يأتي عيد العمال هذا العام ووضع العاملين والفئات الشعبية في أسوأ حال؛ من ازدياد البطالة وغياب فرص العمل وبخاصة أمام الشباب، إلى تدني الأجور والعجز عن توفير الحياة الكريمة، إلى منافسة اليد العاملة غير اللبنانية، إلى الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار، وإلى الانقطاع المستمر للماء والكهرباء وارتفاع أسعار اشتراكات المولدات، إلى غياب الضمان الصحي لأكثرية اللبنانيين واستمرار غياب ضمان الشيخوخة، إلى غلاء الأقساط المدرسية وارتفاع كلفة التعليم، إلى غياب المساكن الشعبية لمعظم المواطنين وغلاء أسعار الشقق وارتفاع فوائد البنوك.
إن الدولة حين تتنازل عن واجباتها تجاه مواطنيها فتتركهم بين أيدي قوى رأس المال والفساد، وعندما لا تقوم بالاستثمار العام في قطاعات الإنتاج، وعندما تقلًص الصرف على قطاعات التعليم والصحة والخدمات العامة والإدارة، ولا تؤمن العمل للخريجين الجامعيين، فإن من أولى نتائج ذلك أن تتضرر مصالح الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود وأكثرية شرائح المجتمع اللبناني.
إن سياق تطور المجتمعات وتزايد احتياجاتها ومتطلبات العيش الضرورية، في مجال الاقتصاد والتنمية، وفي سياق البحث عن الوسائل والأساليب التي تساعد على تحقيق الكفاية المعيشية والحياتية، ولتحقيق الرفاه ومواجهة الأزمات الغذائية والدوائية والإسكانية وغيرها، فلا بد من أن تعتني الدولة بتأمين العمل والصحة والغذاء والسكن والتعليم والحاجات الأساسية المتعددة، وتأمين الاحتياجات المختلفة لكل أبناء الوطن.
إنَّ مثل هذه المهمة الكبرى المطلوبة من الدولة، والتي تخلّت عن القيام بها، تستلزم من جميع العمال دعم تنظيماتهم النقابية وتعزيزها عددياً ومعنوياً بما يجعلهم قوة منظمة فعّالة ومؤثرة تفرض رأيها في كافة مجالات النشاط السياسي والاقتصادي والتنظيمي للدولة. بحيث تصبح تلك النقابات عاملا رئيسياً في الدفاع عن العمل والإنتاج ضد المخاطر الناجمة عن سوء الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الآفات الاجتماعية؛ كالفقر، والجهل، والتخلف، والتبعية. وهو ما يستدعي إعادة بناء الحركة النقابية على قواعد الاستقلالية والديمقراطية القاعدية والنهج النضالي.
كما أن قوة القوى البشرية العاملة هي التي تحدد مكانة الدولة، وترتيبها على مختلف المستويات والأصعدة.