وحتى 5 سنوات يكون الوضع قد حصل فيه تغيير كبير وتصبح الدولة اللبنانية قوية اقتصاديا وماليا وفرص عمل. كذلك يصبح الجيش اللبناني اقوى على الساحة اللبنانية وعندئذ يستطيع الجيش وضع حدود معينة لحزب الله. لكنه قال للصحافيين الاميركيين اريد ان اقول لكم لا تنتظروا عجائب في منطقة مثل الشرق الاوسط لان الامور معقدة، فمثلا رأيت صعوبة في المنطقة بشأن منطقة صغيرة بين اسرائيل ولبنان وقيمتها على المدى البعيد ليست كبيرة ولا تنتج كميات ضخمة من النفط والغاز. مع العلم ان الولايات تقدم مساعدة لاسرائيل وتدعم لبنان وجيشه وتمنع العدوان عليه، فاننا لم نستطع التوصل الى اقتراح حل وسط بأن المنطقة المختلف عليها، والتي تقول اسرائيل 40 بالمئة من المربع 9، ان يتم الاتفاق على عدم التنقيب في تلك المنطقة، وان يحفر لبنان في المنطقة الباقية، ومع ذلك لم نستطع اقناع لبنان ولا اسرائيل بهذا.
اضاف تيلرسون قائلا للصحافيين وهم مراسلو فوكس نيوز اي بي سي، ام بي سي في اميركا، اضافة الى مندوبي صحف واشنطن بوست ويو اس اي تو دي ولوس انجلس تايمز ومونتيور، بأن الامر يعود الى الرئيس الاميركي ترامب حيث عندما اعود الى واشنطن سأقدم له تقريراً كاملاً بخاصة بعد وصولي الى تركيا. وأبدأ محادثات صعبة في تركيا، وبعدها اعود الى واشنطن واقدم تقريري الى الرئيس الاميركي ترامب ولجنة الشؤن الخارجية. وسيحصل اجتماع برئاسة ترامب واحضره كوزير خارجية ويحضره وزير الدفاع ماتيس ومستشار الرئيس الاميركي جنرال ماستر، كذلك رئيس المخابرات المركزية الاميركية سي اي ايه، اضافة الى رئيس اركان الجيوش الاميركية. كذلك سيحضر رئيس كتلة النواب في الحزب الجمهوري وكتلة النواب في الحزب الديموقراطي.
و في هذا الاجتماع سيتم وضع الخطوط الكبرى لسياسة الولايات المتحدة من مصر الى اسرائيل الى لبنان الى فلسطين الى سوريا والعراق والى السعودية وايران وتركيا. وبالتالي بعد هذا الاجتماع ستحصل عدة اجتماعات تفصيلية، لكن في الاجتماع الكبير والموسع سنسمع قرارات الرئيس الاميركي ترامب وهو الذي يقرر سياسة الولايات المتحدة كرئيس لجمهورية الولايات المتحدة كون الدستور يعطيه الحق في اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية واتخاذ القرارات الكبرى لمدة مئة يوم في صورة منفردة، على ان يتم ارسال القرارات الى الكونغرس ليوافق عليها او يجمدها الكونغرس. ثم هنالك موافقة مجلس الشيوخ الاميركي، وهذه طبيعة نظام بلادنا الديموقراطية والعظيمة وهي اميركا. واقول اننا نعمل للسلام في العالم، واعتقد ان زيارتنا التي سأكملها في تركيا ستؤدي الى احلال السلام او على الاقل التخفيف من تصعيد حدة الحروب في المنطقة من اليمن الى حدود لبنان مع اسرائيل مرورا بتركيا والعراق والسعودية وايران وبخاصة المسألة الفلسطينية التي سنعود اليها لاحقا. لكن اود الاشادة والقول الايجابي عن موقف الرئيس الروسي بوتين والقيادة الروسية التي تتعاون الى اقصى حد مع الولايات المتحدة في ضبط الوضع في الشرق الاوسط، والا فان حروبا كانت ستندلع بين ايران والخليج من جهة وبين حزب الله الارهابي كما يقول تيلرسون واسرائيل، كذلك بين سوريا واسرائيل رغم قوة اسرائيل الكبرى. لكن اطلاق صواريخ من نوع سكود الضخمة الموجودة في سوريا على مدن في اسرائيل، سيؤدي الى دمار كبير في اسرائيل وهذا يفجر الوضع كله في المنطقة.
ثم انهى كلامه تيلرسون : الان اعطيتكم موجزاً، عن كل ما حصل وبعد زيارتي الى تركيا واثناء العودة الى واشنطن سنخلد للراحة والنوم، وسأجد ساعة لاتحدث معكم عن الحلول والعلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا والعلاقة بين الولايات المتحدة وايران، واشكركم على اسماعكم كلامي وشرحي، كما اتمنى عدم طرح الاسئلة لاني احتاج الى راحة قبل الوصول الى تركيا حيث لدي محادثات صعبة بشأن الوضع المعقد بين تركيا والشعب الكردي.