لا يزال ذوو الاحتياجات الخاصة في لبنان يعانون من التقصير والإهمال الرسمي، حيث لا توجد مؤسسات تابعة للدولة تهتم بهم، على الرغم من أنّه جرى الإعلان عن يوم وطني لذوي الحاجات الخاصة في 22 نيسان من كل عام، وإصدار دليل لرصد المدارس الدامجة في لبنان، لكن حتى المؤسّسات التي تُعنى باحتياجاتهم وتخوض هذه التجربة تراوح مكانها، وهي بأمس الحاجة إلى دعم مادي ومعنوي.
ذوو الاحتياجات الخاصة هم أشخاص ليست لديهم المقدرة الكافية على تدبّر أمورهم، ولا يمكن الاعتماد عليهم في مناحي الحياة، ويشعرون بأنّهم يشكّلون عبئاً على ذويهم وعلى المجتمع أيضاً، وهذا ما يؤثر على حياتهم لأنّهم بحاجة إلى الاهتمام، ويمكن أنْ يتحوّلوا إلى عنصر فاعل في حال تمَّ تطوير قدراتهم كل بحسب حالته، ولكن في الواقع هم أشخاص يعانون من الإهمال والتقصير معاً.
رغم هذا الواقع المرير، فقد خاضت الكثير من الجمعيات الإنسانية والخدماتية تجربة رعايتهم والاهتمام بهم، ومنها جمعية «المواساة» في صيدا، التي تعيش تجربة ناجحة مع طلاب من ذوي الاحتياجات والصعوبات التعلّمية، فحقّقت نجاحا وتقدما بارزا، إنْ كان على الصعيد الأكاديمي أو على الصعيد الشخصي مع الطالب، حيث لاقت ارتياحاً وترحيبا من الأهالي والطلاب.
دعم وبيئة حاضنة
في الجمعية اليوم، «قسم التأهيل المهني الخاص»، الذي افتتحته الجمعية، فشرّع أبوابه للطلاب الذين يتوزّعون على الصفوف الدراسيّة والمهنيّة التي اختاروها، حيث تقول مديرة الجمعية مي حاسبيني: «إنّنا نقدم لذوي الاحتياجات دعماً كبيراً، ونوفر لهم البيئة التعلميّة والتأهيليّة من خلال برامج وتأمين مسارات تعليمية إضافة الى الصعوبات التعلّمية، ويلتحق الطلاب ببرنامج دعم لمدّة ثلاث سنوات لإكسابه مهارات السلوك التكيّفي، والتوجّه الذاتي، ومهارات التواصل، حيث يُدمج فيها التعليم الأكاديمي من لغات ومهارات حسابيّة وفنون واكتشاف العالم والبيئة بالعلاجات المساندة كالرعاية الصحية، علاج النطق وتمارين التواصل، العلاج النفسي، العلاج باللعب، النشاطات السيكوحركيّة، النشاطات المنطقية والتدريب على المهارات الحياتية، تحت إشراف أخصائيين وكادر تعليمي مختص، ليختار الطالب لاحقا المشغل أو المهنة المناسبة له بتوجيه من فريق مختص».
وتضيف: «يتدرّب الطلاب داخل القسم في مشاغل آمنة خاصة بهم، حيث يختار الطالب أحد المشاغل لينضم إليها، منها مشغل «صيانة الكمبيوتر» و»الأجهزة الخلويّة»، فيتدرّب على فك وتصليح الأجهزة وتركيبها، ويخضع أيضاً لتدريب عملي قبل حصوله على الشهادة، إضافة إلى مشغل «أخصائي مطبخ»، حيث يتدرب تدريباً عملياً على الطهي ويشمل المأكولات والحلويات، ويتدرّب على خدمة المطعم، ويكتسب مهارة حفظ الغذاء وتوضيبه، بالإضافة إلى مادة تكنولوجيا المطبخ، والتزيين للمناسبات الخاصة ليتمكّن بعد التخرّج من الحصول على وظيفة في مطعم أو مطبخ صناعي».
وتتابع حاسبيني: «في مشغل إدارة المكاتب يتدرّب الطالب على الطباعة باللغتين العربية والانكليزية، وتنظيم الملفات والأنشطة التجارية وطرق التواصل والمحاسبة والأنشطة المالية ليتمكّن من الحصول على وظيفة مكتبية أو كمساعد محاسب، فيما تتّجه بعض الفتيات إلى مشغل مساعدة حاضنة أطفال، لتتدرّب الطالبة على كيفية العناية بالطفل وتكتسب معارف عن الطفل تتعلّق بعلم النفس وأدب الأطفال والرعاية الصحية، ومهارات لتعليم أطفال الحضانة، ولتكون حادقة تتمتّع بجميع الصفات المطلوبة للحادقة الناجحة، غير أن القسم بحاجة إلى دعم نظراً لحاجته الدائمة إلى توفير ما يلزم للأبناء ليكتسبوا مهارة وخبرة في التخصّص المهني الذي يلتحقون به، وهذه الأمور تفوق احياناً قدرة الجمعية على تغطية تكاليفها».
{ فيما توضّح منسّقة «قسم التأهيل المهني الخاص» في جمعية «المواساة» عبير منياتو أنّ «القسم يرتكز على التأهيل المهني لطلاب عانوا من صعوبات في متابعة الدراسة الأكاديميّة، بسبب الصعوبات التعليمية او الصعوبات الحركية للطالب، التي أثرت سلباً على متابعة التعلم والتواصل وأداء الأنشطة اليومية ومنها صعوبات في القراءة والتهجي «ديسلكسيا»، وصعوبات في العمليات الحسابية «ديسكلكيليا» وصعوبات في الخط والإملاء، إضافةً الى «النشاط الزائد وتشتت الانتباه»، والأعمار التي نستقبلها تتراوح عادة ما بين (8-20 عاماً) حسب النمو الذهني للحالة، لدينا صعوبات تعليمية، إعاقة حركية بسيطة، وتوحّد وتأخّر مدرسي».
طلاب «المواساة» مع معلماتهم