أكد النائب المنتخب أسامة سعد أنّه لن يكون في أي كتلة من الكتل النيابية القائمة، لافتا الى انه سيسعى لتشكيل كتلة جديدة من نواب لديهم توجهات وطنيّة وسياسيّة واجتماعيّة مشابهة، “وإذا لم انجح في ذلك، سأبقى نائباً مستقلاً قد ألتقي مع آخرين، أو لا ألتقي، تبعاً للقضايا والمواقف التي تطرح”.
وشدّد سعد في حديث لـ”النشرة” على أنه “في القضايا الوطنية التي تتعلق بوحدة لبنان وسيادته ومواجهة العدو الصهيوني فإن خطّنا هو خطّ المواجهة والمقاومة، ونلتقي في هذا الإطار مع الكتل التي تحمل هذا التوجّه”.
لا منافس لبري
وتطرّق سعد لانتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي، فاعتبر ان “من الواضح عدم وجود منافس لرئيسه الحالي نبيه بري”، لافتا الى ان “ما طرحه بعض الأطراف ضد بري لا يندرج إلا في إطار المناكفات والمحاصصات، أما بالنسبة لنا فإن المواقف المتقاربة من القضايا الوطنية الكبرى تجمعنا معه”.
وفي ما يتعلق بتسمية رئيس جديد للحكومة فقال سعد: “عندما يحين موعد الاستشارات سوف نحدد موقفنا في ضوء الأسماء التي ستطرح وتاريخها وتوجهاتها وبرامجها على الصعد الوطنية والاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما في ما يتصل بالأزمات التي يعاني منها الشعب اللبناني والحلول المقترحة لها”. وأضاف: “نحن كنا قد قدمنا في بداية الحملة الانتخابية رؤية وتوجهات برنامجنا حول مختلف القضايا التي تهم الشعب اللبناني وتؤثر على جوانب حياته ومستقبله كافةً. ومما لاشك فيه أن تسمية رئيس جديد للحكومة من قبلنا تخضع لمعايير مستمدة من رؤيتنا لمتطلبات بناء الدولة المدنية العصرية العادلة، وتوفير حياة كريمة لكل فئات الشعب اللبناني، ولاسيما ذوي الدخل المحدود والشباب والعاطلين عن العمل وسواهم”.
بناء دولة مدنية عصرية
وأشار سعد الى انه “يقع على كاهل البرلمان الجديد، وعلى كاهل الحكومة التي سوف تنبثق عنه، التصدي للأزمات والتحديات التي تواجه لبنان. وهي عديدة تشمل كل الصعد الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية وغيرها”، لافتا الى ان “من بينها الاستراتيجية الدفاعية القادرة على حماية لبنان من الخطر الصهيوني، واستكمال تطبيق دستور الطائف وبخاصة لجهة إلغاء الطائفية، وإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية المستفحلة ومن التضخم المتسارع للدين العام، ومواجهة تصاعد معدلات البطالة، ومحاربة الفساد، ووضع حد لانهيار الخدمات العامة وللتدهور في مستويات المعيشة لدى غالبية اللبنانيين، وغيرها من الأزمات والتحديات العديدة والخطيرة”.
واعتبر أن لبنان “قد وقع منذ سنوات تحت رحمة الأزمات والتحديات المشار اليها، إلا أن النظام الطائفي السائد والسلطات القائمة قد فشلوا في إيجاد الحل لأي منها”، مشيرا الى انه “أغلب الظن أن البرلمان الجديد، والحكومة التي سوف تنبثق عنه، لن يتمكنا من معالجة الأوضاع المزرية التي أوصلنا إليها النظام القائم، وذلك لأنه على الرغم من وصول وجوه جديدة إلى المجلس النيابي، إلا أن الغالبية الساحقة من المجلس الجديد لا تزال تحمل التوجهات السياسية ذاتها المسؤولة عن إدخال لبنان في الأزمات والمآزق الراهنة”. وأضاف: “مع ذلك، سوف نعمل داخل المجلس بالتعاون مع النواب الآخرين المستعدين لذلك، لتحقيق مصالح الناس ورفع صوتهم، وبهدف شق طريق التغيير والتقدم باتجاه بناء الدولة المدنية العصرية العادلة. كما سنواصل العمل خارج المجلس من خلال تشكيل جبهة سياسية تناضل من أجل التغيير الحقيقي باستخدام كل أشكال التحرك الديمقراطي. ونأمل أن ننجح في جعل النضال داخل المجلس وخارجه متكاملين، يرفد أحدهما الآخر، ويوفّر له كل أشكال الدعم والمساندة”.
القانون الأقل سوءاً
وردا على سؤال عما اذا كان يتوجب ادخال تعديلات على قانون الانتخاب، اعتبر سعد ان “التجربة الأولى لتطبيق قانون الانتخاب أثبتت طغيان البعد الطائفي عليه، وغياب شبه كامل للتجديد المتوقع من إدخال النسبية بالنظر إلى تقييدها بقيد التوزيع الطائفي للمقاعد، وبقيد تقسيم الدوائر على قاعدة طائفية أيضاً، وهو ما كنا قد حذّرنا منه لدى طرح القانون، وطالبنا في المقابل باعتماد النسبية الكاملة خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة واحدة”، لافتا الى ان “القانون جاء مفصّلاً على قياس الأطراف التي قامت بصياغته، لا على قياس مصالح لبنان والشعب اللبناني. فالإبقاء على القيد الطائفي بما يتنافى مع ما جاء في دستور الطائف، بالإضافة إلى تفصيل الدوائر على أساس طائفي وتصغير أحجامها وزيادة عددها إلى 15 دائرة أي ثلاثة أضعاف عدد المحافظات الخمس القديمة، كل ذلك يشكل عوامل تسهم إسهاماً بالغاً في تعميق الانقسامات الطائفية، وفي تمتين ركائز النظام الطائفي الفاسد العفن”. وقال: “لقد لاحظنا، للأسف الشديد، تصعيداً للخطاب الطائفي في الحملات الإنتخابية ما يهدّد بالعودة إلى التوترات والصراعات الطائفية البغيضة والمدمرة. أما مصالح لبنان الوطنية فتتطلب تعزيز الانتماء الوطني على حساب الإنقسامات الطائفية، كما تتطلب التغيير على صعيد الفئات السياسية الحاكمة. لذلك فإن قانون الانتخاب الذي يخدم مصالح لبنان الوطنية ينبغي أن يكون خارج القيد الطائفي وقائماً على النسبية والدائرة الوطنية الواحدة”.
وأشار الى ان “تجربة تطبيق قانون الانتخاب أظهرت غياب التكافؤ بين المرشحين على صعيد الإعلام والإعلان الانتخابيين لأسباب مالية وغيرها من الأسباب، كما أبرزت الاستغلال الواسع لمواقع السلطة في المعركة الانتخابية، إضافة إلى دور المال السياسي في الانتخابات. وهي كلها جوانب سلبية من المفترض أن تدفعنا لإدخال تعديلات على القانون لمنعها في المستقبل”. وأضاف: “مع ذلك، لا بد من القول إن القانون الحالي قد يكون أقل سوءاً من قانون الستين سيئ الذكر، وإن بقدر ضئيل. فنتائج الانتخابات في مدينة صيدا، وفي دائرة صيدا-جزين، قد نجحت في تظهير التنوع السياسي القائم في المدينة وفي الدائرة، على العكس من قانون الستين الأكثري الذي كان قد طمس هذا التنوع”.
اعتداء أميركي-صهيوني؟
وتناول سعد التطورات الاقليمية، فرأى ان “النوايا العدوانية لواشنطن تجاه منطقتنا ليست جديدة، إلا أنها برزت بشكل شديد الوضوح والفجاجة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فقد سبق لواشنطن أن نفذت حلقات من استراتيجيتها العدوانية عندما احتلت العراق قبل أن ترغم على الخروج مندحرة، وعندما ساندت العدوان الإسرائيلي الفاشل على لبنان سنة 2006، وهي لا تزال تحتل اليوم مناطق في سوريا وتوجه ضربات للجيش السوري، كما أنها تساند إسرائيل في ممارساتها العدوانية الوحشية الرامية إلى ابتلاع كامل فلسطين وإلى فرض سطوتها على المنطقة”.
واعتبر سعد انه “قد بات من المعروف أن الاستراتيجية الأميركية في المنطقة إنما تستهدف إخضاعها لسيطرتها ونهب مواردها النفطية وأموالها، كما تستهدف تمكين إسرائيل من لعب دور الشرطي التابع لواشنطن، إضافة إلى توفير أسباب البقاء للأنظمة الرجعية العربية التابعة لها”، وقال: “لا يخفى أن الهزيمة التي لحقت بالجماعات الإرهابية الظلامية في كل من العراق وسوريا ولبنان، وهي الجماعات التي دعمتها الأنظمة التابعة لواشنطن، قد يدفعها إلى التدخل بشكل مباشر. وهو ما ظهرت تباشيره في القواعد العسكرية الأميركية داخل سوريا، والقصف الصاروخي المتكرر للأراضي السورية”.وأشار سعد الى ان “التصدي العراقي والسوري للعدوان الأميركي المباشر وغير المباشر، وتصدي المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية للعدو الصهيوني، وما تم تحقيقه من إنجازات في هذه المواجهات ضد أميركا وإسرائيل والجماعات الإرهابية بفضل الدعم الذي وفّرته إيران من جهة، وروسيا من جهة أخرى. كل ذلك يجعل إسرائيل، كما يجعل واشنطن، يفكران ألف مرة قبل الإقدام على شن عدوان شامل، أو فتح معركة واسعة”. واضاف: “بناءً على ما تقدم يبدو واضحاً أن النوايا العدوانية الأميركية والإسرائيلية قائمة قبل الاتفاق النووي، وخلال وجود الاتفاق، وبعد خروج واشنطن منه. أما التهديدات الأميركية والإسرائيلية والخليجية بشن حرب شاملة فإن ما منع تنفيذها في الماضي، كما يجعل تنفيذها صعباً في الوقت الراهن، هو قوة محور المواجهة والمقاومة وإنجازاته الميدانية”. وختم قائلا: “لذلك يمكن للتهديدات المشار إليها أن تندرج في إطار الضغوط الهادفة إلى تحقيق مكتسبات لواشنطن. من هنا تبقى احتمالات تنفيذ اعتداء أميركي صهيوني قائمة، إلا أنها لا تبدو مرجّحة في المدى المنظور”.