السبت 24 شباط 2018 19:29 م

الصهاينة الهاربون من القدس يفوقون القادمين إليها


كشفت معطيات جديدة نشرتها دائرة الإحصاء المركزية "الإسرائيلية" عن ارتفاع معدلات الهجرة الداخلية لليهود من القدس إلى مدن أخرى لأسباب أمنية واقتصادية، وهي معدلات تعتبرها الأوساط السياسية مقلقة ويجري نسفها عكس ما تشتهيه الرواية الأيديولوجية "الإسرائيلية".

وفق المعطيات فقد غادر 17654 يهوديا القدس خلال العام الإحصائي الأخير 2016-2017، منهم 6500 شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما، في حين غادرها 11154 شخصا من عمر 30 حتى 60 عاما، ومقابل هذه الهجرة وفد للقدس في المدة نفسها 9702 من الشباب والشابات تتراوح أعمارهم بين 19 و46 عاما.

هذه المعطيات سجلت ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع العام الإحصائي السابق (2015-2016) الذي سجل خلاله مغادرة 13640 يهوديا من عمر 19 حتى 46 عاما مقابل دخول 7320 شابا وشابة للمدينة في المدة ذاتها.

ويستدل من المعطيات التي نشرت قبل أيام أن معظم من يصل للعيش في القدس هم من اليهود المتشددين "الحريديم" الذين يأتون لأهداف أيديولوجية من مستوطنات بعيدة عن المدينة ومن مدن مهمشة مثل نتيفوت وبيت شيمش، حيث انتقلت المرأة اليهودية منذ منتصف التسعينيات من نظرية التحديث وفكرة التمدن إلى نظرية الخطر الديمغرافي استجابة للباحثين "الإسرائيليين" الذين لا يتوقفون عن الحديث عن الديمغرافية وأهمية حسمها لصالح اليهود في المدينة المحتلة.

 

انعدام الأمن

وكان لكل من مدن أسدود والعفولة ويفني (مدن داخل الخط الأخضر) الحصة الأكبر في استقبال اليهود المهاجرين من القدس والذين رأوا فيها ملاذا آمنا مقارنة بالمدينة المحتلة التي ضاقت بهم بسبب انعدام الأمن بها وتناقص فرص العمل.

وهبطت مدينة القدس من الدرجة الرابعة إلى الثالثة من حيث الخدمات التربوية والتعليمية والنفسية والطبية بعد إغلاق الكثير من المراكز التي تؤوي الطلبة بعد دوامهم المدرسي وتوفر لهم وجبة غذائية ومساحة ترفيهية بعد إنجاز واجباتهم المدرسية. وتعتبر هذه المراكز من مظاهر الرفاهية في المدن، ومع تقليصها غادرت الكثير من العائلات اليهودية القدس.

المستشار الإعلامي المتابع للشأن "الإسرائيلي" محمد مصالحة قال إن المعطيات الجديدة حول الهجرة الداخلية تشكل صفعة للرواية الرسمية "الإسرائيلية" التي تواصل الليل بالنهار للترويج لمدينة القدس على أنها "عاصمة إسرائيل" التي تنعم بالأمن والأمان والمدينة السياحية الساحرة التي تتلاقى بها الأديان، وأتت دائرة الإحصاء لتسحق الرواية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.

وأشار مصالحة في حديث للجزيرة نت إلى ضرورة الالتفات لأعمار المهاجرين داخليا، إذ لا تقتصر على الشباب صغار السن الذين يتركون المدينة للبحث عن فرص عمل، بل يدور الحديث عن هجرة من هم في العقد الخامس والسادس من العمر، وهذا يؤكد تغلغل الشعور بالخوف وانعدام الأمان لدى اليهود بالقدس لأن هذه الفئة العمرية لا تترك مكان سكنها بسبب العمل عادة.

الأحداث التي شهدتها مدينة القدس خلال العام المنصرم من "هبة البوابات الإلكترونية" وعدم توقف العمليات (الفلسطينية) الفردية، أدت -حسب مصالحة- إلى تجاهل "الإسرائيليين" قضية الأيديولوجيا وإبقاء الخطر الديمغرافي على سلم أولوياتهم، وانتقلوا للبحث عن مصدر الرزق الثابت والرفاهية والأمان قبل هذا وذاك.

 

معركة ميزانيات

واستغل رئيس بلدية الاحتلال نير بركات المعطيات الجديدة لدائرة الإحصاء لتجديد مطالبه للحكومة برفع ميزانية البلدية، التي تحصل -بالإضافة لمخصصاتها السنوية من الوزارات- على مبلغ سنوي إضافي أقره المجلس الوزاري "الإسرائيلي" المصغر بقيمة 170 مليون شيكل (نحو 50 مليون دولار).

ورغم نشر المعطيات الجديدة حول الهجرة الداخلية، فإن دائرة الإحصاء "الإسرائيلية" تتحفظ على نشر أي بيانات تتعلق بهجرة العائلات اليهودية إلى خارج (الكيان)، وتبقى هذه المعلومات طي الكتمان.

ويؤكد مصالحة أن الكثير من العائلات اليهودية تهاجر من القدس إلى الخارج لمدة تصل لخمسة عشر عاما، ويحتفظ هؤلاء بمواطنتهم وكافة حقوقهم، وتساعدهم السلطات "الإسرائيلية" على العودة للعيش بالمدينة.

وعلى الجانب الآخر، تحرم سلطات الاحتلال المقدسيين ممن ينتقلون للعيش خلف الجدار العازل من كافة حقوقهم، وعلى رأسها حق الإقامة في القدس بسحب الهوية الزرقاء منهم، كما تسحبها من كل مقدسي ومقدسية يسافر للخارج ولا يعود خلال ثلاثة أعوام.

المصدر :وكالات