يلعب وزير الاعلام ملحم رياشي دور المبعوث الدائم وفوق العادة لمعراب في كافة الاتجاهات، يتواجد حتماً في المواقع العصية على «القوات اللبنانية» لوصل ما انقطع بينها وبين الاخرين من الرابية سابقاً الى بيت الوسط لاحقاً خصوصاً وان السياسة لعبة المتغيرات وصديق الامس قد يكون خصم اليوم، فكيف الحال والمرحلة موسم انتخابات نيابية يستعد الجميع وبقلق مفرط لخوضها في ظل قانون جديد بحاجة لتدريسه للناخبين ولممثليهم كون معظم نواب المجلس النيابي يجاهرون بعدم فهمهم لماهية القانون الجديد الذي تلعب النسبية والصوت التفضيلي والحاصل الانتخابي دوراً لانتاج الممثلين الجدد دون ان يفقه الكثيرون معناه وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
في بداية مسيرة رياشي يوم كان رئيساً لجهاز التواصل والاعلام في «القوات اللبنانية» كلف بملف المصالحة المسيحية - المسيحية فأنكب طيلة شهور وبجولات مكوكية بين الرابية ومعراب وبمواكبة زميله وصديقه النائب ابراهيم كنعان على مسح احقاد وخلافات دموية تراكمت طيلة ربع قرن بين العونييين والقواتيين كون المسيحيين لم يقاتلوا كما تقاتلوا وفق وصف ابن خلدون للعرب في «مقدمته» المشهورة ونجح الرجلان بوضع بنود «اعلان النوايا» الذي اقفل الملف الاسود على الرقعة المسيحية الى حدّ ان بعض المراقبين علق على الامر بالقول: «نجح كاثوليكي ويعني الرياشي بجمع صفوف الموارنة في وقت عجزت فيه بكركي عن ذلك»، واذا كان «البازار» الانتخابي قد خلق بعض الثغرات في علاقة الطرفين المسيحيين لجهة المنافسة فقد برع الثنائي الرياشي وكنعان في تأمين جدران دعم للتوافق المسيحي الذي اوصل العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة للحفاظ عليه على قاعدة حق الاختلاف دون الوصول الى الخلاف الذي يعتبره الفريقان من المحظورات.
وتضيف الاوساط ان رياشي صاحب اللباس المميز الذي يفضل القمصان ذات الياقة الفارسية القريبة من الطوق الكهنوتي يشكل ظاهرة في العمل السياسي، فهو معلم في فن الديبلوماسية الخفية، ومفاوض لا يقهر كما يقول بعض المقربين من معراب، يحاول ان يترك بصماته عميقة في عالم الاعلام وفي وزارته، حيث يعمل على اقرار مشروع في مجلس الوزراء لتأمين الحصانة للصحافيين فهو مع الصحافة ظالمة او مظلومة، اضافة الى مشروعه الحضاري لحماية العمل الصحافي عبر نقابة المحررين وتأمين مصير العاملين في هذا القطاع متى بلغوا سن التقاعد، اما على صعيد وزارة الاعلام فيقود رياشي ورشة لتحويلها الى وزارة «الحوار والتواصل» كون لا وجود لوزارات للاعلام في الدول المتقدمة لانه قطاع حرّ وليس منبراً لتسويق سياسة الحكام في الدول النامية كما هو معروف.
وتشير الاوساط الى انه يسجل لرياشي انجاز جديد يضاف الى سلسلة انجازاته في وزارته اذ فاجأ المعنيين باعلانه فتح قاعة الاجتماعات في مكتبه امام المرشحين الذين اقفلت المنابر الاعلامية في وجههم لاسباب مالية لاعلان ترشيحاتهم وفتح شاشة تلفزيون لبنان لهم لطرح برامج عملهم مجاناً وبذلك يتساوى اصحاب المال مع ابناء الطبقة الشعبية الذين لم يولدوا وفي فمهم ملاعق ذهبية، ووفق المراقبين فان رياشي يثبت يوماً بعد آخر انه «وزير ملك» رأسماله التواضع، لم تبطره وزارة ولم يذله التعب، رأسه ثابت بين اكتافه، ورجلاه مغروزتان جيداً في الارض خصوصاً وان امتحان الرجال يكون على خلفية «اعطهم سلطة او مال» فتكشف حقيقتهم.