الأربعاء 21 شباط 2018 07:53 ص

استنفار لبناني - فلسطيني لاستيعاب تداعيات تقليص خدمات الاونروا


تنشغل القيادات اللبنانية والفلسطينية، على حد سواء، وان كان بعيدا عن الأضواء، لاستيعاب التداعيات المتوقعة لتقليص الولايات المتحدة الأميركية مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وبالتالي تراجع او انعدام الخدمات التي تقدمها الوكالة في لبنان. وقد شكل هذا الملف بندا أساسيا في المباحثات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مؤخرا مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، بحيث وضعه في أجواء التهديدات الكبيرة التي ستحيط بلبنان على خلفية تمسك واشنطن بقرارها هذا، من حيث اهتزاز الاستقرار الأمني من بوابة المخيمات الفلسطينية.

وان كان المسؤولون الفلسطينيون في لبنان سعوا طوال الفترة الماضية للحد من الهواجس المحيطة في هذا الملف، الا ان عضو لجنة «فتح» المركزية عزام الأحمد كان واضحا تماما خلال زيارته وزير الداخلية نهاد المشنوق مؤخرا حين قال ان «تقليص ترامب خدمات الأونروا قد يهدّد السلم الأهلي في لبنان مع انهيار الأوضاع الإنسانية داخل المخيمات الفلسطينية». وبحسب مصادر قيادية فلسطينية، «فان الأحمد لم يبالغ بتوصيفه هذا، نظرا للمخاطر الكبرى المحيطة بلبنان نتيجة ترجيح انفجار اجتماعي في المخيمات يؤدي تلقائيا لانفجار اجتماعي»، لافتة الى ان «العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين يعيش أصلا تحت خط الفقر وفي وضع مذر نتيجة الضغوط التي يتعرضون لها نتيجة منعهم من العمل في مجالات شتى، وبالتالي تفاقم هذا الوضع سيجعلهم فريسة سهلة للأطراف التي تسعى لتهديد السلم الأهلي في لبنان».
وكانت الخارجية الأميركية أعلنت بوقت سابق عن تجميد دفع 65 مليون دولار للأونروا من أصل 125 مليون دولار تشكل الدفعة الأولى لمساهمة طوعية أميركية مقررة لعام 2018، علما أن واشنطن قد تبرعت بمبلغ 360 مليون دولار العام الماضي باعتبارها المساهم الأكبر فيها. وقد قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقليص مساعدات بلاده ردا على تصويت 120 دولة في كانون الأول الماضي لصالح قرار للجمعية العام للأمم المتحدة يدعو الولايات المتحدة لإلغاء اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكتب ترامب بوقت سابق على حسابه على موقع «تويتر»:»ندفع مئات الملايين من الدولارات سنويا ولا نحصل على أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل». وأضاف «في ضوء أن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام، فلماذا نقدم أيا من تلك المدفوعات الكبيرة لهم في المستقبل؟»
وبحسب المعلومات، فان استمرار العجز المالي لـ«الأونروا» على ما هو عليه والذي يُعتبر الأكبر منذ تأسيسها عام 1949، سيؤدي الى تقليص نشاطاتها في لبنان بشكل جذري أو وقفها كلياً قبل حلول الصيف المقبل. وهذا من شأنه أن يهدد تأمين التعليم لـ38 ألف تلميذ وتأمين الرعاية الصحية الأولية في 27 عيادة، ومساعدات الضمان الاجتماعي لـ61 ألف لاجئ يعيشون تحت خط الفقر. كذلك، سوف ينضب نهاية شهر آذار صندوق الطوارئ للمساعدات النقدية الحيوية التي توزع على 32500 لاجئ فلسطيني أتوا من سوريا ويقيمون في لبنان. وكان الرئيس عون أبلغ تيلرسون أن ذلك سيترك تأثيرات سلبية على الاستقرار، واضطرابات في المخيمات، لافتا الى ان «للموضوع بُعدا إنسانيا وأمنيا خطيرا».
وقالت مصادر فلسطينية في «عين الحلوة» أن المسار الانحداري لمساعدات «الأونروا» بدأ منذ مدة طويلة، لافتة الى ان الوكالة لا تغطي اليوم الا 40% من فاتورة الاستشفاء، واضعة «المخطط الأميركي هذا في اطار السعي لفرض التوطين ووضع حد نهائي لحق العودة».
وأجرت الحكومة اللبنانية قبل أشهر تعدادا عاما للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، أشرفت عليه لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني وأنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وقد خلص الى وجود 174 ألف لاجىء فلسطيني في لبنان يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان، علما ان «الأونروا» وفي احصاء أجرته قبل نحو 9 سنوات، أكدت وجود اكثر من 483 ألف لاجىء فلسطيني في لبنان 449 ألفا منهم مسجلون لديها.
وأعلن بيير كرينبول، مفوض وكالة «الأونروا»، قبل أقل من شهر أن 11 دولة وافقت على تقديم موعد مساهماتها السنوية للوكالة للمساعدة في سد العجز، في وقت يتم التحضير لعقد مؤتمر دولي للمانحين والداعمين للوكالة في فيينا منتصف شهر آذار المقبل. وقال الناطق باسم «الأونروا»، سامي مشعشع، إن «المؤتمر سيعقد برعاية الأردن والسويد ومصر، لمحاولة سد العجز في ميزانية الوكالة لتمكينها من الاستمرار في الإيفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين».
وتسعى الوكالة بشكل رئيسي الى زيادة قيمة المساعدات من بعض الدول الكبرى كالصين، وحث دول إسلامية وأخرى في آسيا الوسطى للتبرع أو زيادة مستوى تبرعاتها المقدمة.
بالمحصلة، وبالرغم من كل الجهود التي بذلها اللبنانيون والفلسطينيون لسحب فتيل التفجير من المخيمات وبخاصة من «عين الحلوة» من خلال انهاء تواجد المطلوبين داخله، الا ان تراجع أو وقف خدمات «الأونروا» من شأنه أن يعيد الأمور الى نقطة الصفر، ويحوّل كل المخيمات دون استثناء «قنابل موقوتة».

المصدر :الديار