على وقع بيان «هيئة العلماء المسلمين» التي زار وفد منها مكان توقيف الشيخ احمد الاسير في الريحانية والتي اكدت فيه ان لديها انطباعاً بأن الشيخ الاسير «يتعرض لاعدام بطيء وان ظروف توقيفه لا يمكن تفسيرها الا على انها قرار سياسي كيدي ولا يمت الى تحقيق العدالة بصلة» وقد طالبوا بنقله الى مبنى المعلومات في سجن رومية، تستمر محاكمة انصار الشيخ في المحكمة العسكرية الدائمة حيث ان مرافعات وكلاء الدفاع عن الدفعة الاولى من هؤلاء قاربت على الانتها لتلفظ في ختامها المحكمة حكمها على هؤلاء.
ولكن السؤال الذي يطرح اليوم: ما هي مفاعيل بيان «هيئة العلماء» في ما يتعلق بالوضع الصحي للاسير؟ لا سيما ان هناك معلومات تحدثت عن تقرير طبي ستضعه لجنة باشراف اطباء اختصاصيين عن حالته الصحية على ان تبت المراجع المختصة هذا الامر، في ضوء التقرير المرفوع اليها فهل سيصار الى نقل الاخير الى المستشفى العسكري ام انه سيخضع للعلاجات اللازمة في مكان توقيفه؟
ومتابعة لهذه القضية دعا بيان صادر عن رئيس لجنة هيئة المعتقلين الاسلاميين في رومية الى مظاهرة ستنطلق من المسجد المنصوري الكبير بعد صلاة ظهر الجمعة، واصفين هذا التحرك بيوم غضب واحتجاج ضد ما وصفوه «بتلفيق تهم الارهاب للشباب» وتجنيد جواسيس من احط واكذب الناس ضد ابنائها». واضاف البيان «ان السكوت على هذه الممارسات الجائرة لا سيما العلماء كالشيخ احمد الاسير لنسارع في ايقاف قتله ببطء يزيد الطغيان والظلم في هذا البلد».
رغم كل هذه التصريحات والبيانات فان المحكمة العسكرية تعقد اسبوعياً جلسة لمحاكمة موقوفي عبرا، وقد انعقدت المحكمة البارحة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم وبمعاونة المستشار المدني القاضي محمد درباس وفي حضور النائب العام المفوض لدى المحكمة القاضي هاني حلمي الحجار وكانت الجلسة مخصصة للمرافعة عن عدد من المتهمين وبينهم القاصر أ. ع وكيله المحامي ربيع عبود والتي حضرت الى جانبه مندوبة الاحداث.
ـ شهداء الجيش اللبناني ـ
تبين انه أسند الى المدعى عليه وفقا لحرفية ما تضمنته مطالعة مفوض الحكومة المعاون تبعاً للادعاء الالحاقي انه قد انضوى مع آخرين في عصابة مسلحة ترمي الى القيام بأعمال ارهابية وارتكاب الجنايات على الناس والأموال والقوى الأمنية والعسكرية وقد عرفت هذه العصابة باسم جماعة أحمد الاسير، وقامت باعتداء مسلح على عناصر الجيش عبر اطلاق النار على هذه القوى كلما قامت باجراء معين من الاجراءات الامنية المنوطة بها اصولا حسب دورها المرسوم قانونا وصولا الى المعركة الكبرى... بعد اعتدائها على عناصر الحاجز القريب من مقر احتشادهم وقتلهم العديد منهم بصورة عمدية حيث بوشرت اجراءات ملاحقتهم الى ان أوقف المدعى عليهم ومن بينهم المدعى عليه موكلي مؤخراً.
وهنا نتساءل عن الأدلة التي استندت اليها النيابة العامة العسكرية بصفتها ممثلة الحق العام لتكوين القناعة بأن المدعى عليه ورفاقه كانوا من بين المشاركين في معركة عبرا التي ذهب ضحيتها شهداء من الجيش اللبناني بحيث ان موكلي قد احيل الى محكمتكم بعد ان تقرر اتهامه بموجب القرار الظني الالحاقي استنادا الى مطالعة معاون مفوض الحكومة وعليه فان الجرم الذي أسند الى المدعى عليه ارتكابه بناء على افادة محمد المصري امام مديرية المخابرات الذي أكد انه تلقى اتصالاً هاتفياً من أ. ع. الذي عرض عليه المشاركة في اعتصام لجماعة الأسير برفقة صديقيه وسيم زين وزاهر زين مقابل مبلغ وقدره خمسة عشر الف ليرة لبنانية لكل واحد منهم فوافقا على ذلك وتم الاتفاق على اللقاء على دوارة حارة صيدا كي يذهبوا الىعبرا ويقضوا ليلتهم في احدى الشقق استعداداً للاعتصام في اليوم التالي الى ان حدث ما حدث.
الا انه من خلال الاطلاع على افادات المدعى عليهم امام الشرطة القضائية وتلك المعطاة من قبلهم امام مديدية المخابرات يتبين ان هناك تطابقاً الى حد كبير باستثناء ما سقط سهواً لجهة ما أفاد به محمد المصري في افادته امام مفرزة صيدا القضائية حيث اكد انه حوالى الساعة الحادية عشرة يوم حصول الاحداث احضر لنا اسلحة حربية نوع كلاشنكوف وسلمنا كل واحد سلاحاً مع مخزنين ملصقين ببعضهما كل واحد ثلاثون طلقة وحوالى الساعة الثانية بعد الظهر حصلت المعركة فانتشرنا في الشوارع.
بينما يقول وسيم زين في افادته امام وزارة الدفاع ان محمد حضر الى الشقة وطلب منا ان نجهز انفسنا للمشاركة في الاعتصام وبعد حوالى الساعة تقريباً بدأنا نسمع أصوات لاطلاق النار حينها حضر المدعو الاخير وبحوزته اربع بنادق حربية نوع كلاشنكوف وقام بتسليمنا اياها ويكمل انه بعد حوالى النصف الساعة تركت سلاحي.
وبالتالي التناقض في الافادتين واضح ان لجهة توقيت استلام السلاح ولجهة شخص من سلمهم السلاح ولما كان يتبين بشكل قاطع ان من خلال اشرطة الفيديو والتسجيلات او من خلال الصور التي تم عرضها في المحكمة والتي التقطت للمسجد من الداخل والخارج ان المدعى عليه ليس له من اثر في هذه الصور وبالتالي اذا كان موجودا في المعركة اقله كان سوف يظهر في الصور التي عرضتها النيابة العامة ضمن ما سمي ادلة.
وايضاً لجهة الرسائل التي كانت ترسل عند الدعوة للاعتصام لم يثبت انه تلقى اي رسالة يستفاد منها انه تمت دعوته الى اي من الاعتصامات (تامر او احمد).
وعليه لم يبق من أدلة اذا امكن تصنيفها في خانة الادلة سوى افادة تم املاؤها من قبل المحققين وطلب من الموكل التوقيع عليها، ومما جاء ايضاً في مرافعة عبود.
وحيث يتبين ان الجهة المدعية ممثلة بالنيابة العامة العسكرية لم تقدم لنا ولو دليلاً واحداً او افادة شاهد يمكن الركون اليها في سبيل اثبات صحة ما اشتمل عليه ادعاؤها، بل هناك قصة من نسج الخيال تمت صياغتها ونسبها الى المدعى عليه، ولا سيما ان النيابة العامة العسكرية لم تكلف نفسها طرح سؤال واحد في معرض استجواب الجهة الموكلة بما يستفاد منه خلو الملف من اي دليل يمكن الاستناد اليه في سبيل ادانة الجهة الموكلة بما نسب اليها.
ـ طلب البراءة لموكله ـ
وختم المحامي عبود مرافعته بطلب اخلاء سبيل موكله ليصار الى احالته لمحكمة الاحداث وهنا توجه العميد الى عبود بالقول لقد حكمت عليه مباشرة لافتاً الى انه لا يمكن ان يفرض على النيابة العامة طرح الاسئلة وهنا تدخل القاضي حجار ليؤكد للمحامي عبود ان دفاعه عن موكله يكون موجهاً الى الحق العام الذي تمثله النيابة العامة.
وقد ترافع عبود عن وكيله الثاني محمد عبد الوهاب جبر فأكد ان سند توقيف موكله وفقاً لما ورد في محضر استجوابه في وزارة الدفاع هو توافر معلومات وصفت بأنها مؤكدة بعمله امنياً لصالح تنظيم فتح الاسلام في مخيم عين الحلوة وانتمائه الى مجموعة الارهابي بلال بدر ومشاركته في الاعتداء على عناصر الجيش في محلة التعمير عين الحلوة مع العلم انه بموجب مطالعة مفوض الحكومة المعاون فقد نسب اليه ارتكابه الجرم في عبرا، كما اضافت المعلومات انه يتردد خلسة الى خارج المخيم بواسطة بطاقة مزورة مع العلم انه القي القبض عليه خارج المخيم ولم يعثر معه على اي بطاقة مزورة ولم يتضمن الملف اي دليل يمكن الاستناد اليه لادانته بما نسب اليه ولا سيما ان النيابة العامة العسكرية لم تسأله سؤالاً واحداً عند استجوابه من قبل الرئاسة، وهذا ما يدل على خلو الملف الذي استند الى كتاب معلومات لا يتمتع بأي قيمة قانونية من أي دليل ولا يعتبر اثباتاً يوخذ به وما تضمنه من معطيات لا تصلح كدليل.
وبعد عرض عبود النقاط القانونية التي تتعلق بالمواد الجرمية المسندة الى موكله وقرارات المحاكمة بالنسبة للادلة والاثباتات التي تدين المتهم ختم مرافعته بطلب اعلان براءة موكله من الجرائم المنسوبة اليه لعدم ارتكابها واستطراداً للشك وعدم كفاية الادلة واكثر استطراداً في حال ادانته منحه اوسع الاسباب التخقيفية والاكتفاء بمدة توقيفه.
ـ ادهم الزعتري صهر احمد الحريري ـ
اما وكيل صهر احمد الحريري (قتل) وكيله المحامي محمود صباغ فقد اكد ان موكله تعرض لأبشع انواع التعذيب ووقع على محاضر التحقيق معصوب العينين.
واضاف صباغ ولما كان الموكل قد عاد وانكر جميع هذه الاعترافات امام قاضي التحقيق وامام محكمتكم...
ولما كانت العدالة تقتضي ابطال محاضر التحقيق الاولي والاعترافات الواردة فيها لانها صدرت تحت التهديد والضرب وفي ظل اكراه مادي معنوي...
ولما كانت حقيقة الواقع تناقض هذه الاعترافات الباطلة:
فالموكل شاب بعيد عن التدين ولا علاقة له من قريب او من بعيد بالشيخ احمد الاسير او بجماعته ولم يكن يتردد الى جامع بلال بن رباح... بل على العكس كان ينتمي الى التنظيم الشعبي الناصري ثم انتمى الى سرايا المقاومة...
ولم يشارك في معركة عبرا او في الاعتداء على الجيش اللبناني لم يحمل السلاح مطلقاً.
وذنبه الوحيد كان صلة المصاهرة التي تربطه بالقتيلين محمد العر واحمد الحريري...
الموكل توجه الى منطقة عبرا فقط من اجل اقناع صهره احمد الحريري بالعودة الى منزل شقيقته وتجنب المشاكل التي قد تقع...
ولما كان الموكل لم يرتكب اي افعال جرمية وبقي مختبئاً في مستودع سوبر ماركت البساط، وهو من قام بتسليم نفسه بعد مرور اشهر من معركة عبرا عندما تم استدعاؤه الى ثكنة محمد زغيب في صيدا ليقينه انه لم يرتكب اي افعال جرمية ولعدم علاقته بمعركة عبرا من قريب او بعيد.
ولما كان لا يوجد اي دليل في ملف الدعوى يثبت انه من جماعة الشيخ الاسير ولم يرد اسمه في اي من اللوائح المضبوطة في المسجد.
كما ان احدا من جماعة الاسير او الموقوفين لم يذكر انه شاهده اثناء المعركة، لذا التمس ابطال التعقبات عنه لعدم توافر العناصر الجرمية والا اعلان براءته للشك وعدم كفاية الدليل واستطرادا منحه اوسع الاسباب التخفيفية.
ـ قاضي التحقيق منع المحاكمة ـ
بينما شدد وكيل المتهم فؤاد معروف عفارة المحامي سهيل حجازي ان موكله لم يحمل اي سلاح ضد الجيش ولم يشارك في المعركة ضده وهو ما اكده في التحقيقات الاولية.
كما ان تصريحه في الاستجوابات الاولية ان المدعو فادي رازيان جاره بالسكن سلمه بندقية كلاشنكوف مع ممشط واحد بعد ان اقنعه ان سرايا المقاومة ستهاجم الحي الذي يقطن فيه جاء عن طريق الخوف من التحقيقات والضغط النفسي والجسدي.
والوقائع الصحيحة ان فادي رازيان قريب له كما اكد في الاستجواب ولم يستلم منه اي بندقية ولم يستجب له وان نزوله امام باب منزله كان فقط لكي يخرج عائلته الى مكان آمن خوفا من اشتداد المعارك.
وقد لفت المحامي حجازي: ولما كان القرار الظني رقم 4/2015 الصادر عن قاضي التحقيق العسكري الاول قد منع المحاكمة عن الموكل لجهة جناية لمادة 549 و549/201 مما يثبت ان الموكل لم يطلق النار على الجيش، والتحقيقات الاولية والاستجواب يؤكدان ان الموكل لم يرتكب اي جرم او جناية خاصة جناية المادتين 335 و303 عقوبات لان العلاقة بينه وبين فادي رازيان هي علاقة قرابة ولا تتعدى ذلك الى اي علاقة حزبية او تنظيمية.
ولم يشارك في أي اعمال عدائية ضد الجيش لذا فهو يطلب اعلان براءته من جناية المادتين 335 و303 ع لعدم كفاية الدليل والا للشك وكف التعقبات بحقه لجهة جنحة المادة 72 اسلحة ومنحه اوسع الاسباب التخفيفية.
ـ رئيس المجموعة حراً ـ
اما وكيل المتهم محمود دهشان المحامي محمود دمج فقد ترافع بعد ادلاء المتهم بما يطلبه من المحكمة قبل الدفاع عنه حيث اجاب رداً على سؤال رئيس المحكمة العميد ابراهيم ان كان يريد اضافة شيء آخر على ما ادلى به سابقاً، كان رد المتهم انه موقوف بناء على ما ادلى به محمد النقيب الذي كان قد اوقف معه بتهمة المشاركة في احداث عبرا في البستان الكبير ضمن مجموعة واحدة ولم يتم الادعاء عليه وترك حراً بينما قبع هو في السجن طالباً من العميد ان يتم احضاره لمواجهته.
في القانون:
حضرة الرئيس اسئلة عديدة تطرح في ملفنا الحالي تبين هشاشة الاتهامات الموجهة الى موكلي وافتقادها الى اي دليل مادي يؤكدها الامر الذي يطرح عدة اسئلة منها:
هل وجد موكلي متلبسا بالجريمة؟
هل يوجد في ملف القضية اي اقرار من المتهم او اعتراف عليه من اي شخص باقدامه على المشاركة في الافعال الجرمية المنسوبة اليه؟
هل ضبط مع موكلي اي نوع من الاسلحة تدل على ارتكابه الجرم المنسوب اليه؟
في الاجابة عن السؤال الاول لا بد للمحكمة ان تجيب بالنفي لا سيما ان المتهم سلم نفسه لمخابرات الجيش بعد ان توارد اليه ان اسمه من ضمن الاسماء المتداول اشتراكها في المعركة ضد الجيش.
وبما ان المتهم انكر كل ما اسند اليه من افعال جرمية وانه بتاريخ وقوع الافعال المسندة اليه ارتكابها كان موجوداً في منزله.
وبما ان المتهم صرح في محضر استجوابه انه كان يصلي في مسجد بلال بن رباح واشترك بأعمال الدعوة وكان يشارك في المظاهرات والاعتصامات ذات الطابع الديني التي كان ينظمها الاسير غير انه منذ زواجه في ا لعام 2011 لم يعد يتردد الى المسجد وابتعد عن كل النشاطات التي كان يقوم بها الاسير.
في الاجابة عن السؤال الثاني بالعودة الى محاضر استجواب المتهمين الاخرين في القضية الراهنة لا نجد ذكراً لاسم موكلنا او اي دليل على تورطه في الافعال المنسوبة اليه.
وبالنسبة للسؤال الثالث فإن موكلي سلم نفسه بارادته ولم يضبط معه اي نوع من السلاح ولم يثبت حمله له وقد ختم دمج مرافعته بطلب البراءة لموكله للشك وعدم كفاية الدليل وابطال التعقبات عنه لعدم توافر العناصر الجرمية المسندة اليه.