لم يسبق في تاريخ مديرية قوى الامن الداخلي إن تمّ "استضافة" إمرأة ضابط وتوقيفها للتحقيق معها في شبهات طالتها. هذا ما حصل منذ أيام حيث خضعت المقدم سوزان الحاج حبيش، في فرع التحقيق في "شعبة المعلومات"، للتحقيق بتهمة تركيب ملف عمالة مع إسرائيل للممثل المسرحي زياد عيتاني بالتعاون مع المقرصن ايلي غبش. حتى الان لا أدلة تدين الحاج، وفق قناعاتها، ولا أدلة بالمقابل تمنحها البراءة مع العلم أنها أصرّت على إنكار كل التهم الموجّهة اليها بما في ذلك المحادثات مع غبش، لكن القضاء بالنهاية سيقول كلمته في وقت تختصر التحقيقات التي خلصت اليها "الشعبة"، والتي انتهت مساء أمس، بعبارة واحدة: إثبات تورط الحاج في التهم الموجّهة اليها.
توقيف الحاج إستدعى ترتيبات خاصة في المديرية لجهة "إقامة" المقدم الحاج فيها وذلك منذ مساء يوم الجمعة الماضي حيث تفيد معلومات بأن التحقيق معها في اليوم الاول استمر حتى الثالثة فجرا وخلاله نكرت كل ما نسب اليها، لكن من دون أن يعمد المحققون الى مواجهتها بالأدلة حيث قاموا بذلك في اليوم التالي.
منذ ليل الجمعة وحتى مساء الثلاثاء، تنام المقدم الحاج في غرفة في الطابق الارضي في فرع التحقيق، وليس تحت الارض، مع حراسة تؤمّن عادة لكل الضباط الذين يتمّ توقيفهم في حالات مماثلة تماما كما أوقف سابقا العميد محمد قاسم والمقدم محمود القيسي في ملف تورّظهم بسرقة مليارات الليرات من مديرية قوى الامن الداخلي حيث اعتبر من ملفات الفساد الاضخم في المؤسسة (تلاعب بالمساعدات المرضية، سرقة، احتيال في مصلحة الاليات والابنية...)، إضافة الى عشرات الضباط الذين أوقفوا إما لاسباب مسلكية أو شبهات فساد... وصدور قرار اتهامي يدينها سيؤدي الى بقائها موقوفة في "سجن" المديرية وحتى ما بعد بدء المحاكمات في المحكمة العسكرية.
وتخصّص في المديرية غرفاً إفرادية لتوقيف الضباط الخاضعين للتحقيق تجهّز بما يلزم (سرير، حمام، مغسلة، كرسي...) وبما يحترم معايير التوقيف إنسانياً وقانونياً وفقا لشرعة حقوق الانسان، ويسحب منها كل ما يمكن أن يشكّل خطرا على حياة الضابط، مع ثلاث وجبات طعام للضابط حق طلبها من الخارج وبالتوقيت الذي يلائمه. وقد تمكنت من الحصول على كل يلزمها من أغراض شخصية.
ويفترض بعد إنتهاء التحقيق في "فرع المعلومات"، قيام الأخير بمراجعة مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود بكل الإشارات، ثم يحوّل حمود بدوره الملف الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس لإعادة الدراسة ثم يقدّم مطالعته ويرفعها الى قاضي التحقيق الاول العسكري رياض ابو غيدا الذي يصدر القرار الاتهامي مفنّدا المسؤوليات ومصدرا مذكرات توقيف أو مانعاً المحاكمة بحسب ما يتوافر لديه من معطيات وأدلة. ويفيد مطلعون في هذا السياق، بأن هناك رغبة سياسية-امنية-قضائية بوضع حدّ لكل الجدل الذي أحاط بالملف عبر تسريع البتّ به في مختلف المراحل التي سيمرّ فيها وصولا الى القرار الاتهامي الذي يتوقع مطلعون ان يصدر نهاية هذا الاسبوع.