سلكتْ جريمة «فيلبينية الفريزر» جوانا دانييلا ديمافيليس التي عُثر عليها جثة في شقة اللبناني نادر عصام عساف وزوجته السورية منى حسون في الكويت، طريقها القضائي بعد توقيف المشتبه بهما بالوقوف خلف الجريمة التي شغلت الرأي العام العربي والدولي.
فبعد أيام من تلقي بيروت مراسلةً عبر الإنتربول حول عساف وزوجته بهدف توقيفهما، أُنجزت الخطوة، وتسلمت المديرية العامة للأمن العام عساف صباح الجمعة الماضي وبدأت التحقيق معه بإشراف القضاء المختص، بعدما كان متوارياً في سورية التي انتقل إليها مع زوجته (الموقوفة في سورية) في أعقاب مغادرتهما الكويت في 7 نوفمبر 2016، قبل أن تنكشف الجريمة في 6 فبراير الجاري وتنطلق رحلة البحث عنهما.
و تواصلت مصادر إعلامية مع والدة نادر لمعرفة اذا كان قد وصل اليها خبر قيامه بوضع الفيلبينية وهي حية بنفسه في «الفريزر» بعدما أقدمت زوجته على تعذيبها في بيتهما في الكويت، فكانت صدمتها كبيرة، حيث قالت: «نادر هيك حكى؟! مستحيل، ابني بريء انا متأكدة من ذلك»، مضيفة: «لماذا يركز الإعلام عليه؟ وهل بات الخبر الأهمّ في لبنان ولم تعد توجد قضية غيره؟ لتتوقف الصحافة عن كتابة الإشاعات ولتترك القضاء يأخذ مجراه».
وعمّا إذا كانت أم نادر زارتْ ابنها بعد تسليمه إلى لبنان، نفت ذلك قائلة: «أنتظر الاثنين (اليوم) كي أذهب اليه إن أسعفتني صحتي بعدما وصلتُ إلى حافة الانهيار نتيجة الأخبار التي ترد على مسامعي بين الحين والآخر».
وبعدما أدلى عساف بإفادته الأولية، كثرتْ الأسئلة حول مصيره وإذا كانت محاكمته ستجري في لبنان أم أنه سيتم تسليمه إلى الكويت، علماً أن مصدراً أمنياً كويتياً قد صرح أن آلية تسلّم عساف في حال ثبتت عليه الجريمة تتطلب كتاباً قضائياً من الكويت إلى السلطات اللبنانية عبر الإنتربول، يمثُل المتهم بمقتضاه أمام قاضي تحقيق لبناني يقرر في ضوئه تسليمه أو عدم تسليمه إلى الكويت، مشيداً «بالتعاون الأمني والقضائي بين البلدين».
إلا أن مصدراً قضائياً لبنانياً على صلة بملف عساف أكد أمس في موضوع استرداده من عدمه، أن هناك اتفاقية استرداد موقّعة بين لبنان والكويت «ولكن بحسب القانون اللبناني، اذا كان لبنانياً ارتكب جريمة في دولة أجنبية فإن لبنان لا يسلّمه بل يحاكمه على أراضيه»، لافتاً الى أنه بما أن مُرْتَكِب «جريمة الفريزر» في الكويت لبنانيّ وموجود على الأراضي اللبنانية، فهو سيحاكَم في لبنان.
وأوضح المصدر القضائي أن السلطات اللبنانية المختصة طلبت من الانتربول الكويتي إيداع القضاء اللبناني ملف نادر عساف للمباشرة بالاجراءات القانونية بحقّه طبقاً للقانون اللبناني، لافتاً إلى «أن عساف كان أوقف بناء على مذكّرة وردتْ الى القضاء اللبناني من الانتربول الكويتي، والآن لبنان بانتظار ورود ملفه والحصول على جواب الكويت»، ومؤكداً أنه «في مطلق الأحوال، أيّ لبناني ارتكب جرماً في أي دولة خارج لبنان وجاء الى لبنان، لا يَجري تسليمه بل يُحاكَم على الأراضي اللبنانية، وهذا إجراء يُتبع مع كل الدول الأجنبية».
وفي سياق متصل، أكد النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي أن«الأمر محسوم، وصلاحية محاكمة عساف تعود الى لبنان»، شارحاً أنه «بشكل عام وما لم توجَد اتفاقية مُعاكِسة يعود للسلطات اللبنانية محاكمة أي لبناني ولو حصلت الجريمة في دولة أخرى».
من جانبه، أبلغ قائد الشرطة القضائية السابق العميد أنور يحيى انه يعود «للسلطات اللبنانية تقرير تسليم عساف للكويت مكان حصول الجرم أو محاكمته في لبنان من ضمن صلاحية القضاء اللبناني الشاملة، فأي لبناني ارتكب جرماً في الخارج يُحاكم عليه في لبنان وفق قانون العقوبات اللبناني، كما أن العبرة ليست في طلب تسليمه، بل إذا كانت الدولة اللبنانية ستوافق على تسليمه الى الكويت مكان حصول جريمة القتل أو محاكمته في لبنان».
كما أشار يحيى الى أن «كل ما يُحكى عن ان نادر اعترف بوضع الفيلبينة في الثلاجة وهي حية وغيره مما يُنسب الى التحقيقات يبقى مجرد تكهنات وكلام غير دقيق، فمَن يحقق مع نادر ليس في مؤتمر صحافي يعلن خلاله أين أصبحت التحقيقات، ولو أراد الأمن العام أن ينشر معلومات فسيُصدِر بياناً، وهو لن يفعل ذلك حرصاً على سرية التحقيقات».