هل كانت نتائج معركة بعلبك الهرمل على قدر التوقعات؟ وهل كانت نسبة الإقتراع المتدنّية نسبياً مع إنتخابات 2009 وفي ظلّ القانون الجديد دليل عافية ورضى من المواطنين؟ هل الناس قد أصيبوا بإحباط إلى حدّ التسليم بالأمر الواقع، أم أنّ الفئة الأكبر قد أصبحت غير راضية عن أداء كل المكوّنات السياسية في المنطقة خلا منها المحازبون والمنتسبون.
بدأ يوم الحصاد الإنتخابي الطويل في بعلبك باكراً، بعد أشهر على تحضيرات قامت بها جميع الأحزاب، وسعت من خلالها إلى تكريس واقع تمثيلها فيما سعى البعض الآخر إلى الحصول على مقعدَين وأكثر بسبب الفرصة التي أعطاها القانون الجديد، ولأنّ دائرة بعلبك الهرمل أم المعارك في لبنان لما تحمله نتائج المعركة من مدلولات سياسية وشعبية، كان إقبال أهالي بعلبك الهرمل على صناديق الإقتراع مختلفاً في هذا الإستحقاق، فجمهور «حزب الله» ولائحة الأمل والوفاء كانت معركته ضد مَن ناصر النصرة وداعش، فيما معركة تيار المستقبل والقوات لإثبات حضورها في المنطقة بعد عشرات السنين على مصادرة قرار جمهورها بالتمثيل، وثلاث لوائح أخرى سعى بعض أعضائها إلى تسجيل موقف رافض للتمذهب الحزبي، فيما كان البعض الآخر حليف الأحزاب ومرشحاً لها في تلك اللوائح.
قبل أيام إستكملت القوى الأمنية إنتشارها في دائرة البقاع الثالثة، وإنتشر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي أمام مراكز الإقتراع، وسيّر الجيش دورياته على طول الطريق الدولية وفي الأحياء، حيث يشهد لبعلبك بالخضات الأمنية والمشكلات التي لا تبرح أن تهدأ فترة لتعود وتنطلق من جديد، فكيف إذا كان الوضع القائم اليوم مبنيّاً على شحن مذهبي وطائفي طوال الفترة الماضية، تُرجِم مسيرات واستفزازات كادت أن تصل إلى حدّ الخلاف.
والسبت تسلّم رؤوساء الأقلام والمندوبون صناديق الإقتراع وتمّ توزيعها على مراكز الأقلام، غير أنّ لعرسال دائماً في كل إستحقاق عرساً، حيث رفض رؤساء الأقلام والمندوبون من قبل وزارة الداخلية تسلّم الصناديق والتوجّه بها إلى عرسال خوفاً من الوضع الأمني وظناً منهم أنّ داعش والنصرة لا تزالان في البلدة، وبعد جدال ونقاش مع محافظ بعلبك الهرمل أصدر الأخير أمراً بوجوب تسلّمهم الصناديق فتسلموها مجبرين حتى إنّ الدفاع المدني واكب المندوبيبن بإيصال أحد الصناديق إلى البلدة.
ومنذ الصباح بدأ الناس بالتوجّه إلى مراكز الإقتراع للإدلاء بأصواتهم، ولأنّ القوات تخوض المعركة من دير الأحمر حيث الثقل المسيحي والقواتي، بدا لافتاً إقبال الناخبين في تلك المنطقة بكثافة صباحاً نظراً لعلمهم بأنّ القانون اليوم سيمسح لهم بالتمثيل بعد ان كان قرارهم مصادراً بفضل المحادل، وحتى العاشرة صباحاً وصلت نسبة الإقتراع غلى حدود لـ 20 بالمئة لترتفع إلى حدود لـ 58 بالمئة مع إقفال صناديق الإقتراع. بدورها عرسال حيث الثقل السنّي كانت نسبة الإقتراع وصلت ظهراً لحدود 30 بالمئة لترتفع مع قرب إقفال الصناديق إلى 55 بالمئة، وهو رقم كان يعوّل أن يكون مرتفعاً خصوصاً بعد زيارة الرئيس الحريري إلى البلدة، وعرسال إذا ما صمّمت تستطيع إيصال نائبين بفضل القانون الجديد فهي تضمّ أكثر من 15700 ناخب.
وفي بعلبك حيث الناخبون السنّة لم يكن حالهم أفضل من حال عرسال حيث وصلت نسبة الإقتراع إلى حدود لـ 56 بالمئة مع بعض المشكلات التي رافقت العملية الإنتخابية كالبطء في الإقتراع. أما كاثوليكياً في القاع ورأس بعلبك فقد وصلت نسبة الإقتراع إلى حدود 47 بالمئة.
وعند الناخبين الشيعة لم يكن الإقبال كما المتوقع حيث وصلت نسبة الإقتراع إلى حدود الـ 58 بالمئة، علماً أنّ التحدّي اليوم كان أكبر وكلام السيد نصرالله عن إستعداده للزيارة وعزوفه عنها نظراً للوضع الأمني ومناشدات الناس بأنهم على قدر المسؤولية ولا يريدون تكليفه بعبء الزيارة لم يكن وفق المتوقع.
ورغم كل ذلك بقي المكوّن الشيعي صاحب أكبر نسبة تصويت، فماكينة «حزب الله» التي لم تهدأ طوال الفترة الماضية وعمل المندوبين داخل أقلام الإقتراع وغيرها، كان له الأثر الأكبر في رفع النسب وحثّ الناس على الإقتراع، ورغم إقرار القانون الجديد في عصرنا الحاضر لم يكن لذوي الإحتياجات الخاصة نصيب في تلك العملية الإنتخابية حيث لم تكن المراكز مجهّزة بما يتلاءم وأوضاعهم الصحّية ولم تُسجّل أيّ عملية إقتراع لهم إلّا في ما ندر، وهو أمر يندى له الجبين في عصرنا الحاضر وفي ظلّ القوانين الجديدة.