السبت 12 أيار 2018 10:07 ص |
رسائل النائب بهية الحريري: النائب اسامة سعد خصم شريف |
بدَّلت الانتخابات النيابية من اولويات القوى الحزبية والتيارات السياسية، وغيَّرت من التوجهات العامة التي كانت من «الثوابت»، ورسمت خارطة سياسية بـ «نسخة معدلة»، مختلفة عما كانت قبل السادس من ايار، وبدأت المعسكرات السياسية تطل برؤوسها النيابية، وبـ «حلَّتها الجديدة»، لاستكمال دورة السلطة التي ستتوزع حصصا، وفق خط بياني لما حملت الانتخابات من احجام واوزان، كي «تُقَرَّش» في الحصة المستحقة من «جنة السلطة»!، ودائما وابدا، وفق معايير طائفية ومذهبية. في مجلس خاص، وبعد ان « استقرَّت» نتائج الانتخابات النيابية التي فازت بأحد المقعدين الصيداويين، بتقاسم التمثيل النيابي في عاصمة الجنوب صيدا، مناصفة بينها، وبين امين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب المنتخب اسامة سعد، همست النائبة بهية الحريري امام حلقة ضيقة من قياديي «المستقبل» بالقول : «لقد علمتنا هذه الانتخابات الكثير، وهي المرة الاولى التي نشعر بها اننا نخوض معركة قاسية يستهدفنا فيها اصدقاء وحلفاء الامس، من داخل المدينة وخارجها، ليكون اسامة سعد الخصم الشريف لنا». لم ترِد الحريري ان تبعث برسالة ودية الى سعد، بقدر ما كانت ترسم واقعا عاشته في مرحلة ما بعد السادس من ايار، وفق ما تقول، سيما ان الود «المُدَوزَن» للحريري وصل من خلال وجوه مقربة جدا منها، قامت بـ «واجب» التهنئة بفوز اسامة سعد، وانما في اشاراتها التي قرأها متابعون على انها تسجيل موقف باتجاهين، من شأنه ان يؤسِّس لما ستكون عليه صورة العلاقات السياسية بين اطراف المدينة: ـ الاول: الجماعة الاسلامية، الحليف الصيداوي الاول لـ «التيار الوطني الحر»، في اللائحة المنافسة للائحة «المستقبل» في دائرة صيدا ـ جزين، والتي تعيش صراعا سياسيا حادا مع «تيار المستقبل» لا تقتصر ساحاته على صيدا، وانما في بيروت وطرابلس والبقاع واقليم الخروب التي تشكل مناطق للنفوذ «المستقبلي»، وهو ما اظهرته اللوائح التي شكلها الرئيس سعد الحريري… الخالية من اي مرشح لـ «الجماعة»، بعد ان كانت على مدى اكثر من عقدين، الحليف الانتخابي والسياسي لـ «المستقبل»، وشريكا فعليا له في انتخابات المجالس البلدية في صيدا، لتحولها التطورات الاقليمية على خط صراعات بعض الدول مع تنظيمات الجماعات الاسلامية المتفرّعة من «الاخوان المسلمين»، ومنها «الجماعة الاسلامية» في لبنان، وفي رأي المتابعين، فان «الجماعة»، ومع تدهور العلاقة مع «المستقبل» لم تكن تملك خيارات اخرى غير التحالف مع «الوطني الحر»، لان التحالف الانتخابي بينها وبين القوات اللبنانية اُدرجه قيادي منها في خانة «المستحيلات» الصيداوية، بالرغم من اللقاء «اليتيم» الذي جمع الطرفين، للبحث في امكانية التحالف. ـ والثاني: الدكتور عبد الرحمن البزري، حليف «العهد» الذي شهدت العلاقة بينه وبين «المستقبل» عدة تقلبات وبقيت غير مستقرة تتراوح بين المهادنة والتوتر، لكن التوتر الانتخابي الذي سجل مؤخرا مع اطلاق عمليات التحضير لتشكيل اللوائح، اظهر فجوات في جدار العلاقة بين الطرفين، واذ تُحمل النائبة بهية الحريري البزري المسؤولية في عدم التحالف الانتخابي مع «المستقبل»، بعد ان شعرت انه يُجري تحالفا من «تحت الطاولة» مع «التيار الوطني الحر» و«الجماعة»، ما دفع بالحريري الى التوجه لخوض المعركة ضد الجميع، لفك الحصار عليها والرد الاستهدافات، من خلال لائحة يشكلها «المستقبل»، بعيدا عن كل الاحزاب والتيارات السياسية والحزبية، مستندة بذلك الى القوة التجييرية التي يمكن ان يؤمنها «المستقبل»، حتى ولو قدم ترشيحات «متواضعة» انتخابيا، لمستقلين عن مقاعد جزين الثلاثة (مارونيان وكاثوليكي)، فهو في اسوأ الحالات سيضمن المقعد السني الذي تشغله النائبة بهية الحريري منذ اول انتخابات نيابية جرت بعد اتفاق الطائف في العام 1992، انطلاقا من ذلك خاض «المستقبل» معركته في ظروف من التعصيب السياسي والانتخابي انعكس على قواعده استنفارا انتخابيا، لم يُنقِذ «التيار» من خسارة انتخابية في «مسقط رأسه» صيدا. ثمة من يهمس في الصالونات السياسية في صيدا، ان البعض اراد ان يلجأ باكرا الى «احضان العهد»، علَّه يحظى بـ «نعمة» السلطة، وهي نعمة حُرم إياها منذ اول حكومة شكلها الرئيس الراحل رفيق الحريري، وحتى الحكومة الحالية التي يرأسها سعد الحريري، ويسأل متابعون: هل قرر هذا «البعض» سلوك خيارات اخرى، غير التعايش مع «الحريرية الصيداوية»، تأسيسا لحالة سياسية بكيان مستقل سياسيا وانتخابيا، قدمت نفسها في الانتخابات ورسمت تحالفاتها، مستندة بذلك الى الارقام ولو «المتواضعة» التي اظهرتها نتائج الانتخابات؟ قد يكون هذا الخيار «ربِّيحا» في السياسة، يقول المتابعون، وان كان هذا الخيار عاجزا في المدى المنظور، عن الوصول الى حالة سياسية ترتقي الى مستوى «الثنائية» السياسية المتخاصمة في المدينة، والتي يمثلها «تيار المستقبل» بقيادة النائبة بهية الحريري، والتنظيم الشعبي الناصري النائب المنتخب اسامة سعد، فالطلاق السياسي حصل بالفعل بين «المستقبل» من جهة، و«الجماعة الاسلامية» والدكتور عبد الرحمن البزري من جهة ثانية، وثمة مؤشرات توحي وكأن التحالف الانتخابي الذي قام بين «الجماعة» والبزري بالتشارك مع «التيار الوطني الحر»، قد يكون مدخلا لتحالف سياسي يلتحق فيه الطرفان الصيداويان بـ «محور العهد»، الذي «يُبشِّر» له رئيس «التيار» جبران باسيل، ليكون «عهدا قويا»… ومن دون معارضة!، لكن المقبل من الايام، سيوضح اكثر معالم المسار الذي ستسلكه التحالفات السياسية، داخل مجلس النواب وخارجه. المصدر :محمود زيات – جريدة الديار |